الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور العلاقات والمحيط الاجتماعي في التوازن النفسي وتشكل اضطرابات الشخصية:

صفوان قسام
اختصاصي وباحث في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي

(Safwan Qassam)

2023 / 8 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


- دور العلاقات والمحيط الاجتماعي في التوازن النفسي:

العلاقات الاجتماعيةهي ارتباط الأفراد فيما بينهم بغرض التفاعل فيما بينهم باستمرار، وتعاملهم مع بعضهم البعض بشكل دائم. وتمتاز هذه العلاقات بقوتها وابتعادها عن المصلحة والمنفعة المرتبطة بالمادة، بل تعتمد على المنفعة المعنوية مثل إشباع رغبات الفرد في تواصله مع الآخرين، فضلًا عن تكوينه لدائرته الخاصة من الأفراد الذين يعثر عليهم عندما يحتاج إليهم.
تلعب العلاقات والمحيط الاجتماعي دورًا حاسما في الحفاظ على التوازن النفسي للإنسان. فعلى سبيل المثال، هناك العديد من الدراسات التي تشير إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بشبكة دعم اجتماعية واسع، يميلون إلى تجاوز الصعوبات النفسية بشكل أسرع، وأفضل مما تجاوزوها الأشخاص الذين لديهم شبكة دعم اجتماعية أضعف.
بالإضافة إلى ذلك، قد تلعب العلاقات الإيجابية والسليمة دورًا مهمًا في تعزيز التفاؤل والثقة بالنفس والتحدي والإصرار على تحقيق الأهداف والأحلام. وبالتالي، تساعد العلاقات والمحيط الاجتماعي على الحفاظ على التوازن النفسي و مواجهة التحديات بشكل أفضل، ومنع الاضطرابات النفسية السلبية.
ففي حياة الإنسان، تنتشر الأدوار الاجتماعية في كل مكان. تاريخيًا ، سعى علماء النفس الاجتماعي والشخصي إلى فهم العلاقة بين الأدوار الاجتماعية والأداء النفسي، ومع ذلك ، ركّز علماء النفس الاجتماعي والشخصي المعاصرون اهتمامًا أقل بكثير على فهم الطرق التي تؤثر بها الأدوار الاجتماعية على التكيّف والتوازن النفسي.
حيث يحتاج الإنسان إلى أنواع مختلفة من التوازن في علاقاته المجتمعية، وعادة ما تتأثر هذه العلاقات بطبيعة الأنا النفسية للفرد، فإذا تعرضت هذه العلاقات للإختلال، فإن ذلك يؤثر على توازن الفرد ويمكن أن يؤدي إلى تدهور حالته النفسية، سواء بالتضخم الذاتي أو الهزال. ومن الصعب على المجتمع أن ينجح في تحقيق التوازن في علاقاته المختلفة، وخاصة فيما يتعلق بتطويع الأنا النفسية وجعلها أكثر توازنًا في التفاعل مع الآخرين، سواء في حالة الضعف أو التضخم الذاتي.
ويتحمل المجتمع مسؤولية تشجيع التوازن بين أفراده، ومن جانبه، يتحمل الفرد مسؤولية تربية وتطوير أناه، والسعي لتحقيق التوازن والانسجام مع المحيط المجتمعي بأكبر قدر ممكن. إذا لم يتم ردع وتحجيم الأنا النفسية، فإنها ستكون سببًا كبيرًا في تأجيج الصراعات الفردية وتفجير الخلافات الجماعية. ويقول علماء النفس إن تضخيم الأنا النفسية يحجب الرؤية الصحيحة والمتوازنة للفرد ويجعله غير قادر على تحقيق التوازن النفسي، ويجعله يتمايل بشكل دائم نحو مصالحه ومنافعه الذاتية، دون النظر إلى مشروعية الأساليب التي يستخدمها مع الآخرين، وهو ما يجعله مستعدًا لتجاوز حقوق الآخرين بسبب حجب التفكير السليم .
أكد (أدلر) أن الاهتمام الاجتماعي والعلاقات المتبادلة بين الفرد ومحيطه الاجتماعي هي من المفاهيم الأخلاقية المرتبطة بالإدراك الحسي للنوع البشري، ويرى أن قدرة الفرد المرتبطة بالاهتمام الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية، أساسها فطري، وكل فرد لديه شيء من هذه القدرة، لذلك فإن أي فرد هو كائن اجتماعي بطبعه وليس بعادته. ويؤكد (كراندال وبونتام، 1980) على أن الشخص الذي يتطلع لاكتساب سمة معينة لشخصيته والتي تؤثر في قدرته للتوصل إلى رضاه عن الحياة فإن أساس ذلك يكون الاهتمام الاجتماعي والتأثر بالمحيط الاجتماعي .
ويعكس الاهتمام الاجتماعي كمفهوم حسب (ادلر) أن الفرد كائن اجتماعي، وأن يُنظر الى علاقاته بالآخرين بالسياق الاجتماعي الثقافي المنتمي اليه, ويرى أن الفرد مدفوع بغريزة فطرية اجتماعية تدفعه إلى التنازل عن المكاسب الأنانية لأجل المكاسب الاجتماعية، وجوهر هذه الفكرة أن الأفراد يجب أن يتعاونوا فيما بينهم وأن يساهموا في إنجاز أهداف المجتمع .
اتسع مفهوم (ادلر) للطبيعة الإنسانية عبر التعاون والعلاقات المتبادلة بين الأشخاص والتعاطف والتوحد مع الأفراد الآخرين، بسبب ارتباطه بالآخرين ضمن السياق الاجتماعي من أول يوم في حياته، بعد ذلك يدخل لشبكة العلاقات المتبادلة .
ولايوجد أدنى شك بوجود الاهتمام الاجتماعي، فإن الأفراد يمتلكون رغبة كبيرة للتحدث وتبادل الانطباعات بأنها حقيقة ملازمة شأنها شأن الحاجات الأساسية مثل الجوع والعطش، ويشعر الفرد بالراحة بانعكاس مشاعره على الآخرين وانعكاس مشاعرهم عليه، والتصرف بطرائق متسقة ومنسجمة, لهذا فهو يرغب بالضحك مع الأفراد الآخرين، كذلك إصدار الأحكام مع أفراد المجتمع، ويمكن أن يشعر بالراحة نتيجة انسجامه، لهذا فهو لايفضل العزلة بشكل تام عن الأفراد الآخرين وتصبح رغبته بالمصاحبة وتبادل الأفكار رغبة مستمرة ومبهجة .
وكلك يرى (ادلر) أن رضا الفرد عن الحياة يشترك مع الاهتمام الاجتماعي في علاقة تبادلية، حيث يسعى الأفراد إلى أن يكونوا محبوبين ومقبولين ويقضون اهتمامهم بسعادة الأفراد الآخرين، مقارنة بالأفراد الذين يملكون ميولاً أكثر إنسانية. وبهذا فإن التفاعلات الإيجابية تقود إلى الرضا عن الحياة بالنسبة للفرد .
إن إحساس الفرد بالانتماء وارتباطه بالآخرين يزيد من مشاعرهم بأن المساعدة التي يقدمونها للآخرين شيء طبيعي، وكذلك فهم يقبلون مساعدة الآخرين لهم مما يبرز أهمية الاهتمام الاجتماعي، ويحقق الشعور بالانتماء وعدم الإحساس بالوحدة في المحيط الاجتماعي القريب من الفرد .
ويركز (ادلر) على مفهومه للطبيعة الإنسانية ويربطه في قدرة وميل الفرد نحو اهتمامه الاجتماعي، فالهدف منه هو تعزيز السعادة والرفاهية والنمو لكل أفراد المجتمع، أما (ماسلو ,1954) فيرى أن رغبة الفرد الأساسية في المشاركة مع أبناء جنسه هي سمة الفرد الذي قد حقق ذاته .
وأخيراً فإن معنى الاهتمام الاجتماعي الرئيسي يقوم على تعاون الشخص مع المجتمع للوصول إلى هدفه، فالمجتمع المتكامل يؤكد على أن الاهتمام الاجتماعي هو البديل الحقيقي للأفراد نتيجة ما يعانونه من ضعف، والذي لايمكن التخلص منه إلا بالاهتمام والانخراط الاجتماعي .
لقد انصب الاهتمام على الجانب النفسي، وكذلك الجانب الاجتماعي للفرد من قبل علماء النفس أكثر من منظور البقاء البيولوجي، لهذا فقد استعار العلماء النفسانيين المفهوم العصري للتكيف واستعاضته بمفهوم التوافق ‏. التوافق هو من المفاهيم الإنسانية بحيث إذا عجز الفرد عن التوافق مع بيئته بشكل تام وعانى سوء التوافق قد يكتب له الهلاك، ولكن في الأعم والأغلب أن الفرد يحقق التوافق السوي أو شيء من ذلك التوافق حتى وإن وصف بالفشل أو سوء السواء .
لذلك من المهم تحسين الفرد لعلاقته بالمجتمع، حيث يعني ذلك التخلي عن الأنا العالية المتكبرة لأنه سيكون لصالح الآخرين والذات معاً، ولكن يتطلب ذلك إجبار النفس على احترام الآخر وتركه يقول رأيه، فضلاً عن الإرادة القوية التي يتم من خلالها ردع التكبر، والتنازل عن المصلحة الذاتية لصالح المجتمع، لأن الأخير أولى من ذات الفرد، فضلاً على أن الفائدة إذا عمت على الناس جميعاً، فإن الفرد نفسه سيكون رابحاً أيضاً، بل ربحه مع الجماعة سيكون أكثر وأفضل، لأنه سوف يعيش في حاضنة مجتمعية مرفّهة ومتطورة، إذاً لابد أن يتغير تفكير الفرد من الانطواء الى الانفتاح على الجمع وتعميق العلاقة به ولو اعتاد الفرد أن يمنح الآخرين جانباً من اهتمامه، فسوف يكون الرد هو اهتمامهم به، وهذا يعني انتشار الاهتمام المتبادَل بين الجماعة والفرد، وهذا أقصى ما يحلم به المجتمع الناجح، لأن حب الخير يفرض على الإنسان أن يحترم من هو أضعف منه، وهذا لا يتحقق إلا عندما يتم تطوير ملكة حب الخير لدى الإنسان، وفي حالة تحقيق هذا الهدف، فإن الفرد سوف يشعر بسعادة كبيرة، لأن هذا الأمر يتسق مع طبيعته وفطرته، وعندما تكون أفكار وأعمال الإنسان متوازنة ومتوافقة مع السجايا البشرية، فهذا هو قمة الانسجام بين الإنسان وبين ما يؤمن به من مبادئ وأفكار.

- دور العلاقات والمحيط الاجتماعي في تكوين اضطرابات الشخصية:
تعتبر العلاقات الاجتماعية والمحيط الاجتماعي من العوامل الرئيسية التي تؤثر على تكوين اضطرابات الشخصية. فقد يتعرض الفرد لتجارب سلبية في العلاقات الاجتماعية، مثل التنمر والاستهانة بمشاعره، وقد يترتب على ذلك اضطراب في الشخصية مثل الاكتئاب والقلق.
كما أن المحيط الاجتماعي يمكن أن يؤثر على نمط الشخصية للفرد، حيث يمكن أن يكون لديه تأثير سلبي عندما يتعرض الفرد لضغوط المحيط الاجتماعي والمجتمع الذي يعيش فيه. ويرتبط هذا بالعديد من الضغوط الاجتماعية التي تمارس على الفرد، مثل الخوف من الرفض وعدم الاستقلالية والضغوط الاجتماعية الأخرى، وهذه الأمور يمكن أن تتسبب في اضطراب الشخصية.
ونتيجة لذلك قد زاد اهتمام الباحثون في علم النفس في السنوات الأخيرة بدراسة الضغوط النفسية والعوامل المقاومة لها، والتي من شأنها المحافظة على صحة الفرد وسلامته النفسية والجسمية. وتعتبر المساندة الاجتماعية مصدراً هاماً من مصادر الأمن الذي يحتاجه الإنسان من عالمه الذي يعيش فيه. وقد اهتم به الباحثون بعد ما لاحظوا آثاره المهمة في مواقف الشدة والإجهاد النفسي. وما تقوم به من تخفيف نتائج الضغوط والمواقف الصعبة.
فالفرد الذي يتمتع بمساندة اجتماعية من الآخرين يصبح شخصاً واثقاً من نفسه، قادراً على تقديمها للآخرين. وأقل عرضة للاضطرابات النفسية وأكثر قدرة على المقاومة والتغلب على الإحباطات ويكون قادراً على حل مشكلاته بطريقة إيجابية سليمة . لذلك نجد أنها تزيد من قدرة الفرد على مقاومة الإحباط، وتقلل الكثير من المعاناة النفسية. وهي عبارة عن مساعدة تقدم للفرد من قبل الآخرين تمنحه القدرة على مقاومة الاضطرابات النفسية وحل مشكلاته. لهذا للمساندة دور مهم في التخفيف عمن يكونون تحت ضغوط نفسية. وقد تكون المساندة بالكلمة الطيبة، بالمشورة، بالنصح، بتقديم معلومات مفيدة، قضاء الحاجات أو تقديم المال، فغيابها خاصة من الأسرة والمجتمع المحيط بالفرد يمكن أن يؤدي إلى الكثير من المشكلات النفسية، كظهور الاستجابات السلبية فى مواجهة الضغوط النفسية والمواقف السيئة التي يتعرض لها الفرد، مما قد يؤدي إلى ظهور الاضطرابات الشخصية .
تلقى اضطرابات الشخصية مزيداً من الاهتمام في الفترة الأخيرة منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي 1980 وحتى الآن – وظهر هذا الاهتمام بعد أن قام المنظرون والكلينيكيون بوضع هذه الاضطرابات على محور مستقل فى الدليل التشخيصي والإحصائي الثالث للأمراض العقلية . DSM- 111 فقد تم وضعها بصورة محددة وأعراض خاصة وبمتغيرات إجرائية بعد أن كانت غير موجودة بهذه الصورة في الدليل التشخيصي الأول والثاني ، ويرجع السبب في ذلك أنه كان هناك خلط بين هذه الاضطرابات وبين اضطرابات الأعراض الموضوعة على المحور الأول فى الدليل التشخيصي .
وتؤثر اضطرابات الشخصية على حوالى 5 – 10 % من أفراد المجتمع بشكل عام، وغالبية هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات غير واعين باضطراباتهم ولا يطلبون العلاج – فهم يعانون من اضطراب فى الأداء الاجتماعي والمهني ولديهم استعداد متزايد لاستخدام العقاقير وارتكاب مخالفات قانونية شائعة .
ويعد اضطراب الشخصية التجنبية أحد اضطرابات الشخصية مصطلحاً حديثاً صاغه ميللون عام 1969 ليصف الأشخاص الذين يتصفون بالبعد والنفور من العلاقات الاجتماعية – ونموذج الشخصية المماثل للنمط التجنبي وارتبط بشكل متكرر بالمفاهيم الخاصة بالشخصية الفصامية التي تتصف بالانعزال ( الانطواء ) السلبي والوحدة النفسية وافتقاد المتعة، ونقص القدرة على إقامة علاقات اجتماعية ناجحة . كذلك يرتبط هذا النمط بالسمات الشخصية المميزة لمرضى الفوبيا .
حيث إن الشعور بالوحدة النفسية حالة ينفرد بها الإنسان عن غيره من الكائنات الحية بسبب امتلاكه نظام اجتماعي يتأثر به ويؤثر فيه، وأي خلل قد يحدث في الأواصر التي تربط الإنسان بغيره من أبناء جنسه أو أي تغير يحدث في النظام الاجتماعي، ينعكس على الفرد، و ينتج عنه اضطراب في الطابع الاجتماعي المكتسب لدى الأفراد، مما يولد لديهم الشعور بالاغتراب أو الانعزال أو معاناة الوحدة النفسية، وكما تترك آثاراً على الفرد حيث من شأنها أن تؤثر على مجمل نشاطاته، كما أنها تُعد نواة لمشكلات أخرى.
كذلك فإن الحيز الشخصى والمسافات الشخصية التى يتبناها الفرد فى مواقف التفاعل الاجتماعي المختلفة تلعب دوراً هاماً فى عملية الاتصال التفاعلي، فقد أظهرت بعض الدراسات أن لكل كائن حيزاً شخصياً خاصاً به يتعامل معه معاملة خاصة، كأنه امتداد للحيز الفيزيقي لجسمه، وقد يختلف هذا الحيز من شخص لآخر، كذلك قد يختلف عند نفس الشخص تبعاً لموقف التفاعل والمتغيرات الموقفية المختلفة – وبالتالي فإن المسافات الشخصية التى يختارها المرء للتعبير عنه فى المواقف المختلفة تعكس الخصائص الفردية والداخلية للشخص – وقد تعبر كذلك عن المتغيرات الموقفية وطبيعة العلاقة بينه وبين الآخرين .
وقد نظر الباحثون والمتخصصون إلى مفهوم الوحدة النفسية في الآونة الأخيرة على أنه مفهوم مستقل له خصائصه المميزة، وعلى الرغم من التداخل الموجود بين مفهوم الوحدة النفسية وبعض المفاهيم السيكولوجية الأخرى كالعزلة الاجتماعية والاغتراب النفسي، إلا أن الوحدة النفسية تحدث نتيجة لافتقار الإنسان لأن يكون طرفًا في علاقة محددة أو مجموعة من العلاقات .
كما ترى أنّ الشخص الذي يميل إلى العزلة يبدو وحيداً منعزلاً عن الناس، وهو يحاول دائماً تجنّب المجتمعات، والأماكن العامة، وبقضي معظم وقته في الأعمال الفردية كالقراءة، والرسم، وأحلام اليقظة، وإذا اضطرته الظروف أن يكون موجوداً بين الناس، فإنه بيقى صامتاً وإذا أجبر على الكلام فإنه يتكلم في اضطراب وخجل .
فالفرد لا يعش بمعزل عن العالم ولا يحبس نفسه في برج عاجي ‎عن البشر، حيث أن فطرته التي فطره الله تعالى عليها، تحتّم عليه الاتصال بغيره للتعاون معه مؤثراً فيه ومتأثراً به ، كما يشكل الشعور بالوحدة النفسية مشكلة رئيسية للشباب والمراهقين، وخاصة العاجزين عن الانفتاح وتكوين علاقات حميمة وناجحة مع الآخرين، وكذلك الذين يتسمون بالسلبية والخجل الشديد، وما إلى غير ذلك من سمات شخصية تؤدي إلى نقص المهارات الاجتماعية اللازمة لتحقيق التكيف الملائم للظروف البيئية وللمتغيرات الطارئة عليها. ويزداد النقص في تلك المهارات الاجتماعية لدى الشباب والمراهقين في المجتمعات الشرقية بخاصة نتيجة لانعكاس آثار أساليب التنشئة الاجتماعية غير السوية من تسلط وتفرقة بين الجنسين في المعاملة، ويؤدي شعور المراهق أو الشاب بالعزلة أو الوحدة، إلى الشعور بالاكتئاب والاضطرابات الانفعالية، كما يختل توازنه النفسي نتيجة لاختلال التوافق الاجتماعي.
ويشير كل من بيبلو وبيرمان أن النظرة الخاصة بالبيئة الاجتماعية والنظرة الخاصة بسمات الشخصية، لا تمثلان نظرتين متناقضتين وغير متبادلتين، بل إن لكل منهما إسهاماتها في الشعور بالوحدة النفسية، وربما يحدث ذلك بطريقة تفاعلية، ولكنهما مختلفتان في محتواهما، فالنظرة الموقفية تفترض وجود علاقة مباشرة بين البيئة الاجتماعية للأفراد، ومشاعرهم بالوحدة النفسية، ووجهة النظر المتصلة بالسمات تتجه اتجاهاً معرفياً، حيث تركز على أهمية الإدراك الشخصي في الشعور بالوحدة النفسية .
وبشكلٍ عام، يمكن القول أن العلاقات الاجتماعية والمحيط الاجتماعي تؤثر بشكل كبير في نموذج الشخصية للفرد، ويمكن أن تساعد في تشكيلها بشكل إيجابي أو سلبي. لذلك من المهم أن ينشئ الفرد العلاقات الاجتماعية الصحية والإيجابية، ويتعلم كيفية التكيف وتحمل ضغوط المحيط الاجتماعي بشكل صحيح.

المراجع:
. الشيرازي، التوازن النفسي في العلاقات الاجتماعية، مقال منشور في موقع شبكة النبأ بتاريخ الخميس 25 كانون الثاني 2018. ص1. https://annabaa.org/arabic/referenceshirazi/14011
جابر، عبد الحميد جابر، وأحمد خيري كاظم، مناهج البحث في التربية وعلم النفس، دار النهضة العريية، القاهرة، 1983.ص35-34 ‎
Gilman, R. (2001): The relationship between life satisfaction, social interest, and frequency of extracurricular activities among adolescent student. Journal of Youth and Adolescence, 30, ‎P751
Adler, (1987):Superiority Social Interest. Northwestern University Press., P84
Adler, (1987):Superiority Social Interest. Northwestern University Press., p165
‎ Asch, Solomon (1952): social psychology. Prentice-Hall (New York), P333
Gilman, R. (2001): The relationship between life satisfaction, social interest, and frequency of extracurricular activities among adolescent student. Journal of Youth and Adolescence, 30p751-752)
‎Sperry, Jonathan J. (2011): The relationship of self-transcendence, social interest, and spirituality to well-being in HIV/AIDS adults. P37
Hall, Kavin and Lindsay, Gard (1978): Theories of Personality, translated by Faraj Ahmed Farag and others, Al-Shaya Publishing House, Cairo p 167
فهمي، مصطفى، التوافق الشخصي والاجتماعي، مكتبة الانجلو، القاهرة، 1979، ص10
الخولي، وليام، الموسوعة المختصرة في علم النفس والطب العقلي، دار المعارف، مصر، 1976 ص20
الشيرازي،2018، مرجع سابق، ص3
ديهية، أيت حمودة، علاقة المساندة الاجتماعية بالضغوط النفسية وبعض الاضطرابات السيكوسوماتية لدى الباطلين، مقالة منشورة في مجلة دراسات في علم نفس الصحة، مج2، عدد4، 2017 ،ص27
ديهية، 2017، مجع سابق، ، ص25-59.
محمد، محمود عبدالعزيز، اضطراب الشخصية الهازم للذات وعلاقته ببعض مظاهر السلبية والانحراف فى المجتمع، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب بسوهاج، جامعة جنوب الوادى، 2000. ص23
Ellison, J. & Shader, R. (1994): The Pharmacolgic treatment of personality disorders: A dimenisonsl approach. In Richard, I. Shader (1994): Manual of Psychiatric therapeutic, 2nd Ed., little Brown & Company, Boston, Inc., 259
Millon, T. (1969) Modem Psychopathology: A biosocial approach to Maladaptive learning and -function-ing. Philadelphia, Saunders. P65
فوزى، طارق محمد، الحيز الشخصى وعلاقته ببعض متغيرات الشخصية ، رسالة دكتوراه – غير منشورة – كلية الآداب – جامعة طنطا، 2000. ص 2
الدسوقي، مجدي محمد، دراسة للعلاقة بين الشعور بالوحدة النفسية وبعض متغيرات الشخصية لدى المراهقين من الجنسين، مجلة كلية التربية، جامعة المنوفية - كلية التربية النوعية، 1998، ص225 – 282
قطينة، آمال، أمراض النفس وعلاجها بالذكر" دار الحامد للنشر والتوزيع، ط3، 2003. ص 116
عمر، ماهر محمود، المقابلة في الإرشاد والعلاج النفسي، دار المعرفة الجامعية، ط3، الاسكندرية، 1989. ص 8
حسين، محمد، وزميلته، الشعور بالوحدة النفسية لدى الشباب في مرحلة التعليم الجامعي، دراسة تحليلية في ضوء الجنس والجنسية ونوع الدراسة، مجلة علم النفس ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، العدد 30 ، 1994 ص 6-24 .
Peplau, L. A., & Perlman, D. (1982). Perspectives on Loneliness. In L. A. Peplau, & D. Perlman (Eds.), Loneliness: A Sourcebook of Current Theory, Research and Therapy (pp. 1-18). New York: Wiley. P136








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي