الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من نبلاء اليهود المصريين

أحمد صبحى منصور

2023 / 10 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقدمة :
جاءت هذا الرسالة من الإبن الحبيب د . م . محمد على ، يقول : ( عليكم السلام عمي الحبيب أنا في عذاب نفسي ، أعلم أنه ليس المهم من يحكم أنما المهم الإنسان لان الحياة قصيرة ، لكن فيما يتعلق بإسرائيل ، على الرغم ان من يستغل المدنيين في كل مرة هي حماس، الا ان فظائع إسرائيل و جرائمها لا تصدق ، قتلت قرابة الالف طفل و صارت مثل روسيا و بشار تقصف كل شيء حتى المشافي و المدارس ، حتى انهم بعد ان طلبوا من الناس النزوح جنوبا قصفوا قوافلهم المليئة بالاطفال و النساء العزل ، و قطعت الماء و الكهرباء و الطعام و الادوية ، برأيي هذا لا يمكن ان يكون رد على حماس، هذا لا يمكن ان يكون سلوك دولة ديمقراطية و انما سلوك منظمة إرهابية لا يمكن تبريره ، اعرف وجهة نظركم في الصراع مع اليهود على فلسطين . إننى ابن لعائلة هجّرتها اسرائيل من الجولان و بتآمرهم مع حافظ الاسد الذي انهزم امامهم بدون قتال في حرب 1967 عندما كان وزيرا للدفاع و مساعدته لهم بتهجير الاهالي من الجولان بدلا من ان يتركهم كاهالي غزة و الضفة هناك و تسليمهم ارضنا و بيوتنا و املاكنا مقابل ان يوصلوه للحكم . و هذا ما جرى بعد 3 سنوات ، و عاشت عائلتي في مخيم حقير في ضواحي دمشق ، بدون خدمات تذكر في بيوت كالزرائب . حلمي الوحيد كان ان اخرج من هذا المخيم السجن و عملت المستحيل حتى هاجرت الى فرنسا . و كان جدي دوما يعض اياديه من الندم و يحسد اهالي الضفة و يقول :" ليت اليهود قتلوني في بيتي و لم آتي الى هذا المخيم . " و كنا نلومه دوما ان لو بقي كما اهالي الضفة و غزة كان افضل لنا من ذل المخيم و التهجير . الملخص اعرف ان حافظ هو من هجرنا و باع ارضنا لليهود ، لكن هذا لا يدفعني ابدا لتقبل اسرائيل او التعاطف معها او التضامن معها لانها سبب في كل الضنك و الذل و العذاب التي ولدت و عشت و نشأت فيه و لم اتخلص منه الا بهجرتي لفرنسا ، حتى فوبيا الفقر لدى والدي الآن لانه نزح من الجولان بملابسه فقط مع اهله عندما كان يبلغ 11 عاما . كل هذا الدم يا عمي العزيز بسبب أنانية اليهود و رفضهم لأي حل إلا ان يأخدوا الأرض بدون السكان ما أمكن ، اخلوا معظم فلسطين في حرب 1948 ، و احتلوا ما تبقى من الارض في 1967 و احتلوا الجولان و سيناء لكنهم هذه المرة نجحوا بافراغ الجولان فقط من سكانه و اخذه ارض نظيفة و فشلوا في بقية الاماكن ، و الآن الحكومة اليمينية المتطرفة صارت تريد تتفيذ التهجير في الضفة باي ثمن ، والان يستغلون الحرب لاخلاء غزة ، السبب في كل شيء أنانية اليهود و تمسكهم بخرافات كتبهم المقدسة و تآمرهم مع الدكتاتوريين العرب لاخذ الارض و تهجير الناس منها ما استطاعوا . علما أن يهود الدول العربية المطرودين كانوا اغنى أغنياء المجتمع من تجار و اطباء و صاغة الذهب و صناع محترفين و قصورهم بوسط مدينة دمشق تشهد على ذلك ، في حين ان معظم الفلسطينيين المهجرين كانو فلاحين فقراء معدمين لا يملكون الا ارضهم الزراعية و بيوتهم المتواضعة . ) . انتهى . وأقول :
أولا :
1 ـ نحن ضد أكابر المجرمين الاسرائيليين والفلسطينيين ، والعرب والغربيين ، ونحن مع المستضعفين من الاسرائيليين والفلسطينيين والعرب والغربيين ، وكم آلمنى ما رأيت من معاناتهم ليلة أمس . ولكن كما قلت هم ضحايا لأكابر المجرمين ، الذين يتعاركون ويتصالحون طبقا لمصالحهم ، ويتساقط الضحايا المستضعفون بلا ثمن .
2 ـ المستضعفون الاسرائيليون هم أقلية الآن ، والمستضعفون الفلسطينيون هم الأغلبية . ولم يكن هو الوضع قبل قيام دولة إسرائيل ، والتى كان من مؤسسيها أمير الأردن ( عبد الله ) والذى أسّس له تشرشل إمارة شرق الأردن لتكون درعا لدولة إسرائيل قبل أن تُقام دولة إسرائيل . وقام بالدور المنوط به فى هزيمة التحالف العربى أمام الجيش الاسرائيلى عام 1948 ، وواصل حفيده الملك حسين نفس الدور .
3 ـ حافظ الأسد صار رئيس سوريا بموافقة أمريكا ليلعب نفس الدور خدمة لاسرائيل .
4 ـ الجاسوس الأمريكى مايلز كوبلاند فى كتابه ( لُعبة الأمم ) أوضح أنه الذى هندس الانقلاب العسكرى فى مصر عام 1952 ، لمصلحة إسرائيل ، ولقد إنهزم عبد الناصر أمام إسرائيل مرتين بنفس الطريقة ، يتلقى الضربة الأولى بالطيران الذى يدمر سلاح الجو والدفاعات المصرية ، ثم ينسحب الجيش عشوائيا لتلتهمه الطائرات الاسرائيلية . عبد الناصر الذى عمل بأوامر مايلز كوبلاند كان مدمنا الهجوم على الاستعمار والامبريالية الأمريكية وإسرائيل بينما يعمل خادما لاسرائيل ، وبه إحتلت إسرائيل سيناء مرتين ، وفى المرة الثانية وصلت حدودها من القنيطرة السورية الى القنطرة المصرية وقناة السويس . وقد شرحنا هذا فى مقال ( هذا الجاهل الجهول ماذا يقول ) ، وفى كتاب لم يكتمل نشرنا معظمه عن العسكر المصرى الخائن ، وهى منشورة هنا .
ثانيا :
هناك خدمة أخرى وكبرى قدمها عبد الناصر لاسرائيل ، وهى تهجير اليهود المصريين الى إسرائيل . وهذا يستلزم التوقف معه :
1 ـ كان المصريون اليهود يسيطرون على مجالات كثيرة فى الفن والاقتصاد والصناعة والتجارة والمواصلات والبنوك والفنادق . وكانوا عائلات شهيرة ، منها قطاوى وموصيرى ومنشه وسوارس وعدس وسموحة وصيدناوى . وأشهر متاجرهم عدس وريفولى وبنزايون وصيدناوى . وكانت لعائلة صيدناوى عزبة ياسمها تجاور قريتنا فى الشرقية . وكان من اليهود المصريين أعلام فى الأدب والفن ، منهم الكاتب الساخر يعقوب صنُّوع الذى أنشا صحيفة (أبونظارة )، وأسّس أول مسرح مصرى ، وانتقد الخديوى اسماعيل فنفاه الى باريس . ومنهم المطرب داود حسنى والرائد السينمانى توجو مزراحى ، والنجمات ليلى مراد وراقية ابراهيم ونجمة ابراهيم ونجوى سالم .
2 ـ بقيام إسرائيل كانت الدعوة لتهجير اليهود من البلاد العربية ، ومن مصر خصوصا وفيها أكبر عدد من اليهود وأكثرهم ثراءا . وقبل الانقلاب العسكرى بدأ تنظيم الضباط ( الأحرار ) أعماله الارهابية بحريق القاهرة ، واستهدف متاجر اليهود بالذات ، وانضم اليه الاخوان المسلمون فى ترويع اليهود فى بيوتهم ، فهاجر كثيرون منهم لاسرائيل ، وبعضهم إستمر فى مصر فى رعب تحوطه الاتهامات بالتجسس . هنا يتجلى التعاون بين أكابر المجرمين الاسرائيليين والمصريين ، والذى دفع ثمنه المستضعفون من الجانبين .
3 ـ هنا نذكر بكل العرفان اليهودى المصرى هنرى كوريل ( 1914 : 1978 ) . إنه الناشط السياسى والحقوقى والمهموم بالفقراء والعدالة الاجتماعية . ينتمى لأسرة مصرية يهودية غاية فى الثراء ، مع إنّه هو الذى أسّس منظمة ( حدتو الشيوعية ) : ( الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى )، والتى تعقب عبد الناصر أعضاءها بالسجن والتعذيب . واسّس أيضا ( حستو ) للسودان، وكانت مدرسة تعلم فيها زعماء اليسار السودانيون . تعرض للسجن فى مصر ثم للنفى الى فرنسا ، وفيها واصل نضاله حتى إغتياله .
فى فرنسا كان لهنرى كوريل دور ريادى فى :
3 / 1 ـ مساعدة المناضلين الجزائريين فى حربهم ضد فرنسا ( 1945 : 1962 ).
3 / 2 : مساندة حركات التحرر فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية ودول العالم الثالث .
3 / 3 : فيما يخصُّ الصراع العربى الاسرائيلى فقد إقترح إجراء إتصالات بين ممثلين فلسطينيين وإسرائيليين على أساس الاعتراف المتبادل والتعايش السلمى ، وهو ما عُرف بلقاءات باريس ، وشارك فيها من التيار الاسرائيلى المعتدل يورى آفنيرى وماتياهو بيلد ، ومن الفلسطينيين عصام سرطاوى مستشار عرفات ، وكانت فرصة لتقديمهم للعالم بوجه مختلف بعد أن شوّهت سمعتهم منظمة أبو نضال الفلسطينية الارهابية . وهى التى إغتالت هنرى كوريل لتقطع طريق التفاهم الفلسطينى الاسرائيلى . صبرى خليل البنا رئيس منظمة ( أبو نضال ) هو القاتل المأجور لسوريا ، وقد إنشقّ عن منظمة التحرير الفلسطينة وتخصص فى الاغتيالات والعمليات الارهابية التى شملت عشرين دولة ، ووصل ضحاياها الى 900 ما بين قتيل وجريح ، ولم تسلم منه الطائرات المدنية وركابها .
4 ـ من تجربتى الشخصية :
4 / 1 : عزبة صيدناوى التى كانت مملوكة لأسرة صيدناوى اليهودى كان يعمل بها بعض أهل قريتنا ، ثم صادر عبد الناصر أراضى العزبة ، وبيعت لبعض المشترين ، وبعضهم من قريتنا . وكان أهل العزبة يتحسّرون على ما آل اليه حالهم فى عهد عبد الناصر .
4 / 2 : فى قرية مجاورة لقريتنا طبيب من عائلة منشه اليهودية المشهورة . ترك القاهرة ليخدم الفلاحين الفقراء فى المنطقة . ورفض الهجرة من مصر برغم المضايقات فى عصر عبد الناصر . إشتهر بعلاج الفلاحين الفقراء مجانا ، بل كان يستقبلهم فى الطابق السفلى من عيادته ، وينفق عليهم طعاما ودواءا . ويأخذ أجرا رمزيا من القادرين . وقد عالج والدى يرحمه الله جل وعلا ، وأخبرنى إبن عمى الحاج عبد العزيز محمد ابراهيم إنه سأل د منشه لماذا لا يؤمن بالاسلام وهو يعمل كل هذا الخير، وقد ردّ عليه بلطف .
4 / 3 : عانيت ولا أزال أعانى من غسيل المُخ الذى نشره المستبدون بين المحمديين . والذى وصل الى بعض المنتسبين للقرآنيين ، وجعلهم ينكرون حقائق القرآن الذى يزعمون الايمان به . إن معظم القصص القرآنى عن بنى إسرائيل بداية بتبشير الملائكة لابراهيم وزوجه باسحاق ثم يعقوب ، الى يعقوب ( إسرائيل ) وابنه يوسف ، الى موسى وبنى إسرائيل مع موسى وبعد موته ، الى داود وسليمان وبقية أبناء بنى إسرائيل ومنهم المسيح . هذا ، علاوة على الخطاب المباشر لهم ، وعن تقسيمهم بين أقلية مؤمنة ، ومن كان منهم مقتصدا ، ومن كان فاسقا ، وأطلق عليهم رب العزة جل وعلا إسم ( اليهود )على الفاسقين منهم ، والفارق بينهم وبين بنى إسرائيل واضح وكبير . غسيل المخ الذى تعرضت له الأجيال بعد 1948 جعلهم لا يستريحون لكل هذا عن بنى إسرائيل . إنّ كلمة إسرائيل جاءت 41 مرة فى القرآن الكريم ، بينما جاءت كلمتا ( يهود ، هود ) 11 مرة فقط . أما كلمة عربى فلم تأت إلّا وصفا للّسان الذى نزل به القرآن الكريم ، ولم تأت مطلقا عن قوم العرب . ووصل الأمر ببعض المنتسبين للقرآنيين أن يزعم أن ( يعقوب ) ليس هو ( إسرائيل ) إنكارا منهم لآيتين قرآنيتين :( آل عمران 93ر، مريم 85 )، رددت على هذا بمقالات وكتب منشورة هنا ، ولكن المرض لا يزال نشطا يستعصى على العلاج .
أخيرا
وأنا أكتب هذا المقال جاء خبر موت أخى الحبيب الصديق العزيز المحامى الحقوقى والناشط فى الدفاع فى قضايا اللجوء السياسى د . إيرفنج سبتزبرج . إنه رئيس مجلس إدارة المركز العالمى للقرآن الكريم ، والذى وضع لائحته القانونية ، وهو صاحب فضل علينا ، وعمل معنا متطوعا ، ومرشدا ، وكان مع زوجته السيدة الفاضلة ( فيرجينيا ) مثلا نبيلا فى العطاء والاخلاص . فى مرضه الأخير عجزت عن الذهاب للقائه ، بسبب ظروفى الصحية ، فذهبت زوجتى وبعض أبنائى ، كان منهم ابنى أمير وزوجته بيسان ، وهى من اصل فلسطينى وناشطة فى الدفاع عن حقوق أهلنا المستضعفين فى فلسطين ، وأبوها الصديق العزيز د محمود أبو جوده مثلها . كان أيرفنج يرحمه الله جل وعلا يتمنى لقاءه ، وفى لقائه الأخير تحدث مع بيسان عن رغبته فى رؤية أبيها د محمود والذى كان وقتها فى الضفة الغربية . مات أخى وصديقى ايرفنج وفى القلب حسرة ، ودعاء لله جل وعلا أن يرحمه وأن يرحمنا ، وأن يتغمد السيدة الفاضلة فيرجينيا وولديه وأحفاده وأسرته بالصبر والسلوان .
2 ـ نسيت أن أقول إن صديقى الراحل إيرفنج كان يهوديا ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. هيي?ة الا?وقاف في طرابلس تثير ضجة واسعة بمهاجمتها ال


.. 158-An-Nisa




.. 160-An-Nisa


.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم




.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك