الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


19 أغسطس 1953... مرور 70 عامًا على الانقلاب الذي قوض الديمقراطية في إيران

حزب توده الإيراني

2023 / 8 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مقتطفات من بيان اللجنة المركزية لحزب توده الإيراني بمناسبة الذكرى السبعين للانقلاب الإمبريالي الأمريكي البريطاني الذي أطاح بحكومة الدكتور محمد مصدق الوطنية لإخضاع إيران ونهب نفطها!


في 19 أغسطس 2023، تكون قد مرت 70 عامًا على الانقلاب الإمبريالي الأمريكي البريطاني الذي أطاح بحكومة مصدق. قبل 70 عامًا، قطع مرتزقة لاميركا و بريطانيا بالرصاص طريق التطورات الوطنية والديمقراطية في بلادنا ، حتى يمكنهم و بمساعدة مؤيدي الملكية و الشاه محمد رضا بهلوي من تحويل إيران ، إلى شبه مستعمرة و شرطي إقليمي لهم.

علاوة على ذلك، يعد الانقلاب [1953] في إيران والإطاحة بحكومة مصدق مثالًا مبكرًا بارزًا على أسلوب "تغيير النظام" التي وضعتها الإمبريالية الأمريكية موضع التنفيذ عبر وكالة التجسس التابعة لها، "وكالة المخابرات المركزية" ،لتخريب [الحكومات] التقدمية - والتي تم تنفيذها لاحقًا أيضا و بشكل مدمر في أجزاء أخرى من العالم.

وفقًا للعمل البحثي الذي أجرته ليندساي أورورك بعنوان "المنطق الاستراتيجي لتغيير النظام: حملات تغيير النظام التي ترعاها الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة"، أجرت الولايات المتحدة خلال سنوات الحرب الباردة ، 64 محاولة سرية و6 محاولات علنية لتغيير الانظمة . من بينها، انقلاب 19 أغسطس 1953 ضد مصدق في إيران؛ انقلاب عام 1954 والذي أدى إلى الإطاحة بحكومة جاكوبو أربينز اليسارية في غواتيمالا؛ والانقلاب الدموي الذي قام به الجنرال سوهارتو ضد حكومة سوكارنو الوطنية في إندونيسيا والمذبحة اللاحقة لمئات الآلاف من الشيوعيين في جميع أنحاء ذلك البلد. [انظر: مقال "المنطق الاستراتيجي لتغيير الأنظمة: حملات تغيير الأنظمة المدعومة أميركياً خلال الحرب الباردة"، في مجلة "دراسات أمنية"، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2019/2018، الصفحات 92-127].

على عكس كل دعاية الحرب الباردة حول "خطر الشيوعية" في إيران، كان أحد الأهداف الرئيسية للانقلاب والمتآمرين هو السيطرة على النفط الإيراني والاستفادة من موقع إيران الاستراتيجي في منطقة الخليج العربي و جوار الاتحاد السوفيتي.

السياق التاريخي لانقلاب 1953

كان نمو الحركة العمالية وحزب الطبقة العاملة في إيران، حزب توده في إيران، والحركة المنظمة نحو تأميم النفط الإيراني - والتي هددت بشكل خطير مصالح الإمبريالية البريطانية والأمريكية - من بين العوامل الحاسمة في قرار هاتين الحكومتين لتنظيم الانقلاب في إيران والإطاحة بحكومة مصدق.

بعد أن بلغت الحركة الشعبية ذروتها في 22 يوليو 1952 [عندما اضطر الشاه إلى إعادة تعيين مصدق رئيسًا للوزراء بعد عدة أيام من المظاهرات الحاشدة ضد إقالته]، توصلت الحكومتان الأمريكية والبريطانية إلى استنتاج مفاده أنه لن يكون من الممكن إقالة مصدق من منصبه دون انقلاب عسكري كامل ضده. ووفقاً للعديد من الكتابات البحثية - بما في ذلك كتابي "الانقلاب" و"إيران بين ثورتين"، وكلاهما من تأليف البروفيسور الموقر إرفاند أبراهاميان، شرعت الحكومتان الأمريكية والبريطانية بعد ذلك في توحيد قدراتهما ومواردهما الكاملة لتنظيم الانقلاب ومن ثم تنفيذه ضد حكومة مصدق.

انقلاب 19 أغسطس ودور رجال الدين الإسلامي

ومن بين مجموعة وثائق وكالة المخابرات المركزية المتعلقة بانقلاب 1953، والتي نُشرت منذ ذلك الحين في شكل كتاب، تم الكشف بوضوح عن دور رجال الدين الإسلامي في المساعدة على تنفيذ الانقلاب - وخاصة الدور الرئيسي لآية الله كاشاني. ووفقاً لهذه الوثائق، عقد آية الله كاشاني اجتماعات ومناقشات ليس فقط مع سفير الولايات المتحدة، ولكن أيضاً مع عملاء وكالة المخابرات المركزية في بيته في منطقة شميران في طهران ،في الأشهر التي سبقت الانقلاب. [كان مترجم الاجتماع هو أردشير زاهدي – نجل الجنرال فضل الله زاهدي، أحد المتعاونين مع النازيين، وقائد الانقلاب، ورئيس وزراء ما بعد الانقلاب.]

وبعد ثلاثة أسابيع فقط من انقلاب 1953، صرح آية الله كاشاني في مقابلة مع صحيفة "أخبار اليوم" المصرية، أن وصول الحكومة الانقلابية إلى السلطة كان "سببًا لفرحته". في العقود الأخيرة، سعى قادة نظام ولاية الفقيه، عند تناولهم لأحداث انقلاب 1953، إلى تبرئة رجال الدين و اخفاء دورهم الخبيث في قمع سلطة الشاه للحركة الشعبية الوطنية في إيران واستخدمت كل دعايتها ومواردها لتحقيق هذه الغاية.

فريق وكالة المخابرات المركزية CIAالذي أشرف على تنظيم المظاهرات المزيفة في 19 أغسطس 1953 ، و من خلال عدة قنوات سرية، أعطى المال لآية الله بهبهاني وحاول إقناع آية الله بروجردي [كلاهما كانا من رجال الدين المحافظين المؤثرين] بإثارة حشود عنيفة مناهضة للشيوعية. [انظر: كتاب "مصدق والانقلاب"، تأليف غازيوروسكي وبيرن، ترجمة مرشد زاده، ص. 274].

هناك أدلة مهمة أخرى على تكليف عملاء وكالة المخابرات المركزية بتنظيم مظاهرات من قبل عملاء محرضين تحت علم زائف لحزب توده الإيراني ونشر إهانات وتهديدات معادية للدين باسمهم، لتنفير وتخويف الزعماء الدينيين والناس العاديين أيضًا. وتحريض الرأي العام ضد مصدق وأنصاره.

كان انقلاب 19 أغسطس بمثابة خطوة خطيرة إلى الوراء نحو الاستبداد والتبعية [للأجنبي]. وفي مواجهة التطورات السياسية والاجتماعية الهائلة التي رافقت التحرك نحو الديمقراطية، كان هذا الانقلاب بداية فصل مظلم في التاريخ المعاصر لبلدنا إيران. من خلال تنظيم وتنفيذ هذا الانقلاب، حرفت الإمبريالية الأمريكية والبريطانية مسيرة بلادنا في التحول نحو الديمقراطية والتقدم الاجتماعي - وباختيار مرتزق مثل محمد رضا بهلوي، وضعتا أسس الكارثة التي نشهدها في بلادنا اليوم.

بعد عودة محمد رضا بهلوي إلى العرش عبر الانقلاب الذي خططته الولايات المتحدة وبريطانيا، وبدعم من رجال الدين الرجعيين مثل كاشاني و بهبهاني و بروجردي، اتبع برنامجًا مخططًا بعناية لدعم العناصر الرجعية بين رجال الدين وترسيخهم في مناصبهم، وبالتالي ترسيخ الأسس الدينية لنظامه.

مع تأسيس حكومة محمد رضا بهلوي الانقلابية، شهدت إيران حكمًا من الإرهاب والقمع الخانق دام 25 عامًا في ظل منظمته الأمنية السرية سيئة السمعة، السافاك - والتي ورثها النظام الحالي، مع تغييرات شكلية بالكاد، بمساعدة رئيس الجهاز إبان ثورة 1979 الجنرال حسين فردوست.

لا يزال انقلاب 19 أغسطس وفشل الحراك الشعبي وتأميم الصناعة النفطية يحمل العديد من الدروس المهمة للقوى التقدمية والمحبة للحرية في بلادنا. وفي مقدمتها أنه في ظل غياب وحدة العمل والتضامن، وبالتعاون الوثيق بين القوى الوطنية واليسارية، تمكن الانقلاب من الحدوث وإحداث كارثة مستمرة ودائمة في بلادنا. كما أثبتت التجربة أن تدخل الدول الإمبريالية في شؤون إيران الداخلية - سواء من قبل الولايات المتحدة أو بريطانيا أو الاتحاد الأوروبي ضار على الدوام بمصالحنا الوطنية وتنميتنا، والقوى التي تؤيد أو تحاول تبرير مثل هذا التدخل لا تختلف في الأساس عن تلك التي تآمرت مع الانقلابيين في التاسع عشر من أغسطس/آب.إن الفشل في الالتفات إلى هذه الدروس لا يؤدي إلا إلى تكرار أخطاء الماضي على حساب دماء المناضلين الشجعان من أجل الحرية في بلادنا، والسجناء السياسيين، والجماهير المعذبة - شخصيات بطولية مثل الدكتور حسين فاطمي، وزير خارجية مصدق ،المقدام المناهض للإمبريالية، الذي القي القبض عليه في مارس 1954 بعد اكتشاف مكان مخبأه، وتعرض للتعذيب المروع، ثم أُعدم رمياً بالرصاص.

لقد حان الوقت لكي تلتفت قوانا الوطنية والتقدمية إلى تجارب الماضي المريرة وتستغلها وتمضي قدما، غير مقيدة باعتبارات عفا عليها الزمن. اليوم، تقف إيران على مفترق طرق، ولا يمكن إنقاذ البلاد من الدكتاتورية الثيوقراطية السائدة، ومن مخاطر التدخل الأجنبي، إلا من خلال العمل المشترك والموحد لجميع الوطنيين والباحثين عن الحرية. من اجل تمهيد الطريق لتشكيل حكومة وطنية ديمقراطية. ومن جانبه، فإن حزب توده الإيراني على استعداد لتسخير كل طاقاته المتاحة في هذا المسعى.
_________________________________________
للاطلاع على تصريحات حزب توده الإيراني وتحليله للتطورات الكبرى في إيران يرجى زيارة الموقع:    www.tudehpartyiran.org








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تنظر الحكومة الإسرائيلية لانتهاء مفاوضات القاهرة دون اتف


.. نتانياهو: إسرائيل مستعدة -للوقوف وحدها- بعد تعهد واشنطن وقف




.. إطلاق مشروع المدرسة الإلكترونية في العراق للتقليل من الاعتما


.. نتنياهو: خسرنا مئات الجنود بغزة.. وآمل تجاوز الخلاف مع بايدن




.. طلاب إسبان يدعمون غزة خلال مظاهرات في غرناطة