الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ودعها بالبريق والحزن قهراً -- السفير جريدة و رِثاء --

عصام محمد جميل مروة

2023 / 8 / 27
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


إستريحي في مهدكِ أيتها الشرنقة الباسقة النابعة من إزدواج وإمتزاج وتزاوج الروح مع الحياة ونهاية وفناء الجسد ، حيث الفكر والتطور والنور والإبداع والواقع والخيال والعقل مع سيرة خبرة دائمة لمنارات لا تقبل التأخير عن ما وقع وقد يقع وبلا عجز آيل الى الوقوع .
طلال سلمان كتب التاريخ في إيثار مرهف ونسى الرثاء المحسوب لجريدته التي منها وُلِدَ لبنانياً فلسطينياً قومياً عربياً أممياً خارج التصنيف للمواكب المسافرة ما بين ضِفاف نابتة في ازقة الوطن وما بين التنقيب في منبع النهج والبلاغة لكى يستخير سيرة جريدة السفير .
المؤسس الاستاذ طلال سلمان صاحب جريدة لا تتثائب عن أولويات ومحنة العالم العربي والوطن المُعنون لبنان الوشم والوهم والمقاومة . صوت لبنان في العالم العربي وصوت العالم العربي في لبنان وتجذيراً "" صوت الذين لا صوت لهم "" .
حُفاة عُراة جائعون بلا مأوى !؟ جريدة السفير وطلال سلمان وثقافة فن التعامل مع الوطن كان غير مستحيلاً . قرأوه من قريب ومن بعيد .
هكذا كانت البداية منذ تاريخ "" 26 - اذار - مارس - 1974 "" بعد صدور العدد الاول من الصحيفة التي بدلت حركة البيع والدعاية الشعبوية مع عرق جباه الباعة والتجول في اغوار فقر الفقراء على ارصفة وشوارع منسية لكنها الجريدة ايقظت كل حس مجبول بالعيش والثقافة . كانوا يُنادون "" جرايد - صحف - مجلات - سفير - نهار - بيروت - جمهورية - انوار - عمل - حياة - ديار - حوادث - موعد - شبكة - اسبوع عربي - وطن عربي - ثورة مستمرة - هدف - حرية -
نداء - نضال الشعب - لوريان لو جور - صباح الخير - لسان الحال - صوت العدالة -"" . كانت اصوات الباعة في تجولهم الدائري باللهجة المحكية اللبنانية . لِحاملى اعداد غير قليلة من نوعية الصحف المحلية اللبنانية والبيروتية المنشأ والطبع والمبيع والتصدير ، عبر الحدود الجوية والمطار المتاخم لميادين وساحات واسعة تجلت تِباعاً سفراً وهجرة ودمار وإزدهاراً في آنٍ واحد يختلف عن امكنة تواجد احياء متلازمة للمطارات .كما كان ممر نقطة المصنع البرية الفاصل بين بقايا اوطان تركتها انظمة سايكس بيكو و وعود بلفورية أغرقت منطقتنا في نزاع طويل جداً الصراع العربي الصهيوني . بوابة سوريا لنقل الاعداد الهائلة للجريدة التي كانت محطة تفاؤل وتشاؤم مُحَيَّر و منير و مميز !؟.
ولم يكن هناك حاجة لإستخدام الموانئ البحرية إلا قليلاً وتهريباً لترحيل الألاف ربما المئات منها حيث تردد عن سيرة كتاب السفير انهم مشاعل تحمل شعارات لا حدود جغرافية و ثقافية لها .
كانت الجريدة مُستباحة وعُرضة للإحتراق وللإلغاء بالتهديد العلني والسري حينما كان طلال سلمان يرفع راية النصر عبر سطور على الطريق بوابة الإفتتاحيات المرسومة لمسارات بيروتية ودمشقية ومقدسية من مقاطعات الفاكهاني حيث كان جرس هاتف ابوعمار ياسر عرفات لا ينقطع عن الرنين حتى مع رؤساء تحرير الصحف والمجلات التي تصدر من بيروت سواءً كانت معادية او محايدة او مؤيدة لما تختزنه صحافة وإعلام موجه او يتعارض مع كل شئ لبنان حضاري محتل مغلوب على أمرهِ في أحياناً كثيرة وعابرة تتسرب المخاطر فقط من قنوات و مصادر الكتاب الكبار و هنا كان مصطلح و دور الأعلام عن اراء طلال سلمان والبقية الجميلة من طابور ينتظر لتسنى نشر موضوع مهم او مقتضب او عابر لمساحة صفحات الجريدة الذائعة الصيت عبر حمامتها الليمونية الشكل والجناحين .
عندما تناسب صدورها مع التحريض الكبير والواسع لإندلاع الحرب الاهلية اللبنانية ، على معابر لا تبتعد مئات الامتار عن تقسيم صفحات صحافة بيروت والوطن عندما تحولت العاصمة غصباً الى شرقية وغربية ، هنا كانت شكاوى السائقين والحاملين الصحف والمجلات اللبنانية التي تُساق وتوزع من قِبل فئات شعبية وعمالية تسعى وتخاطر وتجازف في حياتها من اجل لقمة العيش الكريمة المنغمسة في العرق والدم .فكان الإذلال والإعتقال والإغتيال مباح على حواجز وطن مُمزق بالإتجاه المعاكس .
لنقل حرية الكلمة وحرية النشر والتعبير و حرية رفع الصوت عالياً في عاصمة الثقافة والصحافة اللبنانية العريقة منذُ ما قبل الإستقلال سنة 1943 - ومن ثم لاحقاً لغاية انحدار بارز وواسع في إعتماد صيغة وصبغة وصفة الصحف !؟ يمينية على غِرار النهار والعمل والحياة - ويسارية كالتي لا يختلف أحداً مع احد عن بداية وصفها بأنها يسارية المنهج تأسيساً وكتاباً وإحتضاناً . فكانت مباشرة سمعتها اثناء إندلاع موقعة بوسطة عين الرمانة - الشياح - شرارة مخاض الحرب الاهلية اللبنانية عصر يوم - 13 -نيسان - 1975 - اى بعد عام او اقل بأيام عن خروج حَملة جريدة السفير العابرة فوق سحابة الحرب الى ما وراء حدود الوطن .
إشتريتها اول مرة وكان ثمنها "" 25 - قرش - ربع ليرة لبنانية فقط لا غير "" .
او ما يُعادل حينها بدل اجرة سرفيس او ثمن سندويشة منقوشة بالزيت والزعتر او قطعة حلوى على نسق كنافة بالجبنة اللذيذة مع قطرها الساخن الذي ينساب حلواً لتبلل الأيادى .
كنتُ سألتُ نفسي ايامها لماذا لم أخذ ""المصارى "" ،واصرفهم كما يحلو لى كما اعتقدت بكل سذاجة وطفولة وعقلية مُبتذلة . سرعان ما تبدلت افكاري لاحقاً وبعد مجاراتي والسماح لذاتي لتقليب وفلفشة اوراق وصفحات قبل ان أؤدي واجبي واسلمها لوادي في صباح عطلتهِ الأسبوعية ايام الأحد في منطقة حي السلم . وكم تعلمت سابقاً إن المعرفة النبيلة للأشياء لا تحضر ساعتها بلا دراسة . بل مؤكداً سيرة القراءة هي جازمة ولها الحق في إختيار ما اذا كان الحكم على المواضبة وخصوصاً المطالعة والقراءة التي يُرتجى منها اهمية كبرى وربما قبل الغداء . وغذاء الروح الأدبية والصحفية والثقافية في بيوت المعدومين من شتى الامور الحياتية .
في رسالتي اليوم الى كاتب ومؤسس الصحيفة التي جرتني الى تناول وتلقف كل ما يُكتب من خلالها على الطريق الطويل المُحرر في مقالات طلال سلمان في الوطنية والمقاومة والسلام والحرب وصولاً الى فتح الحوارات عبر ثقافة المجتمع المتلقف والمتلقى لقراءة فوضوية حداثوية شعبوية متاخمة عوماً او غرقاً . قرأتها في حي السلم - في اول معسكر للتدريب المشترك بين الحزب الشيوعي اللبناني مع الجبهة الشعبية وحركة فتح في زغدراية - عين الحلوة - ثم تداولت متابعتها الى جانب جريدة النداء بإستمرار في مراكز الحزب الشيوعي . قراتها على متن طيران الشرق الاوسط . قرأتها في ابيدجان - في موسكو - في دمشق - قرأتها على اطراف فاصلة في جنوب لبنان في قلعة الشقيف - وضواحيها ارنون - في بلدتي الزرارية .
تابعت قراءة مواضيع على الطريق في اوسلو وفي باريس وفي كوبنهاغن وفي المانيا وفي السويد .
إشتريتها من عابر في مدينة الناظور الريفية في المغرب ،عام 1992 وكان اول خروج مسموح ليّ في السفر بعد نيلي حق الاقامة في النرويج .
وفي اماكن منتشرة لا حصر لها .
كان طلال سلمان خزان لا ينضب دائماً ينبع ثقافة و وهج وإشعاع و طمأنينة ويضع الرجاء والامل في المقدمة خوفاً من عواصف التخلف المُرادُ لنا ان نُغرقُ انفسنا في حروب شعواء مُصطنعة ما بين اعداء الخارج وما بين اخوة التراب الثمين والنفيس والغالي على جباهنا هنا وهناك .
بيروت مهد الكتابة والسرديات الجميلة . طلال سلمان وجريدة السفير كانوا خير دليل على اضواء صاخبة عن فتح بوابات الوطن للعبور الى آماد اكبر من طموح يختلج في صدر طلال سلمان الذي غادرنا ذارفاً الدموع مُسبقاً على أنجازاتهِ التي تاثرت بمنحدرات عاصفة فوق طاقة مكاتب جريدة السفير التي تعرضت للقصف والتفجير ، كما سالت دماء طلال سلمان مرات كثيرة بعد مغازلة صفحات بيضاء يكتب عليها لكنهُ ينتقد ولا يحذف الخوف والتهديد والترغيب لا بأموال ولا بمقامات تختلف عن كاريكاتورية "" ناجي العلي "" وحنظلة وفلسطين والعرب والمشرق وما وراء هيجان امواج تكسرت في السكون والهدوء .
طلال سلمان شكراً لمرورك الذي المحت مراراً انهُ طيف من حبر ومداد وورق ونار ملتهب حباً وتقديراً ومجداً سجلتهُ لنا عبر رحلة حياتك بلا سفر .

عصام محمد جميل مروة ..
اوسلو في / 27 - آب - أغسطس - 2023 / ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر


.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي




.. ”شكرا للمتظاهرين في أمريكا“.. هكذا كانت رسائل أطفال غزة للجا


.. شعارات المتظاهرين الداعمين لغزة في جامعة كاليفورنيا




.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر