الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تتركوا الحياة لقَتَلة الحياة

إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)

2023 / 10 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يوماً ما ستسألكم الحياة لِمَ تخلَّيتم عنها بتلك السهولة، كعاشق حنَثَ بوعودهِ!
ولم يكن أميناً حتى النهاية!

ليس من السهل أبداً أن نحيا الحياة كأحياء، بل أصبح من السهل جداً، أن نحياها كأموات، ننتظر الموت الجسدي ببؤس، وبسالة المنتحرين، ونترقب اللحظة الموعودة لإنهاء هذا العذاب، الذي في أغلب الظروف، يكون اختيار منَّا، وسعياً اختيارياً، ونحن من نصوغه في تفاصيل حياتنا بأيدينا!

العالم قاس ومُحبط، وزاد فيه الأشرار، وراغبو التسلُّط والاستحواذ .. وهذا يحدث في العائلات، وذوي القرابة الأولى، فما بالك بين الدول وفي السياسات؟

ويحدث أن يتمكن أحدهم بدعم قوى شيطانية، أن يقتل ويذبح، في جماعات من البشر، كتقرب للشيطان، ذاك الذي كان قتَّالاً منذ البدء.

لذا فقتل البشر، هو غاية إبليسية بامتياز، وممن ينجرفون خلف أهوائه ووسواساته في نفوسهم.

نعم الموت علينا حق، ولكن الموت الذي يأمر به الله، في سياقه الطبيعيّ البشريّ، ولكن .. الموت الذي يقود إليه إبليس .. لا .. ليس هذا هو ما نستحقه، وما لا يجب أن نُدفَع إليه، مادياً أو معنوياً، مهما كلفنا الأمر من مقاومة وعناء.

والحق الحق أقول لكم، أنَّ الموت المعنوي بصورتيه، النفسي والروحي، الذي يدفعنا إليه إبليس، في ظل حروبه هو والمنساقون له علينا، لا يقل أهمية عنده من هذا الموت الجسدي، الذي يفصل الإنسان عن الأرض!
بل هو أخطر وأدهى، فالأكثر هَولاً من الموت .. هو أن تحيا ميتاً!

لذا فصراعنا الحقيقي في هذه الحروب الضَروس، التي تحياها البشرية، خاصة في هذا الزمن الأشرس شراً وأشد وقاحة، عن أي زمن آخر، هو مع الموت الداخلي بأشكاله، الذي انجرفنا وراءه أسرى، إثر تأثرنا، ونحن منفعلون ومندفعون، جرَّاء تبعات الموت الخارجي، المادي من حولنا.
ولكن السؤال الذي لابد وأن نواجه به ذواتنا هنا، هو:

إن كنَّا قد نجونا من موت الجسد، لماذا نزحف منكسري النفس نحو الموت المعنوي، لمصلحة مَن؟ ولأجل مَن نحيا أمواتاً؟!

فإن كان الموت الجسدي نتعرض له رُغماً عنَّا، فالموت المعنوي هو ما نساق إلى مذابحه بإرادتنا.

أعلم أنَّ الأمر شديد الصعوبة والتعقيد، وأنَّ مواجهة الحياة أصعب بكثير من مواجهة الموت، ولكن الأمر يستحق المعاناة، المعاناة في الاتجاه الصحيح، ففي الحالتين نعاني، لكنَّنا نحصل للأسف على نتائج ضدنا!
إذ أنَّ الاستسلام للموت، والتمرُّغ في تراب أرضه، لن يجدينا نفعاً، ولا يجدي الموتى المظلومين من بشريتنا المُنهَكة، بل هو وقود لاستمرار قَتَلة الحياة في أرضنا، وهو تغذية لنفوسهم المريضة، لتنمو وتواصل مذابحها في نفوسنا.

الحقيقة هو أنَّ استسلامنا للموت الظالم في حياتنا، سيدفنا في الحياة، عُزَّلاً من قوتنا الحقيقية، معزولين عن حق السماء في وجودنا.

نعم! فالحياة عطية من الله، علينا أن نُقدسها ونعتز بها، ونسعى أن نكون أمناء في تحمُّل مسؤولياتها، لا الهرب منها ولا نبذها والتقبُّر إرادياً، تحت ركام أيامها.

لذا ...

دافعوا عن حقكم في الحياة واستميتوا في دفاعاتكم

لا تكونوا أطفالاً .. وتندفعوا نحو الدفاع عن حق حياة الأجساد فيها وحسب

بل انتبهوا كناضجين وحاربوا كمدركين .. لتدفعوا عنكم موت الروح وموت النفس

لا تتركوا حقكم في التشبث بمظاهر الحياة .. كمراهق غاضب أمام سطوة ظالمة

دافعوا عن نجاحاتكم .. عن مكانتكم

عن محبتكم وأحبابكم

أنشطتكم الجميلة .. عاداتكم الإيجابية

استغلوا كل تفصيلة في أسباب بهجتكم .. الصغيرة منها والكبيرة

دافعوا عن وجودكم في الحياة أحياء، ولا تَدعوا سهام القتل المعنوي أن تغتالكم، أوقفوا فعالية هذه السهام الموجهه نحوكم، بصمودكم، بتشبثكم بالحياة، وفي مصارعة روح الموت من حولكم.

قاتلوا أرواح الشر، التي تبغي قتلكم معنوياً، مع البقاء على أجسادكم، فتصبحوا حطام، بينما هم شامخون ومثمرون، فتخدمونهم وتموتون بأيديكم .. وهو يَحيون!

قاوموا روح القتل
ولا تنبطحوا أمامها .. فتسجدوا لها وأنتم لا تدرون!

لا تتركوا الحياة .. لقَتَلة الحياة
إن كنتم حقاً تريدون النجاة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال