الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منجّمات باللون الاسود

ساطع هاشم

2023 / 9 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يمكن ان نصف الأزياء السوداء في زماننا بانها أزياء الموت غير الراغبة في الموت، فقد اصبح اللون الأسود في الشرق هو لون الجمود الاجتماعي والرجعية والتخلف بسبب من البربرية الدينية الإسلامية، وفقد الكثير من زخم صفاته المحلية والتراثية الجميلة القديمة، ومثلها تميل الموضات السوداء في الغرب إلى الصمود اكثر من غيرها، لتكون أزياء مناهضة للأزياء ولديها القدرة على الاستمرار، لكنها أحيانا لونا للجمود والمحافظين الرجعيين ايضآ.
مسكين هذا اللون الملعون الذي جعله رب العالمين لون الشياطين ومن ستسود وجوههم يوم القيامة، والذي لم يجد من يحبه في زماننا غير غلاة الاشرار المتدينين من عبدته وبدو الصحراء ورهطه، وكأنهم بارديتهم وعمائمهم السوداء يقولون لنا نحن الشياطين ومن ستسود وجوهنا يوم القيامة ونذهب الى جهنم وبئس المصير فاحذروا .. واذ نتأمل كل هذا فلا نجد سوى التعجب من قدرة العقل على ترميز الأشياء
في جميع أجزاء الشرق الأوسط، أجبرت الحركات الأصولية النساء على العزلة الداخلية وارتداء ملابس (الموت والشيطان) السوداء الثقيلة، وفي بعض البلدان الإسلامية اليوم، إذا لم ترتدي المرأة حجابًا كثيفًا اسوداً و(شادورًا) ضخمًا ، فسوف تُرجم بالحجارة في الشارع، وهكذا يختبئ آلاف النساء المهددين بالسجن أو الإعدام أو يحاولوا الفرار من البلاد، بعدما تعرضوا للتهديد نتيجة لآرائهم الليبرالية او بسبب اخوتهم او أبنائهم التقدميين او صيحاتهم العلنية ضد رجال الدين، واضطروا إلى الاختفاء من الاضطهاد والإهانات من كل نوع.
وفي هذه البيئة المليئة بقذارة الروح البشرية المستمرة منذ خمسين سنة والتي اوجدها رجال الدين واسلامهم السياسي، بحثن النساء عن مخرج وقادهن طريق البحث الى العرافات وقارئات خطوط الحظ والفنجان بدل الحرية والى الكوابيس بدل العقل
شيئًا مخزيًا وعاراً بالتأكيد
يقول المنجمون (وفقا لتقارير صحفية مصورة من دول السواد قرأتها بالصدفة مؤخرا): بان الخطوط الموجودة على راحة اليد تشير إلى طول الحياة، وطبيعة العقل، والدور الذي يجب أن يلعبه المصير في الوقت المحدد، وكل هذه الخطوط محفورة باللون الغامق لبشرة الفرد، تخبره بالمعجزات التي تتنبأ بها قارئة الحظ.
بينما تجلس هذه القارئة (كما تظهر صورها المنشورة بالتقرير)، وكأنما ماضيها وشخصيتها مكتوبة على وجهها، وغضبها واستيائها واضحين، وهي تهيمن على مسرح الاحداث وسط جمهرة من الناس، مزينة مثل بقايا تمثال متحجر بسهم ذهبي يربط شعرها بغطاء الرأس.
تبدو وكانها رسول يعلن عن نفسه، بشكل متناقض، باعتبارها الحكمة والأمل بالجنة الموعودة يوم القيامة، وهي في الوقت نفسه الجنس الغريب الغامض للحياة والموت الخارق للطبيعة على الارض، والعلامة المميزة للفساد، وإعادة انتاج التخلف والمرض.
وفي الظلام الخافت الذي يحيط بها، يمكنك رؤيتهم حولها، مثل اشباح واقفة، وكانهم شهود صامتين لا يمكنهم التعليق، اما العرّافة فهي السيد والعبد في وقت واحد، فتعطي شكلاً لكل شيء تراه، وكأنها امام شمعدانات متفرعة بلا شموع، وهي التي تضيئها بملاحظتها ورؤيتها للحظ السعيد بشكل أكثر وضوحًا من أي شيء اخر.
(كنت في المنزل أعتني به، ثم ذهبنا للمساعدة في اجتماعات ليالي الخميس وتقديم دروس لمحو الامية وفي السوق اختفى دون ان اراه) تقول احدى السيدات لقارئة الحظ عسى ان تساعدها
والآن تبحث عنه، تبحث عن زوجها، الذي لم تتمكن من رؤيته منذ عشرة سنين، وهي تحمل عدد قليل من الصور التي نجت، ويبدو فيها هادئًا ووسيمًا، لكنه مشتت، كما لو كان عقله في مكان آخر، والعرّافة الى جانبها تنظر بغباء الى الصور وتضرب الزار بالرمل لتحسب الايام الباقية لعودته.
وفي صورة اخرى شابة اخرى جالسة في الشمس وتبتسم وهي محاطة بزجاجات فارغة وعلب صفيح قديمة مع مجموعة نساء وكأنهم سحابة غيم، وإذا نظرت بعناية يمكنك أن ترى أنهم عميان وقد جلسوا معًا, بانتظار دورهم لمعرفة ماذا يخبئ لهم الغيب.
وليس بعيدا اخريات واخرين بالانتظار, امرأة جالسة في التراب متكئة على طاولة عتيقة وقد تلف خشبها، وامرأة أخرى شعرها قصير خشن وطفل يتشبث بظهرها وكلاهما يبدوان مثل كائنات شبحية بسبب انحراف مفاجئ في حركة الكاميرا التي صورتهم، وآخرين منفردين أو في مجموعات، رجال ونساء وأطفال، يظهرون نفس التعبير عن الحزن والذهول على وجوههم, بانتظار المصير المجهول الذي لا يعرفه احدا سوى المنجمين والمنجمات بالملابس السوداء
لقد أصبح كل شيء بعيدًا الآن، كل ما كان لديهم في السابق، أصبح الآن بعيد المنال ليس فقط بعيد المنال، بل ومستحيل, لا يهم إذا كانت الشمس مشرقة أو كانت هناك عاصفة، ومع استمرار الاستنزاف الطائش للطاقات البشرية على مر السنين في بلدان السواد، اصبح لكل شخص سببا للرغبة في الانتقام من أي شخص آخر، وهكذا زاد عدد القتلة والدجالين.
قد يتوق كبار السن، الذين لديهم ذكريات عن (العصر الذهبي)، إلى العودة إلى تلك الأوقات، ولكنهم يعيشون في وهم، إن مثل هذه الظروف لن تعود أبداً، الصراعات والحروب تمزق المجتمعات من كل حدب وصوب ويموت الالاف كل عام من الجوع والمرض والحزن، وفي الوقت نفسه، يجلس الأثرياء الدجالين اللصوص على كومة هائلة من الثروة، والشركات الرأسمالية العالمية تنهب وتلوث وتستعمر، تضاف إلى ذلك أزمة المناخ وأهوال الإمبريالية
لا عجب أن الشباب يشعرون بالخيانة، إنهم يبحثون عن تغيير جذري، إنهم يبحثون عن الثورة والتمرد، لا أكثر ولا أقل، فهذا هو السبيل الوحيد للمضي قدما للاطاحة بهذا النظام الديني الأسود الفاسد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم


.. المشاركة تفريد الباسط




.. -بالزهور وسنابل القمح مستمرون في حراكنا السلمي-