الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهما يسرقان صفات الله

اسماعيل شاكر الرفاعي

2023 / 10 / 19
المجتمع المدني


سرقة صفات الله

القرار الذي اتخذته حكومة نتنياهو بأزالة مدينة غزة من الوجود ، وترحيل  ما يظل حياً من سكانها الى منافٍ جديدة ، قرار آلهة وليس قراراً بشرياً . انه يتضمن تغيير الجغرافيا الطبيعية وتصفير سكانها بشكل جماعي ، وهو ما لا تتمكن من تنفيذه  الا الآلهة . وقد جاء قرار " نتنياهو " رداً على قرار " طوفان الاقصى "  الذي نفذته حماس في السابع من شهرنا الجاري  ...

اطلقت حماس اسماً على عملياتها العسكرية كانت الآلهة قد استعملته اسماً لقرارها في الطوفان ، ودفن الناس احياء تحت الماء ، وهو قرار ينطلق من  قدرة لا تملكها الٌا الآلهة فقط ...

يتميز عالم الآلهة عن عالم البشر بالخلود ، وبقدرة الآلهة على فعل اشياء تعجز البشرية عن فعله . والوجود والقدرة - كما ارى - هما الصفتان الجامعتان لكل صفات الآلهة التي ناقشها لاهوتيو الديانات الشرق اوسطية الثلاثة ...

صفة البشر الأرأس هي : فن القيادة ، وتصبح القيادة اكثر صلابة واقدر على المناورة : حين يسعى السياسي الى تجميع : القوة ليحصل على خاصيتي :  القهر والطاعة . طموح السياسي  هو قهر الاغلبية وحملهم على طاعته ، لانه يتوق الى تكوين سلطة : تدير الشأن العام . ( في هذه الفترة السابقة  للثورة الزراعية ومباشرة الانسان انتاج غذائه : لم يكتب الملحمة ، ستظهر الملاحم لاحقاً بعد ان يتعلم الانسان الكتابة ، والكتابة  ممارسة تحتاج الى تفرغ  بعض الشغيلة وهو ما سيتحقق بعد لثورة الزراعية التي ستنتج الغذاء بكميات وفيرة تفيض عن الحاجة المباشرة للسكان : ومع الثورة الزراعية ستصبح الثقافة التي تحتاج الى افراد  متفرغين حقيقة واقعة ، وتصبح الجيوش حقيقة واقعة هي الاخرى ، ويصبح وجود جهاز بيروقراطي للحكم يتصخم باستمرار وتشعب اختصاصاته حقيقة واقعة ، لقد تكفلت الثورة الزراعية بتغطية نفقات جميع النشاطات البشرية اللاانتاجية ، وتغذية جميع العاملين فيها ) ...

فالتحدي الاكبر امام السياسي : ان لا تظل سياسته مقتصرة على تجميع القوة بل ان يكون قادراً ، والقدرة من صفات الآلهة وليس من صفات البشر . لكن احداث الناريخ اخبرتنا بان السياسي تمكن من امتلاك القدرة ، ولولا امتلاكها لما تمكن من انتزاع طاعة الجماهير الغفيرة وتحريكها . وحين يبلغ السياسي هذه المرحلة ويبدأ بتحريك الجماهير ودفعها الى تنفيذ المشاريع الضخمة : يكون قد استطاع اقناعها بامتلاك شرعية النطق باسم الغيب ، وتطبيق شريعة الله . وبهذه الوسيلة حرك السياسي الالوف المؤلفة لاصلاح الاراضي الشاسعة ، وشق الترع وبناء المعابد الضخمة كالزقورات والاهرامات وخوض الحروب . وفي هذا بكون السياسي الذي يملك شرعية تمثيل آلهة السماء والنطق باسمها قد اضاف الى القوة وهي صفته البشرية الغالبة : اضاف اليها صفة القدرة حين اقنع الناس من خلال الدين : بانه ممثل الله في الارض ، وان على الناس سمعه وطاعته . وفي هذه المرحلة بالذات :  كتب الانسان ملحمة البطولة ( جلجامش ) في مدينة الوركاء ، وبعد ذاك بألف عام كتب الشاعر الضرير : هوميروس ملحمتيه : الالياذة والاوديسية ...

في اسرائيل وفي غزة تمت سرقة صف الله الكبرى التي هي القدرة . اسكر التطور التكنولوجي : نتنياهو ، فاسقط تأثير الانسان العربي ، والعالم ثالثي ، واصحاب النزعة الانسانية في العالم من قراره في اعلان الحرب على غزة ، وتصور ان بامكانه تغيير الجغرافيا وترحيل سكنتها  ، وفعلت حماس الشيء نفسه : فقد اسكرها امتلاك تكنولوجيا تصنيع الصواربخ الباليستية ، فسطت على الموروث الديني ، وسرقت منه دلالة الفيضان التي لا يمكن نسبتها لمكان ارضي ( المسجد الاقصى ) ، لان الماء دلالة سماوية ، الا انها ارادت ان توحي - مثل حكومة نتنياهو - بقدرتها على تدمير جغرافية اسرائيل برمتها ، ودفن الاسرائيليين تحت انقاض صواريخ الاقصى ااباليستية ....

الى الوقت الذي يتمكن فيه الشعب الفلسطيني من طرد حماس من القيادة ، ومعه يتمكن الشعب الاسرائيلي من طرد نتنياهو واليمين السياسي من سدة القيادة ، ويتبادل الشعبان الاعتراف ببعضهما ، وبحقهما المشترك في الحياة وفي الوجود على ارص فلسطين : يبدأ الشرق بالخروج من همجيته : لان الهمجية والبربرية من صفات القيادات وليس من صفات الشعوب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة


.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم




.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا


.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا




.. طلاب جامعة ييل الأمريكية يتظاهرون أمام منزل رئيس الجامعة