الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الدين والقيم والإنسان.. (19) / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب

بنعيسى احسينات

2023 / 9 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الدين والقيم والإنسان.. (19)
(تجميع لنصوصي "الفيسبوكية" القصيرة جدا، من دون ترتيب أو تصنيف، التي تم نشرها سابقا، أود تقاسمها مع القراء الكرام لموقع الحوار المتمدن الكبير المتميز).

أذ. بنعيسى احسينات - المغرب

إن العقل الديني في العالم العربي الإسلامي، حكم على نفسه منذ التدوين، بالعزلة والتخلف الفكري. فرجال الدين يرفضون العقلانية والفكر النقدي، ويحتكرون المعرفة بالمطلق. مما أدى إلى ضعف المؤسسات الدينية علميا وتفتحا، لأنهم ألصقوا القداسة بالماضي والسلف. فالمثقف المتفتح مهدد، لو حاول المساس بالمقدسات من تراث وسلف.

إن العالم العربي الإسلامي اليوم وقبل أي وقت مضى، ليس في حاجة إلى إصلاح سياسي، ولا إلى مؤسسات مجتمع مدني. بل هو في حاجة أولا وقبل كل شيء، إلى إصلاح فكري وديني وثقافي. وإلى الاجتهاد في خلق الإبداع الفقهي المتجدد، لتفعيل ما عندنا من مؤسسات موجودة، لمسايرة الواقع المتطور، بكل إيمان ومسؤولية.

ما ليس موجودا في الماضي، لا حق له في الوجود في الحاضر والمستقبل. هذا منطق شيوخنا وفقهاؤنا اليوم. بمعنى أن عصر الأنوار وراءنا لا أمامنا. إنه تكريس لأخلاق السلف ولأفكارهم وسلوكياتهم. رغم أنهم يستعملون التكنولوجيا الحديثة، التي هي من إنتاج وصنع ما يطلقون عليهم الكفار. لذا كان يحكمنا الأموات لا الأحياء.

للانفلات من نصوص القرآن الكريم التفصيلية الصارمة، لجأ رجال الدين ورجال السلطة إلى السنة أو الحديث، لتثبيت ما يريدونه من أمور، لتحقيق مصالحهم الدينية والسياسية والاجتماعية. لذا تم إحداث المصدر الثاني للوحي على لسان محمد (ص). الشيء الذي جعله تحوم حوله شبهات، من وضع وضعف وتحريف، في ما قاله الرسول (ص).

إن مستقبل الأديان في العالم اليوم، مهدد بالإفلاس في مجال تجارتها، لأن المفلسين الحقيقيين الأساسيين، هم رجال الدين المتاجرين فيه؛ سياسيا وأخلاقيا وأسطوريا وخرافيا. لأن سلعها هذه، لم يعد لها زبناء وموردين في الجيل القادم. لذا سيكون العلم والإنسانية هما دعامتا المستقبل، لا يتعارضان أبدا، مع الدين الحق الصادق الصافي.

العلمانية ليست محاربة الدين أو نفيه أو إزالته، بل هي مجرد فصل الدين عن الدولة أو السياسة. فالدولة تملك أدوات الإكراه والتسلط، وتعمل على تطبيق القانون على الجميع، في حين الدين ليس كذلك، لأنه خاص يمارسه الأفراد والجماعات بحرية واختيار، في علاقتهم مع خالقهم. وهؤلاء يدخلون تحت حماية الدولة التي تحتويهم.

من نتائج القراءة المعاصرة للذكر الحكيم حسب الدكتور شحرور: الدين لا يملك أداة الإكراه، لكن الدولة تملكها. الدين يحرم ويأمر وينهى لكنه لا يمنع؛ أما الدولة فتأمر وتنهى وتمنع لكنها لا تحرم. يمكن فصل الدين عن السلطة، لكن لا يمكن فصله عن المجتمع. فسلطة الدين مرجعيتها الضمير، وسلطة الدولة مرجعيتها القانون.

يرى د. شحرور أن الدين حدد الحرام، والقانون ينظم الحلال. الحرام شمولي أبدي، لكن القانون المنظم للحلال مرحلي متطور. التنزيل الحكيم ختم المحرمات؛ أما السنة النبوية مارست تنظيم الحلال، ولا تحمل الطابع الشمولي الأبدي ولا يقاس عليها، ولا يوجد لما يسمى وحيا ثانيا، ولا ما يسمى عصمة الأئمة. أما سنة الرسول هي مستقبلة للوحي ومبلغة له.

إن العمل الصالح، الذي بدونه لا يستقيم الإيمان بالله واليوم الآخر، ضمن الإسلام كدين واحد للعالم. هذا العمل الصالح، يقوم على تجنب المحرمات الأربعة عشر، التي اكتملت مع محمد (ص). والأوامر والنواهي العشرة، التي تنتهي بالأخلاق العامة. لكن ما يلاحظ عند جل المسلمين، هو التركيز على الشعائر، وإهمال العمل الصالح بجميع مكوناته.

إن رضا الله، ليس محصورا في جيل الصحابة، بل الله راض على كل من آمن به وقام بالعمل الصالح، مهما كانت ملته الدينية في كل زمان ومكان. لأن أساس الإسلام هو الإيمان بالله والعمل الصالح، الذي به تتحقق خيرية الإنسان. لأن الإيمان بالله يتجلى في محبة الإنسان لله ورغبته في التقرب إليه، والفوز برضاه.

إن الممارسات الدينية هي مسألة خاصة وشخصية، لأن العلاقة مع الله علاقة فردية مباشرة لا تحتاج إلى وسطاء من أي نوع كان. فالدين لا يملك أداة إكراه على الناس، مرجعيته الأساسية الضمير لا غير. فالإنسان حر ومخير في طاعته وعصيانه، فهو بعيد عن ممارسة الإكراه، ما دام لا يمس حرية الآخرين، ولا يعتدي على الغير.

وثنية الدين لا تختلف كثيرا، عن الوثنيات خارج الدين، القديمة منها والحديثة. اليوم هذه الوثنية أكثر انتشارا من غيرها في العالم الإسلامي. نجد من بينها بعض السلف وبعض الأئمة وبعض الفقهاء وغيرهم كثير، قد تحَولوا إلى أوثان وأصنام تُقدس وتُعبد أكثر من الخالق، حيث أصبح الناس يخشونهم أكثر من خشيتهم لله عز وجل.

في القرون الوسطى، يعمل رجال الكنيسة على تعيين الملوك. ومع تطور نظام الحكم، تقلص نفوذ الكنيسة. في حين في العالم العربي الإسلامي، تم إخضاع سلطة الدين للسلطة السياسية؛ إذ يجري تعين المفتي العام ورئيس العلماء وشيخ الإسلام، في معظم الدول العربية الإسلامية، لضمان الغطاء الشرعي لأنظمة الحكم فيها.

المسجد في زمن الرسول (ص)، كان له ثلاثة أبعاد: بُعد ديني للعبادة (الصلاة)، وبُعد تربوي لطلب المعرفة (مدرسة)، وبُعد سياسي للشورى (برلمان)، وكان كل مواطن عضواً فيه. واليوم قد أصبح المسجد قصراً فخما، ولكن بدون أبعاد، التي كان من الضروري أن يقوم بها، كما هو الشأن في بداية الدعوة الإسلامية وقيام دولة النبي (ص).

إن الشيوخ والفقهاء، قد جعلوا الدين والتدين غاية الغايات، بدل جعل الإنسان الغاية الأسمى، لكونه مركز العالم ومستخلف فيه. فالله خلق الإنسان ونفخ فيه من روحه لاستخلافه في الأرض، ومنح له الحرية ليختار بين الإيمان والكفر. وبعث الأنبياء والرسل لهداه، وحدد له الصراط المستقيم، بالإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح.

إن المدارس الدينية التقليدية، في الوطن العربي الإسلامي، لا زالت تستقطب تلامذتها إلى حدود الآن، من الفئات الفاشلة في تعليمها العلمي والاقتصادي والحقوقي، أو في العلوم الإنسانية والأدبية والفنية. بالإضافة إلى استمرار تخلف مناهج هذه المدارس وجمود أساليبها. فماذا يُنْتَظرُ من هؤلاء، غير المزيد من اجترار ما قاله الأموات من السلف؟

كيف لدعاة الإسلام؛ من شيوخ وفقهاء، يهاجمون بعض المسلمين، ذوي المستوى العلمي الرفيع، ويكفرونهم لمجرد انتقاد بعض شيوخ وأئمة السلف، أو لإدلائهم برأي أو موقف، من قضايا دينية أو شرعية مختلف عليها؟ فمن خول لهؤلاء، تكفير مسلم يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، لمجرد أنه يختلف عن أطروحاتهم؟

جل العرب المسلمين، لا يكلفون أنفسهم عناء البحث والتفكير في معرفة حقيقة الإسلام، وفي ما جاء في القرآن الكريم. بل يعتمدون على الفقهاء والشيوخ للتفكير بدلا مهم، لكونهم أصحاب الاختصاص، بحيث لا يجرأ أحد، على مناقشة ما يقوله الفقيه أو الشيخ. وإذا ما حاول ذلك، يعتبر خروجا عن أهل العلم، وبالتالي خروجا عن الدين.

من المعلوم أن القوة والقوامة للذكور أو الرجال في المجتمع، وفي الدين والسياسة، وفي العلم والمال.. لهذا لا يمكن أن تكون قسمة الميراث متساوية بين الرجل والمرأة، لأن المال يعطي القوة الأكبر لمن لديه أكثر. لذا تم إضعاف المرأة، حتى لا تتساوى مع الرجل، أو ربما تتفوق عليه. لكن الواقع قد أثبت ذلك بالفعل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah