الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغز مَدافن المَلكات الآشوريات في مدينة النمرود

حامد خيري الحيدر

2023 / 8 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


رغم التاريخ الطويل من عمليات التنقيب في مدينة "النمرود" الأثرية، التي كان قد ابتدأها البريطاني "هنري لايارد" عام 1845، والكمّ الكبير من القطع الأثرية التي عُثر عليها خلالها، والتي كان من شأنها أن أوضحت الشيء الكثير عن التاريخ الآشوري، بالإضافة الى الأبنية الضخمة التي تم الكشف عنها هناك بما احتوته من منحوتات حجرية رائعة، لكن يبقى اكتشاف المدافن الملكية الأربعة العائدة للملكات والأميرات الآشوريات تحت حُجرات القصر الشمالي الغربي في هذه المدينة من قبل الآثاريين العراقيين بين الأعوام 1988_1992 هو الأبرز، وذلك بسبب الحالات الغريبة التي تمَّت فيها مُمارسات تلحيد ومواراة الجثامين في تلك المدافن، والتي كانت على قدر كبير من الغموض والغرابة قد أوجب طرح العديد من التساؤلات بشأنها، فضلاً على ما احتوته تلك المدافن من كميات كبيرة من حُلي ومَصوغات ذهبية وفضية، تم صنعها بأساليب غاية في الروعة والدقة، تنوعت بين تيجان وقلائد وأساور وحُجول وخواتم واقراط، مع أختام شخصية ثمينة المادة فريدة النقش والصنع تنوعت بين أسطوانية ومُنبسطة، بالإضافة الى تُحف فنية رائعة أخرى صُنعت من مواد مختلفة مثل العاج والزجاج والخشب والمَرمر والنحاس والبرونز، وكذلك أدوات صغيرة تُستخدم من قبل النسوة للتجميل والتزويق والتكحيل والتعطير، وقد أتى هذا الاكتشاف بعد فترة طويلة من آخر اكتشافات مُماثلة في العالم، كانت قد احتوت هي الأخرى على كميات كبيرة من اللقى والتحف الذهبية النادرة، والقصد بها تلك التي تمَّت في عشرينات القرن العشرين في كلٍ من مصر والعراق، مُتمثلة باكتشاف مدفن الفرعون المصري "توت عنخ آمون" في وادي الملوك من قبل عالم الآثار "هيوارد كارتر"(1)، والمقبرة الملكية في مدينة "أور" السومرية من قبل عالم الآثار "ليونارد وولي"(2).
وتعتبر اللقى الذهبية المكتشفة في تلك المدافن بحق أحدى ابداعات الحرفيين العراقيين القدماء، بعد أن جعلت منها أياديهم وأناملهم تُحفاً فنية تسرق الأبصار أكثر منها مواداً ثمينة، حيث تنوعت أساليب صياغتها من ناحية النقش والطرق والتركيب وكذلك التطعيم بمختلف الأحجار الكريمة النادرة، بل وحتى ملابس هؤلاء الملكات المُفترضات قد تم تطريزها بقطع صغيرة مُصاغة من الذهب أو الأحجار الكريمة، تم تركيبها بخيوط ناعمة من الذهب والفضة لتغدو لوحة مُنمنمة بهية للنظر، مما يُشير الى المُستوى العال من الحرفية ومَدى الأبداع والتطور التقني في فن صناعة الحُلي الذي وصل إليه صاغة بلاد وادي الرافدين، ولا مجال في هذا البحث لوصف كل تلك التُحف المتنوعة والحُلي الفنية الثمينة، ذات التصاميم والصياغة الرائعة التي أحصيّت بالمئات وزاد وزنها على عشرات الكيلوغرامات، كونها تحتاج بحوث خاصة مستقلة وطويلة لدراستها من الناحية الفنية والصناعية وكذلك الرمزية، قد تشغل عدة مُجلدات ضخمة لو تم تناولها بشكل مُفصل مُسهب.
وقبل الولوج الى الموضوع وتفاصيله لابد من الحديث بإيجاز عن مدينة "النمرود" الأثرية وإعطاء فكرة مقتضبة عنها وعن وتاريخها، وكذلك الموقع الذي تمت فيه هذه الاكتشافات وهو القصر الشمالي الغربي في المدينة.
تقع مدينة "النمرود" الأثرية جنوب شرق مدينة الموصل بمسافة ستة وثلاثين كيلومتراً تقريباً، عند التقاء نهر دجلة برافده الزاب الأعلى، وَرد أسمها في الكتابات الآشورية بصيغة "كالخو" كما وَردت ضمن أسفار العهد القديم باسم "كالح"، وتُعتبر هذه المدينة من الناحية التاريخية ثاني العواصم الآشورية بعد الحاضرة الأولى "آشور"، حيث شيّدها أول مرة على الجانب الشرقي لنهر دجلة الملك "شلمنصر الأول" 1274_1245ق.م، ليجعلها مَقراً لحكمه وكرَّسَها لإله الحرب عند الآشوريين "نينورتا"، ثم أعاد تحديثها وتوسعتها الملك "آشورناصربال الثاني" 883_859ق.م، لتغدو كأنها مدينة جديدة تختلف كلياً عن المدينة القديمة، حيث جَعلها وفق تخطيط مربع تقريباً مُحيطه بحدود ثمانية كيلومترات وحَصّنها بأسوار مَنيعة ضخمة مُدعّمة بأبراج دفاعية قوية، كما شَيّد في رُكنها الجنوبي الغربي وبمحاذاة النهر مدينة مَلكية كبيرة عُرفت آثارها بـ"حصن النمرود"، بَنى فيها معبداً كبيراً مع زقورة تم تكريسَّه للإله "نينورتا" وأيضاً معبداً للإله "نابو" وآخر للإلهة "عشتار"، إضافة الى قصرٍ فخمٍ كبير له، عُرف لدى الآثاريين باسم "القصر الشمالي الغربي" نسبة الى موقعه في هذا الجانب من المدينة الملكية، كما شَيّد أيضاً عدداً من المباني والقصور الأخرى، في حين شيّد أبنه وولي عهده "شلمنصر الثالث" 858_824ق.م حصناً كبيراً عند الركن الجنوبي الشرقي من المدينة وملاصقاً لسورها الجنوبي ليكون مقراً له ولجنده، تُعرف أطلاله بـ"تلول الآزار".
ثم تعاقب على حكم المدينة العديد من الملوك كما مَرّت على تاريخها الكثير من الأحداث المؤثرة والعنيفة، وقد أستمرت بمكانتها كعاصمة ومدينة أولى للآشوريين حتى عام 705ق.م، حين نقل الملك "سرجون" 721_705ق.م مؤسس السلالة السرجونية(3) مركز إدارة المُلك الى عاصمته الجديدة "دورشروكين" المعروفة أطلالها باسم "خرسباد"، ثم بعد ذلك الى "نينوى" من قبل أبنه الملك "سنحاريب" في حدود عام 702ق.م، لكن رغم ذلك حافظت مدينة "كالخو" على أهميتها ومَكانتها الاعتبارية حتى سقوط الدولة الآشورية عام 612ق.م على يد التحالف البابلي الميدي، ومن الحقائق الهامة التي يستوجب التنويه عنها أنه لا توجد على الأطلاق أية علاقة تاريخية أو حقيقة مُثبتة تربط مدينة "كالخو" الآشورية بشخصية "النمرود" الخيالية الواردة قصتها في الكتب الدينية، والتي جعل خيال الناس يطلق أسمه على هذه المدينة، وبعض الآراء في هذا الجانب تذهب الى أن أسم "النمرود" هو تَحريف لغوي لأسم الإله "ننورتا".
أما القصر الشمالي الغربي فقد كان واسع المساحة مُتعدد الأقسام والساحات والأروقة، تم بنائه على مراحل عدة خلال حُقب زمنية متعاقبة، بعضها تعود الى ملوك آشوريين مُتأخرين، ليغدو شكله النهائي مستطيل التخطيط يمتد من الشمال الى الجنوب بطول 220م وعرض 120م تقريباً، تم تقسيمه الى عدد من الأجنحة، منها ما خُصص للإدارة والحكم ومنها ما خُصص لإقامة العاملين المُهمين في البلاط الملكي من موظفين وخَدم وسُعاة، مع العديد من القاعات الكبيرة الأخرى والحُجرات الواسعة المُتعددة الحاجات والأغراض، بالإضافة الى جناح كبير احتوى العديد من الحُجرات شغل مُعظم القسم الجنوبي من القصر، تم تخصصيه بعد عَزله وفق التصميم البنائي بشكل كامل عن باقي الأجنحة الأخرى لسُكنى الملك ونساء عائلته المتمثلة بزوجته ووالدته وأخواته، بالإضافة الى النساء القائمات على خدمتهم من الوصيفات والساعيات عُرف باللغة الأكدية بمصطلح "بيتانو"، كان بضمنه ردهات خاصة مغلقة محظور دخولها خصصت لمَحظيات الملك وجواريه وغُلمانه، وقد أثبتت التحريات الأثرية هوية هذا القسم من خلال ما تم العثور عليه من لقى اثرية ذات صبغة خاصة، تمثلت بأدوات نسائية متناثرة هنا وهناك على ارضيات حُجراته، مثل الحُلي المتنوعة المواد والأمشاط ودبابيس الشعر وأدوات التجميل الخاصة بالتزيين والتجميل، كالمَكاحل وقناني العُطور ومواد التزويق الصغيرة وكذلك التحف العاجية النسائية.

بداية الاكتشاف:

بالعودة الى التاريخ فأن أول من تَنبّه الى وجود مَدافن ملكية في مدينة "كالخو" هو عالم الآثار البريطاني "ماكس مالوان"(4) خلال تنقيباته فيها مع "مدرسة الآثار البريطانية في العراق"(5) للفترة 1949_1963، حيث تم الكشف حينها عن مدفنين خاليين ومَنهوبين تحت الحجرة المرقمة (DD) في سجل التنقيبات، التي تقع في الجانب الشرقي من جناح الحريم لقصر الملك "آشورناصربال الثاني"، يعودان حسب ما تبقى فيهما من لقى جنائزية لامرأتين يعاصران في الغالب زمن هذا الملك، وذلك لوجود أسمه منقوشاً على عددٍ من طابوقات جدران المدفنين، ورغم أنه لم يتم التعرف على هوية هاتين المرأتين لعدم ورود أسميهما، لكن طبيعة المدفنين وشكل بنائها وما تبقى فيهما من مواد جنائزية ثمينة، تمثلّت ببعض القطع الذهبية القليلة وعدد من التُحف العاجية الرائعة، يُشير بوضوح الى أنهما كانا من الملكات أو الاميرات، أو ربما من النساء الهامات العاملات ضمن البلاط الملكي أو العائلة المالكة، ومن بينهم المُشرفة على قسم الحريم ومديرة خدماته التي تُسمى بالأكدية الآشورية "شاكينتو" أي "الساكنة"، وكان "مالوان" يتوقع العثور على المزيد من المدافن الأخرى لكن الحظ لم يسعفه في ذلك حتى انتهاء تلك التنقيبات. وبالإضافة الى بقايا هذين المدفنين فقد كشف الآثاريون العراقيون كذلك عام 1978 في محيط معبد الإله "نابو" الذي يُسمى "أيزدا" الكائن في الجنوب الشرقي من المدينة الملكية، على مجموعة قبور بسيطة لم تكن بهيئة مدافن مَبنية، بعضها لأطفال وأخرى لرجال ونساء غير مُحددة شخصياتهم، كما كانت اللقى الجنائزية فيها فقيرة للغاية، مما يُشير الى أن أصحاب هذه القبور كانوا من الكهنة أو العاملين في هذا المعبد أو أولئك المُكرَّسة خدمتهم له، وكان دفنهم في هذا المكان من باب التَبّرك بالإله "نابو" الذي كان يَعدّه العراقيون القدماء إلهاً للثقافة والعلم.
أما المدافن الأربعة موضوع البحث فقد كشف عنها المنقبون العراقيون في جناح الحريم أيضاً من هذا القصر بطريق الصدفة، حيث لم يكن مُخططاً حينها إجراء تنقيبات أثرية في مدينة "كالخو"، وإنما كانت الأعمال الآثارية التي تُجرى فيها حينذاك وقبل التوصل لهذا الاكتشاف تقتصر على صيانة بعض الأقسام المُتداعية لعدد من الأبنية الشاخصة، ومنها بعض أجنحة قصر الملك "أشورناصربال"، وقد استوجبت تلك الأعمال اكمال التنقيب في الحُجرات والمرافق البنائية الغير مُكتملة الحفر، أي إزالة الأنقاض والأتربة منها والوصول حتى تباليط الأرضيات الأصلية، وقد أسفرت هذه الأعمال في ربيع عام 1988 عن أيجاد تَخسّفات مُلفتة للنظر في أرضية الحُجرة المرقمة (MM) في سجل التنقيبات والواقعة في الجانب الشرقي من القسم الجنوبي للقصر، وبعد رفع بلاطاتها لغرض أعادة مُعالجتها، تَبيّن وجود عقادة قبو تحتها تتقدمها فتحة في الأرض مُغطاة بلوح من الحجر، يوجد أسفلها سُلم مُدرّج يؤدي الى حُجرة دفن معقودة السقف، وهنا تم اكتشاف المدفن الأول من مجموعة المدافن هذه، ليُصار إثر ذلك الاكتشاف المُفاجئ الى تغيير خطة العمل الموضوعة كلياً، حيث تم بموجبها تفحّص وتدقيق أرضيات جميع حُجرات ومرافق القصر الأخرى، ليُكشف نتيجتها في الجانب الغربي من القسم الجنوبي للقصر على كلٍ من المدفن الثاني أسفل الحجرة المرقمة (49) والثالث أسفل الحجرة المرقمة (57)، ثم المدفن الرابع أسفل مِرفق بنائي صغير مُلحق بالحجرة المرقمة (71) ضمن الرَدهات الجنوبية من القسم الجنوبي، بعدها تم الكشف في الجانب الشرقي من هذا القسم عن سرداب مُقبب غريب التصميم أسفل الحجرتين المرقمتين (74) و(75)، بالإضافة الى بئر غامضة تقع بالقرب منهما عند ركن الساحة المرقمة (80)، كانت قد احتوت على اكتشافات هامة للغاية سيأتي وصفها والحديث عنها بالتفصيل لاحقاً(6).
ورغم وجود بعض الاختلافات بين هذه المدافن من ناحية الحجم والشكل وطريقة البناء، وكذلك أسلوب تلحيد الموتى فيها وتوجيه أجسادهم ضمن نواويس الدفن المُتباينة الصنع والمادة المعمولة منها، لكنها كانت تتشابه في تصميمها العام، حيث أنها شُيّدت بشكل أقبية مَعقودة مَبنية بالطابوق تحت أرضيات حُجرات السُكنى، يتم النزول إليها عن طريق سُلم مُدرَّج مُشيّد بالطابوق يؤدي الى حُجرة مرور أو رواق صغير يوصل الى حُجرة الدفن، التي تحوي على ناووس سُجيَّ فيه الجسد المَقبور، ومعه تم وضع المواد الجنائزية المتعددة الأنواع والمتنوعة الأغراض من حُلي وأدوات خاصة، يُعتقد بحاجتها في العالم الأسفل (عالم الموت) حسب عقائد سكان وادي الرافدين القدماء.

المدفن الأول:

أكتشف هذا المدفن كما سبق وصف صدفة العثور عليه في ربيع 1988، ليغدو الدافع والمُحّفر لاكتشاف باقي المدافن الأخرى، وقد تم اكتشافه أسفل أرضية الحُجرة المرقمة (MM) عند الجانب الشرقي من القسم الجنوبي للقصر، حيث كانت حُجرة واسعة مستطيلة الشكل تمتد من الشمال الى الجنوب أبعادها 12×6م تقريباً، لها مَدخلان الأول في الجدار الشرقي والآخر في الجدار الجنوبي، ويتمثل مدخل هذا المدفن بفتحة واسعة مربعة الشكل في وسط أرضية الحُجرة طول ضلعها بحدود متر واحد تم تغطيتها بلوح كبير من الحَجر الكلسي، أسفلها سُلم مُدّرج بانحدار رأسي شديد بنفس عرض الفتحة تقريباً مَبني بالطابوق، يوصل مباشرة الى مدخل حُجرة دفن صغيرة مستطيلة الشكل تمتد من الشرق الى الغرب الى الشرق أبعادها 2,5×1,85م، تم بنائها بالطابوق والقار كما بُنيَّ سقفها بشكل قبو نصف دائري ارتفاعه 1,65م يمتد مع امتداد الحُجرة من الشرق الى الغرب، وكان مدخل حُجرة الدفن المتصل بالسُلم المُدرّج ذو عقد نصف دائري في وسط جدارها الجنوبي، ارتفاعه 112سم وعرضه 85سم، تم غلقه بجدار من الطابوق مع قطعة كبيرة من المَرمَر بعد اتمام عملية الدفن.
وقد احتوت حُجرة الدفن على ناووس غاطس بشكل كامل في أرضيتها وملاصق لجدارها الغربي ومُمتد معه من الشمال الى الجنوب، وهو مَصنوع من الفخار بشكل مستطيل بطول 185سم وبعرض70سم وعمق 65سم تقريباً، احتوى هيكل عظمي كان بحالة سيئة للغاية حين اكتشافه، يعود لامرأة في الأربعينات من العمر حسب التحليل المختبري لعظامه، تم تسجيَّتها على الظهر والذراعين مُمدودتين على الجانبين مع إدارة الرأس الى جهة الغرب، ثم تم تغطية الناووس بقطعة كبيرة من الفخار وتثبيتها بالقار بعد إتمام عملية التلحيد، مع وضع العديد من المواد الجنائزية الثمينة المتنوعة فيه الى جانب الجَسد مُعظمها مصنوعة من الذهب، إضافة الى مواد أخرى وجدت على أرضية حجرة الدفن وعند مدخلها، ويُشير وجود الكمية الكبيرة من المواد الجنائزية الثمينة بشكل مؤكد الى مدى عُلو مكانة المرأة صاحبة المدفن التي قد تكون ملكة أو أميرة من العائلة المالكة، لكن للأسف لم يتم تحديد هويتها لعدم وجود أية كتابة أو نقش على جدران المدفن أو عند مدخله تؤكد أو تُثبت شخصيتها، باستثناء نص مسماري قصير مُبهم المعنى مُكون من ثلاثة أسطر، وجد منقوشاً على طابوقة في الجدار الشمالي لحجرة الدفن تُقابل مباشرة مدخلها، يُشير الى الملك "آشورناصربال الثاني"، دُوّن باللغة الأكدية الآشورية وبعلامات رمزية سومرية، من دون أي إيضاح عن علاقة صاحبة المدفن بهذا الملك، حيث جاء فيه..
(قصر آشورناصربال، ملك العالم، ملك بلاد آشور.. أبن توكلتي نينورتا، ملك العالم، ملك بلاد آشور.. أبن أدد نيراري، ملك العالم، ملك بلاد آشور).

المدفن الثاني:

أكتشف هذا المدفن في عام 1989 عند الجانب الغربي من القسم الجنوبي للقصر تحت أرضية الحُجرة المرقمة (49)، التي كانت ذات تخطيط مستطيل تمتد من الشمال الى الجنوب أبعادها 8×4م، ولها مدخل وحيد عند طرف جدارها الغربي، وقد كُشف عنه بعد رفع تباليط أرضية الحُجرة ليظهر حينها سقفين لقبوين متعامدين، الأول طويل يمتد من الشمال الى الجنوب والثاني أقصر من يمتد من الشرق الى الغرب ليُشكل الأثنان معاً ما يُشبه حرف (T) اللاتيني، وعند طرفهما الجنوبي كُشف عن مدخل المدفن في أرضية الحجرة، والذي كان بشكل فتحة كبيرة مستطيلة الشكل أبعادها 116×140سم عُمقها بحدود 120سم تم تغطيتها بلوحين من الحجر الكلسي، أسفلها سُلم مُدّرج كبير مَبني بالطابوق مُكوَّن من خمس درجات عريضة، يؤدي الى حُجرة مدخل مستطيلة الشكل أبعادها 150×230سم يُمثل سقفها القبو الثاني المُمتد من الشرق الى الغرب.
وفي وسط الجدار الغربي لهذه الحُجرة وجدت كوّة صغيرة، عثر داخلها على لوحٍ مسماري من المَرمَر الرمادي نُقش على وجهيه نصاً مسمارياً باللغة الأكدية الآشورية مُكون من ثمانية وعشرين سطراً، يُشير الى صاحة المدفن المُفترضة التي وَرد أسمها فيه بصيغة الملكة "يابا" كما يُمكن أن يُقرأ أيضاً بصيغة "يابايا"، الذي يَعني "الحسناء" أو "الجميلة"، المذكورة في الكتابات الملكية الآشورية بأنها زوجة الملك "تجلاتبلاسر الثالث" 744_727ق.م، ويورد النص المسماري اللعنات والدَعوات على كل من يَعبث بالمدفن وصاحبته، حيث جاء فيه (بتصرف)..
(بأمر الإله "شَمَش" وإلهة العالم الأسفل "أريشكيكَال" والآلهة العِظام "الأنوناكي" التي أقرّت مَصير البشر، قرروا مَصير الملكة "يابا" ووضعوا نهاية لحياتها، لترحل الى العالم الأسفل، وتسافر بطريق أجدادها، أياً كان ما ستأتي به الأيام المقبلة، سواء كانت ملكة تلك التي ستجلس على العَرش، أو (سيدة قصر) أصلها (مَحظيّة ملك)، فأن من يَعبث بقبرها أو بختمها أو يزيل جسدها منه، أو يضع فيه جَسد شخص آخر الى جوارها، أو تَمتد يده الى مَصوغاتها، عسى أن يهيم على وجهه عطشاناً في البراري، وعندما يموت عَسى أن لا تتلقى روحه (القرابين)، من ماءٍ نقي أو نَبيذ أو بيرة أو طحين، وأن تُفرض على روحه القلق والأرق الى الأبد، وأن لا يعرف الراحة (لا في الحياة ولا في الموت)، وأن تَحّل اللعنة الابدية بأرضه وناسه وينتشر الخراب بيهم).
وفي وسط الجدار الشمالي لهذه الحجرة كان المدخل المؤدي الى حُجرة الدفن، الذي كان بارتفاع 110سم وعرض 81سم وعمق 60سم يعلوه عقد نصف دائري وعند أرضيته دكة من الطابوق بارتفاع حوالي 30سم، يتم غلقة بباب متحرك من سفقاتين بشكل لوحين من حجر الحِلان يتم تحريكهما نحو الفتح والأغلاق عن طريق صنارتين حَجريتين في كل جانب، الأولى في الأرضية والثانية في أعلى جدار المدخل، أما حُجرة الدفن التي تم تبليط أرضيتها بطابوق فرشي كبير مربع الشكل، فكانت مستطيلة الشكل ابعادها 275×230سم، يمثل سقفها القبو الأول المُمتد من الشمال الى الجنوب، حيث يرتفع جداريها الشرقي والغربي لحَدّ متر واحد تقريباً ثم تبدأ التقبّية لحدود متر آخر، ليكون بذلك ارتفاع الحُجرة بحدود المترين.
وقد وجد في هذه الحُجرة بعض الجرّار الفخارية من النوع المُخصّص لحفظ السوائل كالماء والزيوت والخمور مُلقاة على أرضيتها، بالإضافة الى عددٍ من المَسارج النحاسية مع قواعدها، كما وجد في وسط كلٍ من جداري الحُجرة الشرقي والغربي كوّتين غائرتين، داخل كل منهما جَرّة مصنوعة من الحجر احتوت كلتاهما على بقايا مواد عضوية، تمثلت ببقايا عظام بشرية في إحداها أما في الأخرى فلم يتم التعرف طبيعتها، كما بَيّنت ذلك الفحوص المختبرية التي أجريّت عليهما في معهد الآثار في لندن، أما ناووس الدفن فقد وضع في نهاية الحُجرة بشكل ظاهر فوق أرضيتها، وموازياً وملاصقاً لجدارها الشمالي، أي أنه يمتد من الشرق الى الغرب، وقد تم نَحته من قطعة واحدة من الحجر الكلسي الأبيض بشكل مستطيل، طوله 230سم وعرضه86سم وارتفاعه 86سم، تم تغطيته بعد اتمام عملية التلحيد بثلاثة ألواح من الحجر الكلسي الأبيض.
وجد الهيكل العظمي لهذه الملكة مُسجّى على الظهر مع امتداد ناووس الدفن وهو بحالٍ سيئة للغاية من التلف والتآكل، ومن امتداد خيوط ملابسها الذهبية أمكن فقط تحديد اتجاه الجسد حيث كان الرأس باتجاه الشرق يعلوه تاج مصنوع من الذهب بغاية الجمال والروعة، وقد تم تقدير عمر هذه الملكة بعد الفحص المُختبري الذي أجري علي هيكلها ما بين الثلاثين والأربعين سنة، وقد كان هناك الكثير من الغموض أحاط هذا المدفن رغم أن شخصية صاحبته قد تم تحديدها كما سبق وبشكل لا لبس فيه استناداً الى اللوح المسماري الذي وجد في حجرة المدخل، وكذلك من خلال الحُلي الذهبية الكثيرة المتنوعة والمُطعمّة من أساور واقراط وقلائد ومعاصم وخواتم وحُجول التي وضعت مع هذه الملكة، ووجد أسمها منقوشاً على معظمها بانها الملكة "يابا".
ويَكمن غموض هذا المدفن وغرابته بوجود بقايا هيكل عظمي آخر لامرأة ثانية، تم وضعه في فترة لاحقة فوق هيكل الملكة "يابا" مباشرة وفي نفس ناووسها، مع كمية كبيرة من المَصوغات والحلي الذهبية التي لا تقل روعة وجمال وتنوع عن ما كان بحوزة الأولى، تم نقش أسم صاحبته على البعض منها بصيغة "الملكة أتاليا"، التي كانت قد وردت في النصوص الآشورية بأنها زوجة الملك "سرجون" (مؤسس السلالة السرجونية)، والذي يبدو أنها توفيت بعمر الثلاثين أو الأربعين أيضاً وبعد حوالي ثلاثين عاماً من موت "يابا"، والغموض هنا يتمثل في تحديد هوية هذه الملكة وسبب دفنها بهذا الشكل، على الرغم من اللعنات والدعوات التي وَردت في نص اللوح المسماري المكتشف في المَدفن ومَدى علاقتها بها، وهل هناك صلة تربط بين الاثنتين؟ قد تكون أبنتها مثلاً؟ ليس هذا فحسب ففي غموض هذا المَدفن جانب آخر، حيث وجد أسماً آخر مَنقوش على بعض المَصوغات التي كانت في ناووس الدفن مع هاتين الملكتين، وَرَد بصيغة الملكة "بانيتو"، والذي يعني باللغة الأكدية الآشورية أيضاَ "الجميلة" أو "الحسناء" زوجة الملك "شلمنصر الخامس" 726_722ق.م أبن الملك "تجلاتبلاسر الثالث"، فمن تكون هذه الملكة وما هي علاقتها بالملكتين "يابا" و"أتاليا"؟ ولماذا وجدت حُليّها من دون جثمانها في هذا المدفن؟ علماً أن بعض الباحثين قد أوردوا رأياً جديراً بالاهتمام في هذا الجانب، مَفاده أن "يابا" و"بانيتو" هما شخص واحد مُستندين في ذلك الى نفس مَعنى الاسمين بالآشورية وهو "الحسناء" أو "الجميلة".
وفوق كل ما تم تقديمه عن غرابة هذا المدفن وصاحباته كان هناك حالة أخرى ملفتة للنظر فيه، هي أن الهيكل الثاني المَنسوب للملكة "أتاليا" كان قد تم تعريضه لحرارة عالية تراوحت ما بين مئتين ومئة وخمسين درجة مئوية قبل دفنه، كما أثبتت ذلك التحاليل المختبرية التي أجريت عليه في معهد الآثار في لندن، وذلك من أجل الحفاظ عليه لأطول فترة مُمكنة من التفسخ والتلف، وهذا يعني بأن وفاة الملكة "أتاليا" قد حصلت في مكان آخر، تم حفظ جسدها عنده بتلك الطريقة لفترة من الزمن، حتى يتم جلبه بعد مدة لا يُعرف أمدها ويُدفن في مدينة "كالخو" الى جانب الملكة "يابا"، وفق ذلك فقد تعددت الآراء التي طرحت بشأن هوية هؤلاء الملكات الثلاث ("يابا"، "أتاليا"، "بانيتو") وطبيعة شخصياتهن، ومدى علاقتهن ببعضهن ومع الملوك الآشوريين المرتبطين بهن أو ضمن العوائل الملكية الحاكمة المنتسبات إليها، لكن جميع تلك الطروحات لم تتفق على رأي حاسم يوضح هذا اللغز.

المدفن الثالث:

يُشابه هذا المدفن الذي أكتشف في صيف عام 1989 من ناحية التصميم البنائي الى حدٍ كبير المدفن الثاني، لذلك يُحتمل كثيراً أنهما قد ِشُيّدا في نفس الفترة الزمنية تقريباً، من جانب آخر يمكن اعتباره أشد المدافن الأربعة المُكتشفة غموضاً وأكثرها غرابة حيث يحق تسميته تسميته "مخزن الأموات" أو "مُستودع الجثث"، وقد تم الكشف عنه كما سبق الذكر تحت ارضية الحُجرة المرقمة (57) في الجانب الغربي من القسم الجنوبي للقصر، حيث أن جدارها الشمالي مُلاصق للجدار الجنوبي للحُجرة المُرقمة (49) التي تعلو المدفن الثاني، وهي حُجرة واسعة ذات تخطيط مستطيل تمتد من الشمال الى الجنوب أبعادها 10×4,15م، رصفت أرضيتها بالطابوق الفرشي المربع الشكل، وتحوي مدخلين الأول في جدارها الشرقي والثاني في جدارها الغربي، عُثر على عددٍ من الألواح المسمارية مُتناثرة على أرضيتها، كما عُثر على جرة كبيرة مدفونة في أحد أركانها بداخلها عدد كبير من الألواح المسمارية التي تحوي كتابات ملكية.
وقد كشف عن مدخل هذا المدفن في الجانب الجنوبي من الحجرة وعلى عمق حوالي 70سم من تبليط أرضيتها، حيث كان مربع الشكل طول ضلعه 120سم، تم تغطيته بعد اتمام عملية الدفن بلوح مربع منحوت من الحجر، أسفله سُلم مُدرج مَبني بالطابوق، وجدت عند الجانب الغربي للدرجة العليا الأولى منه والتي كانت أوسع من باقي الدرجات كوّة مثلثة الشكل، عُثر داخلها على لوح مسماري من الحجر الرمادي، مكتوب بوجهيه بعدة حقول لكن معظم كلماته غير واضحة بعد أن أصابه التلف بسبب الأملاح والرطوبة، كان أهم ما فُهم منه هو أسم صاحبة المدفن بأنها الملكة "موليسو موكنَشّات نينوى" زوجة الملك "آشورناصربال الثاني" وأم الملك "شلمنصر الثالث"، وهذا السُلم يؤدي الى حُجرة مدخل مستطيلة الشكل أبعادها 2,10×1,38م، تمتد من الشمال الى الجنوب، رُصفت أرضيتها بالطابوق الفرشي المربع الشكل وتم تسقيفها بشكل قبو نصف دائري يتجاوز ارتفاعه المترين، في أعلى جداريها الشرقي والغربي كوَّتين صغيرتين غائرتين، وضع داخل كوَّة الجدار الغربي مَسرجة من البرونز أما في كوة الجدار الشرقي فقد وضع أناء صغير مستطيل الشكل مَنحوت من الحجر، ربما كان مُخصصاً لحرق البخور أو مواد أخرى تستعمل عند مُمارسة الطقوس الجنائزية.
وجدت حُجرة المدخل عند الكشف عنها مُمتلئة بالأطيان لارتفاع يزيد على المتر جلبتها الأمطار والسيول على مدى الزمن، ليُكشف بعد أزالتها وتنظيف الحجرة حتى أرضيتها عن ثلاثة نواويس متشابهة الشكل متباينة القياس مصنوعة من النحاس، وهي تُشابه الى حدٍ بعيد حوض الاستحمام المنزلي "البانيو" حيث يكون أحد جوانبها مستوي والآخر بشكل نصف دائري مع وجود أربع عُرى على الجوانب لغرض الحمل، وقد كان أثنان من النواويس بجانب الجدار الشرقي أحدهما فوق الآخر، احتوى العلوي منهما المُرقّم (1) في سجل التنقيبات والذي كان بطول 130سم وعرض 59سم وارتفاع 57سم، على بقايا عظام مُفتتة ومتشظية لامرأة وعدد من الأطفال الصغار، بالإضافة الى كمية من المَصوغات والحلي الذهبية، من دون أية إشارة الى هوية هذه المرأة أو الأطفال الموضوعين معها الذين يُعتقد في الغالب أنهم أبنائها. أما الناووس الموضوع أسفل الناووس المرقم (1) والذي تَم ترقيمه (2) في سجل التنقيبات، فقد كان بطول 130سم وعرض49سم وارتفاع 57سم، فقد تم وضعه باتجاه معاكس للعلوي، وقد ضَّم هيكل لأمرة مع كمية كبيرة من المصوغات والحلي الذهبية، من بينها تاج ذهبي في منتهى الروعة والجمال، بالإضافة الى ختم منبسط مصنوع من الذهب ذو شكل مُميّز يشبه الجَرس، يحمل صورة جميلة التصميم تظهر فيها امرأة تقف في حالة خضوع أمام الإلهة عشتار، ومن خلاله أمكن معرفة هوية وشخصية هذه المرأة، حيث تم نقش أسمها على حافة الختم بصيغة الملكة "هاما"، التي لم يتم تحديد شخصيتها تماماً وفق العوائل أو السلالات الآشورية الحاكمة أو فترتها الزمنية.
وكان الناووس الثالث المُرَقّم (3) في سجل التنقيبات أكبر من الأثنين السابقين، حيث كان بطول147سم وعرض 68سم وارتفاع58سم وقد تم وضعه بجانب الجدار الغربي لحُجرة المدخل، وكان أكثر غرابة من سابقيه حيث احتوى كمية كبيرة من العظام المُختلطة مع بعضها ولم تكن هياكل عظمية كاملة، تمثل أجساداً لرجال ونساء مَجهولي الهوية قُدّر عددهم من دون تأكيد بستة عشر شخصاً، وقد عثر مع بقايا هذه المُخلفات العظمية على عدد من الأختام الأسطوانية والمُنبسطة أمكن من خلالها تحديد أسماء وشخصيات بعض من أصحابها على أنهم كانوا في خدمة البلاط الأشوري من سُعاة وطهاة وقادة للجيش، ويبدو أن هؤلاء قد توفوا خلال فترات متفرقة من الزمن، حيث جرى دفنهم أول الأمر في أماكن بعيدة ثم جُمعت بقاياهم العظمية ووضعت داخل هذا الناووس ثم أودعوه الى جانب حجرة دفن هذه الملكة، ولا يُعرف السبب في ذلك حيث لا توجد أية علاقة تربطهم بها أو مع بعضهم البعض، من جانب آخر وكما يبدو من الأسماء والإشارات الواردة في تلك الأختام مثل أسماء بعض الملوك فأن أصحاب هذه البقايا العظمية لم يعيشوا في فترة زمنية واحدة، وإنما خلال حُقب وفترات مُتباينة، إذ أن بعضهم يعود زمنه الى عهد الملك "شلمنصر الرابع" 782_773ق.م، والبعض يعود الملك "سرجون" مؤسس السلالة السرجونية، أي لفترات لاحقة بعيدة عن زمن الملكة "موليسو موكنشّات نينوى"، تمتد من مئة الى مئة وخمسين عاماً بعد موتها.
وتؤدي حُجرة المدخل الأمامية هذه بدورها عبر مدخل في وسط جدارها الشمالي الى حُجرة الدفن الرئيسية في هذا المدفن، وهذا المدخل ذو عقد نصف دائري تقريباً ارتفاعه 1,8م م وعرضه 1,5م، يتم فتحة واغلاقه بباب من سفاقتين منحوتتين من حجر الحّلان الأبيض، كل واحدة منهما بارتفاع 1,9م وعرض82سم، وتستند كل واحدة من هاتين السفاقتين على سنارتين من الحجر، الأولى في الأرضية والأخرى على جانب عقد المدخل وبشكل يشبه كثيراً تصميم المدفن الثاني.
كانت حُجرة الدفن مستطيلة الشكل تمتد من الشمال الى الجنوب بطول 3,8م وعرض 1,6م، تم تسقيفها بشكل قبو ذو عقد مدبب الشكل تقريباً، يرتفع عن أرضية الحجرة بحدود المترين ويرتبط جانبه بعقادة قبو حجرة المدخل، وكان في وسط جداري الحجرة الشرقي والغربي ومع مستوى الأرضية تقريباً كوَّتين غائرتين وجدتنا خاليتين، أما في أعلى الجدار الشمالي فقد كانت كوَّة أخرى عثر داخلها على جرَّة من الفخار كانت مملوءة بالماء غالباً، وفي وسط الحُجرة وضع ناووس الدفن بشكل غاطس في أرضيتها متوجهاً مع امتدادها من الشمال الجنوب، وهو منحوت بحجم كبير من قطعة واحدة من الحجر الرَملي رمادي اللون بشكل مستطيل طوله2,38م وعرضه1,32م وعمقه 1,25م، تم تغطيّته بلوح كبير منحوت من نفس نوع الحجر وبذات قياس أبعاده وبسمك 13سم، تم نحته بشكل رشيق بمقابض وعري جانية وسطحية لغرض الحمل والتحريك، ويرى عدد من الباحثين المُختَّصين بالحضارة المصرية القديمة، بأن شكل هذا الناووس وتصميم غطائه يشابه الى حدٍ بعيد نواويس مدافن عصر المملكة الأخيرة في وادي النيل 1090_663ق.م، المعاصرة لفترة العصر الآشوري الحديث 911_612ق.م، وقد تم نقش نص مسماري طويل على أحد جانبي الغطاء مُكوَّن من خمسة حقول، وَرد فيه كما في لوح الملكة "يابا" سابق الذكر، لعنات ودعوات الملكة "موليسو موكنشّات نينوى" على كل من يَعبث بالمدفن وصاحبته، ويبدو أنه نسخة مُقاربة المَضمون لما وَرد في اللوح المساري الحجري التالف الذي تم العثور عليه عند مدخل المدفن، حيث يذُكر النص (بتصرف)..
("موليسو موكنشّات نينوى"، ملكة "آشورناصربال" ملك "اشور"، أم "شلمنصر" ملك "آشور"، ابنة "آشور نركا دايني" (كبير سقاة) "آشورناصربال" ملك "اشور".. لا يجوز لأي شخص في وقت لاحق أن يضع في هذا المدفن أي شخص آخر سواء كانت سيدة القصر أو ملكة، ولا يجوز لأحد إزالة هذا الناووس من مكانه.. وأي شخص يرفع هذا الناووس من مكانه أو يزيل الكفن والزيت (عن جسدها) ويسلب عرشها من أمام ظِلال الموتى، ولا يقدم لها الأضاحي (الخِراف)، عسى أن لا تتلقى روحه (في العالم الأسفل) الخبز والقرابين الجنائزية مثل أرواح الآخرين من (الآلهة المقدسة) "شَمَش" و"أريشكيكَال").
لقد وجدت حُجرة الدفن الكبيرة هذه خالية تماماً سواء من جَسد الملكة أو المواد الجنائزية المُفترض وضعها الى جانبها في الحُجرة أو الناووس، وفي الغالب أن المدفن كان تعرض الى السرقة من قبل اللصوص والسُراق، خلال العصور القديمة أو أثناء سقوط المدينة من قبل الغزاة البابليين والكلديين عام 612ق.م، وما يدعو الى افتراض هذا الرأي أن الجانب الشمالي من عقادة سقف الحُجرة قد وجد مُهدماً وطابوقه مُتساقط، كما أن غطاء الناووس وجد مُكسّراً الى عدة قطع، ويبدو أيضاً أن اللصوص المفترضين لم يتمكنوا من النفاذ الى حجرة مدخل المدفن الأمامية بسبب الباب الحجري الصلب الذي كان يُغلقها، حيث وجدت النواويس البرونزية الثلاثة من قبل المنقبين سليمة في محلها لم تُمس أو يتم سرقتها، لتقتصر السرقة حينها على حجرة الدفن فقط، ومن الآراء الأخرى في هذا الجانب تذهب الى أن هذا المدفن لم تتم فيه إجراءات الدفن وأن هذه الملكة قد تم دفنها في مكان آخر، وهذا الرأي ضعيف لا يُعتّد به بدليل وجود اللوح المسماري وكذلك الجرَّة الفخارية في كوة الجدار الشمالي من حجرة الدفن، التي لابد أنها وضعت مع باقي المواد الجنائزية (المسروقة) خلال تنفيذ إجراءات الدفن الفعلية، وهي كل ما تبّقى من تلك المواد داخل المدفن الى جانب هذه الملكة.

المدفن الرابع:

كان المدفن الرابع أفقر المدافن الأربعة المكتشفة من ناحية اللقى والمواد الجنائزية فيه، والتي لم تكن تتعدى قطع قليلة من الحُلي النحاسية والاواني الفضية والبرونزية، كما لم يتم تحديد هوية المرأة المدفونة فيه، لعدم العثور على أية كتابات داخله سواء على جدرانه أو على الواح مسمارية تم وضعها مع المواد الجنائزية تذكر أسمها أو تُشير الى شخصيتها، لكن طبيعة المَدفن وتصميمه تُرجح أن تكون صاحبته أميرة لعائلة ملكية أو امرأة ذات شـأن هام في البلاط الآشوري او ربما غير ذلك، كما أن تصميمه يختلف عن باقي المدافن الأخرى رغم اعتماد نفس العناصر البنائية الرئيسة التي جَرى تنفيذها في المدافن الثلاثة السابقة، وقد تم اكتشافه عام 1990 تحت أرضية مرفق بنائي صغير يقع وسط المَلاحق البنائية الجنوبية من القسم الجنوبي للقصر، وهو ذو شكل مستطيل يمتد من الشرق الى الغرب بطول 4,2م وعرض 3م تقريباً، له مدخل وحيد في ركنه الجنوبي الغربي ينفذ الى رواق صغير يؤدي الى الحُجرة المرقمة (71).
تمثلت فتحة هذا المدفن التي كشف عنها بعد رفع بلاطات أرضية المرفق، بمَمر طويل يمتد من الشمال الى الجنوب بطول 2,5م وعرض 90سم، تم تغطيته بعد اتمام عملية الدفن بأربعة ألواح من حجر الحلان منحوتة بشكل مستطيل، قياس كل واحدة منها 1م×75سم رصفت واحدة بجانب الأخرى، الجانب الشمالي من المَمَر كان عبارة عن سُلم مُدرّج يتكون من عدة درجات يوصل الى جانبه الجنوبي المتمثل بأشبه برواق مدخل مربع الشكل تقريباً طول ضلعه بحدود متر واحد، وعمقه عن أرضية الحُجرة بحدود 1,8م، تم رصف أرضيته بالطابوق الفرشي المتباين الشكل بين مربع ومستطيل، الى جانبه الشرقي (يسار النازل) مدخل حُجرة الدفن، الذي كان يعلوه عقد نصف دائري بارتفاع 1,75م تقريباً، أما عرضه فقد كان بعرض 76سم وعمقه بحدود متر واحد، عثر عنده على ستة ألواح من الحجر موضوعة بشكل شرائح مرصوفة واحدة بجانب الأخرى، أي أن النازل لحُجرة الدفن عليه الالتفاف والانحراف الى جهة اليسار (الشرق) للوصول إليها، ليُشّكل كل من المَمر وحُجرة الدفن ما يَشبه حرف (U) اللاتيني، أي لم يعتمد أسلوب بناء المدافن السابقة حيث تكون أقسام المدفن من رواق أو حجرة المدخل والمدخل وحجرة الدفن بشكل مستقيم متوال واحد بعد الآخر، ويرجع السبب في استخدام البنّاء لهذا الأسلوب الذكي هو صغر حجم مساحة المرفق العلوي قياساً الى حجرات المدافن السابقة، لذلك أعتمد هذا الأسلوب مُستفيداً من فكرة قديمة ابتكرها المعماريون العراقيون القدماء منذ أواسط الألف الرابع قبل الميلاد، متمثلة بالسلالم المُدرَّجة اللولبية والتي يتم فيها المُقاربة بين مقدار المساحة ونسبة الارتفاع.
أما حُجرة الدفن فقد كانت مربعة الشكل طول ضلعها 2,88م، تنخفض أرضيتها المَرصوفة بالطابوق الفرشي المربع الشكل عن ارضية الرواق الموصل إليها بحدود 50سم، تم تسقيفها بشكل قبو نصف دائري يمتد من الشرق الى الغرب ارتفاعه بحدود 1,74م، وجدت في وسط كلٍ من جداريها الشرقي والغربي كوَّتين كبيرتين غائرتين، عثر داخل أحدى كوَّتي الجدار الغربي على جرَّة فخارية مُزججّة كما عُثر داخل الثانية على جرَّة فخارية مزججّة أيضاً بالإضافة مسرجتين كبيرتين من البرونز، أما كوَّتا الجدار الشرقي فقد كانت أحداهما خالية والثانية عُثر داخلها على أربع قوارير منحوتة بشكل فني جميل من الرُخام الأبيض، وقد وضع ناووس الدفن بشكل ظاهر موازياً وملاصقاً للجدار الشمالي لحُجرة الدفن مُمتداً من الشرق الى الغرب، وقد تم صُنعه من الفخار بشكل مستطيل، بطول 205سم وعرض 90سم وارتفاع 78سم وسمك 8سم، تم تزيينه بأسلوب زخرفة العمارة العراقية القديمة المعروف بـ(الدخلات والطلعات) مع أحاطته بثلاثة أفاريز بارزة، الأول عند الأسفل والثاني في الوسط والثالث في الأعلى، وقد تمت تغطية الناووس بعد اتمام عملية الدفن بأربعة ألواح مستطيلة من الحجر كل منها بطول 82سم وعرض 48سم وسمك 7سم.
عُثر داخل الناووس على بقايا عظام مُفتتة ومتناثرة بشكل مُلفت للنظر وعدد من الأسنان مع جزء من الفك السفلي، وكذلك على بقايا نسيج مُهترئ هو كل ما تبقى من ملابس الجثة المُلحدَّة أو الكفن الذي لُفت به، وقد بيّنت التحاليل المختبرية التي أجريت على البقايا العظمية أنها تعود لامرأة في حدود الخمسين من العمر، كما أمكن من خلال ملاحظة امتداد فتات العظام المُتبقية آثارها في الناووس تحديد وضع الجسد بأنه كان مُمداً على الظهر من الشرق الى الغرب، ومن مكان أقراط الأذنين والقلائد تم معرفة اتجاه الرأس بأنه كان نحو الشرق. أما اللقى الجنائزية داخل الناووس فقد كانت قليلة جداً تمثلتً ببعض الحُلي البسيطة المصنوعة من الفضة والنحاس مع خاتم صغير واحد من الذهب، وبشكل لا يتناسب مع شكل المدفن وطبيعة بنائه، مما يُشير الى أن المدفن قد تَعرض للسرقة والجسد للتنكيل والتجاوز، ويتضح ذلك من حال الألواح الحجرية الموضوعة عند المدخل، والتي كانت في الغالب بهيئة باب تُغطي مدخل حُجرة الدفن بشكل كامل، تم رَفعها لغرض دخول حُجرة المدفن ثم بعد نهب محتوياته والعبث به تُركت مُلقاة بهذا الشكل الذي وجدت عليه، كما أن تناثر عظام المرأة وتفتتها غير الطبيعي يُشير الى انتزاع اللصوص لحُليها من جسدها انتزاعاً مما أدى الى تهشّم هيكلها.
وبالإضافة الى المدافن الأربعة السابقة فقد كُشف كذلك في عام 1992 على بقايا مدفن آخر تحت الحُجرة المرقمة (69) في سجل التنقيبات، الكائنة عند الحافة الجنوبية من القسم الجنوبي للقصر، لكن لم يتبقى من هذا المدفن والحُجرة التي تعلوه شيء، حيث أزيل بالكامل عبر الزمن ولم تعد تُعرف تفاصيله البنائية أو شكل تصميمه، ولم يتبق منه سوى ناووس مُهشّم مستطيل الشكل مصنوع من الفخار مدفون في أرضية حُجرة الدفن الى جانب بقايا أحد جدرانها المَبنيّة بالطابوق، ولم يكن فيه سوى بقايا عظام مُفتتة مع عدد من الجرار الفخارية وبعض اللقى الجنائزية التي تُشير رغم قلتها الى أن المدفن كان يعود لامرأة، وبالطبع لم يتم تحديد شخصيتها لعدم وجود أية إشارة الى هويتها.

تفسير المدافن:

لقد تمت العديد من الدراسات الهامة في المؤسسات العلمية لكل من بريطانيا والمانيا وامريكا وايطاليا، تناولت هذه المدافن وصاحباتها وكذلك اللقى الأثرية الثمينة التي تم العثور عليها فيها، كما تم اجراء دراسات طبية ومختبرية على البقايا العظمية لهؤلاء النسوة المقبورات، وكذلك تحليل النصوص المسمارية التي عثر عليها داخلها بعد ترجمتها ومعرفة المقصود من رمزية عباراتها، لتتعدد على أثرها الآراء في تفسير وجود هذه المدافن في مدينة "كالخو"، والسبب الذي دعا الى دفن هؤلاء الملكات والأميرات المفترضات في هذه المدينة وداخل هذا القصر تحديداً، رغم التقاليد والاعراف الآشورية المُتزمتة الى درجة التعصّب، والتي تقضي بدفن افراد العوائل المالكة من ملوك وملكات وأمراء وأميرات، في عاصمتهم الأولى ومدينتهم المقدسة "آشور" باعتبارها مَقراً لإلههم القومي، داخل مدافن مبنية خاصة تقع ضمن منطقة معبد الإله "آشور"، لكن رغم تعدد تلك الآراء وكثرتها وتباينها لكنها تكاد تَجمع على أن هذه المدافن كانت حالة خاصة جداً ومحدودة في التاريخ الآشوري، لذلك ليس من المؤمل العثور على المزيد منها مُستقبلاً.
والرأي المُرَّجح أن صاحبات هذه المدافن واللواتي أطلق عليهن في النصوص المسمارية الآشورية مصطلح سومري خاص يُقارب في المفهوم لقب "ملكة" هو "مي أي كَال" الذي يعني حرفياً "سيدة قصر" ويقابله بنفس المعنى بالأكدية مصطلح "سيكريت أيكالي" الذي يُشير بدلالة رمزية الى امرأة مُقرّبة من الملك تُمثل "محظية الملك الأولى" أو "قرينة الملك المُفضلة"، وهذه المرأة قد تم تحديد شخصيتها بمصطلحين واضحين بالأكدية الآشورية هما "نرانتو" و"هيرتو"، وهنا تكمّن حقيقة الالتباس الحاصل في تحديد هويات صاحبات هذه المدافن بكونهن ملكات، لكن في ذات الوقت يَتمهد السبيل لمعرفة حقيقة شخصياتهم، حيث يُمكن من خلال تفسير هذه المصطلحات والتسميّات الواردة القول، بأن هؤلاء الدفينات كنَّ زوجات ثانويات للملوك ولم يَكنَّ ملكات بالمَعنى الحرفي للكلمة، إذ تعّد مَرتبتهن ضمن البلاط الملكي أدنى من الملكات الرئيسيات وباقي نساء العائلة المالكة لكن بدرجة أعلى من الجواري والمحظيات الأخريات، حيث أنهن لم يَكنَّ من العوائل الملكية الآشورية الأصيلة، وانما كنّ في الغالب سبايا تم جلبّهن من بلدان أخرى غزتها الجيوش الآشورية، مثل بلاد الشام وايران وأسيا الصغرى، أو كان ارتباطهن بالملك أو ولي عهده قد تم بشكل مُصاهرة سياسية بينهم وبين حكام وأمراء الأقاليم التي أخضعتها الدولة الآشورية لسيطرتها من أجل ضمان ولائها وطاعتها وعدم تمردها، لذلك لم يُراد لهن المُساواة مع الملكات الأصيلات ذوات النسب والحسب الآشوري العريق، اللواتي يُطلق عليهن فقط لقب "شراتو" أي "الملكة"، بالإضافة الى لقب خاص آخر هو "آشات شَري" بمعنى "الملكة الأم" أي "الملكة أم ولي العهد/الملك القادم"، الذي يُقابله بالسومرية مصطلح "آما لوكَال"، وهؤلاء فقط كان لهن الحق بأن يتم دفنهن في العاصمة المُقدسة "أشور".
ويمكن تفسير هالة التعظيم المَمنوحة لهؤلاء الملكات الثانويات في تشييد مدافن خاصة لهن بتصميم وبناء مُميز تحت حُجرات القصر الملكي تحديداً وليس في مكان آخر بعيد، مع وضع كميات كبيرة من المواد الجنائزية الثمينة داخلها، بأنها تتعلق بدافع الود الذي يَكنّه الملوك الآشوريين تجاه زوجاتهم الثانويات ومحظياتهم المُقرّبات وتعلقهم بهن، حيث أراد الملوك الآشوريين من ذلك أن يكونوا قريبين منهنَّ، أي أن الأمر يذهب غالباً بالجانب العاطفي أكثر منه ترابطاً بالجانب العقائدي أو الرَسمي، وهذا الشيء وَضحّته بشكل كبير أدبيات النصوص الملكية الآشورية، وما يؤيد ذلك وحسب تلك النصوص فأن أثنين من هؤلاء الدفينات قد غدوّن في الغالب بعد موت أزواجهن الملوك مَحظيات لأولادهم باعتبارهن سبايا مملوكات، يتم توارثهن أسوة بباقي المُمتلكات والجواري، ومن هذا الرأي يمكن تأكيد شخصية "يابا" (محظيّة) الملك "تجلاتبلاسر الثالث" أنها نفسها "بانيتو" بعد أن أصبحت (محظيّة) الملك "شلمنصر الخامس"، وذلك وفق التفسير الذي سبق ذكره المُستند الى تطابق مَعنى الاسمين بالآشورية وهو "الحسناء" أو "الجميلة"، ونفس الحال يكون مع "موليسو موكنشّات نينوى" التي غدَت محظيّة الملك "شلمنصر الثالث" بعد أن كانت قبلاً مُلكاً لأبيه "أشور ناصربال الثاني"، حيث أنها وَردت في نصوص ملكية لاحقة بهويةٍ مغايرة تماماَ هي زوجة الملك "شلمنصر الثالث" وليست والدته كما وَرد وفق النص المنقوش في مدفنها، والذي ذُكر فيه أيضاً بانها (أبنة كبير السقاة) أي أنها لم تكن من أصل العائلة الملكية وانما من ضمن فريق العاملين على خدمتها.
ومن الآراء الأخرى الجديرة بالبحث والتقصي أيضاً بشأن تلك المدافن، هو أن عمليات دفن تلكم النسوة (الملكات) في مدافن خاصة تحت حجرات القصر الملكي، قد جَرت في ظروف استثنائية غير طبيعية مَرّت بها الدولة الآشورية، فرضتها تقلبات الأوضاع السياسية التي كانت ترافقها بشكل دائم مُستمر، بسبب الحروب العنيفة و الانقلابات الدموية المتكررة التي كانت تحدث بين فترة وأخرى من أجل السيطرة على السلطة والعرش، وذلك يؤدي أحياناً الى استقلال مدينة " آشور" وعَزلها عن باقي المدن الاشورية، وهذا كان من شأنه بالتأكيد أن يمنع الذهاب الى تلك المدينة المقدسة التي تقع الى الجنوب من "كالخو" بمسافة حوالي تسعين كيلومتراً، لأجراء عمليات الدفن الملكية بمَراسيمها الرسمية المُعقدة هناك مع طقوسها الدينية اللازمة، مما كان يضطر العائلة الملكية أحياناً وفقاً لتلك الظروف القاهرة والاستثنائية الى دفن موتاها تحت أرضيات القصر الملكي في "كالخو" ولو بشكل مؤقت، على أمل تَغيّر الأوضاع الطارئة وتَحسّنها فيما بعد ليتم حينها نقل الجثامين الى "آشور"، وربما هذا ما يُفسّر سِر حفظ رفات الملكة "هاما" وكذلك بقايا عظام الأشخاص المجهولين الآخرين داخل نواويس مفتوحة في المدفن الثالث، وكذلك سبب دفن الملكة "أتاليا" الى جوار الملكة "يابا" في المدفن الثاني.

السرداب الغريب وبئر الجثث:

كان الاكتشاف الغريب الآخر والذي لا يقل أهمية عن المدافن الأربعة من الناحية الآثارية والتاريخية، هو ما كشف عنه الآثاريون العراقيون خلال تنقيباتهم في القصر الشمالي الغربي عام 1992، وهُم بطريق تتبعهم وسِبرهم أرضيات باقي مَرافق القصر الشمالي الغربي الأخرى متأملين العثور على مدافن أخرى فيه، ليكشفوا عندها تحت أرضية الحُجرتين المرقمتين (74) و(75) الكائنتين في الجانب الشرقي من القسم الجنوبي للقصر، عن سرداب غريب التصميم والبناء مُشيّد بالطابوق على عمق حوالي 1,5م أسفل أرضيتي الحُجرتين، وهو مُكوَّن من قسمين، الأول يتمثل برواق ضيّق طويل طوله 9م وعرضه 1,5م، رُصفت أرضيته بالطابوق الفرشي المربع الشكل، يقع تحت أرضية الحُجرة (74) ويُماثل تخطيطها ومساحتها ويمتد مع امتدادها من الشرق الى الغرب، بُنيَّ سقفه بشكل قبو ذو عقد مدبب ارتفاعه بحدود 1,6م، له مدخلان الأول من الجانب الغربي على هيئة فتحة مربعة الشكل في أرضية الحُجرة طول ضلعها متر واحد، تشابه الى حدٍ بعيد فتحات مداخل المدافن السابقة، يتم غلقها بتغطيتها بلوح كبير مربع الشكل منحوت من الحجر، لكن لم يكن أسفلها أية مدّرجات لغرض النزول بواسطتها الى أرضية الرواق، أما الثاني فقد كان في الجدار الشرقي للرواق، ويتمثل بفتحة ضيقة في وسط الجدار وتعلو عن أرضية الرواق بحدود 30سم، تؤدي الى مَمر ضيق معقود سقفه بشكل مثلث عرضه 90سم وطوله 2,5م ولا يتعدى ارتفاعه متر واحد، يؤدي في نهايته الى فتحة صغرة ذات عقد مثلث في الجدار الشرقي للحجرة (74) تطل على الخارج وتعلو عن ارضية المَمَر بحدود 1,5م، يتم غلقها بواسطة لوح حجري كبير وثقيل.
وفي بداية ووسط ونهاية الجدار الجنوبي لهذا الرواق، يوجد مداخل ثلاثة ممرات متوازية واطئة ومتماثلة البناء، حيث أنها ذات عقد نصف دائري لا يزيد ارتفاع كل منها عن 1,3م، كل منها بطول 1,5م وعرض 90سم، يؤدي كل واحد من هذه المَمرات الثلاثة الى حُجرة صغيرة تماثل الاثنتان الأخريات تماماً في الحجم والتخطيط وتوازيهما في الامتداد، بحيث تكون واحدة بجانب الأخرى ومَعزولة عنها بجدار سميك، تقع جميعها تحت أرضية الحُجرة (75)، وكل واحدة من هذه الحُجرات الثلاث كانت بشكل قبو نصف دائري ارتفاعه بحدود1,3م، ذو تخطيط مستطيل يمتد من الشمال الى الجنوب بطول 3,5م وعرض2,3م، أما أرضياتها فقد رصفت بالطابوق الفرشي المربع الشكل، لتُشّكل الحُجرات الثلاث التي تم ترقيمها في سجل التنقيبات على التوالي من الغرب الى الشرق بالحروف اللاتينية (A) و(B) و(C) مع الرواق الموصل إليها ما يُشبه حرف (E) اللاتيني.
وقد عثر داخل الرواق والحُجرات الثلاث على بقايا عظام وبعض الأغراض والمتاع الشخصية، وكذلك على عدد من الكؤوس الزجاجية وبعض الجرار والاواني الفخارية السَمجة الصنع، وعدد من الأختام الأسطوانية والمنبسطة، يُشير أسلوب نقش صورها بعائديتها الى فترة العصر الآشوري الحديث 911_612ق.م، مما أعطى انطباعاً أولياً لدى المنقبين حين تم الكشف عن هذا السرداب الغريب بلقاه الأثرية القليلة البسيطة، بأنه مدفن مَلكي هو الآخر كحال المدافن السابقة، لتشابه أسلوب بنائها واحتوائه على نفس العناصر المعمارية المنفذة في بناء المدافن السابقة، المُتمثلة بفتحة مدخل أسفل حجرة علوية تؤدي الى رواق يوصل الى حجرة دفن، لكن عدم وجود نواويس داخلها لحفظ جثامين الموتى أبعد هذا الرأي، لتظل طبيعة هذه الحُجرات مع رواقها والغاية منها غير معروفة فترة من الزمن، رغم أن تصميمهما كان في الغالب واستناداً الى نماذج مُماثلة كشف عنها داخل عدد من القصور الملكية في بعض مدن العراق القديم، يُشير الى أنها بُنيَّت بالأساس عند تشييد هذا القصر لغرض تخزين جرار السوائل وبالأخص الخمور من أجل الحفاظ على برودتها، ويُمكن استبيان ذلك من خلال درجة برودة المكان ونسبة الرطوبة المرتفعة فيه، خاصة أنها تقع أسفل الحُجرتين (74) و(75) بتصميمهما وتخطيطهما المُميّز، ووقوعهما ضمن مجموعة المرافق الخدمية عند أطراف القصر الجنوبية الشرقية وإطلالتهما بذات الوقت بمدخل واسع على ساحة كبيرة مكشوفة تم ترقيمها في سجلات التنقيبات بالرقم (80)، والتي كانت تُخصص وفق مبادئ العمارة العراقية القديمة لأداء الأعمال اليومية حسب احتياجات الساكنين، مثل إعداد الأطعمة وتجهيز الخبز وما شابه ذلك، بالإضافة الى جعلها مَثابة لتربية الحيوانات والطيور الداجة وحفظ المؤن وأدوات العمل.
ليُكشف النقاب عن لغز هذا السرداب وسر غموضه برواقه ومداخله وحُجراته الثلاث فيما بعد، وبماذا تم استخدامه بعيداً عن غايته الأصلية التي شُيّد من أجلها أول الأمر، وذلك حين تم إجراء تنقيبات صعبة للغاية من قبل الآثاريين العراقيين في عام 1992 داخل بئر كبيرة قطر فوهتها 1,7م وعمقها بحدود 26م، تم الكشف عنها عند الركن الجنوبي الشرقي من الساحة (80)، وتبعد عن الحُجرتين (74) و(75) بحدود 20م، وقد أسفرت تلك التنقيبات المُضنيّة التي أستمرت لما يقارب الخمسة عشر يوماً من العمل الدؤوب المتواصل في هذه البئر وحتى أقصى أعماقها السحيقة عن اكتشافات غريبة للغاية(7)، تمثلت بالعثور على عشرات الهياكل العظمية، وجدت بشكل أكوام مُكدّسة فوق بعضها البعض وعلى أعماق مختلفة تم تحديدها بأربعة مُستويات، تفصل الكومة الواحدة عن الأخرى طبقة سميكة من الترسبات الطينية، حيث كانت الكومة الأولى على عمق 7م من سطح البئر والثانية على عمق 12م والثالثة على عمق 16م أما الرابعة والأخيرة فقد كانت على عمق أكثر من 21م، لتغدو هذه البئر بهيئة مقبرة جماعية بكل معنى الكلمة، حيث قُدّر عدد الأشخاص الذين تم القائهم في البئر من خلال تحديد كمية العظام التالفة وبقايا الأجساد المُهترئة والمُفتتة، وعدد الجماجم المُستظهرة وما تم استخراجه من هياكل عظمية كاملة ما بين 170 و200 فرداً، أثبتت الفحوص الطبية والمختبرية أنهم جميعاً من الرجال ليس هناك من نساء بينهم، إضافة الى عدد من الهياكل تعود لأطفال صغار، كما بيّنت تلك الفحوص من خلال طبيعة الأسنان وشكل وقوة العظام بأن اصحاب تلك الهياكل كانوا أصحّاء البُنية تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة.
وكان الشيء الملفت للنظر بشكل كبير ومواز لغرابة إلقاء هؤلاء الأشخاص في هذه البئر، أن أيادي عدد كبير من هذه الهياكل كانت مُقيّدة بأصفاد حديدية أو سلاسل ثقيلة، بالإضافة الى أن بعضاً منها كان الى جانب أياديه وأرجله قطع أحجار مع بقايا حبال، كما أن قسماً منها قد انغرست بين اضلعه رؤوس سهام أو نِصال خناجر، مما يُشير بوضوح تام الى أن أصحاب هذه الهياكل قد جرى تقييدهم ثم اعدامهم ورميهم في هذه البئر، بعد أن رُبطت أجساد عددٍ منهم بقطع من الحجارة الثقيلة، كما وجدت في بعض الجماجم عدداً من الثقوب، وأيضاً لوحظ العديد من عظام الأرجل والأيدي فيها كسور، مما يُبيّن حدوث عمليات تمثيل جسدي بشُخوصها عن طريق تهشيم وتثقيب الرؤوس وتكسير الأطراف، كما كانت بعض الهياكل متفحمة الى جانب كتل أخشاب محترقة، بالإضافة الى أن عدداً من عظام العنق كانت مكسورة، مما يدل على أن بعض عمليات الإعدام قد تمت عند طريق الخنق والحرق والأجساد مصلوبة على اعمدة خشبية، وهذا يؤكد أن هؤلاء لم يتم اعدامهم بطريقة أو أسلوب واحد، والشيء المُلفت أن العديد من هؤلاء قد تمت تصفيتهم مع لوازمهم الشخصية، مثل الحلي المُصاغة من الذهب والفضة والبرونز والنحاس مثل الخواتم والأساور والقلائد، بالإضافة الى الأختام الأسطوانية والمنبسطة المصنوعة من الذهب والأحجار الكريمة، وهي مُشابهة ومُقاربة الى حدٍ كبير من الناحية التصميم وأسلوب الصنع والنقش لتلك التي وجدت في السرداب.
أن السؤال الذي يتم طرحه عن هذا الاكتشاف الغامض هو من هم هؤلاء المَغدورين؟ بالطبع الاجابة على هذا التساؤل ليس بالأمر السهل، والسبب هو عدم وجود نصوص كتابية تُشير الى هذا الموضوع أو توضح خلفياته التاريخية، لكن من ملاحظة بعض الأمور يمكن استنتاج بعض الحقائق، من أهمها أن اختلاف مستويات أعماق وجود الهياكل التي تتراوح ما بين 4م و5م داخل البئر تُشير الى أن المَقتولين لم تتم تصفيتهم خلال فترة زمنية واحدة، وإنما على مدى عدة فترات متباعدة تتراوح ما بين خمس وعشر سنوات بين واحدة وأخرى، ويبدو من الواضح بأن هؤلاء الأشخاص كانوا من الطبقة المُترفة اقتصادياً وليسوا من المُجرمين أو اللصوص أو عامة الناس، بدلالة طبيعة المواد الشخصية الثمينة التي وجدت معهم، كما أنهم ليسوا من أسرى الحروب مع البلدان الغريبة أو من قادة الأقاليم البعيدة المُتمردة على السلطة الآشورية، وإنما كانوا أشخاصاً آشوريين بدليل الاختام التي عُثر عليها بحوزتهم، والتي كانت تحمل صوراً ورموزاً ونقوشاً آشورية معروفة.
وفق هذه المُعطيات والقرائن يمكن القول بأن هذا السرداب كان في الغالب يُستخدم من قبل السلطة الآشورية الحاكمة على مدار الحِقب التاريخية ولفترة طويلة من الزمن لغاية أخرى غير التخزين، وإنما ليكون بمَثابة مُعتقل أو سجن خاص بالمناوئين والمُعارضين السياسيين للعَرش الآشوري، يتم فيه حَجز واعتقال الضحايا لفترة من الزمن، ثم التحقيق معهم بصورة تعسفية مع استخدام أساليب التعذيب والتنكيل الوحشية بحقهم في الساحة المكشوفة، ليتم بعدها اعدامهم والقاء أجسادهم في البئر، وهذا الشيء مُتوقع الحدوث مع التاريخ الآشوري المُتخم بالصراعات والحروب والمؤامرات والانقلابات العسكرية، خاصة في مدينة "كالخو" كما تذكر وتوضح ذلك المصادر التاريخية، التي كانت تهدف للسيطرة على مقاليد حكم الامبراطورية الكبيرة، والتي جَرَت أحداث أعنفها في هذه المدينة وجاءت بسلالات جديدة لحكم البلاد حسب ما اوضحته الأحداث التاريخية المُتتالية، مثل محاولة الانقلاب التي حدثت في أواخر حكم الملك "شلمنصر الثالث" وتمكن من اخمادها أبنه "شمشي أدد الخامس" عام 824ق.م، والانقلاب الذي أوصل الملك "تجلاتبلاسر الثالث" للحكم عام 744ق.م، وكذلك الانقلاب الذي أوصل الملك "سرجون (مؤسس السلالة السرجونية) الى الحكم عام 721ق.م، ومن المؤكد أنه من خلال البحث والتحري العلمي والدراسة التاريخية المُستفيضة عن حيثيات وتفاصيل هذا الاكتشاف الهام، سوف يتم إزالة اللثام عن الكثير من خبايا وأسرار تاريخ الإمبراطورية الآشورية الغامض وتسليط الضوء على جوانب مخفية منه(8).

الهوامش:

1_ هوارد كارتر... عالم أثار بريطاني وخبير بعلم "المصريات"، ولد في لندن عام 1874، أشتهر باكتشافه مقبرة الفرعون المصري "توت عنخ آمون" في منطقة وادي الملوك عام 1922، كما أشتهر أيضاً باكتشافه مقبرة الملكة "حتشبسوت" في منطقة "الدير البحري" عام 1899، توفي عام 1939.
2_ ليونارد وولي... عالم آثار بريطاني ولد عام 1880، عمل في التنقيبات الأثرية في مناطق عديدة من العالم مثل ايطاليا ومصر وبلاد الشام وأسيا الصغرى، حيث ساهم في التوصل الى العديد من الاكتشافات الاثرية هناك. كان كذلك ضابطاً في مخابرات الجيش البريطاني، وتعرّض للأسر من قبل القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، نقب في مدينة "أور" السومرية في وادي الرافدين خلال الفترة 1922_1934، ليحقق اكتشافات كبيرة في هذه المدينة، أهمها المقبرة الملكية التي ترجع فترة عصر فجر السلالات السومرية 3000_2371ق.م. حصل على لقب "فارس"/"سير" عام 1935 لخدماته الكبيرة للمملكة البريطانية وإسهاماته في مجال علم الآثار، توفي عام 1960.
3_ السلالة السرجونية ... آخر وأقوى سلالة حَكمت الامبراطورية الآشورية الحديثة، توّلت الحكم للفترة 721_612 ق.م.... مُتمثلة بأربعة ملوك أقوياء، هم... سرجون/"شرو كين"، سنحاريب/"سين أخي أريبا"، أسرحدون/"آشور أخي أدينا"، آشوربانيبال/"آشور باني أبلي".
4_ ماكس مالوان ... عالم آثار بريطاني ولد عام 1904، درَس الآثار الشرقية في جامعة أكسفورد، عمل في مدن ومواقع أثرية عديدة في العراق وشمال سورية مثل "أور" نينوى"، "الأربجية"، "النمرود"، "شكربازار"، ويُعدّ من أكثر علماء الآثار الأجانب عملاً وتواجداً في المدن والمناطق العراقية، تزوج خلال عمله في العراق من كاتبة الروايات البوليسية الشهيرة "أجاثا كريستي"، له العديد من المؤلفات عن تاريخ وادي الرافدين والشرق الأدنى القديم، ويرجع له الفضل في العديد من الاكتشافات الأثرية الهامة هناك، إضافة الى الآراء والأفكار الجريئة التي طرحها عنها، توفي عام 1978.
5_ مدرسة الآثار البريطانية في العراق ... مدرسة الآثار البريطانية في العراق... مؤسسة علمية تعنى بالبحوث التاريخية والآثارية الخاصة بوادي الرافدين ومنطقة الشرق الأدنى القديم، تأسست عام 1931 تخليداً لذكرى الدبلوماسية البريطانية الشهيرة "كَيرترود بيل" الراعية الأولى لآثار وادي الرافدين عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920، أرسلت العديد من البعثات الآثارية للتنقيب في حواضر العراق القديمة، كما عمل ضمنها العديد من مشاهير علماء الآثار، تصدر مجلة سنوية تحت عنوان "IRAQ" لنشر البحوث الاثارية الخاصة بهذا البلد، تحول أسمها عام 2007 الى "المعهد البريطاني لدراسة العراق".
6_ كانت الأعمال الآثارية في مدينة "كالخو" في ذلك الوقت تُجرى بأشراف الدكتور نائل حنون حتى أواسط عام 1988، حيث تم خلالها اكتشاف وتنقيب وتوثيق المدفن الأول، ثم أجريّت تغيرات إدارية في فريق العمل وهيكليته، تولى بموجبها الأستاذ مزاحم محمود إدارة الأعمال الآثارية في المدينة ليتم حينها اكتشاف باقي المدافن الأخرى.
7_ أجرى هذه التنقيبات الخطرة الحَفَّار الأثري الموصلي المعروف "جُنيد الفخري".
8_ الكثير من المعلومات التي وردت في البحث كان قد أستحصل عليها الكاتب بشكل شخصي مباشر من زملائه منقبي الآثار الذين استظهروا المدافن الأربعة والسرداب الغريب مع بئر الجثث.

المصادر:

_ حامد خيري الحيدر ... حين تحكي الرمال/ من ذكريات منقب آثار ... مالمو/ السويد 2020
_ طه باقر ... مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة / الجزء الأول ... بغداد 1973
_ عبد الله أمين أغا ، ميّسر سعيد العراقي ... نمرود ... بغداد 1979
_ مزاحم محمود حسين ، عامر سليمان ... نمرود مدينة الكنوز الذهبية ... بغداد 2000
_ نائل حنون ... المدافن والمعابد في حضارة بلاد الرافدين القديمة/ الجزء الأول ... دمشق 2006
_ A. Mllard … Assyrians And Arameans … IRAQ, VOL. 45 … LONDON 1983
_ C. River … The Assyrian Empire Capitals … LONDON 2009
_ D. Kertai … The Queens of the Neo-Assyrian Empire … Altorientalische Forschungen … VOL. 40 / 1 … GERMANY 2013
_ G. Rawlinson … Assyrian Empire … CHICAGO 2002
_ H. Saggs … The Might That Was Assyria … LONDON 1984
_ J. Curtis , H. McCall , D. Collon … New Light On Nimrud … LONDON 2008
_ J. Oates , D. Oates … Nimrud an Assyrian Imperial City Revealed … LONDON 2001
_ J.Oats, D.Oats … Nimrud … LONDON 2001
_ M. Mahmod Hussein … Nimrud , The Queen’s Tombs … CHICAGO 2016
_ M. Mallowan … Nimrud and its Remains … VOL. 1 … LONDON 1966
_ S. Dalley … Yaba , Atalya and the Foreign Policy of Late Assyrian Kings …
State Archives of Assyria Bulletin (SAAB), VOL. 12/2 … PADOVA, ITALY 1998
_ T. L. Spurrier … Finding Hama: On the Identification of a Forgotten Queen Buried in the Nimrud Tombs … Journal of Near Eastern Studies (JNES), VOL. 76/1 … CHIKAGO 2017
_ Z. Ragozin … The Rise and Fall of The Assyrian Empire … CHICAGO 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب