الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراجعة كتاب القومية العربية من التكوين إلى الثورة المؤلف حسن خليل غريب (الحلقة الأولى)

حسن خليل غريب

2023 / 9 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


صدر الكتاب عن دار الطليعة في بيروت العام 2018. ويقع في 224 صفحة من الحجم الكبير. ويضم ستة فصول.
ليس هناك أكثر متعة من قراءة التاريخ بمنظار فلسفي – اجتماعي، على أن تستند إلى نتائج أبحاث المؤرخين الموثوقين. إن ذلك يجب أن يتمَّ على قاعدة قراءة تاريخ الحضارة الإنسانية، بمقاييس الظرف والمكان الذي حصلت فيه. كما عليه أن لا يُعيب حضارة قدمت خدمات إلى البشرية لأنها حصلت في عصور الديكتاتوريات القديمة، أو حتى الجديدة. وأن لا يُعيبها لأنها تمَّت تحت خيمة أيديولوجية دينية. بل عليه أن يقرأ ما فيها من تجارب ثمينة لكي يستفيد منها العلماني في بناء الدولة العلمانية، وأن يقرأها الديموقراطي لكي يستفيد منها في بناء الدولة الديموقراطية. وبناء عليه من المفيد أن تتم قراءة كتاب حسن خليل غريب (القومية العربية من التكوين إلى الثورة).
من منطلق علمي أمين، واستناداً إلى ما وضعته الأبحاث الحديثة والمعاصرة من وضع تعريف لمصطلح (القومية)، ولأن تعريفها نظرياً، لم يحصل قبل المرحلة الحديثة من القرن العشرين، ولم يتم وضع معايير علمية تُقاس عليها عوامل تشكيل القومية. أنوِّه إلى أن النتيجة التي توصَّلت إليها من خلال إعداد هذا الكتاب، هي أن القومية العربية هي أكثر القوميات في العالم التي تحوز على أكثر تلك المقاييس والمعايير.

الجزء الأول
الفصل الأول
يتناول المؤلف مرحلة الطور التكويني للعروبة منذ ما قبل العام 586 م، أي قبل ظهور الدعوة الإسلامية، ويحدد العوامل التي أسهمت في تكوين المسألة القومية، وهي ثلاثة:
-العامل الأول: الغزوات بين شعوب المنطقة.
-العامل الثاني: نشأة الأديان السماوية:
-العامل الثالث: الإمبراطوريات الغازية من خارج المنطقة:
مرَّ تكوين الأمة بمراحل تاريخية طويلة. فكانت الأسرة الواحدة تمثل الخلية الأولى في بناء العشيرة، وشكلت مجموعة العشائر المتقاربة بالنسب نواة الأمة. وعلى هذا الأساس عرف التاريخ بداية تشكيل الممالك التي تصارعت فيما بينها، واستولى بعضها على البعض الآخر. فكانت حالة الصراع تولِّد احتكاكاً وتفاعلاً بين المجموعات البشرية الجديدة، الأمر الذي أدى إلى صياغات ثقافية متبادلة، تحولت بمرور الزمن إلى تراكم معرفي مشترك، قاد بدوره إلى صياغة نسيج اجتماعي متجانس، كان يقرِّب المجموعات المتنافرة باتجاه الوحدة. وتشتد أواصر الوحدة كلما واجهت تلك المجموعات عوامل العدوان من خارجها. وهكذا تكونت عبر التاريخ الطويل خصوصيات للشعوب التي كانت تسكن ما نعرفها اليوم بالمنطقة العربية.
لقد استخدمت تيارات الإسلام السياسي مصطلح «الجاهلية» للتشهير بالعرب لغايات تعصب شوفيني. ومن أجل الكشف عن الحقيقة، فقد خصص الكاتب الفصل الأول، لهذا الغرض. وقد عرض الوقائع الأساسية للتقدم الحضاري الذي أحرزه العرب في طور التكوين القومي الأول. وقام بتصنيفها لعدد من المحاور. ولعلَّ من أهمها كانت عوامل الغزو المتبادل بين ممالك ذلك الطور، وكذلك عوامل التقدم على مستوى التجديد في الحضارة المدنية والاكتشافات العلمية، الجديدة في زمانها ومكانها، وانتهاء بعوامل التجديد الروحي بدءاً من نشأة الأديان المتعددة الآلهة وصولاً إلى نشأة الرسالات السماوية التي نادت بوحدانية الإله.
أولاً-الغزوات بين شعوب المنطقة وعوامل التمازج الحضاري:
لعب عاملان دوراً أساسياً في مرحلة التكوين القومي العربي، وهما:
1-الغزوات المتبادلة بين ممالك طور التكوين الأول: كانت ممالك ما بين النهرين تغزو سواحل سورية ولبنان، وصولاً إلى مصر. وهكذا فعل فراعنة مصر. فكانت الغزوات تؤثر على تغيير المعالم الثقافية السائدة بين القبائل والعشائر والشعوب التي يقع عليها الاحتلال.
2-التبادل التجاري وهو ما عُرف برحلات الشتاء والصيف:
-أثَّرت الرحلات التجارية في بناء مملكة قرطاجة على الشاطئ التونسي، التي بنتها »أليسا«، الأميرة الفينيقية الهاربة من مملكة صور على الشاطئ اللبناني. فمنذ بداية الألفية الأولى قبل الميلاد بدأ الفينيقيون يؤسسون مستعمرات في موانئ عدة في سواحل البحر الأبيض المتوسط. ولقد عُرفت تلك الرحلات التجارية، بمسميين:
-رحلات «الصيف» التجارية حيث وصلت القوافل الفينيقية إلى شمال إفريقيا وبعض مناطق أوروبا، كسردينيا وصقلية. وظلت قرطاجة تسيطر على مجمل النشاط التجاري في النصف الغربي للبحر المتوسط حوالي ستة قرون.
-رحلات «الشتاء» التجارية التي كانت وجهتها العراق وصولاً إلى بلاد فارس شرقاً، ثم إلى جزر بحر إيجة اليونانية غرباً. إلى أن سيطرت مملكة آشور على جميع الأسواق في بلاد الشام وأغلقتها في وجه الفينيقيين. تلك الرحلات ولَّدت احتكاكاً وتفاعلاً بين الثقافات المحلية لتلك الممالك.
في ظل هذين العاملين، عرفت المنطقة، في وقتها وزمانها، أعظم الحضارات، التي بنتها: بلاد الرافدين، ووادي النيل، وسورية ولبنان والشمال الأفريقي. وشبه الجزيرة العربية. إلى أن وصلت حدودها إلى أوروبا.
ثانياً-العوامل الأولى لنشأة الأديان السماوية:
في الطور الثاني من التكوين، نشأت اليهودية والمسيحية والإسلام. وقد أثبتت الحفريات السومرية الأولى، الكثير من المعلومات التي فسَّرت أسفار التكوين. ومن أمثال هذا الأمر قصة طوفان نوح. ونشأة الديانة اليهودية في بلاط الفراعنة في مصر.
إن الأرجح حسب الأساطير السومرية حصل الطوفان في القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين. واستقرت السفينة على جبل آرارات. وإن النبي إبراهيم هو من سلالة نوح. وهو أبو الأنبياء. وبهذا أصبح هذا الطور بحق من أهم عوامل التوحد بين قبائل المنطقة وشعوبها.
أسست الرسالات السماوية لتكوين حضاري موحَّد للمنطقة، إذ سبقت الدعوة اليهودية تكوين الإمبراطوريات الغازية القادمة من أوروبا. وقد عرفت بدايات تكوينها في عصر أخناتون الذي توفي في العام 1354 قبل الميلاد. وهو الفرعون الذي كان النبي يوسف وزيره الأول، وهو من طرح فكرة التوحيد بمصر وقضى على عبادة آمون وتعددالآلهة. وهو أول من تكلَّم حول الجنة والنار والعقاب والثواب والعلاقة مع الخالق.
ولد النبي موسى، قبل (64) سنة من وفاة النبي يوسف، وصار من وجهاء القوم فيها حتى بُعث نبياً فجمع شملهم وحثهم على الخروج من مصروالعودة للوطن أرض إسرائيل وهناك أسسوا «دولة يهوذا»، وعاصمتها القدس. وتعرضت لغزوات من الشمال والجنوب وكان آخرها على يد نبوخذ نصر ملك بابل في سنة 606 قبل الميلاد، وتغلب عليها ودفعت له الجزية ،ثم ثارت مرة أُخرى فغزاها سنة 593 فسبى من شعبها عشرة الآف من بينها أعيانها وأشرافها وكنوز الهيكل.
ثالثاً: طور الإمبراطوريات الغازية من خارج المنطقة:
1-الإمبراطورية الفارسية:
تأسست الإمبراطورية الفارسية عام 559 ق.م. وكانت من أعظم وأكبر الدول التي سادت المنطقة قبل العصر الإسلامي. وأخضعت الترك في بلاد ما وراء النهر، والعرب في العراق. واستولت على بيت المقدس، ثم استولت على مصر سنة 616م. وظلت كذلك، حتى هزمهم هرقل إمبراطور الروم في سنة622م، ثم استعاد منهم سورية ومصر سنة 625م.
لم يعرف الفرس الديانات السماوية التي سبقت ظهور الإسلام إلا بنطاق محدود جداً، وكان أكثرهم على المجوسية إلى أن صارت الزرادشتية ديناً للدولة. وتقوم العقيدة الزرادشتية على الثنوية، أي وجود إلهين في الكون هما إله النور «أهورا مزدا» وإله الظلام »أهريمن».
2-الإمبراطورية اليونانية:
امتد التاريخ الإمبراطوري اليوناني من العام 478 ق. م. وكانت مرحلة الإسكندر المقدوني من أهم مراحله ، حيث قام باحتلال إمبراطورية الفرس الأخمينيين في العام (333) ق . واحتل سورية. ومصر ولكنه غادرها ليواصل حروبه ضد الفرس حتى وفاته في 323 ق.م.
3-الإمبراطورية الرومانية، ونشأة الدين المسيحي:
بعد أن أنهى الرومان نفوذ القرطاجيين في العام 241 ق.م. اتجهت أنظارهم شرقاً وسيطروا على بلاد الإغريق، وآسيا الصغرى. إلى أن بدأ العد العكسي في حياة الدولة الرومانية منذ العام 235م. وعودة نفوذ الإمبراطورية الفارسية بحيث سيطرت على أراضي ما بين النهرين واجتاحت إنطاكية وسورية. في ذلك الوقت كانت مملكة اليهود في فلسطين تتمتع بنوع من الاستقلالية تحت حماية الإمبراطورية الفارسية.
وفي العام63 قبل الميلاد، اجتاحت الجيوش الرومانية فلسطين. وفي الحقبة الرومانية نشأت الدعوة المسيحية بداية كامتداد للرسالة الموسوية، إلى أن أخذت تميز نفسها عنها، ولهذا السبب أسهم اليهود باعتقال المسيح وصلبه. وانسلخت المسيحية عن اليهودية لأن المسيح عاين ظلم الرومان بينما اليهودية كانت ساكتة عن الظلم لقاء ما كانت تكسبه من مميزات. وكأن ذلك منهج لهم، استئنافاً لمنهجية استرخائهم للعيش في ظل الفرس واليونانيين والرومان.
في ظل ذلك الواقع التاريخي اكتسبت شعوب المنطقة ما يؤهلها لتكون أمة واحدة، وجمعت بينها ثلاث مزايا:
1-وحدتها في بناء أعظم حضارة في التاريخ، بالنسبة لزمانها ومكانها.
2-وحدتها الروحية بمعرفة ثلاثة أديان سماوية.
3-وحدتها في المعاناة من الاحتلال: (الفرس والروم والرومان) طوال قرون من الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24