الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كثيرون يتمنون الشر لنا ولابد من مراجعة النفس وتطهيرها من الأحقاد

اسراء العبيدي
كاتبة واعلامية

([email protected])

2023 / 10 / 23
المجتمع المدني


هل الشر موجود؟ وكيف يتجاوز فهمنا له مجرد ما هو «سيئ» أو «خاطئ»؟ ولماذا يعتقد البعض أنه محض أسطورة أو خيال، بينما يصر آخرون على أنه حقيقي؟ وهل هو مروع وغير مفهوم بطبيعته أم يمكن أن يكون عادياً . اتسائل فيم تفكرون حين تسمعون كلمة الشر؟ هل تفكرون في واحد من أشرار الشاشة والروايات، مثل شخصية فولدمورت في سلسلة «هاري بوتر» أو رامزي بولتون في «لعبة العروش» أو الإمبراطور في «حرب النجوم»؟ تلك الشخصيات النمطية من النوع الذي يسعى بجد إلى إهلاك الآخرين ويبهجه إنزال المعاناة بهم، ويقهقه بالضحك، بينما يتفكر في أفاعيله الخبيثة؟ لعلكم تفكرون بدلاً من ذلك في الأبطال الخارقين المستدعين لاستخدام قوتهم في سبيل الخير لا الشر، وقد يخطر ببالكم شعار محرك البحث غوغل «لا تكن شريراً». اذا نحن بحاجة للحب لأن الحب يحقق للإنسان إنسانيته الحقة، ويسمو به ليصبح أقرب إلى السماء من الأرض، ومن النور إلى التراب، ولذلك نستطيع أن نقول إن رحمة الله التي ينشرها على عباده ومن خلال عباده تكون عن طريق المحبين أو المهيأة قلوبهم للحب" ، لكن للأسف الكثيرون يتمنون الشر لنا وبداخلهم حقد كبير ومن المفروض على الانسان المؤمن أن لا يحمل في قلبه حقداً على إخوانه المؤمنين، وإذا تلوث قلبه بلوثة حقد أو غلّ فسرعان ما يطهر قلبه منه، ولا يدوم عليه، لما أثر عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وآله: « الْمُؤْمِنُ‏ لَيْسَ‏ بِحَقُودٍ» . ويجب على كل فرد من أفراد المجتمع إذا ما شعر أن في قلبه غلاً وحقداً على أحد فعليه أن يطهره منه فوراً، لأنه داء مدمر للقلب ومرض مفسد للأخلاق، ولذا يستوجب على الفرد أن يتخلص من أي حقد وينزع من قلبه أي غلّ، لما روي عن الإمام علي عليه السلام: «طَهِّروا قُلوبَكُم مِن الحِقدِ؛ فإنَّهُ داءٌ موبئٌ». لكن بكل أسف نقولها إختفى مفهوم الحب الصائب تدريجيا من حياتنا وحلت محله المصلحة الذاتية والمنفعة المادية وصار الحب مجرد قناع يضعه أفراد كثيرون لإخفاء زيفهم وخداعهم، لكن سرعان ما يتهاوى هذا القناع ويتجلى الوجه الحقيقي لهؤلاء عندما تنتفي المصلحة وتنقضي المنفعة التي كانوا يسعون وراءها من خلال ادعاءاتهم الزائفة وأكاذيبهم الخداعة، وهذا ما كان ليحصل لولا سذاجة وغباء من تعاملوا معهم. لابد إذا من مراجعة النفس لأن ديننا يقوم على حب الخير وتمنى الخير للآخرين والتعاطف مع الناس حتى لو اختلفنا معهم، ورفض الشر بكافة صوره وأشكاله، إنه انتصار للإنسان وللإنسانية، ونحن نستعيذ ليلًا ونهارًا وفى كل صلاة من الشيطان الذى هو رمز للشر المطلق والمجرد، والمؤكد أن هناك نفوسا شريرة حقودة تستغل الدين وتحاول أن تجعله ستارًا لأحقادها وغطاء لشرورها، وهؤلاء مصدر الأذى والكثير من الأزمات الكبرى عبر تاريخنا . نعم نحن بحاجة للحب لان الحب وحده من يمس أغوار أحاسيسنا فنتمسك به حتى وإن أضعفتنا المواجع والمصائب، لأنه اليد الحانية التي تسندنا عندما تعصف بنا زلازل الأقدار، فإذا كان الحب يعطينا القوة الحقيقية والمعنى الواضح لحياتنا بلا مقابل . و لابد من تأليف القلوب وتطهيرها من الاحقاد لان راحة الإنسان في الحب والله هو مصدر المحبة وهو المحبة المطلقة . وهل عيش الحياة بهذه الطريقة أمر صحيح ؟ مشقات الحياة تضغط علينا وتعذبنا . فنحمل في قلوبنا الحقد للبشر الذين حولنا . الكل متألم ولانريد أن نزيد آلام بعضنا البعض الحب وحده من يبقينا مبتهجين وما أجمله إن كان مبني على مواقف إنسانية مشرفة لا على رغبات وشهوات قصد المتعة ولا على مصالح وأغراض شخصية، ويظل الحب وحده من يبقينا مبتهجين على قيد حياة تليق بقلوبنا رغم كل ما تحمله في معتركاتها من مكدرات وأوجاع، فهو أيضا الذي يبعث في صدورنا ضياء ينير مشوارنا الحياتي ويدفعنا للعطاء الإنساني بسخاء، لهذا نحتاج إليه ليحرك ما خفي في أعماقنا من طاقات مخزونة لا يمكن لها الخروج لأرض الواقع إلا به. وعند الحديث عن المشاعر الانسانية فإنها تنقسم إلى مشاعر إيجابية: كالمحبة والمودة، والرحمة والشفقة والعطف، وحب الخير للناس، ومساعدتهم على قضاء حوائجهم، والتعاون مع الآخرين، والعفو والصفح والتسامح عن المسيئين وغيرها من المشاعر الإيجابية التي إذا سادت في أي مجتمع فإنه يكون مجتمعاً متحاباً ومتعايشاً ومنسجماً ومتعاوناً ومتقدماً وقوياً . والقسم الآخر: المشاعر السلبية، من قبيل: الكره والبغض والحسد والحقد، وتؤدي هذه المشاعر إلى شيوع الكراهية بين الناس، والتباعد بينهم، وغياب الثقة والاحترام فيما بينهم، وتفكك عرى المجتمع.
والإنسان الحقود من أكثر الناس اتصافاً بالمشاعر السلبية، إذ تراوده أفكار سيئة جداً كحب الانتقام الشديد من الشخص الحاقد عليه، والكيد له، وتشويه سمعته، وتلفيق الأكاذيب ضده وما أشبه ذلك.
والإنسان الحقود يتصف بعدة صفات سيئة؛ فهو يتمنى الشر والفشل لمن يحقد عليه ويكرهه، وقلبه يغلي ناراً عليه، ويتكلم عليه بما ليس فيه من أجل إسقاطه في المجتمع، ويحزن عندما يراه في خير ونجاح، ويفرح عندما يصاب بمصيبة أو بلاء، ويظهر خصوصياته الشخصية أمام الناس لنشويه شخصيته، ويتعمد إحراجه وإيذاؤه، وإذا مرّ عليه لا يسلم ولو بادر هو بالسلام فلا يرد عليه ... وغير ذلك كثير. لذلك على كل فرد من أفراد المجتمع إذا ما شعر أن في قلبه غلاً وحقداً على أحد فعليه أن يطهره منه فوراً، لأنه داء مدمر للقلب ومرض مفسد للأخلاق ويجب على الانسان أن لا يحمل في قلبه حقداً على إخوانه المؤمنين، وإذا تلوث قلبه بلوثة حقد أو غلّ فسرعان ما يطهر . ومع الاسف هنالك الكثيرون من يتمنون الشر لنا وهنالك من قد يحقد على أحد من إخوانه المؤمنين أو من أرحامه وأقاربه أو من أصدقائه ومعارفه لمجرد سوء فهم أو اختلاف في الرأي أو لقضايا هامشية ويدوم حقده لأيام أو لشهور وبعضهم لسنوات طويلة!

وفي الختام لابد من مراجعة النفس ومحاسبتها وتطهير القلوب من أي حقد أو ضغينة أو سخيمة أو غلّ لأن المؤمن الحقيقي سريع الرضا وكثير العفو والتسامح ولابد من تأليف القلوب و تطهير النفس من الأحقاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط


.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق




.. جامعة كولومبيا: فض اعتصام الطلبة بالقوة واعتقال نحو 300 متظا