الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتحار الجنرال

حسن مدن

2023 / 9 / 2
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


حين استولى الجنرال بينوشيه على الحكم في تشيلي في العام 1973، فتح استاد سنتياغو الرياضي الكبير للمعتقلين من مؤيدي الرئيس المنتخب سلفادور الليندي، لأن زنازين السجون لم تكفِ لاستيعاب مئات الألوف منهم. وإلى الاستاد المذكور أحضر، أيضاً، المغني الشهير فيكتور خارا، وبعد سنوات سيروي أحد شهود العيان فرّ من المذبحة أن أحد الضباط أمر بإحضار آلة غيتار وقدّمها لخارا، طالباً منه العزف، إلا أنه رفض قائلاً إن موسيقاه للحياة لا للموت، فما كان من الضابط إلا أن قطع أصابع المغني، العشر، قائلاً له إن بوسعه الآن أن يعزف موسيقى الموت، ثم أجهز على حياته بالرصاص التي بلغ عددها، كما ينقل، 44 رصاصة، ما يظهر حجم الحقد الذي كنّه القتلة للمغني الذي يعتبر أيقونة الموسيقى الشعبية لا في تشيلي وحدها، وإنما في أمريكا اللاتينية كلها، وتناولت أغانيه مشاعر الحب والاحتجاج الاجتماعي والعدالة والأمل.

كان فيكتور خارا، المغني والكاتب وعازف الغيتار، واحداً من نحو 5000 سجين سياسي آخر، ضمهم ذلك الاستاد الرياضي، حيث استُجوِبوا وتعرضوا للتعذيب وقُتل الكثيرون منهم، ومن المفارقات الموجعة أن خارا قُتل في الاستاد الذي كان يضج بالحشود الهائلة التي تصفق له وتغني معه، حين فاز في مسابقة الأغنية الوطنية التشيلية الجديدة في مطالع شبابه، وبعد سقوط الديكتاتورية، وعودة الديمقراطية إلى تشيلي، أطلق اسمه على هذا الاستاد بالذات، تخليداً لذكراه ليكون في ذلك عظة للمستقبل.

وعُثر على جثة خارا وثلاثة سجناء سياسيين آخرين في العام 2009 وكان عليها آثار تعذيب، وقبل عشرة أعوام شيع الآلاف من الناس في تشيلي المغني الشهير، بحضور الرئيسة التشيلية آنذاك ميشيل باشيلت، في جنازة تأجل موعدها ستة وثلاثين عاماً، بعد استخراج جثته لتحديد ملابسات قتله بدقة، حيث تأكد بعد فحص الرفات أن أصابعه قطعت فعلاً.

يعود اليوم اسم المغني الشهير الذي قتل وهو في الأربعين من عمره، من خلال خبر عن انتحار جنرال متقاعد بتشيلي، اسمه إيرنان تشاكون، والبالغ 85 عاماً قبل تنفيذ حكم بسجنه بعد إدانته بجريمة قتل المغني عام 1973، فعندما ذهبت الشرطة إلى منزل الجنرال لإحضاره إلى السجن، استل سلاحاً نارياً وأطلق رصاصة على نفسه أدت إلى وفاته.

إنه درس التاريخ البليغ والقاسي، الذي لا يتعلم منه الطغاة الذين تغريهم نشوة الجبروت والقوة، عندما تكون السلطة في أياديهم، ويتجاهلون حقيقة أن التاريخ لا يقف عند لحظتهم، وإذا ما ساعدتهم الفرص في النجاة من العقاب، فإن صفة العار التي تلاحقهم، أحياءً كانوا أو أمواتاً، هي أكبر عقاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ


.. الشرطة الأميركية تشتبك مع المتظاهرين الداعمين لغزة في كلية -




.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب