الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن العائلة البشرية قديما..

محمد اسماعيل السراي

2023 / 9 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لم يعرف الانسان العائلة -بمفهومها المعاصر- في فجر الحياة البشرية. بل كان الذكر غائبا في الغالب عن منزل العائلة، اي مجموعة العائلة المتكونة من الانثى وصغارها. كان دوره العائلي هو التلقيح فقط، اي ممارسة الجنس مع الانثى وقت الرغبة. لكن لما تحمل الانثى ومن ثم تلد، فالذكر غير ملزم بها او برعايتها او رعاية الصغار، لان هذا الامر قديما لم يكن يعني زواجا بالمعنى المفهوم الان، بل كان عبارة عن ممارسة لرغبة غريزية فقط، كما تفعل اليوم ثديات اخرى مثل القطط او الكلاب، ومن ثم تقوم الانثى باعباء الحمل والولادة ورعاية الصغار. ولم تكن العاطفة العائلية قد تطورت بعد عند الجنس البشري بالنسبة للذكر، اي عاطفة الابوة، بل كانت هنالك فقط عاطفة غريزية عند الانسان هي عاطفة الامومة المتجذرة في سايكلوجيا الانثى وسلوكها. وايضا بالمقابل لا يملك الاولاد عاطفة نحو الاب، والتي ستكون لاحقا عاطفة مكتسبة نتيجة دور الاب اللاحق في الرعاية والحماية المباشرة للأسرة المؤلفة من الزوجة والاولاد. كان الاب بعيدا عن بيت الام والاولاد، لكن هذا لا يعني انه بعيد عن الاسرة الكبرى، اي الجماعة. فالجماعة او المجموعة البشرية او العائلة القرابية التي ربما تنتمي لجد واحد، كانت اسبق بالظهور من العائلة الزواجية، فكان الفرد البشري القديم ينتمي بالضرورة الى العائلة الاكبر،اي المجموعة، ويشعر بانه فرد منها ويمارس التعاون والحماية والصيد والنشاطات الاخرى مع الجماعة ككل. فالجماعة؛ هي العائلة الكبرى التي ينتمي اليها افراد المجموعة البشرية القديمة جميعا. من اسباب عدم وجود العائلة الإنجابية او اقتصارها على الانثى وابناءها فقط دون الاب او الذكر الغائب عنها، ان البشر قديما لم يكونوا يعون ان المباشرة الجنسية بين الذكر والانثى هي سبب الحمل وانتاج الذرية، بل ان الانسان كان لا يعرف من هذه العملية الجنسية الا اشباعا للرغبة، خصوصا وان اثار الحمل لن تظهر الا بعد زمن طويل من المواقعة الجنسية. وكان يعتقد ان المراة ربما كانت تحمل طبيعيا بدون سبب يتعلق بالذكر او الجنس، بل إنها منتجة بطبيعتها كما الارض مثلا تنبت النبات ذاتيا،ربما هذا مادار في مخلية الانسان القديم؟
وكان الذكر يتصرف كما يتصرف بعض انواع القردة الحالية، فهي تمارس الجنس مع الانثى وتنتهي علاقته بها الى هذا الامر، ثم تحمل الانثى وتضع صغارها، والذكر متمتع بعدم المسؤولية. لكن ايضا سنلاحظ مجتمع القرود كذلك، ان الفرد فيه يشعر بانتمائه للعائلة الكبرى، اي مجموعة القردة. ولم يكن الذكر البشري القديم يعلم بانه جزء من هذه العملية الانجابية وسببا في الحمل الا في عصور متأخرة. وبالرغم من كونه عضوا في المجموعة التي هي الاسرة الاكبر، لكنه لاحقا سيحقق اسرته الخاصة الصغيرة الانجابية، ويبدا يهتم بالصغار ويرعاهم، ويستأثر بالأنثى التي يمارس معها التلقيح كأنثى خاصته، بعد ان كن الإناث ملكا مشاعا لكل الذكور، كما كان الذكور ملكا مشاعا لكل الاناث. وهنا، وفي ضل تلك الحياة الاجتماعية الجديدة ستظهر عواطف جديدة؛ مثل الغيرة على الانثى، ومبادلة المشاعر والحب معها طيلة اليوم بعد ان كانت تلك المشاعر تنتفي بانتفاء المواقعة الجنسية. وايضا ستنشأ العلاقة العاطفية بين الاب والابناء والتي كانت غائبة لزمن طويل من عمر البشرية، ومقتصرة على الام غريزيا، والتي ربما قد ورثتها من تطور الاسلاف الاقدم من الثدييات التي طورت هذه العاطفة، ، هي والطيور، واصبحت لا تنتهي علاقتها بذريتها بمجرد الوضع كما كان ،ولازال، يحدث عند اغلب الزواحف.
وسبب اخر من قوة العاطفة والحياة الاسرية عند الانسان ان طفل الانسان عكس حيوانات كثيرة- ومنها الثديات ايضا- انه يحتاج الى فترة رعاية اسرية طويلة، لان طفل الانسان لا ينضج سريعا كما في الانواع الاحيائية الاخرى التي ينضج صغيرها ويستقل سريعا فلا يحتاج حياة اسرية ورعاية طويلة وان ضل فردا في المجموعة الاكبر. وربما ان الزمن الطويل نسبيا الذي يقضيه الابناء مع العائلة والام خصوصا سينشا تلك العاطفة القوية بينهما، وهذا ما يفسر تعلق الانسان بامه بقوة حتى في المجتمعات البشرية المعاصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق بين مفاوضات الهدنة ومعركة رفح| #غرفة_الأخبار


.. حرب غزة.. مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس| #غرفة_الأخبار




.. قراءة عسكرية.. معارك ضارية في شمال القطاع ووسطه


.. جماعة أنصار الله تبث مشاهد توثق لحظة استهداف طائرة مسيرة للس




.. أمريكا.. الشرطة تنزع حجاب فتاة مناصرة لفلسطين بعد اعتقالها