الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقض هيجل

هيبت بافي حلبجة

2023 / 9 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لاريب إن هيجل ومنظومته الفكرية وفلسفته وفهمه للتاريخ وإشكالية الوعي تشكل مرحلة مفصلية في الفكر البشري ، تمثل تصورات فريدة في مجالات عديدة ، ورغم ذلك ، إلا إن السؤال الجوهري يكمن في : هل ساهمت تلك الإطروحات في محتوى فهمنا للوجود وإدراكنا للكون بشكل أفضل ، هل تطابقت تلك الإطروحات مع العلم المعرفي ، هل يمكن لنا أن نشرح حقيقة علاقتنا مع الآخر على ضوء تلك الإطروحات ، أم إن تلك الإطروحات والتصورات ليست في تأصيلها إلا لوحات فنية رائعة ، رسومات فكرية متميزة ، تحاكي قصيدة نادرة ، تماهي إنشودة تعانق السماء ، لكنها لاتتجاوز حدود القصيدة والإنشودة ، وصحيح إنه ، أي هيجل ، قد قدم مفردات خاصة ، لكنها لم ولن تبلغ محتوى العلم المعرفي . فإلى المقدمات :
المقدمة الأولى : من هو هيجل ، نحن إزاء الأزلي الأول ، المطلق الأول ، الإغتراب ، التاريخ ، الوعي ، المطلق الثاني ، الأزلي الثاني ، يعتقد هيجل ، إن الذي هو ، هو بالضرورة أزلي ، والأزلي هنا هو المطلق ، وهذا هو المطلق الأول ، ثم وكأنه لابد من الإغتراب ، إغتراب هذا المطلق ، الإغتراب والتاريخ أو الإغتراب في التاريخ ، والإغتراب والوعي أو الإغتراب في الوعي ، ثم حينما يتكامل التاريخ والوعي ، تتكامل معهما دورة الكمال التاريخي ، ليتكامل المطلق ، ليتحقق الأزلي . وهكذا فإن الإله أو اللا إله ، أو الفكرة ، أو الروح ، تنطلق من حيث هي موضوعة ذاتها ، من حيث هي جوهر ماهيتها ، ثم لأي سبب أو علة ، وحتى هيجل يجهل ذلك ، يحدث الإغتراب حدوثاٌ ، وبحدوث الإغتراب يتحقق وجود التاريخ والوعي ، ويحاول كلاهما ، التاريخ والوعي ، ولابد من أن يحدث ذلك كضرورة ، الإنتقال من إلى ، ومن إلى إلى حيث من ، حتى تعثر الروح أو الفكرة على ذاتها من جديد ، حتى تتحقق وجودها من حيث إنه كان كذلك ولابد من أن يكون هكذا : وهذه هي دورة الكمال التاريخي لدى هيجل ، دورة الأزلي الأولي الذي هو لامادة على الإطلاق ، الذي هو لاروح على الإطلاق ، ولا فكر على الإطلاق ، إلى تحقق الأزلي الثاني الذي هو بدوره لامادة على الإطلاق ، ولاروح ، ولا فكر، وبينهما التاريخ والوعي .
المقدمة الثانية : من هو هيجل ، نحن إزاء حالة من التمظهر ، الذي هو في حقيقته الوجه الآخر للإغتراب ، فلإن هناك تمظهر هناك إغتراب ، ولإن هناك إغتراب هناك تمظهر ، فالأزلي الأول الذي يهجر طبيعته من حيث هي طبيعته ، من حيث هي لا طبيعته حيث لاتحديد ، ليتصارع مع ذاته ، أو في حده الذاتي ، ليتحقق بهذه الصيرورة ، مفهوم ومحتوى التاريخ والوعي . ما معنى ذلك :
من جانب أول ، إن التمظهر لايمكن إلا أن يكون حالة إنطولوجية ، لايمكن إلا أن يتطابق مع الإغتراب ، ولكي يكون التمظهر صادقاٌ ، والإغتراب صادقاٌ ، لامناص من أن يخص ذلك إنطولوجية الأصل ، لإن الإغتراب هو إغتراب إنطولوجي ، ولإن التمظهر هو تمظهر إنطولوجي .
ومن جانب ثاني ، لكي يكون التمظهر كلياٌ لابد من أن يكون حقيقياٌ ، ولكي يكون حقيقياٌ لابد من أن يكون كلياٌ ، أي لامحيض من إتحاد الشرطين وإئتلافهما في شرط واحد ، وبهذا إذا أصاب أحدهما نقص في زاوية خاصة ، إنتفى التمظهر ، وإنتفى الإغتراب .
ومن جانب ثالث ، لكي يتحقق التمظهر ، وكذلك الإغتراب ، من الضرورة ضرورة شرط الصيرورة ، وليس شرط الإرادة ، لإن شرط الإرادة يجفف شرط الصيرورة من المعنى ومن المبنى ، وإذا أصبح شرط الصيرورة جافاٌ جامداٌ فقد التمظهر كل المعاني التي من الممكن أن تؤصله ، بينما يكون شرط الصيرورة الموضوعية هو الشرط الوحيد لإضفاء حيوية التمظهر على التمظهر ، ولإضفاء محتوى الإغتراب على الإغتراب ، ولجعل الإغتراب والتمظهر في حالة واحدة ، حالة فقط .
المقدمة الثالثة : من هو هيجل ، إذا أدركنا حقيقة التمظهر ، وحقيقة الإغتراب ، فلامحيص من إدراك ما هو المطلق ، المطلق لدى هيجل ، المطلق الذي هو ولم يكن معه إلا هو ، المطلق الشيء الأول ، الأول الذي لم يسبقه أحد سواه ، لكن ولكي ندرك من هو هيجل ، وماهو المطلق ، من الضروري ضرورة توضيح مفهوم ، ماهو الأزلي وما المقصود به فعلياٌ لدى هيجل ، وماهو موضوع الشيء ، وماهو العقل .
في الأصل ، وقبل أن يكون هيجل هيجلاٌ ، كان مجرد فكرة لافكرة فيها ، فكرة مطلقة ، فكرة غائبة طريدة شريدة ، كإنه إفترض في ذهنه إن : لابد من الماورائي ، المجهول فيما ورائيته ، الماورائي الذي ، طالما هو في الماوراء ، هو الأزلي ، أي الماورائي خارج حدود المادة ، وخارج حدود الفكرة ، وخارج حدود الروح ، هو الخارج التام والكلي ، وهذا الماورائي الأزلي لابد من أن يكون مطلقاٌ كلياٌ . وهذا يحقق ثلاثة مستويات خاصة جداٌ :
المستوى الأول : إن هذا المطلق لايحقق شرط الشيء ، فهو لاشيء ، فهو اللا اللاشيء ، وهذا هو شرط الأزلي لدى هيجل ، شرط فقدان أي إمتلاء ، إمتلاء فيما يخص المادة ، إمتلاء فيما يخص الفكر ، إمتلاء فيما يخص الروح ، وهذا الشرط هو تماماٌ شرط الخواء المطلق . وفي الفعل إن هذا الشرط هو لاشرط ، لإن هو وموضوعه ، أي الأزلي ، لا ولا ثم ولا .
المستوى الثاني : إن هذا اللا اللاشيء ، اللا اللاشرط ، يتحول إلى شيء وإلى شرط حالما يغترب ، وبمجرد أن يغترب ، يتمظهر تمظهراٌ أصيلاٌ ، وحينما يتمظهر يحدث التجلي ، التجلي فيما بعد الإغتراب والتمظهر ، التجلي في الأشياء ، أي هنا وفقط هنا تحدث الأشياء حدوثاٌ ، أي إن الأزلي ، يغترب ، يتمظهر ، ، ثم ، ثم يتجلى ، وهكذا نكون إزاء الكون والطبيعة ، بكل مؤتلفاتها ، بكل حقيقتها ، الإنسان ، الشجر ، والورد ، الحيوان ، النبات ، الماء والمطر ، والسماء والنجوم والأجرام .
المستوى الثالث : وهو المستوى المجرد القاتل لدى هيجل ويتلخص في أمرين ، الأول إن العقل ، وهو العقل المجرد الصرف ، هو الذي يدلنا ويكشف لنا كل ما تفضل به هيجل ، فبالعقل ، وبالعقل وحده توصل هيجل إلى ما توصل إليه . والثاني إن الصيرورة هي التي تحرك الأشياء ، هي التي تحدث التغيير ومن ثم التطور ، بعملية جدلية خاصة ، وتنقل المقولات من إلى .
المقدمة الرابعة : إذا كان هذا هو هيجل ، المطلق الأول ، الإغتراب ، التمظهر ، فماهو الوجه الآخر له ، أي ، موضوع الجدل ، موضوع التاريخ ، موضوع التجلي :
الوجه الأول : في موضوع الجدل ، في موضوع الصيرورة التناقضية ، في موضوع التناقض الجدلي ، يستند ذلك إلى نقطة محورية وهي ، إن التآلف والإئتلاف مابين الشيء ونقيضه ، وهذه ضرورة حتمية ، يفضي إلى تركيب متطابق ، وبتعبير هيجل ، لدينا تيز ، إطروحة ، ثم آنتي تيز ، ضد أو نقيض أو نفي الإطروحة ، ثم سانت تيز ، التركيب المتطابق . فال سانت تيز هو نتيجة الصراع والتصارع مابين الشيء ونقيضه ، مابين التيز والآنتي تيز ، ثم هذا السانت تيز يتحول ، حسب هيجل ، إلى شيء جديد يتضمن بالضرورة نقيضه ، فالتآلف والإئتلاف مابين الشيء الجديد ونقيضه يقتضي بالضرورة تركيب جديد ، سانت تيز جديد . وهكذا يرتقي ال سانت تيز إلى حدود لاحد له ، وفقاٌ لديمومة تناقضية من آن الإغتراب والتمظهر والتجلي إلى ماقبل المرحلة النهائية ، إلى ماقبل مرحلة المطلق الثاني ، ويحدث ذلك ، وهذه نقطة جوهرية ، في الفكر ، في الروح ، في المادة ، في الفكرة نفسها ، وفي الإنسان لاحقاٌ .
الوجه الثاني : في موضوع التاريخ ، التاريخ لدى هيجل ليس مصطلحاٌ إنما هو إفهوم مرتبط بمنظومة فكرية خاصة ، فلاهو بدونها ولاهي بدونه ، وكلاهما ينتميان إلى حيث أساس الأول في الثاني ، وأساس الثاني في الأول ، أي :
النقطة الأولى ، التاريخ ليس حدثاٌ أو مجموعة من الأحداث ، إنما هو تاريخ المطلق الأول ، أي تاريخ تلك الفكرة المجردة ، الخالصة التجريد في ذهن هيجل ، فالمطلق الأول هو الشرط الأول والأخير والإنطولوجي للتاريخ ، الذي بدونه ما كان التاريخ ، لكنه شرط مقيد ، شرط لاشرط فيه ، شرط عقيم ، شرط جاف يستمد جفافه من جفاف ذلك المطلق الأول .
النقطة الثانية ، رغم إن التاريخ هو تاريخ ذلك المطلق ، إلا إنه لايبدأ أبداٌ إلا في آن الإغتراب ، فالإغتراب يولد التاريخ شرط حدوث التمظهر ، وكإن التاريخ هو تاريخ الإغتراب من حيث منذ ، إلى حيث ينتهي الإغتراب في تحقق شرط المطلق الثاني ، في تحقق ماقبل شرط المطلق الثاني .
والنقطة الثالثة ، إذا كان التاريخ هو تاريخ الإغتراب ، فإنه بالضرورة تاريخ الصيرورة والجدل التناقضي ، والتحول من مقولة إلى آخرى ، إلى مقولة أرقى وأسمى وأعظم ، وهكذا يكون التاريخ جزء عضوي بنيوي من المنظومة الفكرية لهيجل في أسس المبنى والمعنى والبناء .
والنقطة الأخيرة ، ورغم إن التاريخ يتجسد في تأصيله في الفكر والروح والمادة ، كلها وبنفس الدرجة ، إلا إن شرط الإمتلاء ، شرط ذهنية هيجل نفسه ، لايتحقق كما يقتضي تصوره التام والكلي ، إلا في موضوع الإنسان ، حيث به ، وبه فقط ، يشعر هيجل بأساس تقعيد طرحه تلك الفكرة المجردة ، والإنسان لدى هيجل هو الشامل الكامل ، بما في ذلك النظم السياسية ، والإقتصادية ، والتطور التاريخي ، والإرتقاء التصاعدي ، وكإن الإنسان هو من هو إلا الجانب الأصلي للتاريخ ، والجانب الأصيل لتلك الفكرة المجردة ، وهذا هو تحديداٌ العلاقة الأصيلة مابين الإنسان والتاريخ والوعي ، مابين التاريخ والوعي ، مابين الإنسان والوعي .
الوجه الثالث : في موضوع التجلي ، نحن نمايز مابين مفهوم التمظهر ومفهوم التجلي ، وهذا التمايز يستند إلى قاعدة أساسية محورية في ذهن هيجل نفسه ، إذ بعد أن تغترب تلك الفكرة المجردة تتمظهر ، تتمظهر دون أن تبدو مجسدة ومجسمة في أي شيء كان ، تتمظهر أي تتحول من الفكرة المجردة إلى محتوى الفكر ، محتوى الروح ، محتوى المادة ، دون أن تتجسد في الأشياء العائدة لتلك المجالات الثلاثة ، أي مجرد تحول من إلى ، تماماٌ مثل طالب يسجل في كلية الفلسفة ، وهذا هو شرط التمظهر ، دون أن يطلع على المواد المقررة ، ومتى أطلع على المواد المقررة ، وهذا هو شرط التجلي ، نكون إزاء مفهوم التجلي ، التجلي في ، فالتجلي هو تجسدات تلك الفكرة في الأشياء ، في كل الأشياء ، دون إستثناء : وهنا نكون إزاء مفارقة ، ونقطتين كاذبتين :
المفارقة ، هي إن الفكرة المجردة ، حينما يتحقق التمظهر، تتحول هي بنفسها من إلى ، أي لاتبقى كما هي ، لتفقد طبيعتها ، بينما في التجلي ، إذا إستخدمنا مفردات هيجل وتصوره الخاص ، تبقى هي هي ، كما هي ، وتتجلى في التجليات دون أي تحول ، بينما في الأصل ، أي في المبنى والمعنى ، إن الفكرة المجردة تفقد طبيعتها عند التمظهر ، وإن هذه الطبيعة التي تغيرت ، الطبيعة الجديدة ، هي التي تتجلى في الأشياء ، لإن الفكرة المجردة ، قبل أن تتجلى في الأشياء ، تتمظهر .
النقطة الأولى الكاذبة ، إذا كانت الفكرة المجردة تتجلى في كافة الأشياء ، فهي في الأصل مجرد وهم ولاحقيقة لها ، بل هي تافهة وسخيفة ، إذ كيف يمكن أن تتجلى في روث البقر ، في تفسخ الأشياء ، في العفونة ، في وفي .
النقطة الثانية الكاذبة ، إذا كانت الفكرة المجردة هي الروح المطلقة ، الإله الأزلي ، فإن هذا الإله قد إغترب ، وفقد إلوهيته ، لإنه تحول تحولاٌ كلياٌ ، ولم يعد إلهاٌ .
وهنا وقبل أن نعترض لابد من تلخيص ذهن هيجل بإقتضاب كي نزيل أية إشكالية قد تحصل في أذهاننا ، في رؤيتنا ، ولكي ندرك إعتراضاتنا بشكل سليم ودقيق :
بإقتضاب ، في آن الآن هي الفكرة المجردة ، فكرة خالصة ، فكرة في ذهن هيجل ، فكرة أدركها هيجل بالعقل ، بالعقل فقط ، فكرة هي اللا اللاشيء ، هي هناك ، ثم ، ثم إغتربت وتحولت وتمظهرت في عالم الروح والفكر والمادة ، وهكذا بدأت تلك الفكرة ، من خلال طبيعتها الثانية ، بالتجلي في الأشياء في تلك العوالم الثلاثة ، وهكذا بدأ التاريخ وبدأت الصيرورة والجدل التناقضي ، وستستمر تلك القضايا من الأسفل إلى الأعلى دون توقف حتى تصل ، حتى نصل ، حتى تعود تحولات تلك الفكرة المجردة ، المطلق الأول ، إلى إمتلاك طبيعتها الخالصة المجردة مرة ثانية ، ومتى عادت إلى ذاتها الأصيلة ، إنتهى كل شيء ، إنتهى التجلي ، إنتهى التاريخ ، إنتهت الصيرورة ، إنتهى الجدل التناقضي ، إنتهى الإغتراب ، إنتهى التمظهر ، وهكذا إنتهت دورة الكمال التاريخي ، وإلى الأبد ، وغدت تلك الفكرة المجردة أزلية ، أي غدا المطلق أزلياٌ من جديد ، وإنتهى الفكر ، وإنتهت الروح ، وإنتهت المادة .
أولاٌ ، الإعتراض الأول : من المؤكد إن النقطة المحورية لدى هيجل تكمن في موضوع دورة الكمال التاريخي ، ولولاها ما كان ، فهيجل ومنظومته الفكرية برمتها تستمد تأصيلها من هذه الفكرة ، وهي منقوضة من عدة زوايا ، نذكر منها :
من الزاوية الأولى : حتى تكون دورة الكمال التاريخي صادقة لابد من أن تكون إنطولوجية ، وحتى تكون إنطولوجية لابد من ضرورة شرطين ، ضرورة الحدث وضرورة الإستمرارية ، ومن ثم شرط ثالث وهو كيف يمكن أن تتحقق الضرورتين . وعليه ، كيف أمكن لهيجل من معرفة الضرورتين ، ثم ، ماهو موضوع الضرورتين ، أي ماهي هاتان الضرورتان وكيف يمكن معرفتهما .
ومن الزاوية الثانية : لنفرض إن ضرورة الحدث قد تحققت ، وإن ضرورة الإستمرارية ، من الناحية الإنطولوجية ، قد تحققت ، وهيجل نفسه يفرض نوعاٌ من الصراع الكلي والتام في موضوع التاريخي ، فكيف يمكن أن نفهم ذلك إلا إذا كان هذا الصراع ، وذاك التناقض ، ومن ثم التناحر، أصيلاٌ أصلياٌ فعلياٌ ، وإذا كان الأمر هو على هذه الشاكلة ، وهو بالضرورة على ذلك الغرار حسب هيجل ، فما هو الأكيد أن تكتمل دورة الكمال التاريخي على صورة ما يفرضه هيجل ، ألا يمكن أن تنتصر أسباب الفشل على أسباب الإنتصار ، ألا يمكن أن ينحو التاريخ منحى آخر غير الذي يفرضه هيجل . أي ألا يمكن ألا يعود المطلق الأول إلى طبيعته الأصلية ، بل ويفقد طبيعته إلى الأبد ، ومن ثم نكون إزاء دائرة غير مغلقة ، دائرة غير محددة الأبعاد والحيثيات . أي ألا نعثر أبداٌ على المطلق الثاني ، وإذا كان هذا المطلق الثاني هو الإله حسب بعضهم فإنه قد ضاع ولم ولن يتحقق وجوده .
ومن الزاوية الثالثة : كي نكون إزاء دورة الكمال التاريخي لابد من شرط هيجلي وهو ، إن الديالكتيك هو الذي خلق الوجود ، هو الذي أوجد الوجود ، وهذا يفضي إلى المغالطات التالية :
المغالطة الأولى ، إن من يخلق الوجود لامناص من أن يكون وجوداٌ قبل أن يخلق ، وهكذا يكون الديالكتيك وجوداٌ قبل خلقه للوجود ، وإذا كان الأمر كذلك :
من زاوية ، ماذا كان يعمل الديالكتيك قبل وجود الوجود ، قبل خلقه للوجود . ومن زاوية ، كإننا إزاء وجودين ، وجود الديالكتيك ووجود وجودنا هذا ، وهذا يتناقض مع محتوى الوجود ، ويتناقض مع مفهوم الوجود الواحد الهيجلي . ومن زاوية ، إن الديالكتيك والتناقض توأمان ، يتصرفان فقط ، وحسب هيجل ، في حدود الواقع ، واقع الفكر ، واقع الروح ، واقع المادة ، فكيف يمكن أن يتمكن التناقض أن يجعل من الديالكتيك ديالكتيكاٌ قبل أن يخلق هذا الأخير الوجود نفسه .
المغالطة الثانية ، كيف يمكن لمن يخلق الوجود ألا يكون ذا ضرورة وجودية خاصة به ، فالديالكتيك ، وحسب هيجل ، ينتهي إنتهاءاٌ مطلقاٌ وإلى الأبد في المرحلة النهائية ، في مرحلة المطلق الثاني ، أي عند إنتهاء الإغتراب ، أي إن الديالكتيك ليس ضرورة إنطولوجية في حده ، وإلا كيف يمكن أن يتلاشى جذرياٌ عند المرحلة النهائية من دورة الكمال التاريخي .
المغالطة الثالثة ، من الزاوية الإنطولوجية البحتة ، الديالكتيك ، حينما يتصرف ، هل يريد أم إنه يفعل ، إذا كان يريد إرادة إنمحت المنظومة الهيجلية من تأصيلها الوجودي ، وإذا كان يفعل ، فلابد من وجه الضرورة ، ولايمكن أن يتحقق ذلك ، على الأقل ، في موضوع الإغتراب .
ثانياٌ ، الإعتراض الثاني : ومن ناحية موضوع الإغتراب ، فثمة أربعة مغالطات لايمكن قبولها :
المغالطة الأولى ، حينما إغترب المطلق الأول فإنه فقد طبيعته ، فقد ذاتيته ، ولم يعد ذاك المطلق ، ذاك المطلق الأول ، ذاك الأزلي الأول ، لذلك من المستحيل أن يعود إلى طبيعته الأولى ، لإنه هو ليس هو حتى يسعى إلى العثور على ذاتيته ، تماماٌ مثل وجود مائة دولار ، ولما تحرقه فإنه يصبح رماداٌ ، ولايمكن للرماد أن يتحول من جديد إلى مائة دولار ، كما من المستحيل أن تتبضع به على أساس إنه يساوي مائة دولار .
المغالطة الثانية ، حينما إغترب المطلق الأول ، فإن المولود الجديد ، القادم الجديد لايملك أي تصور عن أصله ، ولايمكن أن يسعى إلى الحصول على تلك الحالة الأولى التي لايعرفها ولايدركها ، فالرماد لايملك أي تصور عن المائة دولار حتى يسعى إلى إعادة وجوده .
المغالطة الثالثة ، حينما إغترب المطلق الأول ، كيف تمكنت الصيرورة من إنقاذه ، وكيف أدركت إن عليها إنقاذه ، ولايمكن ان يحدث ذلك إلا إذا كانت الصيرورة هي الوعي المطلق الكلي ، ومنذ المنذ إلى حيث حيث ، وهذا يخالف كافة الإطروحات الهيجلية المتعلقة بموضوع الصيرورة .
المغالطة الرابعة ، وهي الأهم ، حينما حدث الإغتراب ، فلماذا لايكون التحول إلى الأعلى والأرقى مباشرة ، إلى ماهو أعظم من الأزلي ، لماذا يكون التحول إلى الدرك الأسفل ، إلى الإنحطاط الكلي ، إلى أتعس وأبأس درجة في مقدمات الوجود .
ثالثاٌ ، الإعتراض الثالث : لو وضعنا ماورد في أولاٌ وثانياٌ جانباٌ ، فإن الإشكالية العظمى تكمن في أساس تصور هيجل عن المعتقد المسيحي ، هناك إله ، هناك الثالوث المقدس ، الآب والإبن وروح القدس ، هناك الخطيئة التاريخية ، الخطيئة الأولى ، وهناك المسيح الرب بناسوته ولاهوته ، المسيح الذي يمسح الخطيئة التاريخية الأولى ، المسيح الذي يعيد نصاب الأمور إلى ماقبل الخطيئة التاريخية ، المسيح الذي يقضي وينهي حالة الإغتراب . وهذا التصور الهيجلي عن المعتقد المسيحي ومن ثم إسقاط أبعاده على جوهر منظومته الفكرية ، يحتوي على أربعة مغالطات متميزة :
المغالطة الأولى : إن الشرط الإساسي في المعتقد المسيحي هو شرط وجود الإنسان ، وهو عين ضرورة ضرورة شرط وجود الإبليس في المعتقد الإسلامي ، فالإنسان هو الشريك الإنطولوجي التام لذلك الثالوث المقدس ، ولولا إنه إقترف الخطيئة ماكان للمفاهيم إفهوماٌ ، وبالتالي ماكانت للإنطولوجي إنطولوجية .
المغالطة الثانية : إن الخطيئة العظمى في المعتقد المسيحي هي ضرورة وجودية كما الشرط الإنساني ، لإن لولاها ما بدأ التاريخ ، ومابدأ ما بدأ ، ولكان الإنسان إلهاٌ أو على الأقل أزلياٌ في ملكوت الرب ، في ملكوت السماء . وكما لايجوز أن يتوقف شرط الخطيئة على الإرادة أو مفهومها ، لإن حينها نكون إزاء مقدمات غير موضوعية ، وقد تفضي إلى نتائج معاكسة مخالفة تماماٌ .
المغالطة الثالثة : إن مسح الخطيئة من قبل الإله المسيح ضرورة لتمام دورة الكمال التاريخي ، فالإجراءات التي يقدمها هيجل لامعنى لها في المعتقد المسيحي ، لإن مايجري على الأرض ، أو في العالم ، أو في الكون ، أو في الوجود ، لايستطيع أن يغلق دورة الكمال التاريخي دون هذا الشرط الإلهي ، شرط مسح الرب المسيح للخطيئة .
المغالطة الرابعة : إذا كانت الخطيئة هي علة الإنحطاط في المعتقد المسيحي ، فإن المنظومة الفكرية لهيجل تفتقر إلى وجود علة تفسر هذا الإنحطاط ، فلاعلة لدى هيجل ولا مسوغ في هذا الخصوص ، ولإن لاعلة لدى هيجل في موضوع الإنحطاط ، فلاعلة لديه أيضاٌ في موضوع العودة إلى دورة الكمال التاريخي للمرة الثانية .
رابعاٌ ، الإعتراض الرابع : علاوة على ماذكر ثمت إشكاليات تحطم تصورات هيجل من جذورها ، مثل إن الإنسان سواء لدى هيجل ، سواء في التصور المسيحي ، ينبغي بالضرورة أن يكون خالداٌ ، وإذا أدركنا إن وجود الإنسان في الكون هو وجود مؤقت وسوف يزول ، فلامعنى البتة لمفهوم دورة الكمال التاريخي . وإذا أصر هيجل والمعتقد المسيحي على خلود الإنسان وحصوله على أسمى درجة في ملكوت الرب ، فهذا سيخلق تناقضات متوحشة ، منها :
إن الإنسان هو الإله ، وإن الإله هو الإنسان ، لإن الإله أو الوجود سواء لدى هيجل أم لدى المعتقد المسيحي ، هو واحد ، وجود واحد ، وجود هو هو ، لاوجود قبله ولابعده ، لاوجود في وحدة الوجود ولاوجود في موضوع الفيض ، إنما هو هو الوجود ، هو الواحد ، ولاشيء سوى هذا الواحد .
خامساٌ ، الإعتراض الخامس : على فرض إن كل إطروحات هيجل صادقة وسليمة ، وإن دورة الكمال التاريخي موضوع إنطولوجي لابد أن تتحقق ، وإن المطلق الأول سوف يكون المطلق الثاني بعد أن إجتاز تلك الدورة وتحول إلى أزلي من جديد كما كان في المنذ المنذ ، أي إننا في نهاية النهايات نكون إزاء المطلق الأزلي ، ويكون هو بدوره وحيداٌ بمفرده في حيث لاحيث له وفي هناك حيث لاهناك فيه ، فليبق هذا المسكين ، هذا المطلق الأزلي خارج الفكر ، خارج الروح ، خارج المادة ، هناك ، ولينتظر ، ثم ينتظر حتى ، حتى متى ، حتى لاحتى له :
من زاوية ، لم يعد له أية قيمة إعتبارية ، ولاوظيفة له ، ولاشأن ، ولاحتى حركة ، ولا إرادة ولارغبة هو والموت بالمعنى الإنطولوجي سواء بسواء ، وهو اللاشيء سواء بسواء ، هو واللاشيء واللا اللاشيء سواء بسواء ، هو ولاوجوده سواء بسواء ، هو واللا اللاوجوده سواء بسواء .
ومن زاوية أخرى ، في المعتقد المسيحي لاتوجد دورة كمال تاريخي للمرة الثانية لإن السيد المسيح الرب يمسح الخطيئة مسحاٌ مطلقاٌ للمرة الأولى ، فلاتكرار في إرتكاب الخطيئة كما لا تكرار في مسح الخطيئة ، ولإن بإنتهاء الإغتراب يدخل الإنسان ، من آمن بالرب ، إلى ملكوت الرب . أما في التصور الهيجلي فلا يوجد ما يلغي إمكانية إعادة دورة الكمال التاريخي من جديد ، للمرة الثانية .
سادساٌ ، الإعتراض السادس : وفي النهاية من الضروري أن نؤكد المعنى الأصيل لمبدأ التناقض ، وهيجل ينطلق من مفردات معينة في اللغة ، فيطرح التثليث ، ال تيز أي الموضوع أو الإطروحة ، و آنتي تيز أي ضد الموضوع أو ضد الإطروحة ، وال سانتي تيز أي التأليف أو التركيب ما بين الموضوع وضده .
وهذا التصور الهيجلي ساذج لاينسجم تماماٌ مع ذهن هيجل نفسه ، فهو حينما ينظر إلى ماورائيات أسس فكره ، يرى الوجود ، الوجود تحديداٌ ، دون العالم ، دون الكون ، والوجود في قرار مكنونات ينابيع تصوراته هو الكل في الكل ، والكل في الجزء ، والكل في الأجزاء ، وهذا الكل هو حقيقة التآلف والإئتلاف مابين تلك التي تكون هذا الكل ، أي ، وكان من الأجدر أن يقول هيجل ، نحن لدينا التآلف والإئتلاف مابين مكونات الكل ، مابين تلك الأشياء ، وفيها يكمن الموضوع وضده ، وفيها يكمن الشيء وضده ، وذلك تحت ثلاثة شروط :
الشرط الأول ، هو شرط الصيرورة في الكل ، وهو عينه شرط السمة السائدة ، وهو عينه شرط إنتصار الشيء على ضده ، وهو عينه شرط القوة لدى الشيء ، وهو عينه شرط القوة لدى الضد لاحقاٌ ، وهو شرط السبب البنيوي الأصيل الذي حرك ، ويحرك ، وسوف يحرك ، الكل ، ويخضع الضد للشيء ، وسوف يخضع الشيء للضد ، وهو عينه شرط الآلة العلمية لدى ماركس مع وسائل الإنتاج ، فهي ، أي الآلة العلمية ، التي حولت التشكيلة الإقتصادية التاريخية من إلى ، لإنها هي سبب علاقات إنتاج جديدة ، وخلق قوى إنتاج جديدة .
الشرط الثاني ، وهو شرط الكل على الأجزاء من حيث الأصل ، وهو عينه شرط الجزء المتوحد بنيوياٌ مع ذلك السبب البنيوي ، والذي يسيطر على ما تبقى ، ضمن شرط مستتر وهو إن هذا السبب الذي توحد مع ذاك الجزء ، سوف يتحد مع ماهو قادم بنيوياٌ ، مع الضد ، فيتحطم إتحاد هذا السبب مع الجزء السابق ، وتذوب كافة مقدماته .
الشرط الثالث ، وهو الشرط المميت ، ومؤتلف من قسمين :
القسم الأول ، من السخافة القول بموضوع الشيء ونقيضه ، أو محتوى ذاك الموضوع ونقيضه ، لإن معنى ذلك إن النقضين مجتمعان في الوجود نفسه ، من حيث إنهما شيئان ، لا من حيث إنهما هما هما ، كما هما في بنيان هما . وهذا يفضي إلى القسم الثاني :
القسم الثاني ، حينما نتحدث عن مكونات الوجود ، أو حينما يتحدث هيجل عن مكونات الوجود ، فهو يتحدث عن الوجود ولايتحدث عن المكونات ، لإن المكونات في الوجود ليست تعددية ، ولايمكن أن تكون كذلك ، وهذا يفضي إلى نتيجة مرعبة : وهي لو صدق التناقض ، لو صدق الديالكتيك ، لو صدقت الصيرورة ، لحدث ذلك في الوجود هو هو ، وليس في هذا وذاك ، وليس في الشيء ونقيضه ، ولأصبح التناقض والديالكتيك والصيرورة من وجودية الوجود ، أي :
لايمكن أن يكون ثمة دورة للكمال التاريخي ، لإن تلك القضايا هي أزلية أبدية تخص المرحلة الأولى كما تخص المرحلة النهائية ، فلا توقف ، ولا تحول ، ولا لا .
سابعاٌ ، الإعتراض السابع : والآن كيف تورط هيجل في إشكالية قاتلة ، إشكالية وعي الضرورة ، ولكي نعي تماماٌ أساس هذا التورط نعيد إلى الأذهان هذه الأمور الثلاثة :
الأمر الأول ، هيجل لايرى سوى الوجود ، هو الوجود ، دون غيره ، فلا الكون ولا العالم ولا الطبيعة ولا الخليقة ، ليست إلا مفردات تدل على الفهم البشري لتلك القضايا الموازية ، في حين إن الأصل ، ولاشيء سوى الأصل ، هو الوجود ، لذلك يطرح موضوع الفكرة المجردة ، خالصة التجريد .
الأمر الثاني ، هيجل لايرى ذلك الوجود إلا من خلال المعتقد المسيحي ، الثالوث المقدس ، الخطيئة الأصيلة ، ومسح السيد المسيح لتلك الخطيئة .
الأمر الثالث ، رغم الإغتراب المسيحي ، لايرى هيجل إلا الوجود ، المطلق الأول ، ثم المطلق الثاني ، أي إن مايسمى عادة بوحدة الوجود لدى هيجل ليس ، في جوهره ، إلا الوجود نفسه ، لإن الوجود لديه هو الوجود من حيث لامفارقة له أو فيه ، هو الوجود الواحد ، هو هو منذ المنذ إلى حيث لاحيث ، أي لا وحدة له إنما هو هو في مرحلة ماقبل الإعتراب ، إلى مرحلة الإغتراب ، إلى مرحلة مابعد الإغتراب .
وبشيء من المقارنة ندرك مدى الوجع الفكري لدى هيجل ، فالإغتراب في المعتقد المسيحي يحدث من لحظة ، وبسبب أصيل ، إقتراف الخطيئة الكبرى ، فتلك الخطيئة تفصل مابين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية ، مرحلة الإغتراب ، ولا تكنمل دورة الكمال التاريخي إلا ، وبشرط إلا ، وفقط بشرط إلا ، مسح السيد المسيح ، السيد الرب ، لتلك الخطيئة ، أي إعادة الوضع إلى الأصل ، أي إرجاع الوضع إلى وضع ماقبل الإغتراب ، في حين إن هيجل يعاني من فساد تأصيل وتسبيب هذه الفكرة ، بغض النظر عن صحتها ومصداقيتها ، فالإغتراب لديه لايتمتع بأي وجه ضرورة ، ولا بأي تفعيل منطقي إنطولوجي لحدوثه ، لذلك ، فإن إكتمال دورة الكمال التاريخي لديه ، يحدث دون أي وجه ضرورة ، الأمر الذي يعني ، وهي ذات المعضلة لدى ماركس ، إنه لابد من شرط خارج سياق المنظومة الفكرية لهيجل ، ويكمن في شرطه الخاص ، وهو شرط وعي الضرورة ، أي شرط إن كافة تلك القضايا ، من التاريخ ، والصيرورة ، والجدل التناقضي ، والديالكتيك ، والإغتراب ، تنفك عن بعضها البعض ، وتتخلص كلياٌ من طبيعتها ، وتذوب ذوباناٌ مطلقاٌ وكلياٌ :
لإن ضرورة وعي الضرورة قد إنبثقت في مبناها ، في بنيانها ، أي أن يتخلى التاريخ عن التاريخ ، أن يتخلى عن تاريخه ، أن تتخلى الصيرورة عن الصيرورة ، أن تتخلى عن صيرورتها ، أن يتخلى الديالكتيك عن الديالكتيك ، أن يتخلى هن ديالكتيكه ، أن يتخلى التناقض عن التناقض ، أن يتخلى عن تناقضه ، أن يتخلى الإغتراب عن الإغتراب ، أن يتخلى عن إغترابه ، أن يتخلى هيجل عن هيجل ، أن يتخلى عن هيجله . وإلى اللقاء في الحلقة الخمسين بعد المائة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا