الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضاءة .. للتاريخ المفترى عليه

يوسف يوسف

2023 / 9 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القراءة الأولى : هذه مجرد أضاءات عامة حول مقولة من يكتب التاريخ :
* تاريخ الحروب والغزوات / في الموروث الأسلامي ، يكتبه المنتصر ، ومن قبل حاشية الحاكم ، غافلا ما قام به قواد الحاكم من فظائع - من ونهب وسلب وسبي واعتداء على حرمات البلد المهزوم ، والكتبة يظهرون القائد المنتصر ، بأن حربه كانت أنتصارا لكلمة الله وللأسلام ولنبيه .
* أما سرد التقدم والزهو العلمي والأدبي والثقافي في الدول الأسلامية / منذ الخلافة الراشدة مرورا بالدولة الأموية فالعباسية وما بعدها .. ، فيسرده / يكتبه ، وعاظ السلاطين ، معتبرين أن عهد الحاكم ، هو عهد العلم والمعرفة ، التي قضت على عصر التخلف والجهل ، علما أن الجهل المجتمعي لا زال منتشرا بين الشعب .
* أما حالة ووضع المجتمع ، فكتبة الحاكم للتاريخ ، يجعلون / يصورون ، من أن عصر الحاكم ، هو عصر العدالة والأنصاف والمساواة ، غافلين مظلومية المجتمع ، منوهين - أيهاما للأخرين ، أنه لا فقير ولا محتاج بين عامة الشعب .

القراءة الثانية : التالي هي بعض الأضاءات الخاصة لكتابة التاريخ ، ممكن أجمال بعضها بمايلي :
* الكثير من كتبة التاريخ ، عدا ما ذكرت ، يكتبوه بعد حقب زمنية طويلة ، وهنا تكون الوقائع والأحداث والأخبار ..لا تستند الى أي وثائق أو قرائن أو شواهد ، لذا تكون كتابة التاريخ ، غير حقيقية ، وأكبر مثال على ذلك : السيرة النبوية لأبن هشام المتوفى سنة 218 هج / التي نقلت عن أبن أسحق - والنسخة الأصلية مفقودة ، وكذلك صحيح البخاري ، المتوفى سنة 256 هج ..علما ان رسول الأسلام قد توفى 11 هج . فكيف تكون مدى صحة ما كتب في الحالتين ، والفجوة الزمنية بالسيرة لأكثر من قرنين ، وفي الأحاديث لأكثر من قرنين ونيف ، لهذا كانت المصداقية مهلهلة في السيرة والأحاديث معا .
* وأكثر تزوير حدث - يمكن تأشيره كان في الموروث الأسلامي / الغزوات كأنموذج ، فمثلا خالد بن الوليد ، الذي قتل مالك بن نويرة وتزوج أرملته ، فالتاريخ يعظمه بأعتباره سيف الله المسلول ، وفق حديث الرسول ( عن أنس : أن النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ جَعفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ " وَعَينَاهُ تَذرِفَانِ " حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيفٌ مِن سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيهِم / رواه البخاري - نقل من موقع المكتبة الشاملة ) ، بينما المصادر الأخرى تقول عنه ، أنه كان قاتل ومغتصب ( انّ خالد بن الوليد ادّعى أنّ مالك بن نويرة ارتدّ بكلام بلغه عنه فأنكر مالك ذلك وقال : أنا على الإسلام ما غيّرت ولا بدّلت ، وشهد له أبو قتادة وعبدالله ابن عمر ، فقدّمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد امرأته أم متمّم فتزوّجها. فبلغ عمر قتله لمالك بن نويرة وتزوّجه امرأته فقال لأبي بكر : انّه قد زنا فارجمه . فقال أبوبكر : ما كنت لأرجمه ، تأويل فأخطأ. وقال : أنّه قد قتل مسلماً فاقتله قال : ما كنت لأقتله ، تأوّل فأخطأ قال : فاعزله. قال : ما كنت لأشيم سيفاً سله الله عليهم أبداً. إبن سعد ) هكذا هو التاريخ المزور يرقع الفظائع لقادة الحروب ، فقط لأنهم يحققون مأرب الخلفاء حتى وأن ظلموا.
* الأسلاميون ، ومنهم الأخوان المسلمين والمنظمات الأرهابية الأسلامية / القاعدة وداعش .. وغيرهم ، يحاربون العالم ، ويرهبون المجتمعات ، وذلك من أجل أرجاع زمن الخلافة الأسلامية الغابرة ، وسوف أسرد فقط واقعتين / من حقبة الدولة العباسية كمثال ، عن مدى الفسق والمجون والترف الذي كانت تتميز به الخلافة الأسلامية أنذاك :
1 . الخليفة محمد الأمين - وهو أبن هارون الرشيد / سادس الخلفاء العباسيين ، تولى الخلافة بين عامي 193 إلى 198 للهجرة ، هذا الخليفة كان لوطيا ! ، وكتبة التاريخ وصفوه بالكثير من الصفات الخارقة ، " كقتله أسدا بيديه " ويقول عنه ( جلال السيوطي : له فصاحة وبلاغة وأدب وفضيلة ، بجانب درايته بالشعر والأدب ، وكان الأمين عاشقاً للشطرنج .. وحسبما روى الطبري في " تاريخ الأمم والملوك ". كان الأمين عازفاً عن الدنيا ، ومشغولاً بحب كوثر ، ونظم فيه الشعر . يذكر الأصفهاني في موسوعته " الأغاني " أنه في إحدى الليالي ، كانا يتمددان على بساط نرجس ، فطلع البدر عليهما ، فما كان من الأمين إلا أن قال في غلامه : " وَصَفَ البدرُ حُسنَ وَجهِكَ حتى - خِلتُ أَنّي أّراهُ لَستُ أراكا " / نقل من مقال لأمجد كرارة منشور في رصيف 22 ) . ومن موقع / المعرفة ، أنقل بأختصار بعضا من حياته الجنسية المنحرفة ، وبأختصار ( امتنع الخليفة الأمين ظل الله في الارض عن معاشرة النساء سواء الأحرار أو الجواري . وأبتاع لنفسه عددا كبيرا من الغلمان الحسان وجعلهم لخلوته في ليله ونهاره . زبيدة بنت جعفر احدى اشهر نساء العصر العباسي ، ووالدة الخليفة الامين حاولت تحبيب النساء لابنها . حيث قامت بإلباس الجواري الحسان لباس الغلمان وأمرت كل جارية أن تقص شعرها على شاكلة الذكور ، كما قامت بتسميتهن بالغلاميات .كان بين غلمان الخليفة غلام وسيم اسمه كوثر ، استطاع أسر قلب الأمين ، إذ هام شوقا وهياما به ، طار له عقله وتعلق به فؤاده ) . هذا أنموذج واحد والنماذج كثر في الخلافة الأسلامية .

2 . الخليفة المستعصم بالله / 609 – 656 هج ، وهو أخر خليفة عباسي ، هذا الخليفة سقطت بغداد على يده ، لأنه كان ماجنا ، ولم يهتم بجيشه ، وأنقل التالي حول عدد النساء التي كانت بقصره - وقت سقوط بغداد 1258 م / وفق مقال للدكتور أحمد صبحي منصور ( المؤرخ الهمذاني يروى ذلك اللقاء بين هولاكو والخليفة المستعصم فى قصر الخلافة فيقول : " إن هولاكو أمر بأحصاء نساء الخليفة فبلغن سبعمائة زوجة وسرية و ألف خادمة .. وتضرع له الخليفة قائلا : مُنّ علىّ بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس و القمر .." ، أى تضرع له أن يترك له نساءه اللواتى حبسهن فى قصوره بحيث لم تكن تراهن الشمس ولا يراهن القمر . وبالطبع فقد فرقهن هولاكو على جنده وقادته ، بعد ان أمر جنوده بقتل الخليفة المستعصم رفسا بالأقدام .!! لأنه عندهم أحقر من أن يقتلوه بالسيف كما يقتلون الرجال ) .
فبغداد سقطت ، وخليفة المسلمين مشغول بسلامة زوجاته وملكات اليمين وخادماته .. تاركا جيشه ورجال حكمه للقتل والتنكيل ، من قبل هولاكو ، هكذا كانت تدار الخلافة الأسلامية ! .

خاتمة :
التاريخ ، لا يصدق " دوما " في أحداثه وفي وقائعه ، لأن كتبة التاريخ / يزورون الحقائق ، فهم يجعلون من الظالم مظلوما ، ومن المظلوم ظالما ، ويصورون الكاذب صادقا ، والصادق كاذبا .. المهم أن يكون الحاكم راضيا عن أعوانه وعن بطانته ، حتى وأن كذبوا . ومن جانب أخر ، كتبة التاريخ يعملون على أيهام الشعب ، بأن الحاكم هو ظل الله على الأرض / يجب أطاعته وأرضائه من قبل الشعب . ومن كثر تملق الحاشية والأعوان للحاكم ، أورد رواية يصور بها الشعراء للحاكم ، بأنه حتى في الكوارث هي ضربا من ضروب رضى الحاكم ( عندما ضرب زلزال عنيف مصر في عهد السلطان كافور / " 905 - 968 م ، وكان من رقيق الحبشة ، وأصبح رابع حكام الدولة الإخشيدية في مصر والشام ، وكان الحاكم الفعلي لمصر منذ 946 م " دخل أحد الشُعراء على السلطان وقال : " ما زُلزلت مِصرُ من كَيدٍ ألمَّ بها ... بل رقصت من عَدلِكم طَرَبا " ) ..
أخيرا : قد نشهد يوما ما ، نشر وثائق تاريخية - وظهورها للعلن ، التي ستجعل من كل ما كنا نؤمن به ، كان مجرد خرافات وتدليس - مجموعة أكاذيب ، حشرها كتبة التاريخ في الكتب والمصادر التي كنا نقرأها ، أو في الكتب المدرسية التي كنا ندرسها ، في مؤسساتنا التعليمية ، وهناك ستكون الطامة الكبرى ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت