الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 77

عبدالرحيم قروي

2023 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مؤلف جناية البخاري إمام المحدثين
لزكريا أوزون
الحلقة الثامنة

الفصل الرابع
البخارى والديانات الأخرى
توطئة: لم يقبل الرسول الكريم-حسب البخارى-إلا باتباع الناس له رافضين كافة الأديان السائدة آنذاك سواء كانت سماوية أو غير ذلك، كما تبين الأحاديث اللاحقة.
متن الحديث (1):
عَنْ ‏ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏(ص)، ‏‏قَالَ: أُمِرْتُ أن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى ‏‏يَشْهَدُوا ‏‏أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ ‏‏مُحَمَّدًا ‏رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ‏‏عَصَمُوا ‏‏مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإسلام، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ". (أخرجه البخارى فى: 2-كتاب الايمان: 17-باب {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}.
الشرح والمناقشة (1):
يظهر الحديث بوضوح تام أن الرسول أمر بقتال الناس كافة حتى يعلنوا إسلامهم وأن ذلك هو السبيل الوحيد لعصمة دمائهم وأموالهم؛ ولعل طلب الرسول من اليهود فى المدينة بقوله ثلاثًا: "اسلموا تسلموا" (1) يؤكد على ما ورد فى ذلك الحديث.
متن الحديث (2):
حديث أبى ذر، قال: قال رسول الله (ص): "أتانى آتٍ من ربى فأخبرنى، أو قال بشرنى، أنه من مات من أمتى لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة". قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق". (أخرجه البخارى فى: 23-كتاب الجنائز. 1-باب فى الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله).
الشرح والمناقشة (2).
ورد ذلك الحديث بأكثر من موضع (باب) وبأكثر من رواية وفيه اختلاف فى متنه مع وجود الراوى نفسه، وهو يؤكد أن الجنة ستكون من نصيب أمة النبى محمد (ص) وإن زنى أهلها وسرقوا. كما أن الحديث يوافق ويعارض حديث الرسول القائل: "إن الله تجاوز عن أمتى ما حدثت به أنفسها مالم تعمل أوتتكلم"(2) يوافقه بأن أمة النبى محمد (ص) هى الأمة المميزة وجزاؤها الجنة دومًا ونعم المصير؛ ويعارضه بأن من يعمل أو يقل شيئا يحاسب عليه، على عكس رواية أبى ذر التى تمنح الجنة على الرغم من السرقة والزنا!!
أخيرًا فإن ذلك الحديث يتماشى مع الحديث التالى الذى يؤكد أن الجنة للمسلمين حصرًا دون غيرهم ويظهر ذلك واضحًا فى العبارة التالية من الحديث (وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة).
متن الحديث (3):
عَنْ ‏‏عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود،‏ ‏قَالَ: ‏كُنَّا مَعَ النَّبِى (ص) فِى قُبَّةٍ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أن تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: أَتَرْضَوْنَ أن تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: أَتَرْضَوْنَ أن تَكُونُوا ‏‏شَطْرَ ‏‏أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: وَالَّذِى نَفْسُ ‏‏مُحَمَّدٍ ‏بِيَدِهِ، إِنِّى لأَرْجُو أن تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ أن الْجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إِلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِى أَهْلِ الشِّرْكِ إِلا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأسْوَدِ، أو كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأحْمَرِ. (أخرجه البخارى فى: 81-كتاب الرقاق: 45-باب كيف الحشر).
متن الحديث (4):
عَنْ ‏‏أَبِى مُوسَى، ‏قَالَ: ‏أَقْبَلْتُ إلى النَّبِى‏(ص)، ‏وَمَعِى رَجُلانِ مِنْ ‏‏الأشْعَرِيِّينَ، ‏‏أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِى وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِى، وَرَسُولُ اللَّهِ ‏‏(ص) ‏‏يَسْتَاكُ. فَكِلاهُمَا سَأَلَ، فَقَالَ: يَا ‏‏أَبَا مُوسَى ‏‏أَوْ يَا ‏‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ! ‏‏قَالَ، قُلْتُ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! مَا أَطْلَعَانِى عَلَى مَا فِى أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ. فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إلى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ. فَقَالَ: لَنْ أو ‏‏لا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا ‏‏أَبَا مُوسَى ‏أَوْ يَا ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ‏إِلَى ‏الْيَمَنِ. ‏ثُمَّ اتَّبَعَهُ ‏‏مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. ‏‏فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً، قَالَ: انْزِلْ. وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ. قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ: اجْلِسْ. قَالَ: لا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ. ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِى نَوْمَتِى مَا أَرْجُو فِى قَوْمَتِي. (أخرجه البخارى فى: 88-كتاب استتابة المرتدين: 2-باب حكم المرتد والمرتدة).
الشرح والمناقشة (4):
الحديث يظهر بوضوح أن من ترك الإسلام ليعود إلى دينه السماوى الأصلى هو مرتد كافر يجب قتله تطبيقًا لقضاء الله ورسوله-حسب رواية أبى موسى ومعاذ-وهو يؤكد أن الإسلام هو الدين المقبول فقط، وإذا كان الإمام البخارى يرى فى ذلك الحديث تطبيقًا لحكم المرتد فى الإسلام عملا بما جاء عن الرسول (ص) بقوله: "من بدل دينه فاقتلوه" (3)، فإن ذلك كان يجب أن يطبق على اليهودى أولا لأنه بدل دينه إلى الإسلام حسب نص الحديث؛ حيث نلاحظ أن عبارة (من بدل دينه) عامة ولا تشمل المسلم فقط!!
أخيرًا نورد حديثًا يتطابق فى مضمونه مع ما ورد فى الحديث السابق، ولكن نهاية المرتد النصرانى فيه كانت عقوبتها من السماء، كما يلى:
متن الحديث (5):
عَنْ ‏أَنَسٍ، ‏قَالَ: ‏كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ ‏الْبَقَرَةَ ‏وَآلَ عِمْرَانَ. ‏‏فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِى ‏(ص) ‏فَعَادَ نَصْرَانِيًّا. فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِى ‏‏مُحَمَّدٌ ‏إِلا مَا كَتَبْتُ لَهُ. ‏فَأَمَاتَهُ اللَّهُ، فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأرض. فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ ‏‏مُحَمَّدٍ ‏وَأَصْحَابِهِ. نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ. فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأرض، مَا اسْتَطَاعُوا. فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأرض. فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ. (أخرجه البخارى فى: 61-كتاب المناقب: 25-باب علامات النبوة فى الإسلام).
متن الحديث (6):
عَنْ ‏أَبِى سَعِيدٍ، ‏‏قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏(ص): ‏‏يَقُولُ اللَّهُ ‏يَا ‏‏آدَمُ! فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ! قَالَ يَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ، تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، ‏وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ ‏سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى، ‏‏وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ. ‏فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ ‏‏يَأْجُوجَ‏ ‏وَمَأْجُوجَ ‏‏أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ. ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أن تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا. ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أن تَكُونُوا ‏‏شَطْرَ ‏أَهْلِ الْجَنَّةِ. إن مَثَلَكُمْ فِى الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأسْوَدِ، أو الرَّقْمَةِ فِى ذِرَاعِ الْحِمَارِ. (أخرجه البخارى فى: 81-كتاب الرقاق: باب قوله عز وجل-إن زلزلة الساعة شئ عظيم).
الشرح والمناقشة (6):
الحديث كما نرى يمكن تصنيفه ضمن الأحاديث القدسية(4) لأن المتكلم-حسب الراوى-هو الله-عز وجل-الذى طلب من آدم-ولا ندرى لماذا آدم وليس مالك خازن النار أو ميكائيل-إخراج بعث النار التى ستمتلئ بالعباد الذين وصفهم الرسول بأنهم قوم يأجوج ومأجوج وهم من يعتبرون اليوم أهل الشرق الأقصى-حسب ما جاء فى الاثر.
ويرد فى الحديث تشبيه للأمة لا يستخدمه أو يؤكد عليه السادة العلماء والأفاضل وهو إننا كالرقمة (القطعة البيضاء المستديرة اليابسة التى لا شعر فيها) فى زراع الحمار!! أو فى جلد الثور الأسود حسب أحاديث أخرى.
متن الحديث (7):
حديث أبى هريرة، قال النبى (ص): "رأيت عمر بن عامر بن لحىّ الخزاعى يجر قصبه فى النار وكان أول من سيب السوائب". (أخرجه البخارى فى: 61-كتاب المناقب: 9-باب قصة خزاعة).
الشرح والمناقشة (7):
عمرو بن عامر بن لحىّ كما نجد فى الحديث موعود بجهنم يجر أمعاءه فيها لأنه أول من ترك الإبل سائبة فلا تمنع من ماء ولا مرعى ولا تحلب ولا تركب تمامًا، كما هو الحال عند السادة الهندوس الذين يتركون الحيوانات كالبقر وغيرها سائبة فى معظم مدن الهند. وبذلك فإن من يؤمن ويعمل على تسييب الدواب هو فى النار حسب حديث أبى هريرة.
أخيرًا تعرف الأخ القارئ بعمرو بن عامر بن لحى الذى بلغ فى العرب من الشرف مالم يبلغه عربى قبله ولا بعده فى الجاهلية، وذهب شرفه فى العرب كل مذهب حتى صار قوله دينًا متبعًا لا يخالف، وهو أول من نصب الأصنام حول الكعبة، وكان الحجاج يلبون قائلين: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك" لكن عمرًا أضاف إلى التلبية عبارة: "إلا شريكًا هو الملك، تملكه وما ملك" فتبعه العرب فى ذلك، وظلت تلك هى تلبية الحجاج حتى أعادها الإسلام إلى صيغتها الأولى (5).
النتيجة:
تظهر بعض الأحاديث الواردة فى صحيح البخارى أن المسلمين هم أصحاب الجنة أما أهل بقية الديانات والملل (مسيحية-يهودية-هندوسية-بوذية...) فالله أعلم بحالها ولكنها لن تدخل الجنة التى حددت حصرًا للنفس المسلمة-حسب صحيح البخارى-والمسلم لا يتساوى مع الكافر فلا يقتل مسلم بكافر(6).
ولا أدرى هنا كيف نتجاهل وصفه تعالى لأهل الكتاب من يهود ونصارى وأحناف بأن منهم الصالح والراسخ فى العلم وأن لا خوف عليهم كما فى قوله الحق: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (سورة المائدة-69).

الهوامش
(1) راجع صحيح البخارى، فى 89-كتاب الاكراه2، باب فى بيع المكره ونحوه فى الحق وغيره.
(2) المصدر نفسه، 68-كتاب الطلاق-11،باب الطلاق فى الاخلاق.
(3) تعارض كثير من آيات الذكر الحكيم ذلك الحديث.
(4) راجع بحث الأحاديث القدسية ص 49 فى هذا الكتاب.
(5) السيرة الحلبية، على برهان الدين الحلبى، مجلد 1،ص 16.
(6) راجع مختصر صحيح البخارى، فى: 60-باب الجهاد، لمعرفة الحديث.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية