الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


...ابحثوا عن الله في اسعاد البشر....

شكري شيخاني

2023 / 10 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقال ان رجلا يدعى باولو عاش حياته كلها وحيدا ,حتى عندما كانت الحياه تمتلئ صخبا حوله, فهو رجل مسن, قضى حياته كلها عاملا بمحطه قطارات كينج كروز بوسط لندن, ادمن الرجل شعور الوحده ,كما ادمن تناول الخمر في حانة توماس التي لا تبتعد كثيرا عن غرفة معيشته.
لم يتزوج باولو وان كان ذات يوما اخبرته امرأه رافقها بضعه اشهر بانها حامل منه, لكنها اختفت ولم يعد لها اثر. ولا يدري ما اذا كانت تلك المراه صادقه ام كانت تحتال عليه من اجل حفنه من النقود. المهم ان الرجل بقى وحيدا الا من زجاجه الخمر التي كانت ترافقه دائما, كان يقطن حجره صغيره لا ترهقه قيمه ايجارها الذي يتناسب مع قيمه المعاش التقاعدي الذي يتقاضاه من عمله السابق, كان جاره القسيس فرانسيس رجلا غامضا بعض الشيء ,صمته اكثر من كلماته , حاد العينين لا ترى منه رقه الا نادرا غليظ القلب والاسلوب بالكلام ,وكانت مفارقه كبرى ان يكون الرجل الذي يصعد بالناس الى السماء بمثل هذه الصفات ,ورغم ان باولو غالبا ما كان يتجنب الحديث معه, الا ان فرنسيس دائما ما كان يحتقره فهو ليس في نظره سوى السكير الملحد الذي لم تطأ قدماه الكنيسه منذ 11 .عاما كان باولو يعلم عن فرنسيس ما لا يعلمه غيره من جيرانه. فقد راه مجرد خادم بالكنيسه, لا يقوم سوى ببعض الاعمال اليدويه. ثم جاءت الحرب ,واصبحت تلك الكنيسه الصغيره مجرد منزل لايواء الجرحى والمهاجرين من بيوتهم, التي دمرتها طائرات الالمان. لكنه بعد انتهاء الحرب اصبح قسيسا يلقي المواعظ ويعترف الناس له بكل خطاياهم من وراء ستار قاتم اللون ,ويتلقى التبرعات ومن هنا ياتي سر الكراهيه المتبادله بين رجل اصبح في غفله من الزمن قسيسا, وبين سكير ملحدا بحث عن الله كثيرا ولم يجده ,والحقيقه ان باولو كان رجلا طيب القلب ,مسالما الى ابعد درجه, فقد شوهد كثيرا وهو يطعم الكلاب الضاله من طعامه ,بل شوهد وهو ياوي كلبا في حجرته ايام من برد الشتاء وقسوه الثلج والمطر .والحقيقه ايضا انه بحث عن الله عده سنوات بين جدران كنيسه ((انسنت نيقولا)) وبين مواعظ القساوسه, وبين حكمه الرهبان وزهدهم, لكنه لم يستطع.
كانت عظات القس تبعده اكثر عن الطريق الذي يقربه الى الله. لكنه كان يشعر بان معجزه ذات يوم ستضعه على الطريق ,بعيدا عن احتقار القسيس فرنسيس له, ونعته دائما بالسكير الملحد ,وذات ليله بينما كان عائدا للحانه وهو بنصف وعيا قابل ابنة جاره توماس المريض بالربو وكانت الفتاه تبكي, فقد امتنع صاحب الصيدليه راؤول عن اعطائها الدواء الذي ياخذه اباها قبل ان تدفع الثمن المؤجل, بينما يشتد المرض عليه . وعند ذلك اصطحبها بولو الى صاحب الصيدليه, وكان يحمل معه زجاجه نبيذ معتق كان قد اشتراها لتوه من اجل ليله الميلاد التي قرب موعدها, وعرض على راؤول صاحب الصيدلية ان يقايضه بها وان يعطي للفتاه دواء يكفي والدها شهرا" كاملا". وهنا وافق صاحب الصيدليه على الفور, فقد كانت زجاجة النبيذ تعود الى عام 1930 اي انها قد عتقت لمده 20 عاما كامله. وعاد باولو الى غرفته دون زجاجه النبيذ المعتققه, لكنه عاد بشيء اثمن بكثير كان يبحث عنه طويلا ..لقد عاد برجفه قلب لم يعثر عليها بها بين جدران للكنيسه, او من مواعظ الكهنه, او من شفاعه القديسين والرهبان .لم يشرب الخمر بعدها وعندما مات باولو وجدوا اسفل وسادته خطابا بسيطا ,يقول فيه ابحثوا عن الله في اسعاد البشر .. لقد مات باولو مؤمنا دون موعظه من قسيس او شفاعه من راهب لقد مات مؤمنا"من رجفة قلب . فدعونا نرى الله واسعاد البشر في افعالكم وليس في خطبكم وكتبكم ...لاتنسوا ابحثوا عن الله في كيفية اسعاد البشر وليس في اذلالهم واهانتهم وتجويعهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض