الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الدين والقيم والإنسان.. (15)

بنعيسى احسينات

2023 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الدين والقيم والإنسان.. (15)
(تجميع لنصوصي "الفيسبوكية" القصيرة جدا، من دون ترتيب، التي تم نشرها سابقا. أود أن أتقاسمها مع القراء الكرام، في موقع الحوار المتمدن الكبير المتميز.)

أذ. بنعيسى احسينات - المغرب


إن معتنقي الإسلام، من مفكرين وعلماء وغيرهم قديما وحديثا، أكثر فهما وتعمقا في الدين الإسلامي. أما جل باقي المسلمين، فهم مقلدون فحسب.

الإسلام بقرآنه العظيم، يحتاج إلى عقول نيرة لفهمه وتدبره، ليستفيد منه الناس في الدنيا والآخرة. لا أن نجعل منه وسيلة، يخدم سياسة معينة.

كيف جُمِعت الأحاديث النبوية بتفاصيلها، بعد حوالي قرنين من موت النبي (ص)، ولم نجد أثرا يذكر، لخطب الجمعة والعيد فيها؟ فكيف اختفت؟

وقع المسلمون في ما حذرنا منه النبي (ص)، عندما حرم كتابة الحديث عنه. فبعد قرنين جُمع الحديث وتحول إلى وحي ثاني، وتم هجر القرآن.

كل حديث لا يتوافق مع القرآن الكريم لا يؤخذ به. فالحديث النبوي فعل إنساني، تدخلت فيه عوامل بشرية كثيرة، بعد موت الرسول الأمين (ص).

من حسن حض المسلمين العرب، أن عثمان جمع القرآن في الوقت المناسب، قبل الاهتمام المتأخر بالحديث، والتركيز عليه كمصدر ينافس القرآن الكريم.

لقد تم تجميع الأحاديث من طرف أغراب عن العرب، حوالي قرنين بعد موت النبي (ص)، ولم يتركوا لنا لا مخطوطات ولا وثائق، للتأكد من صحتها.

على المسلمين اليوم، مع تطور العلوم والمعارف والتكنولوجيا الحديثة، أن يقوموا بتنقية الإسلام وتصفيته، من الخرافة والأساطير والشعوذة.

إن الاختلاف بين الاتجاهات والمذاهب الإسلامية، هي سياسية أكثر منها عقائدية دينية. فعلى المسلمين أن يكتفوا برد ما اختلفوا فيه إلى لله.

لقد ضيع مفكرو الإسلام وفقهائه، وقتهم الكبير في الاختلاف والجزئيات، دون الاهتمام بما هو نافع للناس، كرد ما هو مختلف عليه لله تعالى.

الصلاة جماعية مطلوبة ومحببة. فلماذا لا يكون عيد الأضحى جماعي أيضا حتى تتقلص المصاريف، ويشارك فيها المحتاج والميسور، كل حسب دخله وإعفاء المعدم. قد يكون حي أو درب، أو جيران أو عائلة كبيرة مثلا. هكذا يتحقق معه التعاون والتكافل، وكذا تتحقق صلة الرحم كذلك.

عيد الأضحى سُنة مؤكدة، يجزى فاعلها ويلام تاركها. فماذا قدم فقهاؤنا من اجتهاد في الموضوع لمسلمي البلاد؟ لحل مسألة ضرورة الأضحية أو عدمها دينا وشرعا، بالنسبة للفقراء والمحتاجين في ظروف قاسية مستعصية، دون إحراجهم والمساس بكرامتهم؟

في بلاد العالم العربي الإسلامي، يكتفي المسلمون بالتدين فحسب، بلا قيم الإسلام الملخصَة في الصراط المستقيم. وفي الغرب نجد الإسلام جليا في القيم، ولا نجد المسلمين على كل حال. فالإسلام أصلا تدين وقيم، وسلوك حسن، وعمل صالح لا شيء آخر.

ما يلاحظ المؤمن الكامل الحق، أن المسلم في العالم صنفان:
هناك مسلم عربي إسلامي في الظاهر، وكافر أو عاصي في الباطن. وهناك مسلم غربي أسيوي في الباطن، وكافر أو ملحد أو كتابي في الظاهر. فقيم الإسلام أصلا موجه للإنسانية جمعاء، وليس لطائفة دون أخرى.

ليس هناك دين أسهل وأبسط وأرحم وأعظم من الإسلام، لكن فقهاؤنا وحكامنا قديما وحديثا، عقدوه وكبلوه إلى درجة أصبح فيه مخيفا، إذ جعلوه مختلطا بالسياسة، لا يستقيم إلا بوسطاء وتحت المراقبة المشددة والحساب العسير. في حين هو دين يسر لا دين عسر.

مَن هو أقرب الناس إلى الله؟ أهو المؤمن المتدين، الذي لا يعمل بالقيم ولا يحترمها؟ أم هو من يحترم القيم ويعمل بها، ولا يقوم بالشعائر؟ هنا لا نتحدث عن من يقوم بهما معا، لإن مقاصد الدين، هو الإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل الصالح.

إن جل المسلمين يهتمون بالتدين، ولا يعملون بقيم الإسلام المطلوبة دينا وشرعا. فالفرائض أساسا، تتعلق بالعلاقة المباشرة بين العبد وربه، ففيه يتنافس المتنافسون. لكن ممارسة القيم، تقتضي العلاقة الإنسانية بين الناس، التي يجب أن تكون جيدة وحسنة وصادقة.

للتدين في الإسلام، جانب ديني تعبدي، وجانب اجتماعي إنساني. لكن أغلب الممارسين له، يركزون على الأول، ويتخلون على الثاني أو يغيبونه. في حين أن التدين هدفه، بعد التقرب إلى الله، هو خدمة الإنسان كفرد وجماعة، من حيث القيم والتضامن والتعاون، داخل الوسط الطبيعي البيئي السليمين.

لكل فرض من الفرائض، المكونة لأركان الإسلام الخمسة، جانب اجتماعي مميز، الذي يطغى على الجانب الروحي الديني في الغالب. ويتحول مع تطور الزمن، حسب ظروف الحياة المتجددة، إلى عادة وتقليد المتكررة باستمرار، إلى درجة التخلي ونسيان قيمتها الجوهرية؛ الروحية منها والدينية مع الوقت.

إن عيد الأضحى دينيا هو شعيرة باعتباره سنة مؤكدة، والأضحية على من استطاع اقتناءها. واجتماعيا هو ضرورة لا تنظر إلى الاستطاعة، بل تقود إلى التباهي عند البعض، وتحقيق الذات وإرضاء الأسرة والأطفال لدى الآخرين. والمستفيد من ذلك كله، السوق والمتحكمين فيه.

لقد تحول عيد الأضحى من شعيرة دينية خالصة، إلى طقس اجتماعي بغلاف ديني شكلي. إذ أصبح اقتناء الأضحية ضرورة لكل أسرة، سواء كان رَبها ميسورا أو محتاجا، مما أدى ويؤدي إلى التضييق والإحراج. وتبقى الاستفادة الوحيدة لتجار الأضاحي.

لقد كان على الدولة المغربية، أن تحتفل هذه السنة، بعيد الأضحى من دون طقوس ذبح الأضاحي، نظرا للغلاء الفاحش، وقلة الماشية المخصصة لذلك. والاكتفاء بقيام أمير المؤمنين، بذبح أضحية العيد، نيابة عن الشعب المغربي.

الدين الإسلامي كل متكامل لا يتجزأ. إنه يشمل العمل الصالح، القائم على تجنب المحرمات الأربعة عشر، وإتباع القيم والأخلاق العامة العشرة، ثم الشعائر الخمسة المفروضة. فإن التركيز على الشعائر وحدها مثلا وترك الباقي، لا يمكن أن يكتمل الإسلام بدونها. فهي قيم للإنسانية جمعاء، كيف ما كانت مللها في ظل الإسلام.

إن المشتغلين بأمور الدين في العالم العربي الإسلامي؛ من شيوخ وفقهاء وغيرهم، يشكلون قاعدة مهمة باعتبارهم ذوي الاختصاص. فكيف وصل هؤلاء إلى هذه المكانة وهذه المناصب؟ إنهم في الغالب، من غير الموفقين في الدراسات العلمية والاقتصادية والإنسانية والحقوقية والأدبية. لم يبق لهم للترقي الاجتماعي، إلا شعبة واحدة فقط، هي العلوم الدينية.

لتقييد القرآن الكريم وجعله مهجورا، يتلى ويصلى به فقط، ويزين جدران البيوت والمكاتب بلوحات من آياته، وكذا الزجاج الخلفي للسيارات ومقدماتها، ومتعلقات بالعنق وغيرها، خلقوا منافس له، الذي هو الحديث، باعتباره الوحي الثاني، بدل تدبره واستنباط الأحكام والحدود والقيم والحقائق بعقلية حديثة، باعتباره جامع ومانع، لا يحتاج إلى من يكمله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah