الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 153 بروتوكولات حكماء صهيون.. حقيقة أم وهم

رحيم فرحان صدام

2023 / 9 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 153
بروتوكولات حكماء صهيون.. حقيقة أم وهم

إن مجرد ذكر اسم الكتاب بروتوكولات حكماء صهيون يشعر العربي بالرعب ويبدو عقله في تصور تلك المؤامرة التي تحاك في السر ضده شخصيا وضد الامة العربية والإسلامية وان كل شيء قد أصبح مسيطرا عليه في العالم، لكن هل تساءلنا ولو لمرة واحدة، هل فعلا يوجد شيء اسمه بروتوكولات حكماء صهيون؟

وجد بطرس ضالته في كتاب كان قد صدر 1864 بعنوان ( حوار في الجحيم بين ميكيافيلي ومونتسكيو ) الذي ألفه الأديب الفرنسي موريس جولي في صورة حوار افتراضي بين هاتين الشخصيتين التي باعد بينهما الزمان والمنهج في التفكير حول أساليب عباقرة السياسة للسيطرة على مقاليد الحكم في العالم، كلف رئيس قسم عملاء الخارج للشرطة السرية الروسية عميلا روسيا مقيم في باريس بإعداد البروتوكولات المزورة وقد قام هذا العميل باقتباس أكثر من نصف كتاب المؤلف الفرنسي وبتحويره وأضاف إليه بلغة فرنسية ركيكة الفصول الباقية وتحول الحوار الفلسفي المفترض بقدرة قادر إلى محاضر لاجتماعات القادة اليهود أو حكماء صهيون السرية للسيطرة على مقدرات العالم، وانتشرت شيئا فشيئا في جميع اناء العالم ولم تبقى لغة في العالم لم تنقل إليها، وقد ظهرت عشرات الطبعات من هذه الأسطورة الخالدة في العالم العربي، كانت أولها في مصر عام 1951، ولكن السؤال الذي يطرح بشدة، لماذا لقي هذا الكتاب رواجا كبيرا في العالم العربي؟
لقي الكتاب انتشارا واسعا في صفوف العرب بالذات لأنهم هم من دفع ثمن تضيق الخناق على اليهود وبث الكراهية ضدهم في أوروبا في القرنين 19 و20، والعرب هم الذين تضرروا من الانتشار الكبير في أوروبا للحركات الصهيونية الطامحة للعودة إلى فلسطين ( أرض الميعاد ) والتي حصل ممثلوها عام 1917 من وزير الخارجية البريطاني المعادي للسامية أرثر بلفور على وعد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين للتخلص منهم.

لم تمر فكرة كتاب بروتوكولات حكماء صهيون على كل العرب إذ تفطن لها بعض الباحثين ولعل من أشهرهم على الإطلاق الباحث المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري صاحب الموسوعة الشهيرة ( اليهود واليهودية والصهيونية) والذي كان يكرر منذ عام 1977 أن هذا الكتاب خرافة مضللة وأن الترويج له مضر بالعرب قبل غيرهم وأن الإصرار على نسبتها لليهود لا يخدم القضية العربية وقال إن قضية كراهية اليهود تخدم الصهيونية نفسها باعتبارها حركة عنصرية حاول الغرب بها تخليص أوروبا من اليهود عن طريق تهجيرهم إلى مكان بعيد.
حاول المسيري في كتاباته حول الصهيونية كسر سجن أوهام وأساطير البروتوكولات وما تبعها من هزيمة نفسية لحقت بالمسلمين فبين عدم صحتها وجحدها ومصادرها بالأدلة وبين تناقضها مع الواقع وبالتالي تتهاوى صحة النظرية القائلة بأن اليهود نسل الشر في العالم المتحكم بكل شيء والتي تتناقض أصلا مع الرؤية الإسلامية، كما حذر المسيري من استخدام البروتوكولات كأداة لاتهام اليهود لأن الاتهام سيرتد إلى نحر العرب بأنهم عنصريون وعرقيون وأضاف أن معظم الكتاب العرب أسسوا كراهيتهم للدولة الصهيونية في ضوء البروتوكولات ومن الصعب تغيير خارطتهم الإدراكية وأسوء ما يصيب الإنسان أن يتحطم نموذجه الإدراكي.
لم يكن المسيري فقط من شكك في صحة هذا الكتاب فعملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد في تقويضه للترجمة العربية للبروتوكولات التي قدمها محمد خليفة التونسي قد أشار إلى أن البروتوكولات قد تكون ملفقة .

لم تكن فكرة بروتوكولات حكماء صهيون لتحدث هذا الزخم لو لم تجد لها أرضية خصبة في عقولنا التي أصبحت موطنا لكل الأفكار الغريبة غير المنطقية. إن اليهود ما هم إلا بشر مثلنا استطاعوا أن يأخذوا ب أسباب التفوق ولا يمكن لمجموعة قليلة منهم أن تكون لها كل تلك القدرة الخارقة على التحكم في العالم ومقدراته وإعلامه وسياسته واقتصاده فهل نتخيل ما يمكن أن يعنيه هذا من هزيمة نفسية وما يمكن أن يسببه من عجز عند الفرد المسلم الذي أصبح عاجزا عن التحرك والقيام بأي مبادرة، على اعتبار أن العالم قد أصبح في يد اليهود وانتهى.
والسؤال الذي يفرض نفسه إذا كان اليهود قد تحكموا في كل العالم، فهل يمكن حتى للأوروبيين والصينيين والروس مثلا أن يقفوا عاجزين أمامهم ويصبحوا هم أيضا مجرد لعبة في أيديهم؟ إن الحقيقة الساطعة التي نخفيها عن أنفسنا ، هي أن هزيمتنا في كل مناحي الحياة وعجزنا على أن نواجه التحديات التي تحيط بنا ليس عسكريا فقط بل وعلميا واقتصاديا، هي ما يجعلنا نؤمن بمثل هذه الخرافات والنظريات فنحن عاجزون على التفوق ؛ لذلك نرجع هزيمتنا إلى نظرية المؤامرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟


.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف




.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي


.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟




.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من