الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهافت -إقتصادنا- 14

نعيم مرواني

2023 / 9 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المصالح الخاصة والمصالح الاجتماعية

يُميّز المؤلف بين المصالح الاجتماعية والمصالح الخاصة ودوافعهما فيقول في ص 320-321: "المصلحة الاجتماعية لاتتفق في اكثر الاحايين مع الدافع الذاتي لتناقضها مع المصالح الخاصة للأفراد. فان الدافع الذاتي الذي كان يضمن اندفاع الانسان نحو المصالح الطبيعية للانسان، لايقف الموقف نفسه من مصالحه الاجتماعية." ثم يؤكد في ص 322: " ان الانسانية بحاجة الى دافع يتفق مع المصالح الاجتماعية العامة، كما وجدت المصالح الطبيعية الدافع الذاتي حليفا لها."
ونحن لانرى حدا فاصلا بين المصالح الخاصة للانسان والمصالح الاجتماعية، فكل مايتخلى عنه الفرد لصالح المجتمع لابد ان يعود عليه بالنفع وبالتالي فالأصل هي المصالح الخاصة. إذن فالفرضية التي سيجادل المؤلف حولها في عدة صفحات آتية ليثبت ان العلم غير قادر على حلها وفي الاسلام وحده يكمن الحل الامثل هي فرضية خاطئة أصلا (False Premise).
التي "لاتتفق مع الدافع الذاتي للمصالح الخاصة،" ليست المصلحة الاجتماعية بل المساواة الاقتصادية التي يبشر بها المؤلف، وهو حين يدفع باتجاه المصالح الاجتماعية بالضد من المصالح الخاصة انما ينظر للمسألة بمنظار اشتراكي مصبوب بقالب روحي مثالي هذه المرة. منظار اشتراكي لايراعي تفوق بعض الناس على بعضهم بدنيا وعقليا ،كما اسلفنا، تفوق يفترض بأي نظام اقتصادي، ينشد العدالة وتاليا الاستدامة، ان يرضيه.
غالبا مايرتبط مفهوم المصلحة الاجتماعية بالظلم والتعسف لانه مفهوم فضفاض يقبل التأويل اختلقته الانظمة الاستبدادية لتبرير كبت حريات الناس وتحديد تطلعاتهم وطموحاتهم الاقتصادية ومصادرة ممتلكاتهم واعادة توزيعها على من هم أقل منهم كدا وطموحا واجتهادا وتفوقا بحجة المساواة.
الانسان كائن اجتماعي بالفطرة والاكتساب وبالتالي فهو حتما سيتخلى عن بعض مايراه امتيازات او حقوق خاصة به للآخرين. وعندما يفعل ذلك انما يفعله بدافع شخصي أناني - قبل أن يكون اجتماعي- لكن بما أن مصلحته اضطرته الى التخلي عن بعض امتيازاته للحفاظ على حياته أو لتضخيم املاكه فالنفع بالنهاية شمل الاثنين: الفرد والمجتمع.
عندما عجز الانسان البدائي عن مواجهة الطبيعة والوحوش الكاسرة بمفرده، إنضم الى تجمعات بشرية للاحتماء بها واضطر الى اشراك صيده او مايجمعه من مؤونة مع الجماعة من أجل ذلك فيما اطلق عليه في عصور لاحقة " المشاعية البدائية" (Primitive Communism). ولايعتبر تخليه عن مؤونته وممتلكاته للجماعة من أجل السلامة أوالتملك عملا اجتماعيا صرفا، انما دافعه لفعل ذلك دافع أناني فردي.
الفلاح عندما يبيع محاصليه ويدفع للبناء كي يبني له دارا او يدفع لصاحب معرض السيارات لشراء سيارة او يدفع للحلاق كي يقص شعره او للبزاز أو النجار...الخ فهو لم يفعل ذلك بدافع اجتماعي انما بدافع شخصي لكن عندما ارضى جميع الاطراف حاجاتهم من خلال تبادل بضائعهم أو خدماتهم حقق عملهم هذا المصلحة الاجتماعية العليا.
وعندما يشترك الفرد في "سلفة" أو قرض دوري (Lending Circle) مثلا مع تسعة أشخاص، فهل دافعه هنا شخصي ام اجتماعي؟ والجواب هو الاثنين: كل واحد من العشرة سيستفيد وهذا يمثل المصلحة الخاصة وبما ان كل الافراد العشرة استفادوا من بعضهم البعض فيكونوا بهذا حققوا مصالحهم الاجتماعية. اذن لاحاجة لنا هنا للبحث عن قوة دافعة ( أو دافع ذاتي كما يسميه المؤلف) لتحقيق المصالح الاجتماعية طالما ينتهي تحقيق المصالح الفردية حتما الى تحقيقها .
الأنا او الذات وراء تقريبا كل مانقوم به من اعمال او افعال سواء مادية أكانت ام معنوية، وحتى حين ينفق المسلم من أمواله او يتصدق ببعض منها، فهو يحاول بهذا شراء حياة ابدية لنفسه في جنة خالدة، وليس ابتغاء لوجه الله من أجل الله وحده. فالله فطر الانسان ويعلم مافي نفسه وما آيات الترغيب في القرآن الا اعترافا بانانية الانسان وتاليا الوعد بارضاء مصالحه الخاصة إن أطاع.
حدثني صديق ان رجلا من السماوة يعوزه الجاه والنفوذ أراد أن يكون شيخا ( رجل ذو جاه وسلطة في مجتمع عشائري) فبنى له دار ضيافة كبيرة (مضيف/مضافة) واخذ يذبح الخرفان ويدعو الناس الى الولائم، وكانت الناس تكيل له الاطراءات وتتغنى بكرمه كلما تحولقت حول مأدبة من مآدبه فضن انه يوشك ان ينال اللقب. وما أن نفد ماله حتى تفرق الناس من حوله وبقي ترتيبه الاجتماعي كما كان. يقينا انه كان يقوم بعمل اجتماعي كبير، لكن هل كان دافعه شخصي أو اجتماعي؟
الطب مهنة أنسانية نبيلة، لكن الطبيب لا يعالج مرضاه من أجل المجتمع، أنما من أجل حاجة شخصية: المال، صحيح ان عمله يبدو وكأنه مساهمة اجتماعية صرفة بينما هو في حقيقته ممارسة مهنة غايته منها كسب المال. لاننفي وجود أطباء يقدمون خدمات مجانية ولكن هؤلاء يمثلون الاستثناء وليس القاعدة ولعل بعضهم يروم ثمنا في الآخرة أو سمعة طيبة او مرتبة اجتماعية فهم بالتالي أنانيون يبحثون عن منافع فردية مغلفة بغلاف اجتماعي. الأمر ذاته يشمل المحامي والمعلم والبنّاء وبقية الحرف الاخرى.
أما فيما يخص تطبيقات الامر -المصالح الفردية تقود الى المصالح الاجتماعية- على موضوع البحث (الاقتصاد) فسنرى ان رب العمل بحاجة الى العامل لانه لايستطيع بمفرده القيام بعمليات الانتاج الوفير وبالتالي لايمكن للعمل وتاليا الربح أن يستمر. وعندما يرفض العمال العمل مقابل اجور زهيدة او اجور كفاف (Subsistence Wages) ويفضلون العمل، في سوق عمل تنافسي، لمن يدفع أعلى أجورا، لايجد رب العمل في هذه الحالة بدا من زيادة أجور العمال. وعندما يفعل ذلك فلم يفعله ايمانا منه باشراك ارباحه مع العمال بدافع اجتماعي، انما فعله بدافع أناني لانه ان لم يزد اجورهم فسيخسر الكثير من ارباجه. إذن فأي نظام اقتصادي يمنع الاحتكار ويشرعن المنافسة كفيل بخلق دافع ذاتي يشرك من خلاله الاغنياء أموالهم مع الفقراء دون الحاجة الى الوعظ الديني أو الترهيب بغضب الله او الترغيب بجنته.
"ضمان معيشة العامل حال التعطل يتعارض مع مصلحة الاغنياء، الذين سيكلفون بتسديد نفقات هذا الضمان،" يجادل المؤلف لاثبات فرضيته ان الدافع الذاتي يحول دون تحقيق المصالح الاجتماعية. لكنه أغفل في هذه الجزئية دور الاقتصاد السياسي المتمثل بالحكومات المسؤولة عن تنظيم العلاقة بين اطراف العملية الانتاجية وضمان استدامتها. تخصص الحكومات الرأسمالية جزءا من الضرائب التي يدفعها العمال انفسهم لمساعدتهم حال التعطل اضافة الى وجود تأمين بطالة يتكفل بمصاريف العامل حين يفقد عمله وعليه فلاحاجة للعامل لمنة رب العمل أو ايجاد دافع اجتماعي يدفع الاغنياء الى التصدق على العاطلين عن العمل.

وظيفة العلم

ثم يتساءل المؤلف في ص 322: هل يمكن للعلم أن يحل المشلكة؟ ويجيب: "يتردد على بعض الشفاه أن العلم الذي تطور بشكل هائل كفيل بحل المشكلة الاجتماعية ... وهذا الزعم في الواقع لايعني الا الجهل بوظيفة العلم في الحياة الانسانية، فان العلم مهما نما وتطور ليس الا أداة لكشف الحقائق الموضوعية في مختلف الحقول ... فهو يعلمنا مثلا في المجال الاجتماعي: أن الرأسمالية تؤدي الى تحكم القانون الحديدي بالاجور وخفضها الى المستوى الضروري للمعيشة ... والعلم حين يبرز لنا هذه الحقيقة أو تلك، يكون قد قام بوظيفته واتحف الانسانية بمعرفة جديدة ولكن شبح ذلك القانون الرهيب (قانون الاجور الحديدي) لايتلاشى لمجرد أن العلم اكتشف العلاقة بين الرأسمالية والقانون الحديدي."
وهذه مغالطة أخرى يقع فيها المؤلف ونظن انه خاض فيها عن عمد كي يقنعنا أن "الاسلام هو الحل." العلم ( علم الاقتصاد) حين يكشف لنا الحقائق أو القوانين فانه يساعدنا على معرفة مجرى الاحداث والظواهر واتجاه مساراتها، فنتدخل سلفا لحرف تلك المسارات وتغيير اتجاهاتها لصالحنا أو منع تهيئة الظروف التي تؤدي الى حدوثها والا فأن جميع الجهود والموارد التي تخصصها الدول للبحث العلمي تذهب سدى وتصبح الاكتشافات العلمية مجرد بذخ فكري لاغير. العلم ( الاقتصاد السياسي تحديدا) ساعدنا على منع وصول الاجور الى حدها الادنى وتاليا نجح في توفير حلا للمشكلة الاجتماعية تمثل في تدخل الحكومات بين فترة واخرى لرفع الحد الادنى للاجور (Minimum Wage)
قانون الاجور الحديدي
هذا القانون الذي يستحضره المؤلف كلما اراد أن ينتقد الرأسمالية ويكشف مثالبها اصبح قديما وفقد تأثيره بتغير الظروف الاقتصادية والثقافات الاجتماعية. كان ذلك القانون وغيره من التبؤات المتشائمة كالتضخم السكاني ونفاد الموارد حذر منها اقتصاديون في مقتبل القرن التاسع عشر من أمثال البريطانيين ديفد ريكاردوDavid Ricardo 1772-1823)) وتوماس مالثاس (Thomas Malthus 1766-1834) وكانت الظروف الاقتصادية والثقافات المحلية في وقتهما مواتية لاحتمال تحقيق هكذا تنبؤات متشائمة. ارتفاع اجور العمال يدفعهم الى زيادة الانجاب وزيادة الانجاب تطرح في السوق أياد عاملة أكثر فتنخفض اجور العمال الى حدها الادنىSubsistence Wage)) نتيجة كثرة العرض وقلة الطلب، هذا هو التعريف المختصر لقانون الاجور الحديدي الذي حذرنا منه ديفد ريكاردو.
للتخلص من قانون الاجور الحديدي، نصحنا المؤلف بمحو الرأسمالية، لكنه لم يقدم البديل ولم يبين لنا كيف مثلا يستطيع استدامة الاقتصاد الاسلامي والمحافظة على اجور ثابتة وماهي الحلول الاسلامية لمنع تداعيات قانون الاجور الحديدي المبني على قانون العرض والطلب في ظل تضخم سكاني لامناص من حدوثه لان الاسلام لايشجع تحديد النسل؟
هناك حقيقة فاتت المؤلف أو تجاهلها مفادها ان تأثير القانون المذكور اعلاه كان حكر على مجتمعات وظروف القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وليس العشرين والحادي والعشرين، او لنقل على المجتمعات الاقل تطورا. مجتمعات الدول المتقدمة في العصر الحالي تميل الى تحديد النسل كلما زاد دخلها للمحافطة على نمط معيشة مريح لان انجاب وتربية الاطفال صار أمرا مكلفا.
ففي مقال لجي نارغند (G. Nargund) منشور في مجلة المكتبة الطبية الوطنية National Library of Medicine) ) كتب يقول: من المرجح أن تؤثر التركيبة الاجتماعية والمعتقدات الدينية والازدهار الاقتصادي والتحضر في كل دولة على معدلات الولادة وتميل البلدان المتقدمة إلى انخفاض معدل الولادات بسبب أنماط الحياة المرتبطة بالثراء الاقتصادي حيث يمكن أن يستنزف الأطفال في كثير من الأحيان دخل العائلة بسبب السكن وتكاليف التعليم والتكاليف الأخرى المتعلقة بتربية الأطفال.
الرأسمالية (التي تكمن فيها قدرتها على تحوير نفسها لامتصاص الصدمات التي يولدها الضغط الجماهيري) في القرن العشرين شهدت تحولات كبيرة .. تحولات عاصرها المؤلف لكن لم يحتوها في بحثه اما لجهل منه أو لان تسليط الضوء عليها يتعارض مع جدليته: "الاسلام هو الحل." تحولات كذبت اتهامات المؤلف للعلم بوصفه عاجزا عن ايجاد الحلول وانه مجرد كشاف للقوانين.
من أهم تلك التحولات هو التدخل الحكومي وضخ الأموال لتحريك عجلة الاقتصاد حين تتباطأ أو تتوقف وكان ذلك استجابة لمشكلة الكساد العظيم (Great Depression 1929). طوَّر الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز (John Maynard Keynes 1883-1946) مايدعى "الاقتصاد الكلي" (Macroeconomics) طالب فيه الحكومات ، التي كانت تواجه مشكلة الكساد العظيم ، أن تحاول التأثير على مسار الاقتصادات عن طريق زيادة الإنفاق لتحفيز الطلب مقابل العرض في مواجهة الكساد، وفعلا تم ذلك واجتازت اقتصادات الدول الرأسمالية المشكلة وعاد الاقتصاد العالمي للتعافي التدريجي بعد منتصف ثلاثينيات القرن المنصرم.
التدخل كان ضرورة لابد منها انحنى لها النظام الراسمالي وتخلى عن بعض أهم مبادئه، كمبدا " اليد الخفية" (Invisible Hand) التي جادل فيلسوف الاخلاق الاسكتلندي آدم سمث في كتابه " نظرية المشاعر الاخلاقية" (Theory of Moral Sentiments by Adam Smith) بانها كفيلة بحل المشاكل التي تطرأ على الاقتصاد الكلاسيكي(أحدى مراحل الاقتصاد الرأسمالي) قادر على حل مشاكله بنفسه دون الحاجة الى تدخل الحكومات. كذلك عُدَّت نظرية الاقتصاد الكلي تخليا عن مبدا الحرية الاقتصادية الرأسمالي (Laissez Faire). إذن فالعلم ليس وظيفته اكتشاف القوانين وحسب بل كذلك تشخيص العلل وايجاد الحلول.

هل يكمن الحل في الاسلام وحده؟

وإعتمادا على ماتقدم من فرضيتين خاطئتين يستنتج المؤلف ان: " الدين اذن هو صاحب الدور الاساسي في حل المشكلة الاجتماعية عن طريق تجنيد الدافع الذاتي لحساب المصلحة العامة." ويقول في ص 325: " الدين هو الطاقة التي تستطيع أن تعوض الانسان عن لذائذه الموقوتة التي يتركها في حياته الارضية املا في النعيم الدائم، وتستطيع ان تدفعه الى التضحية بوجوده عن ايمان بان هذا الوجود المحدود الذي يضحي به ليس الا تمهيدا لوجود خالد وحياة دائمة."
ولكن ليس أي دين، يؤكد المؤلف، انما الاسلام وحده يوفر الحل. كيف؟ يستشهد بآية قرآنية: " فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون." فيقول ان المقصود بالدين الحنيف هو دين التوحيد الخالص وهو الذي وحده "يمكن ان يؤدي وظيفة الدين الكبرى، ويوجه البشرية على مقياس عملي وتنظيم اجتماعي تحفظ فيه المصالح الاجتماعية. وأما أديان الشرك او الارباب المتفرقة... فهي في الحقيقة نتيجة للمشكلة فلا يمكن أن تكون علاجا لها، لانها كما قال يوسف لصاحبي السجن- ماتعبدون من دونه الا اسماءً سميتموها انتم وآباؤكم، ماانزل الله بها من سلطان."
لاأرى في قول موسى لصاحبي السجن برهانا على عجز الديانات غير التوحيدية عن ايجاد الدافع الذاتي للمصالح الاجتماعية. لكن مع توضيح الاسباب المقنعة، يمكن الاستشهاد بتلك الآية لبرهنة جوانب روحية معينة ليس من بينها الفرضية القائلة أن الاسلام وحده يوفر الدافع الذاتي لحل المشكلة الاجتماعية.
إذا ماافترضنا جدلا أن فرضية المؤلف حول دور الدين في ايجاد الدافع الذاتي للمصالح الاجتماعية صحيحا، اذن فالمؤمن باي دين – وليس بدين توحيدي فحسب- سوف يجد الدافع الذاتي الذي يدفعه لخدمة المصالح العامة وذلك لانه يطمع في الثواب الذي يلقاه من ربه في الحياة الاخرى. اليس هذا هو القاسم المشترك بين جميع الديانات، توحيدية أكانت أم شركية؟
كان اتباع بعض الديانات الشركية أوالوثنية يقدمون ابنائهم قرابين لآلهتهم، فهل هناك ماهو أهم واغلى واعز على الانسان من ابنه او ابنته؟ واذا كان الايمان لدى المشرك من القوة التي تدفعه لذبح ابنه في مذبح الاله طمعا في ثواب الآخرة، فكيف يعجز عما هو ايسر بكثير؟ التخلي عن بعض امتيازاته او ممتلكاته للجماعة من أجل نفس الغاية. طبعا لايستطيع المؤلف الاعتراف بان الديانات الشركية تمتلك نفس الدافع الذاتي للمصلحة الاجتماعية أو حتى اشد من ذلك الذي يوفره الدين التوحيدي لان ذلك يتعارض مع كونه داعية اسلامية يشعر أن واجبه يتمحور حول تسفيه بقية الديانات وكشف عيوبها.
يتكئ المؤلف الى نصوص قرآنية كلما عجز عن مجاراة الجدل الفلسفي والعلمي الذي انتصبت عليه المذاهب الاقتصادية المعاصرة، مستعملا منهجين متناقضين للبحث ((two opposing methods of research ونسي ان ثلاثة ارباع البشرية لاتؤمن بالاسلام ولاتأخذ ماجاء بالقرآن مسلمات لاتقبل الشك، فكيف يمكن اقناعهم من خلال الاعتماد على تفسير او تأويل لآيات من كتاب لايؤمنون بما جاء به أصلا ولايعتقدون انه مُنزّل من الله كما نعتقد نحن المسلمين؟ اضف الى أن الدين لايمكن علمنته او عقلنته ( اخضاعه للبحث العلمي والعقل) لاحتواءه على معجزات لايقرها العلم ولا العقل .. العقل الذي لايراه لاهوتيون ، من أمثال القديس توما الاكويني (Thomas Aquinas 1225-1274) والأمام أبو حامد الغزالي (Al-Ghazali 1058-1111)، قادرا عن معرفة كنه الله.

تنويه: هذا واحد من سلسلة مقالات نقدية تشخص مكامن الخلل في كتاب "اقتصادنا" لمحمد باقر الصدر. لكي تتكون لديكم صورة مكتملة عن موضوع البحث، أدعوكم، سادتي القراء، لقراءة المقالات السابقة ذات العلاقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي