الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسليم للأسطوري والبنية العقلية للاعتقاد

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2023 / 10 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يعود الاعتقاد بالأساطير والتسليم بها إلى أصول بشرية عميقة وتاريخية. منذ العصور القديمة، كان للبشر حاجة ملحة لتفسير الظواهر الطبيعية والأحداث. لم يكن لديهم المعرفة العلمية التي نملكها اليوم، وبالتالي كانوا ليجأون إلى الأساطير والقصص الخرافية لتفسير كل ما هو غامض ومدهش في العالم من حولهم
الأساطير هي قصص ترويها ثقافات الشعوب والتي تحمل الشخصيات الأسطورية أحداثا غير واقعية. تعتبر الأساطير وسيلة لتوصيل المعرفة والقيم والتصورات الدينية والتاريخ المجرد. تتضمن الأساطير عادة شخصيات خارقة أو إلهية وأحداثا غير قابلة للتفسير بواسطة المنطق العقلي العادي
أما التسليم لها والابتعاد عن العقلي، يعزى ذلك في كثير من الأحيان إلى الاحتياج البشري للإيمان والاستجابة للقوى العليا أو الروحانية. يمكن أن يكون للأساطير دور هام في توجيه السلوك وتحديد الأخلاق وتعزيز الانتماء الثقافي. يؤدي الاعتقاد القوي بالأساطير إلى التسليم للقوى العليا أو الإلهية والاعتماد عليها لاتخاذ القرارات وتوجيه الحياة.
مع ذلك، مع تطور العلم والمعرفة البشرية، أصبح لدينا القدرة على تفسير العديد من الظواهر التي كانت في السابق تُنسب إلى الأساطير بطرق عقلانية وعلمية. لذلك، بينما يحتفظ بعض الأشخاص بالاعتقاد بالأساطير والتسليم لها، يميل العديد إلى الابتعاد عنها والاعتماد على المعرفة والعلم في تفسير العالم واتخاذ القرارات.
تهدف العقلانية إلى استخدام العقل والمنطق والتحليل العلمي لتفسير الظواهر والأحداث. يتم تشجيع الناس على الاعتماد على الأدلة والمنطق والتفكير النقدي في مواجهة المعتقدات واتخاذ القرارات.
. يمكن أن يكون للأساطير قيمة ثقافية وفنية وترفيهية، ويمكن أن تكون محطة للتأمل والتفكير العميق حول الحياة والوجود. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون للعقلي دوره الخاص في تفسير العالم واتخاذ القرارات،.
إن الأدلة العلمية التي تمكننا من تفسير الظواهر التي كانت تُنسب إلى الأساطير تشمل مجموعة واسعة من القيم العلمية والمعرفية التي حققها الإنسان على مر العصور.
الفيزياء والعلوم الطبيعية: تطورت معرفتنا بالفيزياء والعلوم الطبيعية وساهمت في تفسير العديد من الظواهر المذهلة. على سبيل المثال، فهمنا للكهرباء والمغناطيسية سمح بتفسير البرق والرعد الذي كان يعتبر سابقاً ظاهرة خارقة..
الفلك: تقدمنا في علم الفلك سمح بتفسير العديد من الظواهر الكونية التي كانت تُرتبط بالأساطير. فعلى سبيل المثال، فهمنا لحركة الكواكب ونظام الشمس والقمر وتشكل النجوم والمجرات سمح بتفسير ظواهر مثل الكسوف الشمسي والتقاطعات الكونية الأخرى التي كانت تُعزى إلى قوى خارقة.
علم الأحياء والوراثة: فهمنا لعلم الأحياء والوراثة وكيفية تطور الكائنات الحية ساهم في تفسير العديد من الأساطير المتعلقة بالكائنات الخارقة والأشكال المتحولة. على سبيل المثال، كانت هناك أساطير تتحدث عن الوحوش والكائنات ذات القدرات الخارقة، ولكن علم الأحياء ساهم في توضيح كيفية تطور الكائنات الحية وأصول التنوع البيولوجي.
علم الجيولوجيا: فهمنا لعلم الجيولوجيا الطبيعية ساهم في تفسير الأساطير المتعلقة بالكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والفيضانات. عن طريق دراسة تاريخ الأرض والتغيرات الجيولوجية، يمكننا أن نفهم أن هذه الأحداث هي جزء من دورة طبيعية للكوكب.
التمسك بالتفسير الأسطوري للظواهر الطبيعية وتجاهل التفسير العلمي يعود إلى الاعتقادات والثقافة والتقاليد المختلفة. في الماضي، كان للأساطير والتفسيرات الدينية دور كبير في شرح العالم والظواهر التي لم يكن للإنسان المعرفة العلمية الكافية لفهمها.
إن تفسير الظواهر الطبيعية بواسطة العلم يعتمد على قوانين الطبيعة والمفاهيم المستندة إلى الأدلة القوية والبحوث المكثفة. يتم تحليل البيانات والتجارب ومراجعتها بواسطة النظراء والمجتمع العلمي. هذا يساهم في تطوير نماذج ونظريات تفسر الظواهر الطبيعية بشكل دقيق ومنطقي.
يعتبر التفسير العلمي للظواهر الطبيعية أكثر قوة وشمولية بسبب قدرته على التنبؤ والتحكم وتوفير فهم عميق للعالم من حولنا. يمكن استخدام هذا التفسير لتحسين حياتنا وتطوير التكنولوجيا والطب والزراعة وغيرها من المجالات.
التمسك الزائد بالتفسير الأسطوري وتجاهل التفسير العلمي يمكن أن يشكل خطرًا على التقدم العلمي في العديد من الجوانب المحتملة:
الانحياز والتعصب: قد يؤدي التمسك الشديد بالتفسير الأسطوري إلى الانحياز والتعصب، حيث يتم رفض أو تجاهل الأدلة العلمية المتاحة وتقبل فقط التفسيرات الأسطورية. هذا يعرقل التقدم العلمي ويمنع اكتشاف الحقائق الجديدة.
الاستغلال السياسي والاجتماعي: يمكن استغلال التفسيرات الأسطورية لأغراض سياسية أو اجتماعية. قد يتم استخدام الأساطير كأداة للتحكم في الأفراد والسيطرة على القرارات والمعرفة. هذا يقيد حرية التفكير والابتكار ويقوض التقدم العلمي.
الجهل والتخلف: عدم الاعتماد على التفسير العلمي يمكن أن يؤدي إلى الجهل والتخلف. عندما يتم تجاهل الأدلة العلمية والمعرفة الحديثة، فإن الأفراد قد يبقون عالقين في المعرفة القديمة ويفتقرون إلى الفهم العميق والتحصيل العلمي.
تأخر التطور التكنولوجي: عندما يتم تجاهل التفسير العلمي للظواهر الطبيعية، فإن التقدم التكنولوجي قد يتأخر. بفضل العلم، يتم تطوير تقنيات وأدوات جديدة تساهم في تحسين حياتنا وحل المشكلات البشرية. عدم الاعتماد على التفسير العلمي يمنع استفادتنا من هذا التطور التكنولوجي.
التأثير على السياسات واتخاذ القرارات: قد يؤثر التمسك بالتفسير الأسطوري على صنع القرارات السياسية والاجتماعية. إذا تم اعتبار الأساطير كمصدر رئيسي للمعرفة، فقد يؤثر ذلك على اتخاذ القرارات العلمية والتقنية الصائبة ويعرض المجتمع للمخاطر.
التفسيرات الأسطورية للأمراض: في الماضي، كانت الأمراض تفسر في بعض الأحيان عن طريق الأساطير والخرافات. على سبيل المثال، كان الطاعون في العصور الوسطى يعتبر عقابًا إلهيًا أو نتيجة للسحر. هذا التفسير الأسطوري عرقل فهم الأمراض وتطور الطب العلمي حيث تم تجاهل العوامل الحقيقية المسببة للأمراض مثل الجراثيم.
تمسك القادة الروحيين والساسة المتخلفين بالتفسير الأسطوري للأحداث مثل الحروب والمجاعات يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل
السيطرة والسلطة: قد يستغل القادة الروحيون والساسة المتخلفون التفسيرات الأسطورية للأحداث لتعزيز سيطرتهم وسلطتهم على الناس. قد يروجون للأساطير والخرافات لإقناع الناس بأنهم يمتلكون المعرفة الخاصة والقوة الروحية لفهم الأحداث وتوجيه الأفعال.
مهما كانت الأسباب، يجب أن ندرك أن التمسك بالتفسير الأسطوري للأحداث قد يعيق التقدم العلمي والاجتماعي.
التمسك بالتفسير الأسطوري للأحداث يمكن أن يكون له آثار سلبية على المجتمعات في عدة جوانب، ومن بين هذه الآثار

تعزيز الجهل والتخلف: عندما يعتمد المجتمع على التفسير الأسطوري للأحداث، فإنه يميل إلى تجاهل الأدلة العلمية والمعرفة الحديثة. هذا يؤدي إلى نشر الجهل والتخلف، ويمنع التعلم والتطور الفكري والعلمي للأفراد والمجتمعات.
تأثير على حقوق الإنسان: قد يؤدي التمسك بالتفسير الأسطوري إلى انتهاك حقوق الإنسان، خاصة إذا تم استخدامه لتبرير التمييز والاضطهاد. قد يكون له تأثير سلبي على حرية التعبير والتنوع الثقافي وحقوق النساء وحقوق المجتمعات الأقلية.
هذه بعض الآثار السلبية التي يمكن أن يكون للتمسك بالتفسير الأسطوري على المجتمعات. يجب أن نسعى لتعزيز الوعي العلمي والتحلي بالاحترام للتفاوت والتنوع الثقافي، والسعي لفهم العالم من خلال الأدلة القوية والعلمية والتمسك بالتفسير الأسطوري للأحداث
يودي بنا الى التهلكة ونبقى ضحايا تصوراتنا نسير بخطى حثيثة نحو الهاوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة