الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البراغماتية بين موسى وفرعون

طلعت خيري

2023 / 10 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


طسم ، حروف مقطعة تشير الى آيات الكتاب المبين ، وهي إحدى مراحل تدوين القران ، فالكتاب يتكون من مجموعه من الحروف والكلمات والجمل مجتمعة في آيات ، والآيات تجتمع لتعطينا سوره عن موضوع معين ، ثم تجمع سور الآيات في سورة واحدة كامله ، معظم السور المكية التي تبدأ بحروف مقطعة نزلت بشكل كامل ، كسورة الشعراء التي نزلت على بني إسرائيل وطوائفهم كالتوراتيين والذين هادوا واليهود والأسباط القوميين ، ولا علاقة لها بالتراث المكي ولا بالمشركين العرب ، عدم استجابة بني إسرائيل للدعوة الكتابية ترك اثر نفسي على النبي ، ولاسيما هم أصحاب كتب منزلة ككتاب موسى وكتابي التوراة والإنجيل ، لعلك باخع نفسك إلا يكونوا مؤمنين ، باخع منطوي بألم وحسرة على نفسك إلا يكونوا مؤمنين ، لماذا هذا الانطواء يا محمد ان نشاء ننزل عليهم من السماء أية ، دليلا ماديا فظلت أعناقهم لها خاضعين ، وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث ، جديد وحديث من الآيات إلا كانوا عنه معرضين ، فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ، لفت التنزيل انتباه المعارضين من بني إسرائيل الى بعض الآيات النظرية المادية التي يتفاعل معها الإنسان يوميا ، والتي هي جزء من حياته وأمنه الغذائي والمعيشي ، الم يروا الى الأرض كم انبتنا فيها من كل زوج كريم ، ان في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ، وان ربك لهو العزيز الرحيم

طسم{1} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ{3} إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ{4} وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ{5} فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون{6} أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ{7} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ{8} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{9}

ان من أسباب إعراض بني إسرائيل عن الدعوة الكتابية ، التأثير التاريخي بالفكر الطائفي والقومي ، اللذان تتبعه طوائفهم والذي يعتبر المنهاج السياسي في تحقيق الأهداف القومية ، فتلك العقيدة تجمع بين الدين والدنيا ، دينيا ، هم شعب الله المختار وأي خروج عن هذا المفهوم لن تقبل به طوائفهم ، ودنيويا ، لا قيود على الحريات الشخصية لطالما هنالك مقدسات جغرافية تكفر عن الخطيئة ، فأي تغير عقائدي يعني فقدان القاعدة الجماهيرية ، فمنظري الفكر الطائفي عموما ، ينقلون صورة مغايرة عن الماضي نعم هم يستشهدون بأقوال الأنبياء من تلك الفترات لكنها محرفة باتجاه ما يخدم المصالح السياسية والاقتصادية للطائفة ، نقل الكتاب أحداث موسى من الماضي الغيبي الى حاضر الدعوة القرآنية في القرن السادس الميلادي ، لاطلاع طوائف بني إسرائيل على حقيقة المجريات التي دارت بين موسى وأسلافهم

وإذا نادى ربك موسى ان ائت القوم الظالمين ، قوم فرعون إلا يتقون ، إلا يبعدون أنفسهم عن عذابه ، أثار التوجه العقائدي الجديد المخاوف في موسى ، منها تكذيبه والارتباك لعدم تدبره لكلام الله أمام فرعون ، بالإضافة الى انه مطلوب للعادلة بسبب سقوط شخص على يده أثناء تدافع لفك مشاجرة بين فرعوني وإسرائيلي ، فطلب من الله ان يصطحب معه أخاه هارون ، قال إني أخاف ان يكذبون ويضق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل الى هارون ، ولهم علي ذنب فأخاف ان يقتلون ، إرادة الله تتحدى كل متحدي لإرادته مهما امتلك من وعي فكري ونفوذ سلطوي ، قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون ، بعث الله موسى وهارون الى فرعون بأمرين ، الأول إبلاغه على إنهما رسل الله ، والثاني هو طلب بان يترك بني إسرائيل أحرار في اختيار دينهم ، فأتيا فرعون فقولا أنا رسل رب العالمين ان أرسل معنا بني إسرائيل ، أول رد براغماتي لفرعون على موسى ذكره بالأيام التي قضاها في مصر ، من أين أتتك الرسالة يا موسى الم نربيك فينا وليدا أي طفلا رضيعا ولبثت فينا من عمرك سنيين ، ثم من أين آتتك الرسالة وقد قتلت إنسان من قبل فأنت من الكافرين ، وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ، اعترف موسى بذنبه واصفا نفسه بالضال ، قال فعلتها إذا وانأ من الضالين ، وضح موسى لفرعون بان الرسالة أتته بعد الفرار من مصر ، ففرت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين ، وتلك نعمة تمنها علي ان عبدت بني إسرائيل – يا فرعون أتمن علي بتربيتك لي ، كفعل خير ، تقابله باستعبادك واضطهادك لبني إسرائيل

وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{10} قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ{11} قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ{12} وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ{13} وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ{14} قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ{15} فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{16} أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ{17} قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ{18} وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ{19} قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ{20} فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ{21} وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ{22}

فرعون براغماتي بحت لا يؤمن بمعاني الأفكار إلا بالنظر إلى النتائج المترتبة عليها ، كما أنه لا يمكن تحديد المعتقدات أو تبرير التمسك بها إلا بالأخذ في الاعتبار النتائج العملية ، من هنا يمكننا تحديد البداية التاريخية للبراغماتية ظهر الفكر البراغماتي في سنة 500 ق . م ، تقريبا ، اخذ فرعون يسال موسى أسئلة ميتافيزيقة سياسية ، لأنه يعلم ان الإجابة عليها ستكون غير عملية ، فقال ، وما رب العالمين ، قال موسى رب السماوات والأرض وما بينهما ان كنتم موقنين ، استهزأ به ، وقال لمن حوله إلا تسمعون ، رد موسى على استهزائه ، ربكم ورب أبائكم الأولين ، استهزأ به فرعون مرة أخرى قائلا ، ان رسولكم الذي أرسل ليكم لمجنون ، قال موسى رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون ، توقفت أفكار فرعون أمام إجابات موسى ، مهددا إياه تهديدا سياسيا ، فقال له لئن اتخذت ألها غيري لا جعلنك من المسجونين ، التهديد موجه أيضا الى الملأ من حوله بطريقة غير مباشرة ، مغبة الاستجابة لدعوة موسى

قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ{23} قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ{24} قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ{25} قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ{26} قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ{27} قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ{28} قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ{29}

لم يقتنع فرعون بالأفكار العقائدية ، وأبدى اعراضه بشكل كامل ، فتحول موسى من الجانب العقائدي الى الجانب البراغماتية الى النتائج العملية ، قال موسى أولو جئتك بشئ مبين ، قال فرعون ، فات به ان كنت من الصادقين ، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ، من ألاعيب السحرة إخفاء الأشياء وراء الكفين لإظهارها بسرعة دون شعور المقابل كنوع من الخدع البصرية ، ولما ألقى موسى عصاه المتحولة الى ثعبان ، نزع يده بمعنى نفضها ليعكس للملأ انه لا يخفي شيء ورائها ، ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ، أبدى فرعون رأيه ، ثم طرح الموضوع على من حوله ، قال للملأ حوله ، ان هذا لساحر عليم ، يريد ان يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون ، رأي الملأ ، ارجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم

قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ{30} قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{31} فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ{32} وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ{33} قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ{34} يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ{35} قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{36} يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ{37}

اتفق فرعون مع موسى على تحديد يوم معلوم ، يلتقي فيه مع السحرة ، فجمع السحرة لميقات يوم معلوم ، ثم نادى فرعون لحشد اكبر عدد من الناس ، وقيل للناس هل انتم مجتمعون ، لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين ، حضر السحرة حسب الموعد المحدد ، وقالوا لفرعون أئن لنا لأجرا ان كنا نحن الغالبين ، قال ، بل سأعطيكم أكثر ما طلبتم ، نعم إنكم إذا لمن المقربين ، لربما يجعل لهم مناصب قريبة من أركان الدولة ، قبل البدا بجولة المنازلة دار نقاش بين السحرة وموسى حول البداية فاتفقوا على ان يلقي السحرة أولا ، قال لهم موسي القوا ما انتم ملقون ، فالقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا نحن الغالبون ، فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون

فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{38} وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ{39} لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ{40} فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ{41} قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ{42} قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ{43} فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ{44} فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ{45}

أنبه الى قضية مهمة إلا وهي ، ان السحر في المعتقدات الدينية ، يختلف عن الأعمال السحرية ، ففي مجتمعاتنا العربية الكثير منهم يؤمن بالسحر وفك السحر ، علما هي خرافات دينية ، لكن فيها منافع اقتصادية يجني من ورائها السحرة أموال طائلة بالنصب والاحتيال واستغفال عقول الناس ، أما عن سحرة فرعون ، فهي أعمال سحرية وخدع بصرية لتحويل بعض الأشياء الى أشياء أخرى ، باستخدام مواد سائلة كالزئبق ، أو مواد صلبه كالنابض ، أو بعض المعادن عديمة الاستقرارية عند تحريكها أو الضغط عليها ، فلما ألقى سحرة فرعون حبالهم وعصيهم تحولت الى ثعابين غير حقيقية مجرد شكل وحركة فقط ، ولكن ثعبان موسى كان ثعبان حقيقيا لقف حبالهم وعصيهم فبراغماتية ثعبان موسى كانت عملية وليس نظريه كثعبان السحرة ، لهذا السبب ألقى السحرة ساجدين ، قالوا أمنا برب العالمين رب موسى وهارون ، كان رد فرعون عنيفا على إيمان السحرة ، معتبرا ذلك التحول العقائدي بمثابة مؤامرة عليه ، فقال أمنتم له قبل ان أذن لكم ، انه لكبيركم الذي علمكم السحر فسوف تعلمون ، حكم عليهم بالإعدام بطريقة وحشية ، لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم أجمعين ، رد السحرة عليه ، لا ضير أي لاشك أنا الى ربنا منقلبون يوم القيامة إنا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطايانا ان كنا أول المؤمنين

سؤال ؟ لماذا عاقب فرعون السحرة ، وترك موسى ، الجواب لأنه كان مخدوعا بهم فكان يعتقد ان أعمالهم السحرية أعمال عملية وليس نظرية ، فلما رأى الجانب العملي في ثعبان موسى تركه يدعو في المجتمع الفرعوني بكل حرية ، سياسيا ، لان ذلك يتلاءم مع براغماتية فرعون التي يؤمن بها


فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{46} قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{47} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{48} قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{49} قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{50} إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ{51}

مع اقتراب خروج بني إسرائيل من مصر ، أوحى الله الى موسى ان اسري بعبادي أنكم متبعون ، بما ان الخروج كان سرا ، بمعنى سيكون ليلا ، ولما سمع فرعون على الفور ، جمع الجند من كافة المدان في تلك الليلة ، فأرسل فرعون في المدان حاشرين ، باثا بينهم الروح المعنوية ببعض العبارات التعبوية ، ان هؤلاء لشرذمة قليلون ، وأنهم لنا لغائظون ، وإنا لجميع حاذرون ، مخاوف فرعون قابلها بابراغماتية الحذر والتعبئة المعنوية والاستعدادات العسكرية ، لكنها لم تجدي نفعا ، فكانت سببا في هلاكهم ، فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم ، كذلك وأورثناها بني إسرائيل ، مع بداية الشروق أكمل فرعون كافة الاستعدادات العسكرية ، فاتبعهم مشرقين ، فلما تراءى الجمعان ، قال أصحاب موسى إنا لمدركون ، قال موسى كلا ان معي ربي سيهدين ، فأوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كالطود العظيم ، الطود هضبة صخرية جلمودية ملساء ارتفعت من قاع البحر فشقته الى نصفين كطريق يابس، فمر عليها موسى وبني إسرائيل ، ولما أكملوا عبورهم ، وصل فرعون وجنده إليها ، فرجعت الى مكانها فغشيهم الماء ، وأزلفنا ثم الآخرين ، أزلفنا ، حالة من الفصل المكاني ضمن توقيت زمني سريع يخص طبقات الأرض عندما تتعرض الى زلزال ، فالفصل المكاني تسبب بارتفاع هضبة صخرية ألقت بموسى وأتباعه الى الجانب الأخر من البحر ، وانجينا موسى ومن معه أجمعين ، ان في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ، وان ربك لهو العزيز الرحيم


وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{52} فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ{55} وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ{56} فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{58} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ{59} فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ{60} فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ{61} قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ{62} فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ{63} وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ{64} وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ{65} ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ{66} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ{67} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{68}








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا