الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(( مجالس السُرّاق والفاسدين ))

محمد ساجت قاطع

2023 / 10 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مشكلة العقل الفقهي الشيعي ، أنه يعتقد إن قضية الإمام الحسين لن يُكتب لها البقاء والديمومة إلا من خلال مجالس العزاء، حتى وإن أقام هذه المجالس شخص له من الفساد والرذيلة والإجرام كمثل التي عند يزيد الذي خرج عليه الإمام الحسين.

قضية مثل قضية الإمام الحسين مغروسة في عمق التاريخ الإنساني كرمح وحشي في كبد حمزة، تستمد بقاءها وتوهجها بما تمتلك من مضامين وأبعاد إنسانية واخلاقية وروحية، لا من مجالس يُقيمها السراق والقتلة، الذين على أمثالهم خرج الإمام الحسين بثورته.

ولكن المؤسسة الدينية لا تريد لهذه القضية أن تتمثل بمضامينها ودلالاتها الحقيقة، من مثل رفض الظلم والفساد، والوقوف بوجه من يقوم بهما ، بل تريدها ويسرُها أن تبقى محصورةً بين الخرافات والاساطير، والمرويات التي تبث الغلو وكراهية الآخر كالتي يتلوها بعض الخطباء والرواديد ، والشعائر المبالغ بها التي تحرك مشاعر وعواطف الجماهير المحرومة.

إن الإمام الحسين لم يخرج على يزيد بن معاوية لأسباب شخصية وذاتية، بل خرج عليه لأسباب موضوعية ومبدئية، فالأمام لم يخرج على يزيد لأنه يزيد، بل خرج عليه بسبب ما كان عليه - يزيد – من مبادئ وقيم وسلوكيات، ولو كان في مكان يزيد شخص آخر في الحكم، وله ما ليزيد من مبادئ وقيم وسلوكيات لخرج عليه الإمام الحسين أيضا، لا لشخصه، بل لمبادئه وسلوكياته.

ومن هذا فإن الإمام الحسين لو كان موجوداً اليوم، لخرج على الفاسدين والقتلة والظلام ممن يقيمون باسمه مجالس العزاء، ولقتلوه هؤلاء "لقلّةِ ناصريه" مثلما قتلهُ يزيد بن معاوية.

الجميع يعلم إن هذا الفاسد - الذي يدّعي إتباع الحسين ويقيم مجالس العزاء بإسمه إنما هو يسير على ما سار عليه يزيد من مبادئ وسلوكيات، وأنه لم يُأسس هذا المجلس، للعزاء في مقتل الإمام الحسين، إنما عبثا يحاول تغطية فساده واجرامه بهذا المجلس الذي أقامه بالأموال الحرام، التي هي بالأساس اموال الشعب المسكين المحروم، والتي لم يشقى بجمعها إنما كسبها بنشاطه السياسي غير المشروع، وحاله في مثل هذا كحال النعامة التي تدفنُ رأسها في التراب، وتتركُ باقي جسدها في الفضاء الفسيح.

السؤال أين المؤسسة الدينية من هذا الخرق الفاضح؟ ، وبماذا يُفسر سكوتها عنه خصوصا وأن الناطقين بإسم هذه الجهات الفاسدة يعلنون أنه لا يوجد هناك فتوى شرعية من مرجع ديني تمنع السياسيين من إقامة المجالس الحسينية، وأن حدث وخرجَ أحد رجال الدين غير المجتهدين (قد يكونوا خطباء أو طلاب حوزة) يستنكر على السياسيين إقامتهم لهذه المجالس، بسبب تورطهم بالفساد والقتل، انبرى له أحد ابواق هذه الجهات يستخف به ويسخر منه ويقلل من قيمته قائلاً : (وهل هذا الشخص الدنيء مرجع أو آية الله حتى نمتنع من إقامة المجالس الحسينية بسببه)، إذ يعتبر كلام ونقد رجل الدين ذو التدرج الديني البسيط هذا وجهة نظر فقط - وقد يواجه بسببها ما يضره ويؤذيه – لا فتوى شرعية صادرة من مرجع ديني كبير، حتى ينتهوا بسببها السياسيين الفاسدين من إقامة مجالس التعزية، فوحدها الفتوى الشرعية التي تكون صادرة من مرجع ديني كبير تمنع هؤلاء من إقامة هذه المجالس، لأنهم وبسبب التزامهم – أو إظهار أنفسهم بالالتزام - الشرعي لن يستطيعوا أن يخالفوا فتوى شرعية صادرة من مرجع ديني فقيه مجتهد جامع للشرائط، لأن فتواه بمثابة الحكم الشرعي الذي لا يجوز لشخص ملتزم أن يخالفه، لأن مخالفة الحكم الشرعي بحسب العقيدة الشيعية تضع المخالف فيما لا يحمد عقباه. ولكن أي مرجع يقوم بإصدار هكذا فتوى؟ ، هذا سؤالٌ قد يبقى بلا اجابة إلى أمدٍ غير قليل.

✍️محمد ساجت السليطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم