الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدعة تشرقُ في الظل..

بلقيس حميد حسن

2023 / 9 / 26
المجتمع المدني


انها دكتورة العلوم القانونية الاستاذة ساهرة الصافي . عرفتها منذ عام 1996 في المؤتمر التأسيسي للمنظمة العراقية للدفاع عن حقوق الانسان في هولندا.. وحصلنا معا على أصواتٍ مرتفعة بالمؤتمر وكنا بالهيئة الادارية للمنظمة . عملت معي الدكتورة ساهرة وزملاء آخرين لم يقصروا بالعطاء حيث جمعتنا بهم علاقة طيبة سداها الشعور الانساني وحب الوطن ، و لأننا المرأتان الوحيدتان بالهيئة اقتربنا من بعضنا ووجدنا تشابها لدينا بالاصرار على العمل والحرقة الوطنية والقلق الدائم والالتزام بالتجرد والموضوعية .. عملنا معا لسنوات طويلة وأصبحنا صديقتين، نلتقي بين فترات قد تكون متباعدة أحيانا بسبب بعد المسافة بين مدينتينا وسفرها لسنوات طويلة للوطن وعودتها ثانية لمدينة أبعد من قبل، لكننا بقينا نتواصل بالتلفون ونحكي بهموم الناس بالوطن وأيام النضال الحلو في مجال حقوق الانسان حيث الشعور بالعطاء له عذوبة خاصة ، ولم أكن أعرف عنها تلك المواهب الجميلة التي كانت تختزنها ولاتتحدث عنها. حتى زرتهم قبل فترة قصيرة وإذا بي أكتشف عالما من الجمال يحيط بي أينما ألتفت،. جمال يسحرك بألوانه ويغرس أمامك بساتين نخيل وأشجار خضراء وحدائق زهور تشمخ بألوانها الهائلة البديعة.
تنتبه لتلك المزهرية فتجدها عملا يديويا من قنانٍ ترميها النسوة ولاتنتفع بها لكنها هنا عند الدكتورة ساهرة الصافي عملا فنيا راقيا، وتحفة ثمينة حتى يظن المرء انها آتية من بلدان بعيدة عبر البحار ربما من الهند أو الصين أو جزر الخيال التي لانعرفها.
تتعمق بما علقته على الحائط لوحة مبهرة فإذا بها ورق كارتون مقوى وورود صنعتها بيديها ومجسمات لأدوات مستعمله بمهارة يديوية خارقة .
حين أبديت إعجابي بالنماذج المطروحة بالمنزل وإذا بصديقتي تفتح لي غرفة مليئة بابداعاتها اليديوية وكأنها تفتح أمامي مغارة الأسرار وباب إفتح ياسمسم ، إذ إنني ذهبت بعيداً برؤيتي لذاك الكنز الذي تبرق به اللآلئ فأحتار الى أين أنظر. هل انظر الى الاكسسوارات الرائعة التي تصنعها بيديها الماهرتين أم الى اللوحات الحائطية المجسمة بالروح والألوان وانسجامها حيث خرجت بهذا الذوق الراقي لتكون تحفا فنية نادرة أم أرى تلك الأغطية المشغولة بيديها أم المزهريات الساحرة ، مع إنني شخصيا أمتلك مهارات بالخياطة والحياكة والتطريز لكن الذي رأيته ذلك اليوم عملا فنيا متقنا وكأنه مصنوع بآلة وليست باليد لدقة الصنع وللإختيار الرائع للألوان والملصقات ولتنوع المهارات التي لاتخطر على بال امرأة متفرغة لهذه الأعمال فكيف وهي تصنع بيد دكتورة بالقانون ومناضلة قارعت النظام الدكتاتوري سنينا ..
بقدر فرحي وبهجتي والطاقة الإيجابية التي منحتني إياها تلك التحف والمصوغات بألوانها الخلابة ، تألمت لأن كل هذا الجمال مخبأ بالعتمة ولايرى النور ..
تذكرت وانا حزينة من الغبن الذي يجده بعض المبدعين تذكرت بعض المعارض البسيطة والأعمال والرسومات التي لاتتعدى خربشات دجاج لكننا نرى الاحتفاء بها في بعض بلدان العالم محاطة بهالة من التفخيم والاعلام وإفراغ المعاني العظيمة عليها وحينما تبحث في تلك الاعمال وتحدق بها ملياً لاتجد غير أعمالٍ بسيطة جدا وان الضوء الذي أُطلقَ حولها إعلام مزيف من صديق أو قريب أو علاقة مصلحة بعيدا عن كونه فنا حقيقيا يندرج ضمن الفنون الجميلة ..
أنتظر يوماً منصفاً لفك حرية تلك الفنون الجميلة السجينة بين الجدران المظلمة ، لتخرج الى النور في معرض خاص بصاحبتها وابداعاتها المبهرة ..
أنتظر أن تزين تلك الألوان المتناسقة حائط قاعة تستحق أن يرودها الناس فالحضارة فنون جميلة بل أن الابداع سبب خلود الحضارات فلولا النحّت والرسم والبناء المعشّق وفسيفسائه الجميل والأعمال اليدوية والشعر والأدب الخالد لما توصلت البشرية الى معرفة تاريخ الحضارات القديمة الاولى وإن متاحف العالم بأعمالها اليدوية التأريخية العظيمة وملاحمه الخالدة كملحمة جلجامش شاهدة على ما أقول..
26-9-2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية