الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على أي ديمقراطية تتحدثون؟

محمد الصدوقي

2006 / 11 / 14
المجتمع المدني


في خطابنا السياسي والإعلامي المعاصر أصبح من هب ودب من الأفراد والدول ينادي بالديمقراطية،والإدعاء بالديمقراطية،
إلى الحد الذي إن سألت ماهي الديمقراطية؟تلقيت أجوبة ملتبسة ومتعددة؛وعلى مستوى الواقع العيني تلاحظ مفارقات وهوة كبيرة بين خطاب الديمقراطية والسلوك السياسي الفردي أو الدولتي أو الدولي عامة.ماهي الديمقراطية؟وهل هناك ديمقراطية فعلية حسب طريقة اشتغال المؤسسات السياسية المحلية والإقليمية والدولية؟
يخبرنا كلا من"شوميليي جاندرو"و"كورفوازيي"في كتابهما القيم"مدخل إلى علم الإجتماع السياسي"بأه هناك تشويش في المعنى يشوب فكرة الديمقراطية،التي كانت في الماضي موضوعا دراسيا حظي بالإهتمام المتزايد،بحيث أن جميع النظم السياسية تنادي في الوقت الحاضر بالديمقراطية(ضمن مستويات ختلفة من الإخلاص).بيد أن موضوع الفكرة متنوع جدا:
* كانت فكرة الديمقراطية في العصور الغابرة تقول بوجوب إسناد السلطة صاحبة السيادة إلى العدد الأكبر من المواطنين:وقد سادت هذه الفكرة في البلاد اليونانية.إن أساس الديمقراطية هو في الحرية، ويعني ذلك تشجيع النظام المعادي للطغيان(أرسطو).
* ما بين القرن الرابع عشر والثامن عشر كانت فكرة معارضة الطغيان قد ميزت البحوث النظرية والتطور الدستوري في بريطانيا.
التاريخ الدستوري الإنكليزي في تلك الحقبة هو تاريخ التقليص البطيء لسلطة الملك البريطاني المطلقة.يبدأ هذا التاريخ ب"الماغنا كارتا" سنة 1215 التي تقيم حقوق وواجبات الملك وأتباعه من رجال الإقطاع.وتوصلت بريطانيا عبر المراحل التاريخية إلى الملكية البرلمانية بحيث أصبحت سلكة الملك محددة ومحاطة بسلطة البرلمان.
*بعد الدخول في العصر الصناعي أصبح لفكرة الديمقراطية مضمونان:الحرية والمساواة.هاتان الكلمتان هما الشعار الأساسي للثورة الفرنسية سنة 1789. ومنذ تلك الفترة بدأت حالة الإرتباك والفوضى تصيب النظريات:إن الأفضلية في المجتمعات الإشتراكية التي ظهرت في القرن العشرين هي للمساواة على حساب الحرية،حيث تم يتم تقليص الحرية بالمساواة الإقتصادية والقضائية؛ويسمى هذا النوع بالديمقراطيات الشعبية.
وبالمقابل،الديمقراطيات التقليدية الغربية المسمات ب"البرجوازية" وريثة إيديولوجية1789 تشدد بصورة رئيسية على الحرية...
ويمكن إجمال فكرة الديمقراطية على النمط الغربي الرأسمالي(والذي يشكل الإطار القانوني والدستوري للدمقراطية) في:
- الملكية الخاصة حق مقدس ومصان.
- حرية التجارة والصناعة.
- حرية التعبير والصحافة.
-حرية تكوين الأحزاب السياسية.
- الإقتراع العام.
- نمثيل الشعب في المجالس(النظام التمثيلي).
يقول صاحبا الكتاب المذكور،إن الآلة الفانونية للديمقراطية،وخصوصا عن طريق الإقتراع العام والنظام التمثيلي،أيبالوسائل الإنتخابية وبإسم التوافق الإجتماعي للأكثؤية،أن تدعي التجانس الإجتماعي...لكن الحقيقة الحسية والتصويرية تظهر أن الآلة القانونية تخفي تفاوتا كبيرا حتى في نطاق الحرية.
وعليه، يكننا أن نستنتج أن لمفهوم الديمقراطية ،على الأقل،معنيين:الديمقراطية على النمط الإشتراكي-الماركسي،والديمقراطية على النمط الغربي،الذي أصبحت حدة ووتيرة فرضه على العالم كنموذج أحادي ووحيد تتصاعد أكثر بعد انهيار نظام سياسي اشتراكي معين في الغتحاد السوفياتي وتفكيك وحدته في إطار ما يسمى بالحرب الباردة،وبالتالي إضعاف النموذج السوفياتي في التنظيم السياسي للمجتمعات بما فيها نموذج الديمقراطية الإشتراكية.وهناك من ادعى انهيار النموذج الإشتراكي بانهيار الإتحاد السوفياتي، وبالطبع ذلك يدخل في إطارالحرب الإيديولوجية الساخنة لفرض النموذج الرأسمالي-الليبرالي،فيكفي أن نلتفت إلى التجربة الإشتراكية للصين،وكيف أصبحت دولة عظمى على جميع المستويات،من ماوتيتونغ إلى الآن.لماذا مثلا ما يسمى بدول العالم الثالث ودول الجنوب لا تعتمد النموذج الصيني الناجح والملائم لخصوصياتها السوسيو سياسية والإقتصادية؟!ذلك أن النموذج الرأسمالي للديمقراطية له عدة عيوب ويترك وراءه عدة كوارث( حرية وديكتاتورية الرأسمال،تخريب الملك العام،إضعاف الدولة الوطنية لصالح تقوية الرأسمال الخاص للأفراد والشركات وبالتالي الهيمنة على القرار السياسي،تعميق الهوة بين الطبقات الإجتماعية،حيث تتركزوتحتكر الثروة والسلطة في يد حفنة قليلة من الأفراد وما يتبع ذلك من استغلال ودسائس،صورية النظام التمثيلي حيث تنتهي حرية وسلطة المواطن بمجرد وضع صوته ومصيرة في الصندوق الزجاجي أو الخشبي أو الكارتوني للإنتخابات...
في الأخير نود أن ننهي بطرح سؤال جوهري،كثيرا ما لا يطرح من طرف المثقفين والفاعلين السياسيين والإعلاميين: هل هناك ديمقراطية؟مادام العالم قرية صغيرة(في بيت أبيض)! للإجابة،نطرح فقط مايسمى بالعولمة وحق الفيتو تحت مجهر الديمقراطية-التي يتشدق بها الغرب ويريدنا أن نتكون عندنا ولو باستعمال ديكتاتورية الغحتلال والحروب والدسائس والمؤامرات الدولية:
*العولمة:أليست العولمة هي تمديد لحرية وديكتاتوريةوجشع لرأسمال الغربي من المحلي والإقليمي إلى الدولي،تحت الغطاء الإيديولوجي للديمقراطية والحرية...؟
*حق الفيتو:أليس تمتع واحتكار حفنة من الدول القوية بحق الفيتوأمام مئات الدول الأخرى في الأمم المتحدة-التي يفترض أن تمثل العدالة والشرعية الدولية- هو خرق لمفهوم الديمقراطية؟فمثلا أمريكا لوحدها استعملت أكثر من 80 فيتو ضد الإجماع الدولي حول قضايا حيويو للإستقرار والسلم العالميين،منها أكثر من 40 لصالح دولة إمبريالية(إسرائيل)لإفلاتها من القبضة الحريرية للشرعية الدولية(كما يقع من مجازر إسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني) وفيتو أمريكا لم يترك العالم ولو إصدارمجرد إدانة للكيان الصهيوني،فبالأحرى مطالبنها برفع احتلالها عن الاراضي الفلسطينية والعربية؟!!ألا ينتفض العالم يوما ما لإلغاء على الأقل حق الفيتو مت الامم المتحدة ليتم الإحتكام إلى الاغلبية لصناعة القرار العالمي، ذلك ما تنطق به الديمقراطية الجقيقية؟
دون أن نتحدث عن عدم المساواة بين دول الشمال والجنوبأو الدول الفقيرة والغنية،هذه الاخيرة التي تتحتكر ثروة وسلطة العالم على حساب تفقير وإخضاع باقي العالم!
فعلى أي ديمقراطية تتحدثون؟؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتهامات للاتحاد الأوروبي بتمويل اعتقال المهاجرين وتركهم وسط


.. مدعي الجنائية الدولية يتعرض لتهديدات بعد مذكرة الاعتقال بحق




.. مأساة نازح فقد فكه في الحرب.. ولاجئون يبرعون في الكوميديا بأ


.. صلاحيات ودور المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبي جرائم ا




.. كلمة أخيرة - أمل كلوني دعمت قرار الجنائية الدولية باعتقال نت