الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة الترجمة واستقالة المسؤولية لدى المترجمين

سعيد الجعفر

2023 / 10 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مقامة الترجمة واستقالة المسؤولية لدى المترجمين: التصدي للترجمة هو أمر فيه من الرهبة الكثير. فالشروط، التي يجب أن تتوفر في المترجم عدة، أولها اتقان اللغة الأم واللغة التي نجري الترجمة منها، وثانيها أن تجري الترجمة في موضوع يتخصص فيه الكترجم أو على الاقل في موضوع قريب من اختصاصه، وثالثها إنه لا يكفي أن يكون المترجم تخرج في اللغة الانجلبزية ليقوم بالترجمة ، بل يجب أن يعيش في سياق اللغة والثقافة التي يترجم منها ، ورابعها وهو الاخطر أن تكون هنالك علاقة تماه بين المترجم ولغته الأم بالذات، وبشكل ما باللغة التي يترجم منها. وفيما يتعلق بالشعر فالمهمة تغدو أكثر تعقيدا، فترجمة الشعر يجب، كما أظن، أن يقوم بها شاعر، حيث إن العلاقة السرية بالمفردات والصور الواردة في النص الأصل لا يعرف كنهها إلا شاعر، فالشعر أمر غامض سماوي يجتاحه الجنون، ولا يمكن لكائن أرضي عاقل أن يسبر أغواره. وحين يتعلق الأمر بالترجمات الى العربية فإننا نجد إن الترجمة لدينا غدت مهنة من لا مهنة له، يرافق ذلك أمية دور النشر وعدم تحليها بالمسؤولية ، فهي تفكر بالربح قبل كل شئ. ولذا أصبحت كوارث الترجمة لدينا أمرا مألوفا. وسأورد هنا أمثلة، من بين آلاف أو لربما عشرات الآلاف من كوارث الترجمة. فقد تصدت مترجمة لنقل مؤلف سارتر
Critique of Dialectical Reason فكانت ترجمتها للعنوان بالشكل التالي " النقد الجدلي للسبب" وهنا ارتكبت المترجمة كوارث عدة. فقد ترجمت مفردة reason الى سبب ، في حين إنها تعني في هذا السياق "عقل" ، فضلا عن كونها جعلت الصفة " الجدلي" تابعة للموصوف "النقد" في حين إنها صفة لمفردة "العقل"، ثم إنها كما يبدو لم تسمع حتى بعنوان كتاب كانت ، وهو الاهم في الفلسفة الحديثة، أعني "نقد العقل المحض" وصنوه "نقد العقل العملي" حيث إن سارتر أراد محاكاة عنوان مؤلف كانت. الأمثلة كثيرة وسأمر سريعا على بعضها: قام احدهم بترجمة كتاب عن الانجليزية يخص تأريخ العراق الحديث، وكان يتردد في النص المترجم اسم "طالب السيد" ، حيث عرفت بعد قراءة بضع صفحات إنه يقصد "طالب النقيب"، كما قامت مترجمة بنقل كتاب عن القضية الفلسطينية وكان يتردد مصطلح " جبهة التحرير الشعبي الفلسطينية" ، ويبدو إن المترجمة لم تسمع باسم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" . والأمثلة كثيرة لا يكفيها هذا المقال الموجز. أما كوارث الترجمات الغربية ، حيث جرت ترجمة "ثمرة الإثم" الى "ثمرة التفاح" وترجمة "الساحة الجميلة" الى "الساحة الحمراء" والترجمة الكارثية التي قام بها عالم اللسانيات الامريكي بنجامين لي وورف فاختار "فيلت آنشوونج" بدلا من " فيلت آنزشت" وتعني "رؤية العالم، فقد تكون موضوع لمنشور آخر. المترجم صاحب مهمة شاقة ، فهود يعيد خلق النص بلغته الأم، وهو خلق لغوي اولا وثقافي ثانيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ