الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقود مع الشياطين

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2023 / 8 / 30
المجتمع المدني


ولادة قيصرية أنجبت ظاهرة اسمها (الدولة)، دخلت مدرسة الحياة، تحبو كعادة الرُضَّع، تستنجد بمن حولها لإرضاء ما تريد. إنتهت الحلقة الطبيعية الأولى من دورتها الحياتية دون أن تقف على رجليها أو حتى تتكأ على أشياء تساعدها على الوقوف الى أن تنتصب قامتها. دخلت السلم الثاني دون أن تنطق بجملٍ تُعبّر بواسطتها عن نفسها، انها حالة تثبيت على عادة طفولية بالمعنى الفرويدي للمفهوم، وبقاءٌ على مستوى أبستيمولوجي منخفض بالمعنى البياجوي للكلمة، وسقوط في هاوية فقدان الهوية بالمعنى الأريكسوني. مراحلٌ يجب أن تكتمل ملامحها إكتمالاً وبواطنها نضوجا، كل شيء في هذه الحياة وفي هذا الكون له دورته الحلقوية تتواصل هذه الحلقات فيما بينها بإنتظام، بحيث تتفق مع قوانينها سواء تكون هذه القوانين فيزيائية أو كيميائية أو بيولوجية أو سوسيوثقافية أو....الخ. عندما تختل توازن التحولات الحتمية تلك، تظهر مؤشرات معينة تدلّ أو بالأحرى تعزو الى نوع من العجز في توجيه الظاهرة الى مآربها.
عجز في النمو الطبيعي لشعبٍ،بمقاييس سوسيوسياسية وسوسيوثقافية أو أثنيكية. عجز ووهن في النمو الطبيعي لدولة أو وطنٍ،بمقاييس جيوسياسية وجيوستراتيجية. عجز في النمو الطبيعي لمجتمعٍ، بمقاييس سايكوسوسيولوجية. في النهاية عجز في إدارة هذا الكائن الذي قُذفنا فيه دون أن يكون لنا إرادة في بناء هذا العش أو البيت بالمعنى الظاهراتي للعش. دولة أطّرها لأهلها، الغانمون في مراهنات النفوذ والفائزون في الأهليّةِ لتشكيل نظام عالمي جديد، دخل أهل هذه الدولة في إمتحانات عِدّة، أسئلة لا قدرة لحلها إلاّ عند النوابغ في علوم السياسة والموهوبين في إدارة الأزمات التي خلقت أساساً لأجل تأجيجها يوما بعد يوم.
أسئلة ملَغّمة في السياسة لم يفلح سياسيٌّ في هذا البلد من عرب وكرد، قوميّ ودينيّ ومذهبي، شيوعي وبعثي وملكي، ديمقراطي وإشتراكي و... عن الإجابة عنها بالإتجاه الذي يرضي إله (السفنكس-الكائن الأسطوري أبو الهول) ويجلس في النهاية آمناً مؤمّناً على كرسي السلطة بحيث يستقر أحوال الناس والمواطنين داخل مملكته. الذي تمكن في كسب رضا الغول هو الذي وقع في أفخاخ الشياطين الكبار ولم يقدر على اللعب على أوتارٍ قد يكسب في النهاية اثرها ود أهله قبل أن يصبح دمية مُذِلّة لذاتها تستنجد دوما بالأباليس التي تعاقدت معهم وتستقوي بهم بدل أن تستقوي بأهلها.
أسئلة في السوسيولوجيا لم ينجح فيها أحدٌ من كهنة السياسة وأهل الشعارات المدنية، هم فشلوا في فهم مفهوم المواطنة والتعمق في دلالات هذا المفهوم. تداولوا المفهوم لغرض جماليات الخطاب الطائفي ذوي النزعة القبلمدنية، ونجحوا بالمقابل في إدارة التوحش أو الجهل، وهذا هو مُراد العقد بين الكائن المسمى (سياسي) والشيطان وذلك بغية بقاءه الى الأبد ضمن دائرة الألغاز.
أسئلة في الدين لم يفلح أحد من هؤلاء أن يرضي ذاته أولا ومن ثم الناس ثانية، وذلك بقصد الوصول الى الرضا النفسي والتوازن الروحي أو بالأحرى الترفع عن النفس والغوص في المتعاليات لأجل السيطرة على العقل وشطارة تسويقه.
أسئلة كثيرة لم يجد لها المتعاقدون مع الكبار أجوبة تضمن وجودنا الإنساني الكريم وتَعبُر بنا الى شواطيء الأمان بغية التمكن في السيطرة على حالة القلق الوجودي دون البقاء في دوائر الإحباط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما


.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش


.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر




.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..