الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع العلمنة أم ضدها؟

محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)

2023 / 9 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الخيارات والأسئلة المغلوطة (2)
مع العلمنة أم ضدها؟

استوقفني ذات مرة طلابي في الجامعة يطلبون مني التوقيع على عريضة تدعو إلى قيام دولة علمانية في لبنان. قلت لهم، قبل أن أوقع أريد أن أسمع منكم ماذا تعني العلمانية؟ قال أحدهم هي فصل الدين عن الدولة وقال آخر هي منع رجال الدين من التدخل في السياسة، وقال ثالث هي دعوة لعدم الاهتمام بشؤون الآخرة على حساب شؤون الدنيا فهي مشتقة من كلمة العالم بفتح اللام، ولهذا تفلظ العبارة بفتح العين لا بكسرها حتى لا يقع التباس مع العلم بكسر العين.
سألتهم، هل سمعتم ما يقوله رجال الدين عنها؟ الكنيسة تميز بين علمنة متطرفة وعلمنة معتدلة، ومعممو التعصب يقولون هي الإلحاد بعينه. ألم تشاهدوهم على الشاشات وتسمعوهم يحملونها مسؤولية الجرائم والمجازر المرتكبة بحق شعوب المنطقة ولاسيما في الجمهوريات الوراثية؟ نظر كل من حوله كأنه يبحث عن متعصب إسلامي ليصب جام غضبه عليه!
كيف تريدونني أن أوقع على بيان حول العلمانية إن لم يكن اتفاق على معنى المصطلح؟ يقول استاذنا مهدي عامل، قل لي ما مصطلحك أقل لك من أنت. فعلى علمانية أي منكم تريدونني أن أوقع؟ على علمانية الشيوعي أو البعثي أو القومي أم علمانية الملحدين أو العبثيين أو الدهريين أم علمانية رجال الدين المسلمين المتنورين؟
ألستم تلاحظون أن الأحزاب اللبنانية كلها، بما في ذلك أحزاب الطوائف والأحزاب الدينية، تجمع على قيام الدولة العلمانية؟ القوات الكتائب الاشتراكي، حتى حزب الله ومن باب أولى الخصمان اللدودان حركة أمل الشيعية والتيار الوطني الحر، كلهم يعلنون التمسك بدستور الطائف العلماني. لكنهم بالتطبيق العملي يدافعون إما عن مصالح أحزابهم أو عن مصالح طوائفهم، ويذهب حزب الله بعيداً ليدافع عن ولاية فقيه إيراني مثلما يدافع سواه عن ولاية فقيه أسدي أو ناصري أو ستاليني، ربما يكون بوتين أخر تلك النسخ والنماذج العلمانية.
أعتذر منكم وتعالوا، قبل التوقيع، نبحث لنتفق على معنى يوحد بيننا ويجمعنا نحن العلمانيين. العلمانية بنت الثورة الفرنسية. لم تكن معروفة من قبل في أي من الحضارات، لا الدينية ولا الأسطورية ولا الخرافية، ولا في الأنظمة السياسية القبلية أو الأمبراطورية أو القيصرية أو التيوقراطية. هي من شجرة عائلة جذورها الدولة الحديثة ومن فروعها وأغصانها الدستور والقانون الوضعي والديمقراطية والوطن والشعب وحقوق الإنسان، "المدنية" غصن ملقح من هذه الشجرة، وهو يعني أن الدولة لا يحكمها لا ضباط الجيش ولا رجال الدين.
من منكم يا أعزائي الطلاب، من منا متحدر من ثقافة علمانية إن كنا جميعاً قد ولدنا من أرحام أحزاب وتيارات وقوى سياسية تتداول بهذا المصطلح ويغني كل منها المعنى الذي يضمره، ثم وتربينا على رفض التنوع وعلى ادعاء كل منا امتلاك الحقيقة وحده. كيف يمكن لهذه التربية أن تثمر غير التنابذ والتقاتل وما الحروب الأهلية على امتداد الأمة إلا من ثمار العداء للديمقراطية والعلمانية.
ليس علمانياً من لا يكون ديمقراطياً ولا يعترف بالآخر وبالتنوع وبحق الاختلاف ومن يعتدي على حقوق الإنسان. ليس علمانياً من ينتهك الدستور والقوانين ومن لا يعترف بأن الوطن أرض وشعب ودولة حديثة ذات سيادة على حدودها وداخل حدودها.
حين نتفق على مضمون واحد للعلمنة لا نعود بحاجة إلى توقيع عرائض وإصدار بيانات. حينذاك يهتدي فكرنا وسلوكنا بالخيط الهادي الذي يوحد بيننا. حينذاك نصبح كالجائع يقول فيه الشاعر، بدون النظر إلى ساعة الحائط أو مفكرة الجيب، أعرف مواعيد صراخي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العلمانية المستحيلة ،،
رشدي الشاعر ( 2023 / 9 / 4 - 11:31 )
نقول لن يسمح الاستبداد بقيام اسلام صحيح ، ولا علمانية صحيحة ، ولا ليبرالية و ديمقراطية صحيحة ، مهما دعا الليبراليون المخلصون لها ، ذلك ان اللبرالية والعلمانية والديمقراطية والاسلام من باب اولى ، يحتم وجود آليات وهياكل لابد منها مثل الحريات العامة وحرية الاعلام وحرية الاجتماع والتظاهر وحرية اقامة الاحزاب والتنظيمات والنقابات وحرية التعبير والتفكير والانتخاب والتداول السلمي للسلطة و اقرار او سحب الثقة الخ من امور ، فليس بمستطاع في المشرق تنفيذ العلمانية بكل آلياتها ومآلاتها ومخرجاتها في ظل الاستبداد الشرقي ، يقبل ادعياء اللبرالية والعلمانية المساندون للاستبداد بوجود الجانب السلبي من هذه الافكار ويساندونها وليسوا على استعداد بالتبشير بها على حقيقتها لانها تمثل خطورة على اهوائهم ورغباتهم التي يضمنها لهم الاستبداد ، ومن هنا نفهم اصطفافهم مع الانظمة القمعية لما قامت الثورات العربية ولا زالوا ضدها ، وكيف انهم ساندوا الانقلاب العسكري على الشرعية المنتخبة في مصر ، واصطفافهم مع جزار الشام ضد شعبه وهم الذين كانوا ينظرون للحريات والعلمانية والليبرالية فاذا بأقنعتهم تسقط تباعًا..


2 - كونوا في مشروع الأغلبية
رشدي الشاعر ( 2023 / 9 / 4 - 15:25 )
العلمانيين المشارقة أقلية فكرية شاردة بالكاد تملاء حافلة صغيرة في كل بلد عربي ومسلم ، وبالتالي لا يحق للأقلية الفكرية الترويج لافكار مضادة لما تعتقده الأكثرية المؤمنة في بلدها ولذلك نحن نقترح على الأقلية العلمانية الاندماج في هوية الأكثرية المؤمنة وتجديد ايمانها وإسلامها والترويج وبعث الاسلام الحقيقي الذي اختطفه الحكام المستبدون وبرر لهم علماء السوء ندعوهم الى اكتشاف درر الاسلام وجواهره ونفض الغبار عنها والدعوة الى الثورة وازالة الحكام الظلمة وشنق فقهاء السلاطين الذين ساهموا في تشويه الدين وتعبيد الشعوب للطواغيت ، اليوم اليوم اذا دخلت سوق الأفكار وقد بارت وسقطت كل الأفكار الغربية والشرقية في الحكم والاجتماع والاقتصاد لم يبق سوى الاسلام .ولن تجد سوى الاسلام يتسيد الساحة الإنسانية والفكرية


3 - إحصائياً هل العلمانية هي الحل ؟
رشدي الشاعر ( 2023 / 9 / 4 - 16:15 )
عندما حكمت العلمانية الأرض:
‏-أكثر من 4 مليار تحت خط الفقر.
‏- أكثر من مليار جائع.
‏-أكثر من مليارين لا يجدون الماء النقي.

‏هل تعتقد فعلاً أن العلمانية هي الحل؟؟

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah