الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى

أسامة خليفة

2023 / 10 / 8
القضية الفلسطينية


أسامة خليفة
باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»
يوم السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973 كان يوماً تاريخياً كأول معركة يبادر فيها العرب مجتمعين إلى القتال واتخاذ قرار بدء الحرب وساعة الصفر، ويحققون النصر بعد عار هزيمتي النكبة والنكسة، ويوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 كان يوماً تاريخياً بادر فيه الفلسطينيون إلى الهجوم الواسع، واقتحام الأسلاك الحدودية، والدخول لأول مرة إلى عمق أراضي العام 1948، ومهاجمة المواقع العسكرية، وتحقيق انجازات في الساعة الأولى للمعركة، وكأن لا وجود لجيش أمامهم يمنعهم من تحقيق أهدافهم، وهذا ما لم تحققه الجيوش العربية حيث بقيت المعارك تجري على الأرض العربية بعيداً عن الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.
يحتل قطاع غزة في المعادلة الفلسطينية والإقليمية مكانة هامة وخاصة معادلة الردع، ويتمتع بخصوصية دوره في الصراع مع المحتل الإسرائيلي رغم ضيق مساحته وكثافة سكانه والحصار المفروض عليه، استطاع القطاع أن يبني استراتيجية دفاعية تستند إلى بناء المجتمع الفلسطيني المقاوم في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل، والتي لم تتوقف اعتداءاته، بل أن التطورات والتي شهدناها في يوم 7 تشرين الأول تدل على تطور نوعي براً وبحراً وجواً، وتدل على التدابير الوطنية المطلوبة في هذه الظروف، حيث كانت المعلومات تؤكد عن نوايا اسرائيل بمهاجمة القطاع عسكرياً بعد الأعياد اليهودية، عبر ضربة قاصمة تدمر البنية التحتية للمقاومة، لا تميز فيها بين الأهداف العسكرية وأخرى المدنية، متذرعة بأن القطاع أصبح بؤرة للإرهاب، ويشكل ذراعاً عسكرية لإيران، وتصاعدت الدعوات لحسم المعركة مع القطاع في إطار المخطط الإسرائيلي لشن عدوان على الأهداف النووية في إيران، يستوجب بداية القضاء على هذه الأذرع، في عملية واسعة تقضي على المقاومة في قطاع غزة، وعلى بنيتها التحتية، في سياسة عدوانية تقوم على الأرض المحروقة وتدمير البيوت والأبراج دون الاهتمام للكثافة السكانية وأعداد الضحايا المدنيين الذي ستوقعهم في هكذا سيناريو مدمر.
كل المراقبين للوضع في المنطقة يدركون تبني القطاع استراتيجية دفاعية، تقوم على الحد من قدرة العدو على ممارسة سياسة الردع، وأن المقاومة تعزز من قدرة المقاومة الفلسطينية على الرد على أشكال العدوان الإسرائيلي، لكن مفاجأة طوفان الأقصى صدمت العدو صدمة في الصميم، وأصابت الآخرين بالذهول، إنه تحول نوعي من الدفاع إلى الهجوم، ومعادلة ردع جديدة، ولم تكن ثمة مفاجأة فيما تحقق من الوحدة الميدانية التي جسدها العمل العسكري المشترك في الإعداد والتنفيذ، بالرغم من استمرار الحديث عن استعادة الوحدة الداخلية وإنهاء الانقسام في صفوف الحالة الفلسطينية، بما يوفر المناخات السياسية الضرورية لسحب البساط من تحت أقدام العدو في تبرير أعماله العدوانية، لقد تم العمل على بناء استراتيجية دفاعية لقطاع غزة بتوحيد الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة في القطاع في غرفة عمليات مشتركة، تضم الجميع بما فيها حركة فتح، والتي كانت تقتصر في العام 2006 على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي، لمواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الاشتباكات والحروب، وتطورت وتوسعت في 23 تّموز/يوليو 2018 لتضم 12 جناحاً عسكرياً بعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، لمواجهة إجراءاته التي كان أبرزها تركيب بوابات إلكترونية. إن هذا يؤكد أن المواجهة والمقاومة هي الأقدر على إزالة العوائق أمام استعادة الوحدة الداخلية، ففي ظل المقاومة والمواجهة تصبح الوحدة الداخلية مصيرية، بدلاً من أن تكون مدخلاً للمحاصصة، يعيد فيها الطرفان الكبيران فتح وحماس تقاسم المناصب والمسؤوليات وكعكة السلطة ونفوذها.
إن عدوان الجيش الإسرائيلي على غزة لم يتوقف منذ انسحابه في خطة فك الارتباط خريف العام 2005، حملت تلك الاعتداءات في طياتها دروساً وتجارب تضع المقاومة أمام استحقاقات الدفاع عن القطاع وصد العدوان، وإضعاف قدرة جيش العدو على «الردع » هذه العبارة الأثيرة على قلوب جنرالات العدو، وقيادته السياسية، بما هي قدرة جيش العدو على بث الرعب في نفوس الآخرين، والدفع بهم نحو الاستسلام، حتى قبل دخول المعركة.
بعد ما حصل صباح 7 تشرين الأول، كيف صارت مقولة «الردع »؟. وقد دب الرعب في قلوب جنود جيش الاحتلال وضباطه فهربوا مرعوبين من الميدان أمام المقاومين من الفصائل الفلسطينية، ووقع الكثير منهم قتلى وجرحى والعشرات منهم وقعوا في الأسر أذلاء.
لقد وصلت المفاوضات من أجل السلام المزعوم إلى الطريق المسدود، ولم يعد بإمكانها أن تقدم جديداً للحالة الفلسطينية، هذا الانسداد في العملية السياسية يفرض البحث عن استراتيجية بديلة يخرج مجمل الحالة الفلسطينية
من أزمتها المستفحلة، لصالح مسار جديد يعبئ القوى في معارك وطنية ذات جدوى ونتائج ملموسة، استراتيجية تقوم على مقاومة الاحتلال وبناء مقومات ردع فلسطينية ترغم العدو على العد للعشرة وللعشرين قبل أن يفكر بشن عدوان ما على القطاع.
لم يترك لنا العدو المتغطرس غير القوة العسكرية في غزة والانتفاضة في الضفة، يمكن أن نتعامل بها مع احتلال بغيض لم يلتزم بالمواثيق والمعاهدات، ومارس السياسات الاستيطانية والتهويدية والانتهاكات اليومية لحقوق الأسرى ودنس المقدسات باقتحامات المستوطنين للأقصى المبارك، ومارس والإعدام الميداني للفلسطينيين بادعاء محاولة تنفيذ دهس أو طعن، وعمل على تقويض قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة بتقطيع أوصال الضفة الغربية إلى معازل يتحكم جنوده ومستوطنيه بالطرق الواصلة بينها.
لقد أبرزت معارك إطار غزة في اليومين الماضيين مدى التعب والجهد المبذول في الإعداد العسكري ورغم عظمة وشجاعة ما جرى إلا أن تحرير الأرض وهزيمة العدو الاستراتيجية، يتطلب المزيد من الإعداد العسكري من تسليح وتدريب وتجهيزات عسكرية وتحصين، وعدة القتال المختلفة، وإنشاء فروع لغرفة العمليات تعنى بـ:
خطط الإيواء والإغاثة للمدنيين، الإخلاء والإسعاف، الدفاع المدني المدرب والمجهز لعمليات الإنقاذ، الإعلام والدعاية الجماهيرية.
وتتطلب الاستراتيجية الدفاعية لغزة الاستفادة من الطاقات الشعبية وتعبئتها في إطار فروع غرفة العمليات، ويمكن أن تتمثل المرجعية السياسية وجبهة المقاومة الموحدة بلجنة القوى الوطنية والإسلامية التي تضم جميع الفصائل المشاركة في الحوار الوطني الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات