الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وللرجال عليهن درجة..... تشريف أم تكليف؟!

فاتن ناظر

2023 / 9 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


للرجال عليهن درجة . تُرى ما هي تلك الدرجة التي أعطاها الله عز وجل للرجال عن النساء ؟ ، وهل تلك الدرجة تفضيل أم مسئولية للرجال عن النساء ؟ .

إن الآية القرآنية تقول : 《وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ》 (228 من سورة البقرة)

عند البحث في العديد من التفاسير المختلفة للقرآن الكريم  ومنها تفسير الزمخشري وفخر الدين الرازي والطبطبائي والشعراوي ، وآخرين ، نجد أن أغلب تلك التفاسير قد أجابت عن تلك الأسئلة المثارة أعلاه والتي تشكّل جدلاً وتثير شكّاً لدى الأذهان، بما يُعد مدخلاً لإثارة حفيظة النساء وشعورهن بالضعف والدونية نتيجة إصرار وتأكيد زعم هؤلاء بتمييز الله للرجال وتفضيله ومحاباته لهم دون النساء .

وإن كانت تلك التفاسير قد اتصفت بذلك ، إلا أن بعض التفاسير الأخري قد أعطت للمرأة من خلال شروحها العديد من حقوق المماثلة والمساواة وكذلك إبطال إيثار الرجال المطلق الذي كان متبعاً في الجاهلية .
ومثل تلك التفاسير هو تفسير ابن عاشور في التحوير والتنوير ؛ بل إن ابن عاشور قد بلغ به تأويله لتلك الآية  أن الله عندما شرّع حقوقاً للنساء ، قد تسبّب هذا التشريع في مظنة فرط التحرج للرجال الذين ما اعتادوا على سماع حقوق خاصة بالنساء سوى الرضا بما يقدم لهن أو الشكر من السخاء المعطى إليهن ، لذا فأصبحن بتلك الآية يحصلن على حقوقهن من الرجال كرهاً وجبراً .

إن التشريعات والتكليفات التي تضمنتها تلك الآية خاصة بالمطلقات وفترة عدتهن وما يكّنون في أرحامهن ومطالبتهن بعودتهن إلى أزواجهن لأنهم أولى بهن لا سيما بوجود أجنة تنشأ في الأرحام .

وعندما يأتي الله عز وجل بأحكام وتكليفات - كهذه- من شأنها إصلاح لأحوال المسلمين ورسم واقع أفضل لحياتهم ، هذا وإن كان من شأنه يعتمد على مدى إمتثالهم لطاعة أحكامه وأوامره ونواهيه ، فإنه لا يأتي بها بصيغة الأمر الإنشائي وإنما بصيغة الخبر حتى يخفف من حدة وطأتها وشدتها على عقل وقلب المتلقي لإداء ذلك التكليف .

وهذا يعني أن ذلك الأمر ربما يَلقى قبولاً واستحساناً تبعاً للإيمان والخوف أوالطاعة والحب تنفيذاً لتعاليم الله، وربما لا يُنفذ لضيق صدر المأمور به بتحمل آثاره ونتائجه . لذا يأتي الله به بصيغة الخبر وليس الأمر المباشر حتى يتبين ويتضح الرُشدّ من الغَي .

وبعد كل تلك الأوامر والتكليفات والنواهي التي اختص الله بها الأنثى، والتي من شأنها تشكّل عبأً وثِقلاً شديداً على كاهل المرأة من التحمل والمشقة في استمرار حياة مع زوجاً لو كان يُحسن العشير منذ البداية لما استحالت الحياة بينهما وتم الفصال والتباعد .
لهذا فقد سارع الله تعالى أيضاً بميل الدفة إلى الشريك الآخر  في إنجاح تلك المهمة والوصول بسفينة الحياة الزوجية إلى برٍ أمن مطمئن ومستقر يكفله المودة والرحمة والتقدير ، حتى لا يُبخس المرأة حقها ويوفّيها أجرها ويكون لكل ذي حق حقه ؛ ولذلك فقد ختم الله عز وجل تلك الآية بأنه عزيز حكيم لا يقربه من قريب أو بعيد العنت أو السفه أو الميل والإنحراف .

لقد أراد الله أن يصل بمعنى الآية وإن جاء في استهلالها بتكليفات وواجبات للمرأة ، إلا أنه قد كرمها في ختامها بالحقوق والإمتيازات، وذلك من حيث بيان المساواة في الحقوق والواجبات فيما بينها وبين الرجل، وكذلك من حيث بيان إرتقاء تلك الدرجة من العرفان والتقدير والفضل من جانب الرجل تجاه للمرأة ، وذلك حتى تبذر الحياة نباتات خيراتها وتتحدد الأدوار المجتمعية وتتآلف وتتراحم النفوس البشرية فيما بينها ، ولا يبقى مكان من التشاحن أو التلازم والتنافر .

لذلك فقد جاء من خلال سرد تلك الآية أن للنساء مثل الذي عليهن ، كما أنه أمر الرجال أن يكون لهم على النساء ( درجة ) ، تلك الدرجة  تسير في سياق ونسق ذو وحدة متوازنة ومتكاملة منذ بدايتها حتى ختامها ، لذا فهي  ليست تشريفاً وتكريماً - كما ادعى البعض - وإنما هي تكليف وواجب ومسئولية .

إذن يجدر القول في النهاية أن تلك الآية ليس بها من الله تقريراً لموجود أو تفضيلاً منه ، وإنما إلزاماً وإلتزاماً لتنفيذ شيئاً معدوماً ومفقوداً للرجال على النساء. لأن الله يعلم عين اليقين أن المرأة رغم كل تضحياتها وتفانيها وعطاياها إلا أنها لا يُستوفى حقها ، ولما العجب إذن ....فهل يُستوفى كريم قط ؟؟؟ وهذا ما أكده رسول الإسلام في خطبته في حجة الوداع : " استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عوان لديكم " .

وأخيراً .....يبقى السؤال لو كان هناك مكاناً للتفضيل والتمييز تبعاً للجنس والهوى في القرآن ، فلِما جعل الله سبيل التكرّم ورفع الشأن والدرجات بالتقوى فقط دون غيرها ، وهذا ما قاله الله في كتابه : 《إن أكرمكم عند الله أتقاكم》.
لذا فأعتبروا يا أولي الألباب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسرحية بترا


.. العنف ضد المرأة في تزايد الأسباب متعددة والحلول غائبة




.. ضغوط نفسية وتحديات معيشية معاناة مزدوجة تعيشها نساء غزة


.. تفاعلكم | تفاصيل مفجعة عن شبكة لاغتصاب الأطفال عبر تيك توك ف




.. دور قوى وجوهرى للمرأة في الكنيسة الإنجيلية.. تعرف عليه