الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 183 هل وجد الشيخ محمد عبده إسلاماً و لم يجد مسلمين ؟

رحيم فرحان صدام

2023 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 183
هل وجد الشيخ محمد عبده إسلاماً و لم يجد مسلمين ؟
من المأثور عن الإمام محمد عبده أنـــه عندما ذهب إلى مؤتمر باريس عام ١٨٨١ ثم عاد من هناك إلى مصر، قال قولته الشهيرة " `ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين ، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكنني لم أجد إسلامًا " .

هذه المقولة انتشرت وشاعت وصارت ترددها الألسنة ، و ذلك من دون أن يتوقف أحد عند هذه العبارة لمحاولة مراجعـة معناها ومغزاها و أثرها على سامعها و قارئها . الأرجح أن الإمام محمد عبده كان يقصد أن الفرنسيين كعينة ممثلة لشعوب أوروبا غير المسلمة تحكم سلوكياتهم قيم أخلاقية رفيعة كالصدق و الأمانة و النظام و النظافة و الإخلاص والإتقان في العمل وقبول الآخر وغير ذلك . لكنه عندما عاد إلى مصر وزار غيرها من بلاد العرب ، فقد لاحظ إنتشار القيم السلبية المناقضة لتلك القيم الرفيعة و التي كان قد رصدها بأوروبا ، ومن ثمًّ عقد الشيخ تلك المقارنة بين أخلاق الأوروبيين وأخلاق المسلمين ، فـأعلـن وفق إنبهاره كشيخ أزهري ريفي بما رآه من نهضة و تنمية و حضارة بأن الأوروبيين قد تخلّقوا بأخلاق الإسلام في معاملاتهم وأعمالهم فأفلحوا على حين ظل المسلمون بعيدين عن أخلاق دينهم ففشلوا و تخلفوا
و لنطرح هنا بعض الأسئلة عن مقولة الشيخ لعل الصورة تتضح :
أي إسلام ذلك الذي وجده هناك ؟ هل وجد أربع زوجات لكل رجل ؟ هل وجد المرأة هناك بنصف إرث و نصف شهادة ؟ هل وجد في الغرب من يحرِّم فوائد البنوك و يعدها ربا ؟ هل وجد السبايا وملك اليمين ؟ ام وجدهم يقطعون الايدي والاجل من خلاف ؟ ام وجدهم يجلدون الزاني ويرجمون المحصن ؟

إذا صح أن الشيخ محمد عبده قد قال هذه العبارة فنكون أمام خطأ كبير أوقع نفسه فيه و أوقع الكثيرين معه ، فهو بالتأكيد قد أخطأ التفسير و أساء التأويل ، فتغافل - عن أن الذى وجده من صلاح حال الأوروبيين لم يكن الإسلام مصدره ، كما لم يكن فشل المسلمين لغياب تطبيق تعاليم الإسلام الحنيف .
لم يدرك الإمام محمد عبده أن سبب رقى أخلاق الأوروبيين و تفانيهم في العمل قد كان مرجعه حرصهم على إحترام القانون الذي يخضع له المواطنين على السواء ، ولم تضع الحقوق كما فاته أيضا أن الإسلام مطبق بمصر وبلاد العرب ترعاه الدول و تصونه على خير وجه بموجب دساتيرها وقوانينها و برلمانها و إعلامها و مؤسساتها الدينية كالأزهر بمصر . كما لا يخلو شارع بإتساع الأمة العربية من مسجد يرتفع به صوت الأذان و خطب الجمعة ، واغلب المسلمين في بلاد العرب يصلون ويصومون ويزكون ويحجون .

إن الظاهر للعيان بمعظم الدول و المجتمعات الغربية غير الخاضعة للشريعة الإسلامية هو أن الجهد البشري قد أنتج عبر تاريخه أنساق فكرية و أخلاقية منضبطة متحضرة ، قد هيأت مناخا صالحا و بيئـة حاضنة للنمو و التطور ، و أفرزت آليات حديثة متطورة لإدارة شؤون الحياة ، و كفالة الحقوق و الحريات للبشر التزمت بها الحكومات و عملت على صونها بمســـــــاواة وعدالة وكرامة و تكافؤ للفرص ، بما أنتج مجتمعات بشرية سوية قادرة على الإنتاج والإبداع والابتكار، فتوالت النظريات والاكتشافات والاختراعات العلمية المبهرة النافعة للبشرية . و ما صاحب ذلك من إبداعات في مجالات الآداب والفنون

كما لم تحقق المجتمعات المحكومة بشريعة الإسلام إنجازاً علمياً يذكر ، و لم يعد مسموحاً العودة للماضي بغزو المسلمين للبلاد و سبيهم للنساء و استرقاقهم للرجال ، ثم العودة الظافرة بالغنائم والسبايا ، و ذلك بعد إقرار المواثيق الدولية التي تلجم الفاتحين المسلمين عن السطو على منجزات الأمم الأخرى والتكسب بالعنف والعدوان.

أما التشدق بعبارة : "إسلام بلا مسلمين‏ ، ومسلمون بلا إسلام" فذلك مما لا يختلف عن مزاعم الإخوان المسلمين و الجماعات التكفيرية بأن تطبيق الشريعة هو شرط صلاح المجتمع وتقدمه، و ما في ذلك من تزييف واضح لوعى الناس .
إذا كان الإمام محمد عبده قد رأى أن مبادئ وتعاليم الإسلام مطبقة بواسطة غير المسلمين، و على العكس من ذلك في بلاد الإسلام . إذا كان هذا مفهومه وما أراد أن ينقله إلى المسلمين ، فهذا فهم مضلل يؤدى إلى تزييف الوعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟


.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف




.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي


.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟




.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من