الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يعرضون الأبناء في أسواق النخاسة

محمد حسين يونس

2023 / 9 / 9
المجتمع المدني


منذ زمن طويل لم أعد اسمع خطب و أحاديث المسئولين ..و لكن تصلني بعض من أقوالهم عن طريق الأصدقاء علي النيت ..
التصريح الذى لفت نظرى أخيرا أن الدولة (الحكومة ) ستقوم بعمل ترتيبات خاصة بتهجير أفراد الشعب لدول لديها نقص في المواليد .
من الذين ستهجرهم الحكومة .. هل هم البؤساء الفقراء محدودى التعليم الذين يملأون قرى مصر و عشوئياتها و أحيائها الفقيرة ..و يمثلون أغلبية
بالطبع هذه بضاعة غير مرغوب فيها بالخارج إلا إذا كان لدول الخليج .. فتقبل عملهم المؤقت في الأشغال الدنيا التي لا يقبل عليها مواطنيها ...
.
هل هم الأطفال و العواجيز و المسنين الذين لا نفع منهم.. بالطبع هذه بضاعة مضروبة يرفضها السوق المحلي و العالمي
.. هل هم شباب الضبلط و رجال الشرطة و الأمن و القضاء .. هؤلاء لا يوجد لديهم أى سبب للهجرة نفوذ و مرتبات عالية .. و مستقبل مفروش بالورد و القوانين يصل بهم إما لكراسي الحكم أو لثروة المليارديرات ..
إذا لا يوجد صالح للعرض علي الدول التي تحتاج لزيادة عدد مواطنيها إلا الأطباء و المهندسين و الصيادلة .. و العلماء .. و المتخصصين في علوم الكومبيوتر و الذكاء الإصطناعي .. فهؤلاء لا حاجة لهم في بلدهم و قد يفيدون الأغراب
يعني الحكومة المحترمة تريد تفريغ البلد .. من أفضل ما فيها لانها غير قادرة علي الإستفادة منهم و توفير حياة كريمة لهم .
أن تعيش فى وطن متخلف فهذا قدر ميلادك الذى لا دخل لك بحدوثه ، فإذا ما وعيت لمدى تخلفه وقررت ألا تستسلم لواقع متردى ، أصبح عليك ان تختار بين أحد دربين لتسلك ،
إما ان تغادره لبيئة أفضل كما كان يحدث دوما ( قبل أن يصبح هناك حدودا وقوات امن ومطارات وموانئ وتصاريح دخول وخروج ) حين شهدت البشرية هجرات جماعية وفردية لقوم ضاقت بهم سبل الحياة ، فرحلوا سلما او حربا الى بيئة أفضل،
أو ان تسعى لتخليص وطنك من عوامل التخلف ، وهو أمر اصبح اليوم مستحيلا .. بعد تحكم الضباط في كل تفاصيل حياة المصريين فارضين إسلوب عمل قسرى عليهم ينحل وبرهم و يمتص دماؤهم .. أو السجون و المعتقلات العديدة للعصاة .
عادة ما كان المحرك الأساسى الذى يدع الانسان لاتخاذ أحد الطريقين هو الوعى بالمأساة ،فالانسان البدائى ، كان يتحرك عندما يفتقد لمقومات الحياة الاساسية ( الماء والطعام ) فيهاجر من بيئة ضنينة الى أخرى معطاءة ، ثم عندما عرف البشر تعدد الديانات والمذاهب كان الاضطهاد السبب لهجر الوطن ( أغلب المهاجرين لأمريكا وأستراليا هاجروا هربا من الاضطهاد المذهبى ) وفى مرحلة أكثر تقدما ، كان عدم تحقيق الذات دافعا كافيا لأن يلجأ البعض الى السوق الذى يستوعب علمه او فنه او حرفته او بيئة يتوافق معها.
الأن هناك سبب جديد أن تكون الحكومة غير قادرة علي إدارة الدولة فتبحث عن وسيلة للتخلص من الناس .. إذا لم يكن بسجنهم و تجويعهم .. و إهمال صحتهم و تعليمهم ..فبتحديد النسل القسرى و الأن بالتهجير المنظم لخير الأمة من الشباب .
.
وادى النيل ( كيميت – مصر ) كان منذ نهاية العصر المطير منطقة جذب لسكان الأقاليم المجاورة المجدبة ،فاتجهوا اليه مهاجرين أو غزاة ، من جميع الاتجاهات الجغرافية ( شرق غرب جنوب شمال ) وكان الغريب يحظى بفرصة متساوية تسمح له أن يعيش ويساهم فى النمو وتخصيب التنوع الحضارى الذى أكسب الوطن حيوية ، إنعكست على إنجازاته التاريخية ،
فطالب الرزق كان يجد ضالته فى الكيان الاقتصادى متعدد الوجه الذى أنشأه المصرى منذ زمن البداية ،
ومن هرب من الاضطهاد كان يجد وطنا بديلا متسامحا، ومرونة فى استيعاب الآخر واحترام عقيدته ،
فإذا ما كان يسعى لتحقيق ذاته ، كان الترحاب غير المحدود يؤجج من قبس إبداعه ، سواء كان هذا فى مجال العلم او الفن أو تقديم الجديد لتطوير الزراعة والحرف ،
( كيميت مصر) كانت جنة الموهوبين وقبلة المهاجرين ووطن الفرص السانحة ، لكل من يفد اليها مهاجرا أو غازيا ،وكان المصرى دائما ما يستوعب يضاعة الغرباء ويعيد إنتاجها وصياغتها ، لتمتزج فى نسيج واحد ، يميز تيار حضارته الممتد لآلاف السنين .
إنتاج المصرى لمفردات حضارته ، إستمر طالما كان محافظا ( كنظام وأفراد ) على حيويته ومرونة استيعابه للآخر واستمرار كون الوادى منطقة جذب سكانى يتم فيها التفاعل بين الوافد والمستوطن لإنتاج الأحدث والأكثر تقدما
حتى ذلك الزمن ( منذ نصف قرن أو يزيد ) عندما تحول لمركز طرد لسكانه، فالريف المصرى لم يعد صالحا لكسب الرزق ، وضاق بفلاحيه الذين توالت هجرتهم الى المدن الرئيسية ، هاجرين قراهم لتزدحم بهم العاصمة ، عمالا وبوابين وشحاتين وكناسين ومتعلمين وفنانين ومهنيين وضباط وقضاة وحكام ومحكومين ،
غزو تسبب فى صعوبة الحياة فى المدينة ، ليصبح الأمل والهدف لكل من امتلك حرفة أو مهارة او علم ، أن يهرب ببضاعته الى الخارج لتتحول مصر من منطقة جذب الى منطقة طرد لأبناءها ولنفس الأسباب، ضيق للرزق بين سكانها
فهاجروا الى دول النفط والبترودولار ليجدوا جمود مذهبى معوق .. وهربوا الى أوروبا ، سقف طموح منخفض فاستوطنوا أمريكا واستراليا وكندا ،
الفقر وسوء التخطيط والتخبط أدى الى علاقة لا إنسانية حولت المصرى المتحضر الى جماعات متنافرة متخلفة لا تعمل لا تستهلك ترضى بالدون ، فتسكن فى الجحور وتشرب مياه ملوثة وتأكل خضروات مروية بالمجارى ، وتعيش عالة على شعوب العالم المنتجة للقمح والغذاء ، وتستسلم لحكم يسوقها بقوات الأمن على مدى نصف قرن ،
البلاء أصبح واقعا لا يناقش ، والحضيض أصبح مكانا طبيعيا ، بعد ان استولى الجمود ( عكس المرونة ) على مسار الأبناء والأحفاد ، وافتقد المصرى القدرة على التوافق مع عالم يتقدم بسرعة رهيبة ولا يهتم بمن لا يجاريه فمصيره الاندثار.
الوعى بالتخلف الذى هو حجر الزاوية لبداية التغيير ، مدفون تحت طبقات متراكمة من الادعاء بأنه ليس فى الامكان أفضل مما كان ،
وان هذا الشعب يعيش أزهى أيام تاريخه فى ظل نظام حكم الجمهورية الجديدة ،
أنشودة التقدم المزعوم هذه ، تبدأ بلحن افتتاحى عن الفراعنة والأهرامات والمعابد والشعب الذى علم الدنيا الحضارة ( رغم إهمال هذه الآثار وهذا التاريخ عمليا ) تعزفه أبواق الدعاية للتمويه على حالة الاحباط والشعور بالتدنى ،
ثم تستمر الانشودة بكورال أجهزة الدولة عن إنجازات الحكم ورجاله العظماء ، الذين بدونهم كانت نهاية هذه الأمة محتومة ،
أنشودة الانجازات هذه تحولت بمرور الزمن ،الى عائق سالب للوعى بالتخلف ومانع للتخلص منه ، بحيث أصبح التغيير غير وارد فى مفردات لغة المصرى الحديث ، حاكما كان أو محكوما ،
فالتغيير قد يفقد رجال السياسة والدين والاقتصاد والفن والدعاية وكرة القدم إمتيازاتهم وقدرتهم على التحكم فى توجهات الشعب ،فتحولوا بحكم مصالحهم الى مضادات للتقدم وأعداء لكل جديد وقاهرين للابداع والتطور.
رجال الدين يرون ان الابداع ضلاله وكل ضلالة فى النار ، ورجال السياسة يبحثون عن إستقرار وسكون شبيه بالموت، والاقتصادى يسهل عليه التسول والحصول على قروض وفرض ضرائب ورسوم عن تطوير أساليب و أدوات إدارة الانتاج ، والفن والدعاية مسموح لهم بأن يصفقوا فقط للحكام ، ويجملون واقع شعب أليم لقبول ما لا يمكن قبوله ،
فى مصر أصبحنا نعد من الأمم الأكثر تخلفا حتى فى مجال لعبة كرة القدم ( إدارة ولعبا وتشجيعا)
ولكن المصيبة أننا لا نعى ما وصلنا اليه من إنحدار ففقدنا القدرة على السعى للتغيير فى عالم تخلى عن الثوابت فى كل مجال ، عالم يؤجج فيه الابداع بالمنافسة والصراع ،
فهل نفيق.. يا سادة نحن أمة متخلفة بكل المقاييس ، أسلوب عملنا .. اقتصادنا المتدهور .. فننا الهابط .. برلماننا الصورى .. وزراءنا الموظفين .. علماءنا العجزة .. تعليمنا المتدهور .. صحتنا غير المحمية .. طرقنا المدمرة .. منازلنا المنهارة .. أقسام الشرطة المخجلة لما يحدث بها.. أكلنا الملوث .. البشر المتواكلون على حكومة ضاع منها خيوط التحكم .
لا علم .. لا فن .. لا ثقافة .. لا ذوق .. لا تعليم .. لا صحة .. لا محافظة على كنوز الماضى .. لا توظيف للطاقات الانتاجية .. لا اهتمام بالنظافة .. لا تأمين ضد الكوارث .. لا تنظيم للأسرة .. لا توافق فى الأزياء والملابس .. لا عناية بالأطفال والشيوخ .. لا أدب فى التعامل مع الكبار .. لا قراءة .. لا موسيقى محترمة .. فما الذى بقى لهذا الشعب ليدعى انه ليس متخلفا !
حتى التكافل الاجتماعى أصبح وسيلة للتربح والكسب ..الترفيه إنحسر فى زيارات مكوكية للجزيرة العربية .. ميكروفونات مزعجة .. كلاكسات لسيارات يقودها فتوات .. عداء للأشجار والخضرة وإعتداء على الأرض الزراعية التى تتآكل لصالح كردونات المدن ..
حرق قمامة وتلويث هواء .. ألفاظ منتقاة فى الانحطاط يتداولها الصغار قبل الكبار على الملأ .. التحرش بالسيدات والفتيات فى الشوارع وأماكن العمل والترفيه والأسواق ..
إعلانات كاذبة تشعل الشعور بالدونية .. أغنياء منعزلين فى مجتمعات مغلقة محصنة ومحروسة .. ماذا بقى ؟
انتخابات مزورة ، وناخبين مرتشين ماديا أو معنويا او مدفوعين بواسطة البوليس والأمن ..
تبادل الاتهامات بين الديانات والملل المختلفة .. قسوة على الحيوانات حتى فى حديقة الحيوان .. حرائق لا تطفأ فى الوقت المناسب ، ومرضى لا تسعف فى الوقت المناسب وقمامة متناثرة فى كل مكان ، وقوات بوليسية مرصوصة فى الشوارع لساعات بدون سبب إلا تأمين مرور مسئول لدقائق
،
كل المؤشرات الاقتصادية العالمية تشير بأننا لسنا بعيدين عن السقوط ، مجمل الناتج القومى المتدهور – الميزان التجارى المائل دائما لصالح الاستيراد – مستوى دخل الفرد المنخفض –استهلاك اللحم ، استهلاك الكهرباء، حالات وفاة الأطفال ، التسرب من التعليم ، انتشار الأوبئة ، ضئآلة المعاشات ، تجميد النقابات ..
صحافة وإذاعة وتليفزيون تديرها المتحدة غير موثوق بها ومهجورة لصالح الفضائيات والانترنت ، فهل نحن شعب خارج دوائر التخلف . .
يا شباب مصر هاجر بنفسك .. إهرب .. قبل أن تتحول لسبوبة يبيعك المسئولين في أسواق النخاسة لقاء بضعة دولارات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذنا الكريم
عدلي جندي ( 2023 / 9 / 9 - 14:01 )
كتبت
رجال الدين يرون ان الابداع ضلاله وكل ضلالة فى النار ، ورجال السياسة يبحثون عن إستقرار وسكون شبيه بالموت
ف زيارة سريعة وبالطبع لن أصمت خلال تنقلاتي وزيارات الأماكن والمتاحف التاريخية هالني ف متحف الحضارات مناقشة مع مرشدة سياحية تشرح باللغة الانجليزية ما قالته لي تعقيبا ع ملاحظة لي اهو اخناتون (وكان تمثاله خلفي) أول من نادى مثلنا (المسلمين)بالتوحيد بما معناه ديننا ع حق ...ومن عندي شاهد على حلاوة اسلامنا وخفة دمنا وراحة عقولنا وأما باقي الرحلة كانت حوارات وردود صادمة ولذا قلت لهم أنتم تستحقون ما أنتم فيه وعليه طالما حتة عيل يلبس قفطان وجبة سيان أسود اللون أو مقلم أو لون غير الأسود بتسمعوا كلامه وتصدقوا وعوده اللي هي تخاريف يبقى مصيركم معروف ولن يركب سوى الأكثر خباثة وإجرام وستظلون ألعوبة الشاويش والفقيه يتنعم بخيرات بلادكم وي ر ك ب ويدلدل رجليه
عبودية مقيتة سخيفة لن يخرج من تبعات إجرامها سوى شعوب يقظة ذات عقول منتبهه يقظة لا يضحك عليها الكائن الخرافي


2 - إضافة
عدلي جندي ( 2023 / 9 / 9 - 14:13 )
يقولون
دود المش منه فيه
غالبا وللأسف أقرأ مداخلات أطباء ومهندسين وووو...ألخ ع الفيس عقول محشوة خرافة
الأطفال يضحون بهم ف الهجرات العشوائية وكم غرق وعانى منهم
الكبار يسبحون بحمد من يتركهم فريسة الغيبيات
الكبير سبب ركوبته جماعة إجرامية وأعتقد كان شريك لهم ولكن عُض قلبي ولا تعض قريشي
الزعيم الخالد وصل بطريق الجماعة الإجرامية وإختلفوا ع سلخ الضحية(الشعب)
تحركت غالبا بمفردي حتى أشاهد الشعب عن قريب وبواسطة مواصلات عامة أو تكات ك وشاهدت مأساة شعب مُغيب ضائع و



تحياتي


3 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2023 / 9 / 10 - 05:10 )
أ شكر مرور سيادتك و إضافتك عن تجربة شخصية لك في مصر .. لا أعرف كيف سيجرى الحل .. و لقد تم السيطرة علي عقول و جيوب المصريين واصبح يتميز أبناء طبقة تمتلك أموال لا حصر لها .. و غباء إستهلاكي فظيع تسبب في ةزبادة الأسعار بشكل جنوني ..
حتي أن معظم افراد الطبقة الوسطي .. جرى تخفيض شريحتهم لتقترب من الفقر .. الناس إمات نتظرمعجزة ربانية أو مستسلمة بخوف أو ترجو المغادرة لمكان أخر أمن او للاخرة ينعمون فيها بالسكون .. الحالة سيئة للغاية .. و يريدون إستمرارها لست سنين أخرى تحياتي

اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق