الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيستاني ما له وما عليه 3/4

ضياء الشكرجي

2023 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أرجع إلى المرجع السياستاني، فأهم ما يتحمل مسؤوليته، كما أشرت إليه، إنه هو الذي مكن قوى الإسلام السياسي الشيعية من العراق، فهو الذي أشرف على انتخابات الجمعية الوطنية وعلى تشكيل القائمة الشيعسلاموية (الائتلاف العراقي الموحد 169)، ودعا إلى انتخاب هذه القائمة، بل دعمها بشكل غير مباشر حتى في الانتخابات التالية، التي كانت الانتخابات الأولى لمجلس النواب بعد إقرار دستور 2005، وذلك بعدم الدعم المباشر، بل بنصيحته للناخب العراقي أن ينتخب القائمة المتوفرة على شروط ذكرها في حينه، لم تكن تنطبق إلا قائمة الائتلاف العراقي الموحد 555. لكنه بعد عدة دورات أعلن بعد خراب ما تم تخريبه في العراق، أنه يقف من الجميع على مسافة واحدة. أبعد كل هذا يا سماحة المرجع الأعلى؟ ثم في وقت متأخر جدا أغلق بابه أمام استقبال السياسيين، مع إنه لم يغلق بابه أمام الشخصيات الدولية.
أما لنتأمل أي نظرية فقهية كان يتبناها يا ترى السياستاني في دور الفقيه في الحكم. وهنا أزعم أنه تبنى نظرية ولاية الفقيه لمحمد باقر الصدر في البداية، دون أن يعني أنه كان متأثرا بالنظرية أو قاصدا العمل بها اتباعا للصدر، وإنما عمل بها من حيث النتيجة. فالكل يعلم أن محمد باقر الصدر تبنى كفقيه شيعي وحيد على قدر اطلاعي نظرية الشورى في غياب المعصوم، والشورى كما نعلم هي من متبنيات مدرسة أهل السنة والجماعة، ولكنه وتأثرا عاطفيا أكثر مما هو تأثر فكري بالخميني، تحول إلى اعتماد ولاية الفقيه. لكن نظريته في ولاية الفقيه تختلف عما يذهب إليه الخميني، كما سأفصل لاحقا. حيث حيث اعتبر أن مباشرة العملية السياسية للأمة أو ممثليها، وللفقيه الرقابة فقط. وهذا ما قام به السيستاني لسنوات طويلة، وبدأ يتخلى عن هذا الدور تدريجيا، حتى أعلن التخلي عنه رسميا في 29/11/2019، حيث قال ممثله أحمد الصافي عن لسانه إن «ليس لنا إلا النصح والإرشاد ويبقى للشعب أن يختار الأصلح لحاضره ومستقبله»، مما دعاني في نفس اليوم أن أكتب مقالتي بعنوان "إعلان المرجعية التاريخي الذي انتظرته منها منذ 2003"، ومن المهم أن أعيد ذكر بعض المقاطع المهمة منها.
هذا إعلان تاريخي للمرجعية. مهلا لست من المتاجرين بالمرجعية، ناهيك عن أن أكون من المقدسين لها، كما إني لست من المعادين لها، وهذا ما سأفصله لاحقا.
قال الصافي في خطبة الجمعة آنذاك: «إن المرجعية الدينية ستبقى سندا للشعب العراقي الكريم، وليس لها إلا النصح والإرشاد إلى ما ترى إنه في مصلحة الشعب، ويبقى للشعب أن يختار ما يرتئي أنه الأصلح لحاضره ومستقبله، بلا وصاية لأحد عليه».
ثم كتبت: كنت إسلاميا يوم قلتها، واعتبروني لهذا السبب مناوئا للمرجعية، وسعوا إلى حذف اسمي من قائمة المرشحين للجمعية الوطنية، وها هو المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني يقولها بنفسه، نافيا بشكل قاطع لا يعتريه أي قدر من الشك، نسبته لنفسه، أو لأي فقيه، الولاية العامة على الأمة، أي ما يعرف بـ «ولاية الفقیه»، إذ «لا وصاية لأحد على الشعب»، أي يا ناس لا وصاية لي على الشعب، فلا تدّعوا عليّ ما لا أدّعيه لنفسي.
كنت قد كتبت مقالة نشرتها في 2003 في جريدة البيان بعنوان «ليس هناك فتوى سياسية ملزمة» أو بعنوان قريب من ذلك، ومضمونها مثل قبل ذلك محاضرة لي في لندن عام 2002، وناقشت الموضوع بلغة شرعية، وأتيت بأدلة شرعية بحسب فهمي الشرعي آنذاك، على عدم إلزامية الرأي السياسي للمرجع، وعدم اعتباره فتوى شرعية تجعل المكلف آثما عند عدم التزامه به. بل اعتبرته مجرد رأي كأي رأي، وذلك لأن المراجع أنفسهم يقولون إن تشخيص الموضوعات الخارجية في الواقع هي من شأن المكلف نفسه، وبما أن السياسة هي من الموضوعات الخارجية، لأن القرار السياسي يعتمد تشخيص ما فيه نفع للأمة، وإذا كان لأمر ما منافع ومضارّ، فيوازن السياسي الخبير والمخلص بين النفع والضرر للشعب والوطن، وفي ضوء ذلك يتخذ قراره، وقد يجري تبادل بالأدوار، فيكون المرجع الديني مقلدا، والخبير السياسي مرجعا يرجع إليه حتى المرجع. وعندها نقل إليّ أن محمد رضا السيستاني (ابن المرجع) عاتب حزب الدعوة على تلك المقالة، وسألهم ما إذا كانت تمثل موقف الحزب، فنفوا ذلك، وقالوا بل هو رأي شخصي لضياء الشكرجي. وهذه المقالة وغيرها بنفس الاتجاه كانت السبب في عدّي مناوئا للمرجعية، مما دعا حسين الشهرستاني عضو اللجنة المشكلة من المرجعية لتزكية المترشحين عل قائمة الائتلاف العراقي الموحد للجمعية الوطنية، يصر على حذف اسمي، حتى أعيد بما لا أريد إعادة تفصيله هنا.
أقول المرجع إذن يتطور كأي إنسان، وينمو وعيه الفقهي والاجتماعي والسياسي، وذلك بنمو تجربته. ففي 2005 كان هناك رأيان من القريبين أو مدعي القرب من المرجعية، فهناك من كان يقول إن المرجع السيستاني لا يؤمن بولاية الفقيه، ومنهم من كان يقول بل يؤمن بها، ولكن له فهمه الخاص لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب


.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت




.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط