الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مختلفات خاصة منها وعامة 20.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب

بنعيسى احسينات

2023 / 10 / 16
المجتمع المدني


(تجميع لنصوصي "الفيسبوكية" القصيرة جدا، من دون ترتيب، التي تم نشرها سابقا، أود تقاسمها مع القراء الكرام لموقع الحوار المتمدن الكبير المتميز.)

يتمنى المغاربة، أن يكون شهداء زلزال المغرب بأيلول 2023، الذي خصص بهزاته القوية جبال الأطلس الكبير، فاتحة خير على ساكنة القرى والجبال، الذين تم تهميشهم ونسيانهم منذ سنين. فلولا هذا الزلزال الرحيم، لما علم المغاربة ولا العالم، الوضعية المزرية لساكنة الجبال، الذين تركوا وجها لوجه مع مصيرهم، منذ ما قبل الاستقلال على الأقل إلى يومنا هذا.

أغرب أعداء الشعب، ليست السلطة بما فيها الأمن والدرك، كما يعتقد الناس، بل هم من جلدة الشعب، ومن صناعته. إنهم المنتخبون ومن يحميهم، خصوصا منهم الجماعيين المباشرين. أسئلوا ساكنة المغرب العميق، بسهولها وجبالها، عن جهل وأمية وجشع هؤلاء؟ كأنهم كُلفوا بتحنيط جماعاتهم، لتبقى على ما هي عليه إلى يوم الدين.

ما يٌفتِنُ الإنسانَ في الحياة هو الطمع، الذي يتحول إلى هوس مرضي يتملك بني البشر، ويشغله عن الحقيقة الإنسانية فيه. قد ينسيه في أصله وفصله، وفي أهله وذويه، وفي أصدقائه وجيرانه.. إنه يسعى إلى تحقيق بعض المكاسب الواهية، على حساب الآخرين، وقد يكونوا أقرب الناس إليه. هذا الشخص لم يكن إلا لئيما منافقا غشاشا.

هناك دواوير بمناطق الزلزال، بالأطلس الكبير، يعيشون إلى حدود الآن، شبه عزلة وشبه حصار، لأسباب مجهولة لا يعلمها إلا الله. فمن سيتفقد هؤلاء، وينقذهم من الهلاك المحقق، ومن التشرد وفقدان الأمل في الحياة؟ ما يلاحظ هو الفرق الصارخ بين منطقة الحوز، وباقي المناطق الأخرى، من حيث الاهتمام والأولوية.

إن كثيرا من البشر في الوجود يعيشون فقط، بعيدين كل البعد عن الحياة. لأن هناك فرْق كبير بين أن تعيش وأن تحيى. ففي العيش، نشترك فيه مع الحيوان وباقي الكائنات الحية، كونها خلقت لتحيى من أجل أن تعيش. لكن العكس صحيح بالنسبة للإنسان، لأنه خُلِقَ ليعيش من أجل أن يحيى. فشتان بين العيش والحياة، عند الحيوان وعند الإنسان.

إن قتل الأبرياء من سياح مغاربة العالم، من طرف حراس السواحل لجيش الجزائر، بساحل السعيدية المغربية، بعدما دخلوا خطأ بدراجتهم المائية، في المياه الإقليمية لدولة الجوار. إذ أطلقوا عليهم عمدا وبسابق إصرار وترصد، وابلا من الرصاص الحي، أصاب جسد اثنين منهما. دون اعتبار لحق الجار وللقانون الدولي وللإنسانية والدين.

إثر فاجعة قتل أبرياء، من سياح مغاربة العالم، بجنسية فرنسية بساحل السعيدية، من طرف حراس حدود البحرية الجزائرية بدم بارد، على سلطات المغرب، أن تضع سياج سلكي وحراسة، على ساحل السعدية لوقاية المصطافين من الوقوع خطأ، في يد المتربصين لهم، من جيش "شنكريحة"، على الحدود البحرية بين البلدين.

إن صعوبة المناطق، التي تعرضت للزلزال المدمر بالمغرب، ووعورة المسالك وخطورة الطرق المؤدية لها، واستمرار الهزات الارتدادية، قد أعاقت انسياب فرق الإغاثة ومقدمي المساعدات للساكنة المنكوبة. لذا وجب التفكير في طُرُق التعامل مع الأمر حالا ومستقبلا. على الدولة أن تتكفل بالأطفال والمسنين، الذين فقدوا ذويهم وأهلهم.

منذ الاستقلال إلى اليوم، نتحدث عن المغرب النافع والغير النافع. إلا أن الفرق بينهما بدأ يتسع مع الزمن، بدل أن يضيق ويتقلص. بل بدأ يشمل حتى المدن الكبرى، حيث نجد بها أحياء نافعة وأخرى غير نافعة. وهذا يقع في غياب التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي، وسوء التدبير السياسي، واستمرار سياسة الريع، وانتشار الفساد في البلاد.

مع زلزال المغرب، اختفت الأحزاب وممثلي الأمة والحكومة وأغنياء البلاد. باستثناء المؤسسة الملكية ووزارة الداخلية، والجيش والدرك والقوات المساعدة، والوقاية المدنية ورجال المطافئ.. لكن حضور المواطنين والجمعيات كان ملفت، يكاد يغطي على الكل. لقد أبان المغاربة على روح التضامن والتلاحم والتكافل، مما أبهر العالم كله.

جل سكان الجبال، كانوا يعيشون تهميشا كبيرا ولا يزالون، إلى درجة أنهم في مستوى أقل بكثير من ماشيتهم، خصوصا صيفا وشتاء. لا أحد يهتم بحاجياتهم ولا بمشاكلهم، باستثناء فترة الانتخابات، التي يصبح لهم فيها وجود، ومٌفَكر فيهم كموضوع. اليوم تَفَكرَ الله بعضهم بزلزاله الرحيم، لدق ناقوس الخطر، لإنقاذ ساكنة الجبال، الذين يعيشون خارج الحياة.

ماذا يريد رجال الدين من تعميق الجراح؟ بعد الزلزال الذي ضرب المغرب، باعتباره غضب من الله؟ لكون خروج الناس عن الصراط المستقيم؟ والمناطق المنكوبة هذه، أكثر حفظة للقرآن ذكورا وإناثا؟ فماذا قدم هؤلاء لحماية الناس، من جشع ذوي المال والأعمال، ومن المفسدين والمتسلطين والطغاة؟ ألم يكونوا معاول هؤلاء، مقابل فتات رخيص؟

اللهم لا نسألك رد القضاء، بل نسألك اللطف فيه. هذا الدعاء نردده كلما تعرضنا لكارثة أو مصيبة أو ضرر ما، لأن الإنسان المؤمن، يطمع دائما في رحمة الله الواسعة. اللهم ارحم شهداء زلزال منطقة الحوز بمراكش وغيرها، القريبة منها والبعيدة، واشفِ المصابين منهم، وارزُقِ الصبر والسلوان للأهل والأحباء.

لقد أبان الشعب المغربي، عن تضامنه وتلاحمه وتكافله المعتادة، إزاء المناطق التي أصابها الزلزال، بناحية مراكش وما جاورها. لقد أبهروا العالم بأفعالهم هذه، ورسخوا صور مشرقة في التعاون والتضحية والانضباط، مزودين بأحاسيس نبيلة صادقة؛ من المحبة والأخوة، وبروح الإسلام الصافي والإنسانية الخالصة.

إن الشدائد سواء كانت طبيعية وغيرها، تصنع الرجال والنساء في المغرب، وتكشف عن المعدن النقي الطاهر للإنسان المغربي. فمع زلزال منطقة الحوز بمراكش ونواحيها، تحركت آلة التعاون والتضامن والمساعدات، في كل مناطق المغرب، تتجه نحو المنطقة المنكوبة. زد على ذلك، الطوابير العملاقة للتبرع بالدم، التي فاقت كل التوقعات.

ليس المهم أن نتخلص من قبضة التخلف، الذي عشش في أمتنا ولا زال، ربما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. بل المهم هو كيف يمكن أن يتخلص التخلف من قبضتنا؟ لأننا تمسكنا وتشبثنا به، حتى أصبح جزء لا يتجزأ منا، إلى درجة أننا قد نشك في قدراتنا، إن خطونا خطوات إلى الأمام، في مجال التفكير العقلي النير والبحث العلمي الرصين.

نعيش اليوم في عصر، انتقل كل شيء فيه، من الغاية إلى الوسيلة، والعكس صحيح كذلك. فبدأت الغاية والوسيلة، يتبادلان التأثير والسيطرة والنفوذ. فالإنسان هو الآخر، تحول من غاية إلى وسيلة، يمكن أن يباع ويشترى كسلعة. ناهيك عن المال والجاه والسلطة وغيرها. لقد انقلبت المفاهيم، وتبدلت المواقع، وتغيرت الغايات لتحل محلها الوسائل وهكذا.

في البلاد، أين ما وليت وجهك يلقاك الغش والفساد، بجميع الأشكال والأصناف؟ في الإدارة، في المؤسسات، في القطاع المهيكل، في القطاع الغير المهيكل، في السياسة، في الاقتصاد، في المال، في المجتمع.. فكيف يمكن التغلب على هاتين الآفتين؟ نحتاج في الحقيقة إلى إرادة سياسية حازمة، وقرار سيادي مُلْزِم، ووعي اجتماعي ملتزم.

رحم الله شهداء زلزال ليلة الجمعة 08/ 09/ 2023 بالمغرب، خصوصا في حوز مراكش والمدن المجاورة له، وتغمدهم الله برحمته الواسعة، وأسكنهم فسيح جناته، مع الشهداء والصديقين. كما ندعو بالشفاء العاجل، للمصابين في هذا المصاب الجلل. لنتعلم من هذه الكوارث الطبيعية، الاهتمام بوضعية الساكنة المستضعفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية