الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدونة الأسرة، حماية للأسرة وللمجتمع

عبدالله بولرباح
كاتب وباحث

(Abdellah Boularbah)

2023 / 10 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


بمناسبة الحديث عن مراجعة مدونة الاسرة بالمغرب ، لاحظت من خلال تتبع ما يراج في بعض وسائط التواصل الاجتماعي، ان البعض من النساء والرجال يؤسسون، عن قصد سياسي غالبا، او عن ضعف الوعي في بعض الأحيان لدى من يتقاسمون دون تفكير بعض التدوينات المناوئة لتعديل المدونة او لوجود المدونة نفسها، موقفهن/هم من مدونة الأسرة على فرضية تقول بان الاسرة المغربية لا حاجة لها بالمدونة، إذا كانت المرأة صالحة، وان الاسرة المغربية في حاجة الى تحسين دخلها والى التمدرس والصحة وغير ذلك.
بعض النظر عما يقصده هؤلاء بالمرأة الصالحة، فإن الرجال في نظرهم حسب هذا الفهم المتسم بالميز الجنسي، كلهم صالحون. أما النساء ففيهن الطالحات والصالحات، وذوو الحظ السعيد من الرجال هم من يلتقون بالمرأة الصالحة، فتصلح أمورهم دون حاجة الى المدونة ! فرضية المرأة الصالحة كاستثناء والرجال الصالحون دون استثناء، هي على العموم تمثل القالب التقليدي للثقافة الاسرية في ظل الاسرة الممتدة، المندرجة في الإطار القبلي، الذي تفككت اوصاله كثيرا. لكنها ترتبط الآن في ذهن البعض بفرضية تقول بان المجتمع وافراده لهم ما يكفي من الفضيلة ويلتزمون بقواعد الأخلاق الحميدة، لذلك لا داعي لأي إطار قانوني ينظم العلاقة الاسرية.
إذا كان سلوك الفرد والمجتمع يتماشى مع الفضيلة والاخلاق الحميدة، فذلك امر مرغوب ومطلوب. هنا نسائل أصحاب هذا الراي ما الذي يضرك من تواجد المدونة إذا كنت تتحلى او كنت تتحلين بالأخلاق الحميدة؟ كيف تضيق عليك المدونة وأنت ملتزم اصلا بقواعد اخلاقية وفضيلة تمنعك مثلا من تعنيف زوجتك او حرمانها أو حرمان الابناء من النفقة؟ لا ارى في ذلك أي ضرر على الاطلاق.
لكن إذا كان الفرد لا يتمتع بالفضيلة او بالأخلاق الحميدة، وهو أمر واقع، من سيحمي افراد اسرته من تسلطه وظلمه، إذا لم تكن هناك مدونة للأسرة؟ اطلعوا فقط على تقارير المؤسسات الوطنية والدولية حول العنف ضد المرأة والتحرش الجنسي وغير ذلك، لتتأكدوا ان ما تدعون من محاولة تبييض صفحة الرجال وتدنيس النساء لا علاقة له بالواقع.
لنشير ها فقط الى العنف ضد النساء والى ظاهرة التدخين.
حسب البحث الوطني حول العنف ضد النساء، الذي انجزته المندوبية السامية للتخطيط لسنة سنة 2019، فإن أكـثـر مــن 8 نســاء وفتيــات تــراوح أعامرهــن بـيـن 15 و74 مــن أصل 10 نســاء قــد عانـيـن مــن فعــل عنــف واحــد عـلى الأقل. وخلال الاثني عشر شهرا الســابقة للبحــث، عانــت أكثــر مــن 7.6 مليــون امــرأة، أي ما يعادل نســبة %57.1 من النساء، مــن فعــل عنــف واحد على الأقل
اما التدخين فقد أوردت ذات المندوبية السامية للتخطيط سنة 2021 نسبة الذكور الذين يدخنون بلغ 21 % فيما لا تتجاوز نسبة الاناث المدخنات 1 %
الأسرة لبنة اساسية لبناء المجتمعات، تتكون من عدة أطراف. تتأثر الاسرة بمحيطها العام ولها أيضا تأثير عليه، يمكن ان يكون إيجابيا او سلبيا. القانون يهدف إلى حماية المجتمع من كل التأثيرات السبية في الاتجاهين معا، من خلال ضمان التوازن بين أفراد الاسرة وحماية حقوقهم، متى تم الاخلال بذلك التوازن او المس بتلك الحقوق.
الاسرة يمكن ان تكون سليمة ومعافاة. هذا شيء جميل، لكن يمكن أيضا ان تصاب بالتصدع والامراض. هنا من سيحمي اطرافها؟ من سيحمي المجتمع من أثرها السلبي المحتمل؟ من يضمن حرية وكرامة أطرافها؟
من يضمن التوازن بين اطرافها وهم مواطنات ومواطنون بحكم الدستور وقوانين البلاد. هنا نحتاج للمدونة. باعتبارها قانون وضعي مبنى على مبادئ القاعدة القانونية، باعتبارها قاعدة سلوك اجتماعي، وقاعدة عامة مجردة وقاعدة ملزمة مقترنة بالجزاء تحمي حقوق الجميع، دون تحامل على أحد. هي الكفيلة بحماية النساء من العنف الزوجي بكل اشكاله متى كان ازواجهن متسلطين. هي القادرة على حماية الاطفال من التشرد والضياح وتحمي حقوقهم في التمدرس والتطبيب وتوفير شروط الحياة الكريمة، متى انحلت عرى الاسرة.
نسائل هنا أيضا أصحاب الراي القائل بان الاسرة المغربية في حاجة أكثر للدخل والتمدرس والصحة، كيف يكن كل ذلك إذا هضمت حقوق افراد من الاسرة سواء كانت امرأة ام طفل او رجل؟ كيف يمكن تحسين تمدرس أطفال تعرف اسرهم جوا من العنف او سوء تقدير لأمهاتهم؟ كيف يمكن لأفراد اسرة مقهورة بزوج ظالم او مستهتر بالمسؤولية ان يتمتعوا بصحة جيدة؟ من أين لأبناء طلقت اهمهم ان يحصلوا على حد أدني من الدخل، في غياب مقتضيات المدونة؟
إضافة الى ذلك يساعد القانون دائما على تحسين سلوك الافراد والجماعات ويساهم في نشر القيم النبيلة والفضيلة في المجتمع. القانون هو الاقدر من بين كل الأمور على حماية حقوقك، حتى وان كان الامر يتعلق بإعدامك. لان القانون في هذه الحالة (الإعدام، علما انني ضد عقوبة الاعدام)، يحدد بدقة تصرفات من هم مسؤولون على تنفيذ حكم الإعدام، بما يضمن كرامتك الإنسانية ويحميك من أي تعذيب كيفما كان نوعه قبل تنفيذ الإعدام. فلا تعدموا جذع الشجرة التي أنتن وأنتم جالسون عليها. القانون وهو الكفيل بحمايتكم في جميع الأحوال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا


.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق




.. إحدى الحاضرات منى الحركة


.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك




.. سلوى جرادات وهي فلسطينية من رام الله