الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصية مفترضة من الإمام الحسين ع الى أنصاره ومحبيه.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 8 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الحمد لله بجميع محامده كلها على ما كتب لنا وأختار، فنعم المولى المطاع ونعم الخيار المستطاع، والصلاة على أنبياء الله ورسله كلهم لا نفرق بينهم ونحن له مسلمون، والسلام على كل الصالحين والمصلحين وأهل كلمة التقوى من الأولين والأخرين وبعد.
لقد كان فينا رسول الله قدوة ومثلا للمؤمنين وقد قال الله فيه مؤكدا أن دين الله لن يضره ما تصنعون أو تنقلبون عن أمره، ولكنه سيجزي الشاكرين الذي لا يعترضون العاقبة ولا يتطيرون من صنع الله الجميل (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)، عباد الله ما كتب الله عمرا لبشر أو حجر إلا وجعل له ميعادا وأجلا مسمى (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)، وقد كتب الله لنا كما كتب علينا أن العاقبة للمتقين وأن خير الناس من كسب في إيمانه خيرا قولا أو فعلا أو موقفا أراد به وجه الله، لا رياء ولا بطرا (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)، وإمامكم عباد الله أول من يؤمن بآيات الله وآلاءه وكان من الملبين دعوة الحق ومن الصابرين وعلى هدى جدي وجد جدي إسماعيل ع (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) والحمد لله أن جعلنا من أمة مسلمة وعلى صراط مستقيم.
أيها الناس... من عرف الحق وأهتدى شاكرا ومن الفائزين، ومن ضل عنها فعلينا هداه وواجبنا أبتغاء وجه الله، وما كان أمرنا إلا تلبية وطاعة، وقرارا للحق وأهله وفرارا من الجحد والكفر والعار، فلا طاعة لله حتى مع شبه معصية ولا إيمان مع رائحة شرك وكفران، وما جمع بينهما باطلا إلا منافق زنيم حلاف مدع أثم ثم لئيم، من يضع منحره لسيوف الباطل أراد أن يعبد للناس طريق الحق ورفع كلمة التقوى لا تأخذه بالله لومة لائم ولا عذل عاذل، وإمامكم جاد بما لم يجد به غيره يبتغي لكم العزة والصلاح والقوة والعدل والسماح (لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) ، فلا تجعلوا من أمرنا هرجا ومرجا وتنسون أمر الله بعذر محبتنا وإدعاء ولايتنا فتخلطون عملا صالحا بفعل طالح وتظنون أنكم فائزون، لقد خرج إمامك لأجل الصلاة وليست أي صلاة، بل تلك التي وصفها الله (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)، فلو قامت الصلاة كما أقامها إمامكم لأنتهى كل الظلم في الأرض وما الظلم إلا فحشاء في القول والفعل ومنكرا فيهما والعمل، وبغي النفوس أشد على الإنسان من كل ضرر، فعودوا لصلاتكم ولذكر الله أكبر لمن أراد الحسين إماما.
أيها الناس هلك من قبلك أقواما وسيهلك أخرون لأنهم ظنوا أن حبهم لأوليائهم أعظم من حبهم لله وطاعته، فهلكوا وأستهلكوا وأبدلهم الله قوما أخرين، وأخرين ظنوا أن حبنا بلا عمل واجب مستوجب يقربهم من الله زلفى، ونسوا أن حب الله وطاعته هو الزلفى العظمى والطاعة الكبرى والطريق إلى الجنة، ولا طريق غيره، ولا جنة غير جنة الله ودار مقام رحمته خالدين فيها أبدا، فلا تظنوا أن حبكم لنا بديلا ولا عديلا وطريقا يرضي الله ويرضينا، ولا هم يحزنون، طاعة الله مغنمة دائمة وطاعة العبد غنيمة زائلة، من أحب حسينا صادقا مخلصا فلا بد أنه أحب الله حب عاشق متيم وراغب قد هام ودا بمعبوده، فحبنا فرع من شجرة حب الله الكبرى، وما الحب إلا للحبيب الأول الذي منه تنزل الرحمة وإليه يصعد الكلم الطيب مرفوعا... من أحب حسينا لم يفرط بيقين ولا يقدم المستحب على الواجب ولا متنفل ناسي فرضه، ولا عائل يستجدي قوته من غيره بعنوان محبتنا، فحبنا كرامة وودنا طاعة وولايتنا أمر الله أمرا وأمتناعا.
عباد الله ... الله جعل الدين رحمة والرسل رحمة وحب الله رحمة، فنحن رحمة للعالمين ونعمة على المتقين وقال الله تعالى وهو خير القائلين (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ)، فلا يكن في حالكم نعمة مع نقمة ورضا مع غضب وإيمان مع تعصب، أتركوا أمر الله لله وأجعلوا أمركم بينكم مرحمة وعدل وإحسان وأدوا أماناتكم لله ولمن أستودعكم الأمانة وـقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيء ولا ينقذون إلا رحمة من الله وعفو عظيم... إمامكم ينتظركم في مواطن الخير والرحمة والقرب من الله وأشيعوا المرحمة، أعطفوا على فقراءكم وكرموا أهل الإيمان وأسمعوا لناصح يريد وجه الله ولا تأخذكم بنا أقوال المغرضين والمتاجرين والمدعين، أمتحنوا إيمانكم بما يرضي الله أولا فيرضينا، وأستعملوا عقلكم في إدراك ما تتعبدون به، فكثيرا ما زين الشيطان للإنسان عملا أغضب الله بدل أن يتقبله غرورا وتدليسا وهو القائل (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)، فهل أعتبرتم قول الله وحديثه إن كنتم مؤمنين.
يا أيها الناس...
كونوا ربانيين أولا مسلمين صادقين متقين قبل أن تدعوا أنكم حسينيون بالشعار دون اليقين، لأن الحسين عبد الله والمطيع لأمر ربه المخلص في دعوته البالغ في الحلم تعرضه لأمر ربه، فلا يرضي إمامكم ما أنتم فاعلون به قاصدين به وجه الله قلبا ونسيتم وتناسيتم الأولى فالأولى، فقد كان نبيكم وإمامكم وقدوتنا في الحياة الدنيا سليمان مع عظيم رحمة الله ومنه عليه في عمله ودعواه قال (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)، فأعملوا صالحا يرضاه الله فيرضى ونرضى وكان الله يحب المحسنين، كونوا لنا خيرا يزيدكم الله كفلين من رحمته، ولا تكونوا علينا شينا فيحبط عملكم وتكونوا من الخاسرين، رضانا رضا الله أل البيت ولا تقولوا رضا الله رضانا أل البيت فنحن طلاب رضا الله ولا نستنكف فنصغر في عيون الناس، رضا الله لا ينالها إلا ذو حظ عظيم وجهد صادق وسرور كريم.. أوصيكم ونفسي برضا الله فما خرجت إلا لرضاه وطلب القرب من رحمته ورضوانه، فكونوا هنا حسينيون وأطلبوا رضا الله بالعمل والجهاد والبر والإحسان بالسر والعلن، رحم الله من جب الغيبة عن نفسه، وقال اللهم إليك توجهت وعليك توكلت وإليك أنيب، والسلام على أهل لا إله إلا الله من إمام أهل لا إله إلا الله والعاقبة للمتقين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح