الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهيروغليفية في المناهج… شكرًا د. حجازي!

فاطمة ناعوت

2023 / 10 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وأخيرًا تحقق حلمٌ عصيٌّ طالما رجوناه. تقرّر تدريس الأبجدية الهيروغليفية ونُثارات من لغتنا القديمة في مناهج أطفالنا لهذا العام الدراسي ٢٣٢٤ بقرار جسور من وزير التعليم المثقف الدكتور “رضا حجازي". بأسلوب شيّق جميل رُسمت كل كلمة بالأبجدية الهيروغليفية، وجوارها نطقُ الكلمة باللغة المصرية، وجوارهما المعنى بالإنجليزية، فنعرف أن الشمس (رع)، القمر (إيا)، الابن (سا)، والابنة (سات)، الأب (إيت)، الأم (ماوت)، مع تبيان كيف كان الجد المصري القديم يرسم أحيانًا علامة ليبين كون المفردة مؤنثة أم مذكر. وهكذا يكتمل درسُ الإملاء مع النحو والصرف؛ لتُغرس في عقول صغارنا نبتةُ اللغة القيّمة التي دُوّنت بها أقدمُ وأخلد حضارات الأرض وأعظمها بما تحوي من نفيس العلوم ورفيع الفنون.
بتاريخ ٢٢ فبراير عام ٢٠١٠، كتبتُ في جريدة "المصري اليوم" مقالا بعنوان "محو الأمية المصرية"، تحدثتُ فيه عن حُلمي الدائم بتقرير الأبجدية الهيروغليفية في مناهج السنوات الأولى، ثم بتكثيف تعلُّم اللغة المصرية في المرحلة الثانوية، بحيث يتمكن الطالب من كتابة موضوع صغير بلغته الأمّ، لكيلا ينشأ أولادُنا "أُميين"، مثلَنا، بلغة أسلافهم العظام. وأعتذرُ عن فظاظة الكلمة، ولكنها الحقيقة بكل أسف! فمن العيب أن يعرف الفرنسيون والألمان واليابانيون وغيرُهم، أبجديات لغتنا المصرية القديمة، واللغة الديموطيقية التي دوّن بها أجدادنا بعضًا من تاريخهم الخالد على جدران معابدنا، ثم نقفُ نحن المصريين الأحفاد أمامها عاجزين عن فكّ شفرتها! كنتُ أحلمُ بأن ينصَّ دستورُنا على درج الأبجدية الهيروغليفية واللغة الديموطيقة، (التي بسببها فكّ العالمُ الفرنسي "شامبليون" رموزَ حجر رشيد)، ثم "اللغة القبطية"، وهي آخر تطور للغة المصرية القديمة وتكلّم بها المصريون قبل خمسة آلاف عام، أي قبل ميلاد السيد المسيح بـ٣٠٠٠ سنة كاملة. فاللغة تعني الهُوية، وليس لها أية علاقة من قريب أو بعيد بالعقيدة، كما يظنُّ الغافلون؛ فيحاربون اللغة المصرية ويُحقّرون من تاريخنا المصري ويحقدون على هُويتنا المصرية، وهو عينُ ما يفعله كلُّ مُحتلٍّ حين يحتلُّ وطنًا، فيعمل على محو تراثه القديمة وقتل لغته الأمّ وحقن الشعب بلغته هو الغازي الباغي حتى يحقق هدفين ضرورين في عملية الاحتلال. أولا: أن يفهم المحتلُّ الغازي ما يقوله الشعبُ فيستطيع السيطرة عليه، وثانيًّا: أن يُنسي الشعبَ ماضيَه وتاريخَه فيضعُف حين لا يجد أرضًا صلبة يقفُ عليها. هذا ما فعله الإمبراطور الروماني "ثيودوسيوس الصغير" حين حظر على الشعب المصري الكتابةَ والحديثَ باللغة المصرية التي كانت لغة المصريين الوحيدة، ولا يعرفها الروماني المحتلُّ؛ لتُستبدل بها اللغة الرومانية، وبعد قرنين دخل العربُ مصر عام ٦٤١ ميلادية واستأنفوا محاصرة اللغة المصرية، حيث قاموا بتعريب المُكاتبات الرسمية في الدواوين وحظر الحديث باللغة المصرية إلا في الكنائس فقط. وهذا سبب استمرار الكنيسة الأرثوذكسية في إقامة صلواتها باللغة المصرية القديمة، ولولاهاا لاندثرت.
يحزنني أن كليات الآداب المصرية تُدرَّس اللاتينية والإغريقية القديمتين، وليس من قسم للغة المصرية! يحزنني أن قسم التاريخ بكلية الآداب ليس به مادة هيروغليفية! يحزنُني أن تلتقي طالبًا جامعيًّا يابانيًّا أو فرنسيًّا أو إنجليزيًّا، فتجده عارفًا بالمصريات، Egyptology، أكثر، كثيرًا جدًّا، مما يعرف الطالبُ المصريّ عن تاريخ بلاده وحضارتها الفارقة! يقتلني غمًّا أن أدمغة بعض أبنائنا محشوةٌ بأفكار مغلوطة ظالمة تقولُ إن الأثرَ المصريَّ القديمَ، (الذي لنا حُظوة ميراثه والإقامة في رحابه مجانًا، فيما يدفع السوّاح الآلاف لرؤيته)، ليس إلا مسوخًا وأوثانًا، علينا محوُها ليرفعَ اللهُ غضبَه عنّا!! ما هذا الخلط الفكري المأفون!! يحزنني أن الأمهات لا يُسمين مواليدهن: حابي، حور محب، حورس، أوزوريس، نفرتيتي، نفرتاري! يحزنني أن أسافرَ إلى بلاد الله، لأجد الانبهارَ في عيون الأدباء والمثقفين حالَ يُفتَح الحديثُ حول حضارة مصرنا القديمة، فيما أبناؤنا يستهينون بها، بل ويتبرأ بعضُهم من مصريته! علينا تنظيم رحلات مدرسية مكثفة لمعالم مصر القديمة وتعليم النشء كيفية صوْن ذاك الإرث الخياليّ الذي قدّرت لنا السماءُ حيازته، دون شعوب الأرض! ذلك من شأنه ترسيخ الثقة بالنفس لدى أولئك الصغار الذين اهتّزت هويتهم بفعل فاعل مجرم! علينا أن نُعلِّم أبناءنا أن مَن يختصمُ هويتَنا المصريةَ القديمة، ويقلّل من شأنها، إنما يرجو غيابَ مصرَ من مدوّنة الزمان، وطمسَ تاريخِها واجتثاثَ أمسِها ووأد مستقبلها. وهو عينُ ما حاول فعله فصيلُ الإخوان وأبناءُ التيار الإسلامي بكلّ طوائفه.
لهذا أكّد دستورُنا الجديد على فرادة مصرَ التاريخية، فجعل المقوّمَ الثقافيَّ ثالثَ أضلاع مثلث مُقوّمات الدولة، جوار المقوّم الاجتماعي والاقتصادي، وتنصُّ موادُّ أربعُ (٤٧٤٨٤٩٥٠)، على الحفاظ على الهوية المصرية وحماية آثارها واحترام التعددية الثقافية في مصر. شكرًا وزارة التعليم على تحقيق الحلم الَعصي، َّبمحو أميتنا المصرية.

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وبعد قرنين غزا العرب مصر
سامح عبدالله ( 2023 / 10 / 8 - 11:19 )
واحتلوا
وما زالت محتلة


2 - مرحبا بعودة الهوية المصرية الحقيقية
Magdi ( 2023 / 10 / 8 - 12:50 )
مرحبا بعودة الهوية المصرية الحقيقية
سبق ان كتبت تحت مقالكم
مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=780206
تعليقا بعنوان : آلاف الكلمات مستمدة من القبطية الفرعونية
---------
كما لاحظت ان العالم كله مهوس بمصر القديمة
Egyptomania
( مصدر رزق عن طريق السياحة )
ماعدا المصريين . واعتبرت هذه الظاهرة نوعا من كراهية الذات ت : 2 وهو مايسمية الألمان :
Selbst hass
أنظر :محبة الكراهية فضيلة إلهية
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=806627
--------------
مع التحية .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki____


3 - الأمازيغ سبقوا مصر
جمعية التحرير الثقافي للشعوب ( 2023 / 10 / 8 - 20:39 )
أولا .. تحية لأختنا الكاتبة فاطمة ناعوت ..وشكرا علي هذا المقال ، وهذه البشري الطيبة ، وان جاءت تلك الخطوة متأخرة عما حققه الأخوة الأمازيغ بكل من الجزائر والمغرب . اذ انتزعوا بعد طول نضال ، الاعتراف باللغة الأصلية لبلادهم ولأجدادهم ( الأمازيغية ) ، كلغة رسمية - وعقبال الحبايب

زهور الأمازيغ تتفتح بعد 1400 خريف / عام 2006
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=78977

الخروج من قفص العروبة. /. عام 2005
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=40812

جمعية التحرير الثقافي للشعوب ضحايا العروبة / عام 2007
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=87646


4 - صوت وطني انساني وحان الوقت للتحرر من اللاثقافة الب
الدكتور صادق الكحلاوي- ( 2023 / 10 / 8 - 23:38 )
وحان الوقت للتحرر من اللاثقافة البدوية يجب علينا ان نعرف جيدا ماضينا وحاضرنا والعالم لنرسم بوعي وعلميه خطواتنا للمستقبل لنتخلص من التخلف البشع الذي يلف مجتمعاتنا وبلداننا-الان كلمة بابل في العراق كلمه اعتياديه ومثار اعتزاز وذالك نتيجة لجهود لانني اتذكر ان كلمة بابلي حينما توجه لشخص في اربعينات القرن العشرين كانت شتيمة مابعدها شتيمه-تصوروا بشاعة هيمنة اللاثقافة البدوية التي هجمت على منطقتنا فاسقطت 5حضارات-1الحضارة المصرية و2 الحضارة الرافدينية و3 الحضارة الامازيغية و4الحضارة الشامية و5 الحضارة الفارسية فخيمت علينا اللاحضارة واللاثقافة البدوية التي حولت مجتمعاتنا من انتاجيية الى ريعية وصرنا عاجزين حتى عن انتاج خبزنا اليومي واعتمدنا الى اليوم على الاستراد-تحياتي


5 - لماذا يكتب الشعوبيون بلغة يكرهونها ؟!
فؤاد حديد ( 2023 / 10 / 12 - 06:19 )
محاولة بعث اللغات واللهجات المندثرة محاولة غير ذات جدوى ، وهي غير مجدية حتى من باب المصلحة الضيقة ،، ، لماذا يكتب الشعوبيون بلغة يكرهونها اكتبوا بلغاتكم الاصلية ،،


6 - اوعى وشك
فؤاد حديد ( 2023 / 10 / 12 - 19:40 )
انا اعتقد ان الاقليات الدينية والمذهبية والفكرية الشعوبية والعنصرية الشتامة ، تنقرض في مواجهة العربية ، ان اللغات العالمية تنقرض ، ان بعض الجهات الغربية بدأت بترجمة وثائقها الى العربية كلغة للمستقبل انكم تحاولون عبثًا ويتنفسون فقط عن احقاد نفسية ستنتهي بكم الى لاشيء

اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah