الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاح سبيع، عندما تكون التنمية وجهة نظر

مجدي مهني أمين

2023 / 8 / 26
المجتمع المدني


بل دعنا نقول، عندما تكون التنمية وجهة نظر "عندها بُعد نظر"، عندها أفق يرى مشروعاتنا مجرد وسيلة نشرح من خلالها رؤيتنا لما نريد أن يكون عليه الوطن والعالم، من هنا كان عمق صلاح، فنحن هنا نتحدث عن رؤية تتحرك بين الناس.

- نعم صلاح كان رؤية تتحرك بيننا.

وبهذه المواصفات، نكاد أن نجد أنفسنا في محراب إنسان يصيغ رؤاه وآرئه في كتابات فلسفية راقية شفافة ترسم لنا الطريق، ولكن صلاح لم يكتب لنا، بل كتب للأميين أنفسهم، كتابة بسيطة تحمل روح الفكرة الخالدة، "تعلم تحرر"، هذا كان كتابه، أو سلسلة كتبه الذي اشترك فيها مع كوكبة من التنمويين كي تصل رؤيته أن نتعلم كي نتحرر من كافة القيود التي تمنعنا من تحقيق إنسانيتا.

ولأنه اختار العمل طريقا وأسلوب حياة، كان أن اهتم بتكوين اللجنة المسكونية للتربية الشعبية، لجنة تتبنى كُتُب "تعلم تحرر"، تشرح معناها للمهتمين بالتربية الشعبية، ويتحاور أعضاؤها معا، ومع كافة المهتمين بقضية الأمية في مصر والعالم.

كان لي حظ المشاهدة عن قُرب لجلساتهم الطويلة المرهقة كي يخرج مع زملائه بسلسلتهم، "تعلم تحرر"، كي يضعوا أمام الدارسين كلمات: فول، ناس، أهل، مواصلات، مال وغيرها، أصوات الكلمات، وقعها ومعناها، وعلاقة الدارسين بها، وكيف تكون الكلمة الواحدة مدخلا للوعي والإدراك والحرية.

التَمَكُن من القراءة يتحقق من معرفة شكل الحرف وصوته، والتَمَكن من الوعي يتحقق في الحوار٫ فكل كلمة هي مادة لحوار ووعي، هو واصحابه يريدون إميين تحرروا من الأميه وامتلكوا الفهم.. أميون يقرأون ويكتبون ولا يرددون دون وعي ما يقرأون بل يدركون معناه، فيتفقوا ويختلفوا مع ما يقرأون، ويضيفوا ما لديهم من كلمات ومعان. من انجح تجارب صلاح سبيع ورفاقه كانت النشرة التي كتبها أميون أجادوا بعض القراءة، ولم يغير أحد حرفا واحدا مما كتبه الأميون، أبقوها كما هي بنفس الأخطاء اللغوية، نحن قرأنا ما كتبوا ولم نفهم بعض الجمل، وهنا يضحك عماد ثروت، صديق صلاح وشريكه في التجربة، قائلا:

- الأميون فهموا كتابات بعض بكل سهولة، بقي ليهم لغتهم الخاصة، مهمتنا مساعدتهم كي يعبروا عن أنفسهم بثقة ودون خجل.

نعم، صلاح وكل من يعمل معه يرون التنمية مدخلا لإنسان أكثر حرية، والتحرر الحقيقي يكمُن في تحرير وبناء قدرات الناس، هنا لا يكون الكتاب والمشروع التنموي نهاية طريق بل بداية رحلة؛ فالكتاب والمشروع التنموي يقف عند حد ان يتسلم الناس مفاتيح قدراتهم وبدايات ملامح وعيهم ثم يكملون ويكملون، فالقدرات والوعي لا تعرف حدودا، بابها مفتوح لا ينتهي؛ وصلاح في التنمية يقف في هذه المنطقة العذبة، التي لا تنتهي، لذا لن تجده يوما في حالة افتخار؛ لأن الأفق الذي يسعي إليه، أو الذي يريد أن يساعد المستفيدين كي يصلوا إليه لا يزال بعيدا،

- لا مجال لافتخار لتنموي صاحب رؤية مثل صلاح، لأنها رؤية تصبو نحو المطلق..

لا يفتخر بل يعمل ويعمل دون توقف، صلاح من القلائل مَن استبدل التفاخر بصفاء الروح تاركا وراءه مدرسة في العمل التنموي الصادق تحتاج مواصلة حتى تقترب التنمية من هدفها في الوصول لمجتمع جديد له إنجازاته المبهرة، مدرسة لا يوجد لنا فيها وقت كي نفتخر، بل عمل دؤوب كي يصل المجتمع لمرحلة الافتخار بانجازاته وأن ينسى المحركين الأوائل، تلك هي روحانية صلاح، أو دعنا نقول: تلك هي بدايات مشروعه التنموي، ألم نقل إنه "كان رؤية تتحرك بيننا؟"،
نعم كان رؤية صافية تتحرك بيننا، والآن دورنا كي نتحرك نحو هكذا رؤية، ان تتكلم أعمالنا ونصمت نحن، حتى يصبح وجه كل منا منيرا كوجه صلاح،

- نعم، هكذا تُحَلِّق مرة أخرى رحلة إقلاع ناجحة، روحا وثابة كانت مُحَلِّقة تعمل فيما بيننا، ونفضت الجسد كي تُحَلِّق أكثر، كي تتعمق أكثر في الحق والخير والجمال،

- ما أروع الرحلة يا صلاح، نحن من سيفتقدك، فبرحيلك، انت وكل من سبقوك وحَلَّقوا بعيدا، تتركونا بقليل من ضوء كنا نحتاج إليه كثيرا،

- وداعا يا صديقنا العزيز، لك كل أمنيات السعادة والسلام السماوي المستحق لشخصكم الكريم الوديع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما


.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا




.. ناشطون يتظاهرون أمام مصنع للطائرات المسيرة الإسرائيلية في بر


.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر




.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ