الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدوغمائية في الفكر الميثولوجي

طلعت خيري

2023 / 10 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


قلنا في المقالة السابقة ، ضربة قاصمة لأصحاب المصالح ، من رأسماليين وكهنه وأسياد بطريقة غير مباشرة ، انطلقت من القاعدة الجماهيرية المكية ليكونوا هم الطرف الفاعل والمساهم في انهيار المصالح الاقتصادية للمنتفعين ، مفادها يا أهل مكة ، أن ما تقدمونه من نذور وطقوس وأموال وأنصبة محاصيل للملائكة أولياء الله ، لا تجدون منه شيء يوم القيامة ، وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعناه هباء منثورا ، أصحاب الجنة يومئذ خير مستقر وأحسن مقيلا ، وبهذا الفرق العقائدي ، توقف المجتمع المكي عن الإنفاق المالي على الإلهة بكل أشكاله ، مما انعكس ذلك على النشاط الاقتصادي ، للمضارين في أسواق الملائكة أولياء الله ، انهيارات أخرى تاريخية مدمره بالكوارث الطبيعية ، طالت ميثولوجيا الأمم السابقة ، مشابهة للانهيار الاقتصادي المكي

ميثولوجيا إلوهية فرعون

ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا الى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدمير

ميثولوجيا آلهة قوم نوح

وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس أية واعتدنا للظالمين عذابا أليما

ميثولوجيا أمم أخرى

وعاد وثمود وأصحاب الرس وقرون بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا

ميثولوجيا قوم لوط

ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكنوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً{35} فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً{36} وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً{37} وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً{38} وَكُلّاً ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلّاً تَبَّرْنَا تَتْبِيراً{39} وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُوراً{40}

لم يؤدي الفرق العقائدي دورا فاعلا وشاملا على عموم القاعدة الجماهيرية المكية ، وهذا أمر طبيعي ، بسبب التأثير التاريخي لميثولوجيا الملائكة أولياء الله على الأفكار بشكل عام ، فما زالت الأفكار تتصدى للدعوة في كثير من الميادين الفكرية ، شريحة اجتماعية أكثر تشددا وتمسكا بالأساطير والخرافات ، جاءت من خارج مكة لربما من إحدى القرى ، لتدخل هي الأخرى على خط الصراع الفكري ، طارحة رأيا استهزائيا بمحمد ، وإذا رأوك ان يتخذوك إلا هزوا ، أبعاد الطرح للانتقاص منه ، فإشارتهم الى محمد دليل على أنهم لا يعرفونه وتم التعرف عليه عن طريق أشخاص آخرين ، أهذا الذي بعث الله رسولا ، ان كاد ان يضلنا عن آلهتنا لولا ان صبرنا عليها ، رد الله على المستهزئين ، وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا

وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً{41} إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً{42}

قلنا في موضوع سابق ان الملائكة بنات الله من معتقدات الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ،على اعتقاد ان الله صاهر الجن فأنجبوا له البنات ، فالإلهة مجموعة من الإناث إما من البنات وإما من الزوجات ولكل واحدة منهن دورا في الحياة ، كآلهة الزواج والرزق والنصيب والعشق ، أما الذكور من الإلهة فلكل واحد منهم أيضا دور في الحياة ، كآلهة التجارة والمصالح والحروب والنصر وردع الأخطار ، تتكون الميثولوجيا من عدد من الآلهة ، فاختيارية الفرد للإلهة أو الإله ، تعتمد على النشاط الذي يزاوله في حياته ، فلكل آلهة أو اله تخصص في نشاط معين ، كآلهة الزراعة والرعي والتجارة والاقتصاد والزواج ، فالاختيارية هنا ستكون أهوائية ، حسب رغبة الفرد ومصلحته الاقتصادية أو المهنية أو الدينية ، فالشريحة التي استهزأت بمحمد لم تقبل بالله إلها ولا بمحمد نبيا ، لأنها تبحث عن إلها يلبي أهوائها ورغباتها ومصالحها ، أرأيت يا محمد من اتخذ إلهه هواه ، أفأنت تكون عليه وكيلا ، يا محمد أنت غير وكيل عنهم ، كما أنت غير مسئول عن هدايتهم ، هل تعتقد يا محمد ان جميع الذين يسمعون هم يعقلون ، ان هم إلا كالإنعام بل هم أضل سبيلا ، فالتشبه هنا ليس بالإنعام ، إنما على حاله عدم العقلانية

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً{43} أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً{44}

ضرب الله مثلا على الدوغمائية والجمود الفكري وللاعقلانية للشريحة المتشددة ، التي اعتقدت بان الظواهر الطبيعة من صنع اله آخر غير الله ، الم ترى يا محمد ، الى ربك كيف مد الظل لو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ، ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ، فعقلية المتشدد كالظل الساكن لا تتأثر بالأفكار العقلانية ، أما عقلية الإنسان المنفتح ، كالظل الذي يتأثر بأشعة الشمس يمتد وينقبض معها ، والمقصود هنا مدى تفاعل الفكر الناضج مع الأفكار العقلانية ، أمثلة أخرى مختلفة فيها فرق عقائدي ، ضربها الله لمحمد كدليل على عظمته في التحكم بالظواهر الطبيعة ، من خلال التغيرات التي تطرأ على الأرض والتي يتفاعل معها الإنسان طوعا ، أثناء أداء دورها الوظيفي الذي خلقت من اجله ، وهو الذي جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ، وهو الذي أرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا ، لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ، ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا ، ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ، فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ، وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ، وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً{45} ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً{46} وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً{47} وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً{48} لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً{49} وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً{50} وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً{51} فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً{52} وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً{53} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً{54}








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي