الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات الأخوة مع -قلاية البيض-!!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2023 / 9 / 11
المساعدة و المقترحات


يقال بأن كلمة الأخ جاي من الآخ والوجع والألم، بمعنى أن المرء عندما يتألم ينادي على أقرب الناس إليه؛ ألا وهو الأخ، طبعاً قد تكون فيها بعض المبالغة حيث هناك من هو بمرتبة الأخ وربما قبله، مثل الأم والأبناء ولكن يبقى الأخ من أولئك المقربين للإنسان بكل تأكيد ويجب على المرء أن يشعر بمعاناته هو أيضًا وليس فقط أن تنادي عليه عندما تتعرض أنت للألم والمعاناة، أي أن تكون العلاقة متبادلة بحيث تشعر به وذلك قبل أن تطلب وتنادي عليه عندما تكون محتاجًا إليه.. ما جعلني أكتب ما سبق هو حال بعض الأخوة وبالأخص عندما يكون أحدهم في بلدان المهجر؛ أوروبا ويملك من الامكانيات المادية ما يجعله قادرًا أن يقوم برحلات ترفيهية لنفسه ولعائلته سنويًا لدول أوروبية وحتى لتركيا وغيرها من الدول، ناهيك عن حياة البذخ والحفلات والأعراس وشنشلة الزوجة بالذهب، لكن وعندما يطلب منه أحد إخوته ممن بقي في سوريا أو إحدى دول الجوار لها تجده يحلف أغلط الإيمان أن "الأوضاع صعبة ولا يقدر أن يساعده بشيء"! ولكي لا يبقى الكلام نظريًا، فإنني سوف أسرد ثلاث حالات أنا مطلع عليه شخصيًا، لتكون شواهد على ما سبق وذكرناه:

الحكاية الأولى؛ الأخ الأوروبي قام برحلة أوروبية بسيارته وكلفه ما يقارب خمسة آلاف يورو وحينما طلب أخوه الذي في الداخل، بعض المصروف (150) يورو صار يشكي ويحلف بأنه ما يقدر وبأن ظروفه صعبة والشغل متوقف، وبأن هي آخر مرة سيرسل شيء. الحكاية الثانية؛ أخ آخر أو بالأحرى عدد من الأخوة هم في أوروبا ولهم أم وأخ في عفرين، كانوا عاملين ترتيب ودور؛ بأن يرسل واحدهم (30) يورو للوالدة، طبعًا ودون أن يرسلوا شيء لذاك الأخ المسكين بحجة أن "الأوضاع صعبة". لكن حينما قرر الأخ المتبقي في عفرين الهجرة عن طريق المهربين، قام أحد إخوته الذين في أوروبا بشراء حصته من الزيتون نقدًا! أما الأخوة في الحكاية الثالثة هم أيضًا في بلد أوروبي ويملكون ما يستر الحال مثل كل من يقيم في أوروبا ولهم أخ يريد أن يعود من دولة مجاورة لسوريا إلى عفرين، بعد أن ضاقت به المعيشة في مكان إقامته، لكن تلك العودة تتطلب مصاريف نقل ورشاوي وأتاوات ليصل إلى المنطقة، وها هم الأخوة "الأوروبيين" مثل الآخرين يحلفون ب"راس هارون وقارون"؛ أنهم لا يملكون شيء وربما وفي أحسن الأحوال أن يقدموا له بعض اليوروهات وهي لا تكفي ثمن الأكل والشرب، ناهيكم عن مصاريف النقل وأخيرًا الأتاوات وتأمين المستلزمات الضرورية للحياة، طبعاً هؤلاء الأخوة الأوروبيين لو أحدهم باع نصف أحذيته يمكن أن يغطي تكلفة احتياجات الأخوة المتبقين بالداخل، ناهيكم عن الذهب والأساور التي تزين معاصم زوجاتهم.. وبعد كل هذا وذاك تجدنا كلنا نقول؛ آخ يا أخ، للأسف كلنا ننافق في حياتنا!

ملاحظة؛ أولًا؛ هذه ثلاث حكايات لثلاث عائلات وتوجد شبيهات لها في عدد من العائلات الأخرى، كما هناك الكثير من الحالات الأخرى والتي قد تكون أكثر مأساة ومرارة ولكننا قدمنا لكم هنا ثلاث حالات ونماذج من حكايات النفاق والمآسي لعلها توقظ بعض الضمائر النائمة. وتالياً؛ أعلم بأن هناك الكثيرين الذين يساعدون الأهل والأخوة، وهم محل تقدير، لكن رغم كل ذلك وكل ما يقدمه هؤلاء للأهل مشكورين، فإن قضية التعاطف ومساعدة الأهل ما زالت دون الطموح والمطلوب حيث لو كنا نساعد حقًا وبما يمليه الواجب الأخلاقي والوطني والانساني والأخوي علينا، لم احتاج أحدهم هناك لشيء ولعاشوا حياة رغيدة وما احتاج لشيء، والأهم ما احتاج أحدهم في الهجرة ولو على كف عفريت وليس فقط ركوب أمواج البحر.

بالأخير وبعدما رأينا من حكايات الأخوة، تستحضرني الذاكرة هنا حكاية من تراثنا الشعبي في عفرين؛ ألا وهي حكاية الأخت الفقيرة التي ذهبت لزيارة الأخت الميسورة وكانت هذه الأخيرة قد قامت بقلي بعض البيض ووضعتها أمامها لتأكلها، وبينما هي على تلك الحالة والقلاية أمامها طبت عليها أختها، وعندما وجدت بأن لا وقت لديها لاخفاء القلاية، فإنها دفعتها لبين ساقيها وأخفتها بخفتانها ولا فستانها، فما كانت من الأخت الفقيرة وهي تشاهد؛ كيف أن أختها تخفي القلاية، إلا أن نطقت بالكلمات والعبارات التالية لتصبح حكمة نتدوالها لليوم؛ "Dinya tim hana nabê û dûvî tewkê tim di te venabê"، وبما معناه؛ لن تبقى الدنيا هكذا أبداً ولن تدخلكي مسكة القلاية دائماً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضاحية الجنوبية لبيروت تفتح أبوابها أمام الإعلام الدولي.. ل


.. غارة إسرائيلية على مقر هيئة صحية بمبنى سكني في بيروت يوقع 7




.. الولايات المتحدة.. فيضانات تغمر مناطق سكنية • فرانس 24 / FRA


.. الرد الإسرائيلي على إيران: هل يفتح نتنياهو أبواب حرب إقليمية




.. حزب الله يستهدف تجمعات لجنود الجيش الإسرائيلي داخل إسرائيل و