الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجندر والجندريون وأصحاب الجندر

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2023 / 9 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هناك الكثير من المفاهيم التي يمكن للإنسان أن يتلاعب بها وبما تحتوي على الكثير مما هو في الحياة الإجتماعيّة والسياسيّة وكذلك في النواحي الأخرى. ومن هذه المفاهيم مفهوم الجّنْدَر. هذا الذي يشغل الناس هذه الأيّام، وقد شغل المتخصّصين في المجالات البيولوجيّة والإنسانية والدينيّة على حدّ سواء، علاوة على المجال الإجتماعيّ. وقد دخلت إليها العناوين السياسيّة كي تكون كرة تتلاعبها أقدام أهل المصالح بعيدًا عن العلم وبعيدًا عن الإنسانيّة والعقائد الدينيّة والأخلاقيّة.
كانوا ومازالوا يلعبون على المفاهيم بين الحين والآخر ولا يخجلون، ولِمَ الخجل إذا كان التصالح مع الشيطان يلعب الدور الأهمّ والأصعب مع أبنائه، يا سادة. لقد إزداد عددهم الى الدرجة الواضحة من خلال الأفاعيل الغريبة (!) بعد أن ناضل أبو مرّة الى الدرجة التي جعلت من أبنائه حطبًا لحرائقه المستمرّة وهي ذاهبة الى جهنم سعيدة ومخلصة له! ولا أبالغ ولا يبالغ غيري إن أقول أنّ هذه الروح الشرّيرة التي يمتلكها البعض ليس بالأمر السّهل السيطرة عليها لمن لا ذهن له ووعي كامل فيما يحدث وما سيحدث. فلم يمرّ زمن أو عصر من العصور إلّا وينشغل الناس بأمر من الأمور على أساس العلم مرّة وعلى أساس الدين مرّة أخرى. وهي في الحقيقة كما يقول أهلنا الماضون (الدنيا تلاهي! أي مجموعة من الإنشغالات والإشغالات والزمن يمضي فيها ومعها وبها).
حينما يتعامل الدجّالون مع المصطلحات القادمة من اللغات الأخرى ومن الثقافات المتباينة في فكرها وفي ممارساتها، بل وحتى في الغايات من تطبيقها، تكون مصيبة من المصائب التي إبتليت بها المجتمعات والدول التي تتعامل مع هذه المصطلحات لغايات متعدّدة، أخرى لا تنسجم مع الثقافة الجديدة ومع ما يرتبط بها. يظهر على الشاشات وفي أسلوب يملأ الأسماع كي يدافع عن هذا المصطلح الذي هو في الحقيقة سياسة كاملة ومنهج كامل وأساليب تعدّدت لإيصال هذا المشروع الخطير لمحاربة الأخلاق أو السّياقات الفطريّة والإنسانيّة حتى من تلك الدول التي تحاول نشره. فالكمّ الأكبر من الناس في الغرب ضدّ هذا التوجّه وبمفاهيم متعدّدة منها تتفق مع رفضه جملة وتفصيلًا. حيث الكثير منهم يؤمن بالمسيحيّة المؤمنة وإن صرّح بابا الكاثوليك بغير هذا التوجّه، فالقسم الكبير من الطوائف المسيحيّة ضد هذا التوجّه، كي لا يقول قائل إن التوجّه، مسيحيّ ضدّ الإسلام، أبدًا، ليس هكذا.
والسؤال فيما يتعلّق بموضوعنا هنا: ما هو الجّنْدَر، بعيدًا عن التلاعب به؟ سنحاول في هذه الصفحات أن نسلّط الضّوء عليه بتفاصيل مهمّة كما أعتقد، منها وفق التصوّر والبحث العلميّ ومنها ما يخصّ وجهات نظر دينيّة وأخلاقيّة، وغير ذلك. وللقارئ أن يحدّد رأيه من خلال ما نذكر. وسأحاول أن أفتح باب التحاور من خلال السلسلة لمن أراد.
المعنى المقصود من هذه الكلمة كما ورد في العديد من المصادر، هي النّوع الإجتماعيّ وهو ما يتعلق بالجنس الآدميّ أو الإنسانيّ الذي خلقه الله تعالى في هذا الوجود كي تكتمل حلقة الإستمرار في الحياة وإلّا إنقضت وإنتهت، ولا يمكن أن تتعمّر بغير هذين الجنسين، أي الذكر والأنثى. بغير ذلك لا يراد لهذه الحياة أن تستمرّ بهذا التوجّه الفطريّ الإنسانيّ، وكذلك هذا التوجّه المريح للتوازن النفسيّ والبيئيّ عمومًا، وللقانون الطبيعيّ الذي يشمل من ضمن ما يشمل هذا الأسلوب أو التنظيم الذي يسيّر هذا الكون. وإلّا سيكون بديله الإخلال بالقانون الطبيعيّ كمن يريد أن يجعل الفايروس والمرض بدل العافية. لا تتعجّل وإنتظر لقول الخبراء وإن كان كلامهم ليس هو القول الفصل بالنسبة لي في بعض الجّوانب! لأسباب سأذكر قسمًا منها في المستقبل.
سؤال يطرح بين الحين والآخر: لماذا يتمّ إعادة إنتاج النظام الإجتماعيّ القائم على المساواة بين أفراد المجتمع من كلا الجنسين؟ وهل هذه المساواة إن وجدت فهل تتغيّر عبر الزمن والبيئة؟ وهل تتغيّر من ثقافة الى أخرى، ومن عصر الى آخر، وهل تتغير بحيث يلعب فيها الدين والعقيدة السماوية دورًا في ذلك الثبات إن وجد أو التغيير إن وجد؟
لا يقتصر طرح الأسئلة على ماذا يكون الجواب بل على ضرورة الطرح من عدمه. حيث هناك العلاقة التي مازالت تتضارب فيها الدراسات العلميّة مع الدراسات والنصوص الدينيّة والأخلاقيّة في جوانب معيّنة لا يمكن أن يكون فيها الباحث حرًّا كلّ الحريّة ليصل فيها الى حلّ واضح، بكلّ صراحة. ومن هنا نلاحظ بين الحين والآخر أن تظهر مظاهر بحجّة الدفاع عن حقوق ما، إن كانت للمرأة أو للرجل، وهي في الحقيقة، ليس هناك إتّفاق واضح لمعنى ولمضمون هذه الحقوق في التصوّر الإنسانيّ، إلّا من وجهات نظر متباينة ومختلفة. منهم من يريد أن يعتبر الحقوق وفق تصوّره الأخلاقيّ السياسيّ، وأخر وفق تصوّر دينيّ وفق مفهوم معيّن لا علاقة بأيّ مطلقيّة متّفق عليها في القول والفعل معًا. حتّى النّصوص الدينيّة هناك العديد من التفسيرات يمكن أن تكون فيها المفاهيم متضاربة ما بين حقّ (!) من وجهة نظر خاصّة به، وآخر. إبتداءً من العلاقات الإجتماعيّة والسطوة الواضحة للذكورة في بعض الثقافات، بينما هناك مفاهيم وآراء تطرح تجعل حتى النصّ الدينيّ بمفهوم تفسيريّ متطلعًا الى التطوّر الإنسانيّ، حتى فيما يتعلّق بالمواريث مثلًا، لا كما يتصوّر بعض مفسري النصوص الدينيّة. فكيف بقضيّة معقّدة لم يتّفق فيها العلماء على التفرّد بوجود جنسين أو أكثر؟! أنا لا أقول ذلك لا متحدّيًا ولا متقوّلًا على أحد، بل هي الحقيقة الواقعة لا أكثر. لذلك يحتاج أحدنا أن يقول كلمة ما ضمن الموازين العلميّة والأخلاقيّة لعلّها تكمل شيئًا ما أو تعمل حلًّا ما لهذه المعضلة التي ما زالت من المعضلات التي يتصارع فيها أهل المناكفات على من هو صاحب الرأي الصحيح وليس لأجل حلّ المعضلة المذكورة التي دخلت في دهاليز السياسة والمتاجرة بكلّ القيم الإنسانيّة بحجّة الدفاع عن الحقّ وحقوق الإنسان. وهذه الطروحات بلا إستثناء هي طروحات لا أكثر، ربّما تطرّق لها بعض منهم من وجهة نظر خاصّة قد إطّلعت على بعض منها (ولي رفض قاطع من قول نقله عن إحدى المؤلِفات في كتابها، حيث نقل النصّ كاملًا ولم يشر الى المصدر بوضوح إلّا من إشارة الى المصدر في المصادر العامة، بينما الأمانة العلميّة تقتضي الإشارة الى النصّ كاملًا علاوة على وروده في المصادر العامّة كما هو معروف لذوي البصيرة!) وقد ذكر الكاتب وجهة نظر ما، لكن يبقى لكلّ منّا وجهة نظر وفق تصوّراته وتطلّعاته وزيادة لعوامل غير تلك العوامل التي يتطرّق إليها الآخر. فيما يطرح من هذه الطروحات، ما فيها من الصحيح وفيها ما فيها من التعقيدات المقصودة أو غير المقصودة. وكان ومازال المحور الأساس هو المرأة بالدرجة الأساس وكأنّها غير كونها إنسانًا ويكفيها أن تكون إنسانا تأخذ ما يأخذ كلّ إنسان، وعليها ما على كلّ إنسان ضمن المريحات والأخلاق الإنسانيّة والضوابط التي تريحها كأي إنسان لديه الظروف المستجدّة التي يتمّ التعامل فيها بهذا القدر من التعامل الرفيع.
لذلك ترى الأبحاث قد تركّزت على المرأة وما يتعلّق بها من تأثيرات ومن مفاهيم، فمن التأريخ الى الحاضر، ولا أظنّ أنّ الأمر سينتهي بهذه السهولة كي يرسو الأمر على برّ من الأمان والإتّفاق الإنسانيّ. ويرى أحد علماء الدّينِ الفقيه والفيلسوف السيد كمال الحيدريّ في طروحاته الفائقة والرائعة وأقول المتقدّمة على الكثير ممّن طرح هذا الموضوع أو ما يتعلّق به من مواضيع جزئيّة، ما يرى الإنسان من تميّز في الطرح عن وضع المرأة وعن وضع الجّندر بشكل عامّ. وسنلاحظ ذلك من خلال ما نكتب عن هذا الموضوع في الأيّام والأسابيع القادمة بإذن الله.
يبدأ العمل مع الجّندر من خلال تحليل الكلمة ثمّ الأفكار المطروحة حول الجنسين عبر التأريخ والتمثيل الذاتيّ لكلّ جنس ودراسة التوزيع الذهنيّ والتعامل من خلال تأثير المحيط، علاوة على ما يتعلّق بالتكوين البيولوجيّ إن وجد هناك شيء ما يتعلّق بالتفريق أو الإتّفاق. ولا يخفى ما لتأثير المحيط من دور كبير لا يقلّ عن التأثير الفسلجيّ إن وجد(!) فالتعامل من خلال المحيط يلعب دورًا كبيرًا في تثبيت الشخصيّة أو عدم ذلك. ففي التعامل مع هذا الوضع (كما يسمّى بالنوع الإجتماعيّ). يدرس علماء الجنس ذلك التسلسل الهرميّ الإجتماعيّ ودوره الكبير والمهمّ فيما ذكرنا والذي نشأ فيما يتعلّق بهذا الوضع سلبًا أو ايجابًا. أي من خلال تأثير وضع الجنس الحقيقيّ على المحيط ووضع المحيط وتأثيره على ذلك الوضع أو الشخص عمومًا. ويذهب أهل البحث الى مجموعة الإنتماء والى العِرق والعشيرة أو الطبقة الإجتماعيّة التي ينتمي اليها الشخص، كما هو الحال في دولة قد إتّسمت في الإطار الشكليّ على أنّها دولة حريّة التفكير (كما في العراق هكذا! الذي يعيش التناقضات من عشرين سنة أو أكثر بسبب هذا التحرّر من كلّ القيود عند البعض حتى من القيود الأخلاقيّة في بعض المساحات أو في بعض المناطق أو عند بعض البيوتات! فقبل سنوات كان التعامل مع هذه الثلّة التي لم يتّفق على تسميتها البعض، تعاملًا غريبًا بلا أيّ فتوى، ولا أيّ رأي واضح حيث يُقتَل بأساليب غريبة وضعها من يقوم بالفعل! هؤلاء (أي أصحاب الحالة المشار إليها) في الحقيقة الواضحة ليس أكثر من المخنّث أو الخنثى وهما من جذر واحد كما تقول الدكتورة رجاء بن سلامة في كتابها بنيان الفحولة. فتعرّف من خلال بحثها على أنّ الخنثى هو الذي له ما للرجال وللنساء جميعًا وتطلق عليه بالمصطلح:
Hermaphrodite
وتقول بحيث أنّ هويّته الجندريّة غير واضحة لأسباب بيولوجيّة. أمّا المخنّث فهو رجل له سلوك أنثويّ: يتثنّى ويتكسّر كالنساء. إنتهى حديث الدكتورة رجاء. وهنا ينبغي أن نسأل السؤال التقليديّ: كيف كانت حالات التأريخ، أو كيف كانت أحوال هذه الفئات عبر التأريخ؟
تذكر الكاتبة د.رجاء بن سلامة في كتابها المذكور بعد أن أشارت الى حساسيّة الدخول الى هذا العالم بأنّه (مغامرة كتابة مظروفة ومختلفة الى حدّ ما). لتستطرد في بحثها الى ما يجمع بين الذكر والأنثى لتسلّط الضوء عليه من خلال الثقافة العربيّة لتطلق عليه بالثنائيّة المركزيّة. حيث يلعب السلوك المحيط والثقافة المحيطة دورًا كبيرًا في تحييد التوجّه ليضيع ما بين الواقع البيولوجيّ الفعليّ (إن وجد بتفاصيله) وما بين الواقع البيئيّ الذي يحكم على توجيه الشخص نحو الأنوثة أو الذكورة أو ما بينهما(!).
ما نقوله من خلال ما ذكرنا ومن خلال ما سنذكر: هناك ثلاثة آراء في التوجّه الجنسيّ: الأوّل يقول ببيولوجيّته والثاني ببيئته والثالث يقول بالعاملين الإثنين، أي البيولوجيّ والبيئيّ. حيث يدّعي البعض أنّ التوجه الجنسيّ يرتبط الى حدّ كبير بالبيولوجيّا وأنّ التحديد الأوّليّ للجنس هو أقوى مؤشّر للهويّة الجنسيّة في حالة بعض الأطفال ثنائيي الجنس. لكنّ الحديث الفصل عن نتيجة واحدة غير صحيح لأنّه لازال الباحثون مستمرّين في البحث عن العوامل الدقيقة في مسبّبات التحوّل الجنسيّ بدقّة. وقد أثارت بعض الرؤى عند بعض الأطباء المتخصّصين الكثير من الشجون مثل ذلك الذي يشير الى إحتماليّة بقوله (قد..) تلعب المتغيّرات البيولوجيّة والبيئيّة دورًا في تطوّر المتحوّلين (إنتبه الى أنّ التحوّل قد تمّ لأيّ سبب من الأسباب ليكون الحديث عما بعد فعل التحوّل) هذا ما يقوله إريك فيلان، دكتوراه في الطبّ، ورئيس قسم علم الوراثة الطبيّة وأستاذ علم الوراثة البشريّة وطبّ الأطفال وطبّ المسالك البوليّة في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس. ومازال الحديث عن المتحوّلين بعد السبب الأساس للتحوّل حيث يحدّد العلماء الإختلافات التشريحيّة في الدماغ بين المتحوّلين جنسيًّا وغير المتحوّلين جنسيًّا حيث قرّر الدكتور فيلان مع زملائه أنّ علم الوراثة قد يكون له تأثير خفيف الى متوسّط على تطوّر المتحوّلين جنسيًّا. ويبقى الظنّ في السبب الأساس لكون التأثير بيولوجيّا أو بيئيًّا: يقول فيلان (إنّ الأدلّة البيولوجيّة حتى الآن ليست قويّة. ويشير إلى دراسة أخرى في عدد أبريل 2010 من المجلة الدوليّة لعلم الذكورة تبيّن أنّ تعرّض الجنين لمادّة كيميائيّة معيّنة يبدو أنّ له تأثير على نمو الدماغ المرتبط بسلوك دور الجنسين. ويخلص فيلان إلى أنّه من المحتمل جدًا أن يكون التحوّل الجنسيّ نابعًا من مجموعة من العوامل الوراثيّة والبيئيّة)#
لم يكن التأثير في هذا الجانب حديثًا بل عبر التأريخ كانت هناك حالات من الشذوذ عن الطريق الطبيعيّ وعن الطريق الذي تفرضه الطبيعة البشريّة لغرض التكاثر والإتّصال العاطفيّ ما بين الجنسين. وقد أشارت الكثير من الوقائع الى وجود شيء من الشذوذ في التركيب البيولوجيّ يكون تأثيره الأساس هو ما يقوم به الإنسان في دور بشع من حيث يدري أو لا يدري في الخلل الذي سيصيب بعض التركيبات الداخليّة منها الكروموسومات التي تشكّلت من خلال التكوينات القادمة من الذكر الأب والأنثى الأم. ثم يبنى على مقتضى هذا الشذوذ التحوّل في السلوك الذي يلعب فيه الإنسان المحيط أو البيئة عمومًا في تجيير هذا السلوك الى ما يراد له.
لذلك تلاحظ الحديث يدوّن حول الإحساس أو الشعور بكون هذا صبيًّا أو بنتًا، أي أنّ الشعور الذي يرتبط بشكل واضح بالبيئة التي يعيشها الإنسان وهو طفل صغير من كلام وعيش وأكل وملبس والمحيط بشكل خاصّ وعامّ. فالكثير منهم، قد لوحظ أنّ لديه الميل أو لديها الميل الى الإتّجاه لملابس الآخر من تأثيرات محيطة لا أكثر. ناهيك عن بعض الإنحرافات التي يراها من شذوذ وغيره بعينيه فيبدأ الإنحراف الى الإتّجاه الآخر. أمّا ما يتداول عن ترتيب في الكروموسومات فلا علاقة له ومن درس علم الأحياء يعرف أنّ التكوين الكروموسوميّ إمّا
XX´-or-XY
فالأوّل يعني صبيًّا والثاني يعني بنتًا. ففي مرحلة الجنين وتكوينه، يبدأ كلّ جنين بزوج من الأعضاء البدائيّة، الغدد التناسليّة الأوليّة، التي تتطوّر إلى غدد تناسليّة ذكريّة أو أنثويّة في حوالي ستة إلى ثمانية أسابيع. عادةً ما يتمّ تحفيز التمايز الجنسيّ بواسطة جين موجود على الكروموسوم الذي يجعل الغدد التناسليّة الأوليّة تتحوّل أو تتطوّر الى غدد تناسليّة ذكريّة أو أنثويّة خلال ستة الى ثمانية أسابيع كما أشرنا. حيث يتطرّق أصحاب الرأي الى أنّه عادة ما يتم تحفيز التمايز الجنسيّ عن طريقة جين موجود في الكروموسوم وهو الجين الذي يجعل الغدد التناسليّة الأوليّة تتحوّل الى نوع معيّن ممّا يتّصف بالذكورة عضويًّا بحيث تتحوّل هذه الغدد المذكورة الى ما يتعلّق بالصفات والأعضاء التي يتشكّل منها جسم الذكر، كالخصيتين، اللتين تفرزان هرمون التستوستيرون والهرمونات الذكريّة الأخرى (التي تسمّى مجتمعة الأندروجينات)، ويتطوّر لدى الجنين البروستاتا وكيس الصفن والقضيب، وهكذا. إنّ الجين المسمى SRY يوفّرتعليمات لصنع بروتين يسمى منطقة تحديد الجنس وهو بروتين Yيشارك هذا البروتين في التطوّر الجنسيّ النموذجيّ للذكور، والذي يتّبع عادة نمطًا معينًا يعتمد على كروموسومات الفرد. يُطلق على إثنين من الكروموسومات الـ 46، عند الإنسان إسم X وY إسم الكروموسومات الجنسيّة لأنّها تساعد في تحديد ما إذا كان الشخص سيطوّر خصائص جنسيّة ذكريّة أم أنثويّة. عادةً ما يكون لدى الفتيات والنساء إثنان من الكروموسومات من النوع XX الجين المذكور يعتبر عامل نسخ أي يرتبط بمناطق معيّنة من الحمض النوويّ ويساعد في التحكّم في نشاط جينات معيّنة. يبدأ هذا البروتين XY العمليّات التي تتسبّب في تطوير الغدد التناسليّة الذكريّة (الخصيتين) للجنين وتمنع تطوّر الهياكل التناسليّة الأنثويّة (الرّحم وقناتي فالوب). سنعود الى التفاصيل العلمية من هذا الجانب.
عبر التأريخ
لا يمكن للإنسان أن ينسى أنّ كلّ الطروحات التي طرحت عبر التأريخ كانت من مدوّنات الذكور ولم تدخل المرأة في أيّ تفسير إلّا من بعض ردّات الفعل على فعل الذكر من أدب أو شعر أو قصّة أو غير ذلك، بل حتى التدوينات والتفسيرات الدينيّة كانت من قبل الذكر وليس الأنثى لذلك يشير اليها السيد كمال الحيدريّ بكلّ وضوح ناقدًا لهذا الأسلوب الظالم. ولا أعرف ما الذي يجعل الإنسان الذكر في مقدمة الإندفاع في الدفاع عن المرأة بحجّة الإنسانيّة وهو الذي ظلمها كإنسان ليس لأنّها أنثى، فلا أعتقد أنّ هناك فرقًا واضحًا ما بين سلوك الذكر كإنسان وسلوك الأنثى كإنسان إلّا ما فرّقته البيولوجيّا لأغراض معروفة لإستمرار الحياة ولا منقصة تذكر في ذلك أبدًا. أمّا من يتكلّم عن روايات في منقصة في النساء أو الإناث فلا أعتقد أن الرّحمن وخالق الرّحمة يدفع بهذا الظلم والعياذ بالله. أمّا الإنسان في ظلمه فقد تعوّد على الظلم في هذا الجانب في صفحات التأريخ الى الآن. وأعتقد أنّ الأمر وصل الى أن تنشأ من هذه الأفعال أو قل ردّات الفعل ما نشأ بحجّة الدفاع عن الأنثى كما قلنا.
ليس من السّهل أن يكون التدوين عن المرأة من قبل الذكر أو حتى تدوين وضع الذكر من قبل الأنثى، حتى وإن شككنا في الحالة الثانية بإعتبار أنّ التدوين يحتاج الى وضع إنسانيّ مقبول لا علاقة له بصفة أو نوع الجنس، أي بعيدًا عن هذا التفريق. رغم أنّ من الضروريّ دراسة عامل الزمن مع دراسة أيّ وضع في الذكورة أو الأنوثة. والزمن ما بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وذلك واضح في التعامل مع الموضوع الأساس والحسّاس لا إعتمادًا على الزمن لأنّه عامل فيه بل من خلال فهم أنّ الزمن ماهو إلّا مؤثّر فعليّ في تفسير المعنى العام للتفريق ما بين الذكر والأنثى من عدمه (!). أي أنّ التعامل مع الحالة في الإطار الإنسانيّ كون الجنسين إنسانًا ليس إلّا. أمّا ما إفترقا فيهما أو عليهما فهو للضرورة التي تقف عند حدّ البيولوجيا مضافًا لها ما تشرّعه الشرائع السماويّة في الحقوق الخاصّة مؤطّرة بالإطار الإنسانيّ والمكان المناسب والزمن المتفاعل.
لنا عودة إن شاء الله تعالى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#
https://www.apa.org/monitor/2013/04/biology








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟