الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة الأخوان بين مصر و السودان

أحمد جمال يسن

2023 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




على الرغم من نشأت تنظيم الإخوان المسلمين فى مصر ؛ إلا أن بصمته على صفحات الحياة السياسية فى السودان كانت أوضح ؛ و هى بالتالى جديرة بالإهتمام و التمحيص ، للخروج للأجيال القادمة بخلاصات هذه التجربة المريرة .

؛ ؛ ؛ كان لأحداث إيران 1979 م " الثورة الإسلامية " ما بعدها ، فقد ألقت بظلالها على مناطق واسعة من المعمورة ، فكانت بمثابة محفز و فاتح لشهية الإخوان المسلمين " الجبهة الإسلامية القومية " فى السودان للوصول للسلطة عبر إنقلاب 30 يونيو 1989 م .
و بأى حال فإِنـَّـه ُ لا يمكن قراءة أحداث إيران 1979 م ؛ و إنقلاب " الجبهة الإسلامية القومية " فى السودان 1989 م من دون النظر لعملية إغتيال السادات 1982 م ؛ أو بمعزل عن أحداث الأمن المركزى 1986 م كمحاولة جريئة لقلب نظام الحكم فى مصر ؛ و قريبا ً من ذلك و فى ذات السياق محاولة إغتيال حـُسنى مبارك 1995 م فى أثيوبيا ؛ فقد تمت العملية بتنسيق تام بين الإخوان المسلمين " الجبهة الإسلامية القومية " فى السودان ؛ و بين الإخوان المسلمين فى مصر ؛ لاحقا ً تم تصفية جميع منفذى العملية من الإخوان المسلمين " الجبهة الإسلامية القومية " فى السودان ؛ بتوجيه مـُباشر من " على عـُثمان محمد طه " الرجـُل الثانى فى " الجبهة الإسلامية القومية " ؛ و عرابها لاحقا ً .

عشية إنقلاب " الجبهة الإسلامية القومية " فى السودان فى 30 يونيو 1989 م كنت ُ متوجها ً إلى القاهرة عبر مطار الخرطوم ؛ و نسبة ً لتداعيات الإنقلاب ، فقد تم تأجيل جميع الرحلات الجوية من و إلى مطار الخرطوم وفق إجراءات أمنية عادة ً ما تعقب أى تحرك عسكرى " إنقلاب " .
مساء 2 يوليو 1989 م و على إستحياء إستأنفت الرحلات الجوية حركتها ، فكنا من ضمن من تمكنوا من مغادرة الخرطوم لتمضية إجازتنا السنوية فى القاهرة ؛ فى ذات اليوم من مساء 2 يوليو 1989 م ؛ بعد أقل من ساعة من وصولنا هرع إلينا " خليل كلفت / على كلفت " حيث كنا نقيم ؛ أفاض " خليل كلفت / على كلفت " فى شرح تداعيات الأحداث فى السودان بلـُـغة يسهـُـل فهمها ؛ و أكدا أن لديهما حدسا ً أو معلومات مـُـؤكدة عن أن تنظيم الإخوان المسلمين " الجبهة الإسلامية القومية " هو من يقف خلف الإنقلاب ؛ كان هذا قبل أقل من مرور 48 ساعة على الإنقلاب ؛ ثم أضاف " خليل كلفت " نبوءته بلغة بسيطة " السودان و السودانيين حيشوفوا أيام سوده على يد الإخوان المسلمين " الجبهة الإسلامية القومية " " .
و من المؤكد أن " خليل و على كلفت " قد إستقيا هذه الخلاصات مما عركا الإخوان المسلمين داخل المـُعتقلات المصرية ؛ و من خلال ممارسة النضال و العمل السياسى و الفكرى .
؛ ؛ ؛ بالفعل عـُـدت ُ بعد ثلاثة أشهر إلى الخرطوم التى كانت بالفعل قد بدأت تنغمس بالكلية فى تلك " الأيام السوداء " التى تنبأ بها " خليل و على كلفت " ؛ و التى إستمرت و إمتدت لثلاثين عام .

لقد كان من حـُسن طالع مصر ؛ و القوات المسلحة أن تنظيم الضباط الأحرار ؛ و الحزب الوطنى - الجناح السياسى لتنظيم الضباط الأحرار لاحقا ً - لم يكونا ذا صبغة أيديولوجية ؛ بقدر ما كانا مجموعة من الضباط المـُغامرين ؛ ثم لاحقا ً مجموعة من أصحاب المصالح .
أسهم هذا بشكل واضح فى تحييد المـُؤسسة العسكرية ؛ و أصبح من الصعب إختراقها من قبل الأحزاب السياسية ؛ أو أدلجتها ؛ مما منح القوات المسلحة المصرية المقدرة على الوصول للطابع المـُـؤسسى ؛ إضافة للخبرة التراكمية الممتدة منذ " محمد على باشا / إبراهيم الفرنساوى " .
بخلاف ما حدث مع جيوش سوريا أو العراق ؛ التى تم أدلجتها لصالح حزب البعث ؛ أو السودان الذى تم أدلجة جيشه لصالح الإخوان المسلمين " الجبهة الإسلامية القومية " .
هذا بدوره أسهم فى عدم إنتقال هذه الجيوش إلى النمط المـُـؤسسى ؛ فتوقفت جميعها عند كونها قوات مـُسلحة فقط ؛ لم تصل إلى المعنى الإحترافى لكلمة المـُـؤسسية .
و لقد كان من سوء طالع السودان و قواته المسلحة ؛ أنـَّـه ُ تم إختراق القوات المسلحة السودانية من قبل الأحزاب السياسية منذ النصف الثانى من أربعينيات القرن الماضى ؛ و قد إتخذ الإخوان المسلمين خطواتهم العملية نحو أدلجة القوات المسلحة السودانية فى أعقاب إنتفاضة أبريل 1985 م .
عن طريق إبتعاث كوادر الإخوان المسلمين داخل القوات المسلحة للتأهيل خارج السودان ؛ إستعدادا ً لإنقلاب 30 يونيو 1989 م .
ليبدأ الإخوان المسلمين " الجبهة الإسلامية القومية " منذ ذلك التاريخ مرحلة جديدة ؛ هى مرحلة " التمكين " داخل القوات المسلحة ؛ و فى مفاصل الدولة المدنية و مـُؤسساتها ؛ عبر إحالة كـُل من ليس من الإخوان إلى " الصالح العام " ؛ و هو إنهاء للحياة العلمية و المهنية - من دون مـُستحقات - لكل الخصوم السياسيين بدم بارد .
؛ ؛ ؛ و فى مصر و بعد وصول الإخوان المسلمين إلى السـُـلطة ؛ فإنهم قد إرتكبوا الكثير من الحماقات .
لعل أبرزها إعتقادهم بأن ما حدث فى السودان يمكن تكراره بحذافيره فى مصر
؛ فقد إعتقد إخوان مصر أن فكرة التمكين للحزب التى قام بها إخوان السودان بصورة تراكمية خلال ثلاثين عام ... إعتقد إخوان مصر أنهم قادرين على تمكين الحزب فى مصر خلال عام واحد
؛ و لقد كان هذا من الأخطاء الفادحة للإخوان المسلمين فى مصر .
و بالمصلحة فإن الإخوان المسلمين فى السودان لم يقدموا تجربة يـُـحتذى بها أو جديرة بالإقتباس عنها .
بل على النقيض من ذلك فإن إخفاقات الإخوان المسلمين فى السودان كانت من أهم أسباب نـُـفور الشعب المصرى ؛ و المؤسسة العسكرية المصرية من فكرة إعادة إنتاج سيناريو الإخوان المسلمين فى السودان على أرض مصر ▪️








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية