الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصداميون يذبحون العراق والطائفيون يتقاتلون على تقطيعه

رزاق عبود

2006 / 11 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بصراحة ابن عبود

يستمر الذبح اليومي في العراق، وتلقى الجثث في كل مكان بعد التعذيب، والقتل. ويحدث انفجار هنا، وقصف هناك. سيارات مفخخة، وعبوات ناسفة، ومجازر بشرية في كل لحظة، وفي كل انحاء العراق الجريح. سيل الدم والدموع لايتوقف. الغريب، ان كل ذلك ينسب الى الحرب الطائفية القائمة في العراق، واستمرار التهجير، والتصفية الطائفية، والعنصرية، والدينية. وهذه الاساليب ليست جديدة في العراق، ولا غريبة على الصراع السياسي الدموي فيه. وقد ادخله البعث العفلقي الى العراق، خاصة بعد ثورة14 تموز1958 حيث بدات الاغتيالات بحق الشيوعيين، والقاسميين، والقوى الديمقراطية الاخرى، وحتى الدينية المتنورة. وظهرت لاول مرة المليشيات المسلحة الهوجاء "الحرس القومي" على الطريقة الفاشية، تنشر الرعب، والدمار، والموت في عراق التسامح، والتعايش. وتكررت المظاهرات، والمؤامرات، والانقلابات المسلحة. وكل مرة يصاحبها بحر من الدماء، وموجة من الاغتيالات. واشهرها احداث كركوك، والموصل، وانقلاب 8شباط 1963 الذي وضع العراق على سفينة الموت، والدمار منذ ذلك اليوم الاسود. بعد انقلاب 17 تموز 1968 استمرت العمليات، وازدادت حوادث الدهس، والاغتيالات، والاختطاف لكل المعارضين السياسيين حتى من داخل صفوف البعث نفسه وامتد الارهاب الى خارج حدود الوطن، واغتيلت شخصيات سياسية معارضة في الكويت، وبيروت، وعدن، ولندن، وطهران، وستوكهولم، والخرطوم، وغيرها. وكلنا يتذكر مجازر ابو طبر ومسالخ قصر النهاية التي كان يشرف عليها المتنافسان ناظم كزار، وصدام حسين. ثم تصفية قيادات مهمة في حزب البعث كانت محسوبة على يساره، او بدات تؤمن بخط التعاون الوطني وتريد بناء نظام طبيعي في العراق. بعدها حمام الدم الذي مهد لاستلام صدام رئاسة الجمهورية وقيادة الحزب بتصفية قيادات البعث المنافسة له فتغدى بهم قبل ان يتعشوا به. وابعد البكر، وتفرغ للاكراد، والشيوعيين، والاسلاميين، وانتشرت المذابح، والاغتيالات، والاختطافات، والتصفيات على قدم وساق، وعلى مختلف الاصعدة، وفي كل مكان. وكلنا يتذكر تهديد صدام للشيوعيين العراقيين بان: "ايدينا تمتد الى براغ". ثم الهجوم البربري على الثورة الكردية الذي مهد له بمؤامرة دنيئة مع الشاه المقبور. واحرق بعدها الشعبين العراقي، والايراني بحرب مجنونة "لاستعادة" ما سلمه بتوقيعه، وتنازل عنه برضاه للشاه المقبور. وهجرمئات الالوف من العراقيين من الاكراد الفيلية، وتركهم بين حقول الالغام على الحدود الايرانية. ثم اجتياح الكويت، واستهتاره بارواح الالاف من الضباط، والجنود العراقيين، اضافة الى السبي، الذي تعرض له الكويتيون. ولا زالت صور المذابح، والمجازر، والحرائق لقمع انتفاضة اذار المجيدة عالقة في الاذهان. وتعرض يوميا على شاشات الفضائيات وعلى قارعة الطرق. ويشاهد فيها الهمجية، والفظاعة، والاستهانة بمصير، ودماء، وكرامة، وحياة العراقيين. وبعد حروبه الهمجية مع ايران، وغزو الكويت ادخل العراق في محنة الحصار الذي ذهب ضحاياه مليون طفل عراقي. وهو يحتفل سنويا بعيد ميلاده ببذخ اسطوري. ثم الحرب الاخيرة حيث احتل العراق من قبل امريكا، وحلفائها بسبب حسابات "القائد الضرورة" ومغامرات بوش، وحروبه العدوانية. ولا ننسى جرائم الاسلحة الكيمياوية بحق الاكراد، وعرب الاهوار، والانصار الشيوعيين، وغيرهم في كردستان. وسبق لصدام ان قال انه لن يسلم العراق الا ارضا بدون بشر. وها هو ينفذ تهديده الوقح بايدي ايتامه. فلقد ربى الاف المرتزقة من الوحوش البشرية، وعلمهم على سفك، ومص الدماء ببرودة اعصاب، وزودهم بالمال، والسلاح، والخطط، ودربهم على اساليب ارعاب الناس. والكثير من المراقبين قالوا ان الحرب بدات بعد انتهائها. وقد هدد الصحاف بصراحة بذلك قبل اختفائه وسيده. ولكنها حربا ضد الشعب وليس ضد المحتلين. ورغم كل هذه الوقائع، والشواهد، والدلائل، فان غلاة الطائفية لا زالوا يتهمون بعضهم البعض. لايمكن اعفاء المليشيات الاسلامية بطرفيها، من الجرائم. ولكن المليشيات كلها مخترقة من قبل اجهزة صدام السرية، وتنفذ السياسات المرسومة لها. فجيش المهدي الشيعي لا يختاف عن جيش محمد السني، وقوات بدرالجعفرية، لا تختلف عن تتظيمات القاعدة التكفيرية. فكلها تنفذ سياسات صدام بشكل غير مباشر بتهورها، ومباشر من قبل العناصرالتي اخترقتها. وعملاء صدام فيها ملالي، وعلماء، وسادة، وايات الله ، وامراء.. الخ. لقد راينا كيف نزع رجال الامن، والمخابرات ملابسهم الدينية خلال قمع انتفاضة اذار، وتحولوا الى جلادين، بعد ان، تنكروا بملابس المنتفضين. ان غلاة الطائفية من الطرفين يعرفون هذه الحقيقة جيدا. ولكنها تخدم مصالحهم الفئوية، والشخصية الضيقة، ولذلك يتهمون بعضهم علانية، وربما يلتقون في الخفاء، كما تفعل المافيات في اوربا، وامريكا لتقاسم مناطق الذبح، والقتل، والسرقة، والنهب، والخطف. اما رجال الدين العقلاء الغير طائفيين فضائعين في حمى الهستيريا الطائفية، واستعداء الناس، والاهل على بعضهم. ولا احد يستمع لدعواتهم، ونداءاتهم، التي تضيع وسط ضجيج مؤامرات، واصوات مدافع، وهاونات البعث الطائفية. لقد الصقت جرائم كركوك، والموصل، والسحل الذي قام به الغوغاء بالشيوعيين العراقيين وانصارهم بعد انتصار ثورة تموز خلال مقاومتها لمؤمرات العملاء والقوى الرجعية. وضاعت اصوات الشيوعيين المنددة بالارهاب، والغوغاء، في ضجة هدير دبابات انقلابات المتامرين. فالشارع تسيطر عليه عصابات لها اهداف، ومشاريع مرسومة، وتعليمات تاتيها من القاهرة، ودمشق، وطهران، واسطنبول، ولندن، و واشنطن. وهي نفس المصادر التي تسير، وتسيطر اليوم على فرق الموت التي حولت شوارع العراق الى حقول للموت. لانعفي المليشيات كما قلت، ولكن المليشيات في معضمها من نفس الرجال الذين تدربوا في اجهزة صدام، وجندهم بريمر، واذنابه في قواته، وشرطته، وحرسه، وحماياته. فالى متى يظل شعبنا ينزف، وحناجر زعماء الطوائف تعزف لحن المذابح. اما حان الوقت لاعتقال "رجال" الدين، وزعماء الطوائف، وقادة المليشيات، الذين يحرضون على الحرب كما حصل في مصر، واندونيسيا، والجزائر فضعفت قوتهم وقلت عملياتهم الاجرامية.

رزاق عبود
11/11/06








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. لماذا يرفض اليهود الحريديم الخدمة العسكرية؟