الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اصلاح وتطوير دار الكتب والوثائق خطوة في تعزيز المحافظة على الأرث الثقافي العراقي

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

2023 / 10 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تأسست المكتبة الوطنية ( دار الكتب والوثائق الوطنية) في فترة ألأحتلال البريطاني عام 1920 عندما تألفت لجنة خاصة من كبار الأدباء والعلماء والوجهاء العراقيين واخذت على عاتقها جمع التبرعات من المال والكتب لتأسيس مكتبة عامة، وتم افتتاحها في 16/4/1920 وسميت بمكتبة السلام تيمنا ببغداد مدينة السلام، ثم بعد مدة من الزمن اصبحت تابعة الى وزارة المعارف واصبح اسمها المكتبة العامة. في عام 1929 وبأمر من الملك فيصل الأول اصبحت المكتبة الرسمية للبلاد وخصصت لها بناية منفصلة في باب المعظم . في عام 1957 انتقلت الى دار في شارع الزهاوي بسبب افتتاح شارع الجمهورية، واستمرت تعرف بالمكتبة العامة حتى عام 1961 حين صدر قانون المكتبة الوطنية رقم 51 لسنة 1961، الذي نص على تأسيس مكتبة في بغداد تسمى بالمكتبة الوطنية تقوم بجمع وحفظ الكتب والمخطوطات والمطبوعات الدورية والمصورات وغيرها مما له علاقة بالتراث الوطني والعربي ومايتصل بالحضارة والتراث ألأنساني والعمل على تيسير انتفاع الباحثين منه. وفي عام 1964 الحقت المكتبة بوزارة الثقافة والأرشاد، وفي عام 1970 شرع قانون الأبداع رقم 37 وبموجبه اعتبرت المكتبة الوطنية مركزا للأبداع القانوني وقد صدرت التعليمات الخاصة بالأبداع لتوضيح القانون.
في عام 1977 انتقلت الى البناية الحالية في باب المعظم وفي عام 1987 تم دمج المكتبة الوطنية مع المركز الوطني للوثائق الذي اسس عام 1963 ليكونا دار الكتب والوثائق، وبهذا التشريع اصبحت المكتبة الوطنية احدى تشكيلات الدار المذكورة.
وتعرضت دار الكتب والوثائق في عام 2003 الى الدمار والسرقة والتهريب والحرق وكانت نسبة الدمار بالنسبة للكتب 35% وللوثائق 50% . وتضم الدار اول مجموعة وثائقية كانت مجموعة وثائق البلاط الملكي وهي وثائق قسم من منها تابع لوزارة الخارجية ووزارة الداخلية وقسم للبلاط الملكي بمختلف مصادرها فنقلوها من البلاط الى الدائرة الجديدة.
ان المتتبع لتقارير ديوان الرقابة المالية للسنوات 2005-2015 يجد ان دار الكتب والوثائق لم تحقق اهدافها وبرامجها في الأصلاح والتطوير ولم تستثمر ماخصص لها في انشاء المشاريع والبرامج التي يمكن ان تصلح وتطور وتحافظ على الأرث الثقافي العراقي. وهذه الدراسة ماهي الأ محاولة من قبل الباحثة في تشخيص بعض من جوانب الضعف في اداء الدار والخسائر المالية التي تكبدتها.
اهداف الدراسة:
تتحدد اهداف الدراسة بما يلي:
1- التعرف على جوانب واوجه صور الفساد الأداري والمالي في دار الكتب والوثائق الوطنية
2- تحديد حجم الخسائر المالية الناجمة عن ضعف الاداء في دار الكتب والوثائق الوطنية
3- وضع المقترحات للعلاج.
حدود الدراسة:
عثرت الباحثة على (5) تقارير صادرة عن ديوان الرقابة المالية خلال السنوات من 2005-2015 والتي تم فيها تقييم أداء دار الكتب والوثائق الوطنية ودرست الباحثة التقارير من اجل تحديد جوانب الضعف والخلل في الأداء.
المنهجية المتبعة:
اجرت الباحثة عملية تحليل المحتوى للتقارير السنوية الصادرة عن ديوان الرقابة المالية فيما يتعلق بدار الكتب والوثائق الوطنية للسنوات 2005، 2006، 2008 ، 2009، 2015 وتم تبويب اوجه الخلل وفق ثلاثة محاور وهي:
1- الأنحراف الأداري والمالي في دار الكتب والوثائق الوطنية
2- حجم الخسائر المالية المترتبة على سوء ألأداء
3- المقترحات للأصلاح والتطوير
النتائج:
اولا: الأنحراف في أداء دار الكتب والوثائق الوطنية

اولا: الأنحراف الأداري
1- عدم التخطيط للأنشطة الفنية لبعض اقسام الدار خلال سنوات التقويم اضافة الى وجود تذبذب في وضع الخطة نتيجة عدم وجود معايير ومؤشرات فنية قياسية للتخطيط لأنشطة الدار وعدم مراعاة تنفيذه في السنوات السابقة عند وضعها
2- عدم وضع نظام داخلي موحد للدار بوضوح الأهداف والانشطة والمستلزمات المادية والبشرية حيث تم الاعتماد على قانون تاسيس المكتبة الوطنية رقم 51 لسنة 1961 وقانون الحفاظ على الوثائق رقم 70 لسنة 1983 ونظام المركز الوطني للوثائق لسنة 1985 في بيان الاهداف ووسائل تحقيقها والتي كانت في اغلبها عامة
3- عدم شمول التوصيف الوظيفي لكافة العناوين الوظيفية في الدار وخاصة للعناوين ( رئيس رسامين هندسي اقدم، منظم ارشيف اقدم، محرر اقدم) رغم وجود العناوين ضمن الملاك المصدق من قبل وزارة المالية
4- خلافا لدليل التوصيف الوظيفي تم منح عناوين وظيفية ( محرر ثالث، معاون مبرمج، رئيس احصائيين) لبعض الموظفين في الاقسام المتخصصة ( ألأرشيف، تكنولوجيا المعلومات) دون ألأخذ بنظر ألأعتبار التحصيل الدراسي الذي يؤهلهم للحصول على تلك العناوين.
5- قيام دار الكتب والوثائق بمنح العناوين الوظيفية للمفصولين السياسيين المعاد تعينهم استنادا الى تعهدات معدة من قبلهم دون ألأعتماد على اوليات اصولية للتعيين مما ادى الى عدم التمكن في التأكد من صحة الرواتب.
ثانيا: الأنحراف المالي
1- عدم استغلال تخصيصات مشاريع الموازنة ألأستثمارية بالشكل ألأمثل وبما يؤمن انجاز المشاريع المقرة ضمن المنهاج الأستثماري للدار في الوقت المحدد لها وضمن المواصفات الفنية المحدودة وعدم اشغال كافة الدرجات الشاغرة في الملاك الدائم وخاصة الفنية منها..
2- قيام دار المخطوطات / بغداد باستلام مبلغ ( 15) مليون دينار من نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ولم يذكر سبب المنحة ولم تقدم وصولات بالصرف خلافا لتعليمات تنفيذ الموازنة ألأتحادية فضلا عن عدم تشكيل لجنة تحقيقة بالامر
3- قيام دار الكتب والوثائق بتخصيص مبلغ ( 1500) مليون دينار و( 1000) مليون دينار في الموازنة الأستثمارية 2007 لتغطية نفقات مشروع انشاء مخازن دار الكتب ومشروع مكتبة اعلام العراق ولم يتم استغلال التخصيص مع العلم ان وزارة الثقافة هي المسؤولة عن ذلك
4- قيام دار الكتب والوثائق بصرف سلفة مقدارها ( 47) مليون دينار لتغطية نفقات الأضرار الناجمة اثر ألنفجار قرب سياج الدار خلافا للتعليمات لكون الصيانة تحمل على الموازنة الجارية وليس ألأستثمارية وتم استحصال الوزارة ولم يجر تسوية السلفة لغاية كتابة التقرير
5- عدم قيام دار الكتب والوثائق بتقييم الموجودات المشتراة او المستلمة عن طريق الوزارة كهدايا من جهات مختلفة او تنظيم قيود نظامية.
6- عدم قيام دار الكتب والوثائق باجراء جرد بموجوداته الثابتة ( جرد الكتب والوثائق) وعدم مطابقة نتائج الجرد مع السجلات المختصة ولم يتم تزويد الهيئة الرقابية بمحاضر الجرد

ثالثا: الأنحراف في العقود
1- من خلال تدقيق ملحق العقد رقم 3 للعقد 20/2005 والمتضمن اضافة ( 456) مليون دينار عن الفقرات المستحدثة ومنح مدة اضافية لأنشاء مخازن لدار الكتب والوثائق علما ان مبلغ العقد ألأصلي 2385 مليون دينار والممول من تخصيصات الموازنة ألأستثمارية لعام 2013 تبين ان الشركة منحت مدة زمنية مقدارها ( 1043) يوم وهي اكثر من المدة المقررة في العقد بمقدار 193% مما يدل على عدم الدقة في تحديد مدة العقد.
2- على الرغم من تلكؤ الشركة في التنفيذ لم يتم احتساب الغرامات التأخيرية وشكلية القرارات وتناقضها وتم الأستلام الشكلي الأبتدائي للمشروع عام 2013 ، وتم اصدار ملحق العقد في ايار 2014 لتنفيذ بنود العقد غير المنفذة وهو مخالف للتعليمات.
3- بلغت نسبة التنفيذ المالي 72% والفني 92% لغاية اب 2014 ونسبة المدة المنقضية 193% مما يؤشر تلكؤ الشركة في التنفيذ وعدم اتخاذ العقوبات الرادعة بحقها.
4- عدم استحصال صحة صدور خطاب الضمان بمبلغ 22 مليون و810 الف دينار والصادر من المصرف المتحد للاستثمار فرع جميلة خلافا للتعليمات
5- عقد الأعمال الأضافية لتأهيل مبنى دار الكتب والوثائق بمبلغ ( 583) مليون دينار اتضح فيه المخالفات التالية:
أ‌. ان جداول الكميات المرسلة وشروط المناقصة كانت ضمن الدعوة المباشرة وكانت غير موقعة وغير مختومة بختم الوزارة ،
ب‌. قصر فترة الدعوة
ت‌. التأخر في فتح العطاءات.
ث‌. ان جدول فتح العطاءات المرفق بالمحضر لايشير الى كون الصكوك المقدمة عادية او مصدقة والى رقم العرض وتاريخه ...الخ. وجرى استلام التأمينات الأولية بصكوك عادية وغير مصدقة خلافا لشروط المناقصة.
ج‌. تم اضافة فترة تجهيز ونصب وتشغيل مصعد للحمل عدد 2 على بعض جداول الكميات المرسلة للشركات بناءا على التوجيه الشفوي للدائرة الهندسية.
ح‌. المدة بين تاريخ محضر فتح العطاءات وتاريخ محضر لجنة تحليل العروض قد تجاوزت شهرين ونصف وان العروض المقدمة وجداول الكميات والاسعار غير موقعة من قبل جميع اعضاء لجنة فتح العطاءات وغير مؤرخة مع عدم ذكر اسماء الموقعين
خ‌. عدم قيام الوزارة بتحديد المواصفات الفنية للمصاعد واجهزة التبريد المطلوب تجهيزها وان المواصفات الفنية لجهاز التبريد كان غير دقيقة.

ثانيا: حجم الخسائر المالية المترتبة على سوء ألأداء
ان سوء الأدارة والتخطيط والمتابعة وقلة الخبرة ، ادى الى خسارة دار الكتب والوثائق الوطنية على مدى السنوات المذكورة الماضية مبالغ كبيرة كما مبينة في الجدول ادناه. وهو يعد هدرا للمال العام وتجاوزا على حقوق المثقفين والباحثين والمحافظة على الأرث والتراث الثقافي العراقي. كما ان عدم محاسبة وزارة الثقافة للموظفين المفسدين وتغاضيها عنهم يعد انتهاكا للدستور العراقي .
خسائر دار الكتب والوثائق الوطنية
الخسائر بالمليون دينار 3 مليار و18 مليون دينار عراقي







ثالثا: المقترحات لعلاج الواقع:
1- تشكيل مجلس أعلى لحفظ الوثائق والكتب والأرشفة يتكون من ممثلين عن الوزارات ومؤسسات الدولة والجامعات ودار الكتب والوثائق الوطنية من اجل وضع المعايير الوطنية لتنظيم وترتيب المحفوظات والوثائق وأرشفتها وفق المعايير الدولية.
2- الأستفادة من التوجهات الدولية في رقمنة الوثائق والمستندات واستخدام التقنيات والبرامج الحاسوبية من اجل تحويلها الى صور رقمية وملفات على شكل PDF وتطبيق المعايير الدولية بحقها.
3- وضع إستراتيجية وطنية لضمان أرشفة وتوثيق الوثائق الوطنية ولجميع المراحل التاريخية بالتنسيق مع المنظمات الدولية كاليونسكو والجمعيات الدولية غير الحكومية.
4- الأطلاع على خبرات المنظمات والجمعيات غير الحكومية في مجال المحفوظات والأرشفة مثل الجمعية الأمريكية للمحفوظات ( الأرشيف ) Society of American Archivists SAA، والأرشيف الأوروبي European Archive، جمعية المحفوظات والسجلات في انكلترا Archives Records Association ARA، وجمعية الأرشيف البريطانية الكولومبية Archives Association of British Columbia AABC


5- إنشاء موقع على الانترنت يضم الوثائق والمصورات والمستندات والكتب والأفلام وغيرها وإتاحتها للجمهور والباحثين وغيرهم
6- ضرورة انشاء المكتبة الافتراضية من خلال الأشتراك مع قواعد المكتبات العالمية وبمختلف التخصصات والمجالات لأتاحة الفرص امام الباحثين والدارسين والوزارات للأستفادة منها في دراساتهم وابحاثهم العلمية.
7- ربط العلماء المعاصرين في المخطوطات بعضهم مع البعض الاخر من خلال شبكة الأنترنت وتبادل البحوث والخبرات واتاحة الفرص لطلاب العلم من اجل اللقاء مع العلماء والباحثين من جميع أنحاء العالم
8- حفظ وصيانة وترميم المخطوطات والكتب الموجودة لدى الجهات الرسمية او الشخصيات المعنوية او الأفراد وتقديم الخدمات الفنية الاستشارية بشأنها مجانا
9- تنظيم ورش عمل في ( زخرفة المخطوطات، وتقنيات التصميم الرقمي، وتكنولوجيا الطباعة، والفهرسة، والحفظ والرقمنة، والنشر الأكاديمي للكوادر العاملة في هذا المجال.
10- توفير قوائم الكتب الأكثر طلبا واصدار اعلانات بالكتب الحديثة وامكانية متابعة الروابط لأوعية المعلومات المختلفة والعمل على اقامة المنتديات سواء النصية او الصوتية او عبر الكاميرا وتوفير الفرص لمتابعتها وتطوير الندوات عن بعد عبر التخاطب الألكتروني سواء النصي او السمعي او عبر الكاميرا واتاحة فرص المشاركة في المؤتمرات واللقاءات المهنية
11- بناء وتطوير القدرات الوطنية العاملة في مجال الوثائق والأرشفة في كافة مؤسسات الدولة وتدريبها على الإجراءات الحديثة في الأرشفة والتصنيف والترتيب والمعالجة والحفظ وغيرها وبالتعاون مع الخبراء الدوليين .
12- توفير بيئة آمنة نظيفة لحفظ الوثائق وتصنيفها والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في عملية الحفظ والترقيم والتخلص من الملفات الورقية المكدسة في مؤسسات الدولة.
13- إقامة مؤتمر دولي حول واقع الأرشفة والتوثيق في مؤسسات الدولة وجامعاتها ودعوة المتخصصين والمنظمات الدولية من اجل تقديم الدعم والمساعدة من اجل الإصلاح والتطوير .
14- العمل على رقمنة جميع الأعمال الفنية والثقافية والإصدارات والموسوعات والتراث التاريخي لعلماء وسياسي العراق عبر الحقب الزمنية المختلفة بالتنسيق مع المنظمات الدولية.
15- توحيد القوانين والتشريعات التي تعمل بموجبها الدار واصدار تشريع جديد لها.
16- تفعيل دور مكتب المفتش العام في وزارة الثقافة في عمله الرقابي والتقويمي على اداء الدار
17- ايفاد عددا من الموظفين والفنيين المتخصصين في المكتبات والأرشفة الى الخارج لغرض الأطلاع على تجارب الدول في مجال الحفظ للكتب والأرشفة للوثائق والمخطوطات وتطوير خبراتهم ومهاراتهم في هذا المجال.
18- العمل على تحديد الوصف الوظيفي للعاملين في دار الكتب والوثائق الوطنية مع الأخذ بعين الأعتبار تولي الكفاءات العليا للمواقع المهمة في الدار.
19- ضرورة قيام لجنة الثقافة واللجنة المالية في مجلس النواب بدورهما الرقابي في القيام بالزيارات الميدانية الى دار الكتب والوثائق الوطنية ودراسة العقود والجوانب المالية والأدارية ألأخرى ووضع المقترحات للتطوير.
20- ضرورة قيام لجنة الثقافة واللجنة المالية في استجواب مدير عام دار الكتب والوثائق الوطنية والتعرف على حجم الأموال المهدورة والمختلسة وصور الفساد المتفشي في هذه الدائرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام