الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الأساتذة في المغرب مضربون؟

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2023 / 10 / 26
التربية والتعليم والبحث العلمي


صادقت النقابات الأكثر "تمثيلية" ووزارة بنموسى وبعدهم الحكومة على النظام الأساسي الجديد الذي كان منتظرا منه تصحيح التغرات التي اعتورت النظام الأساسي القديم الصادر سنة 2003. وهذا معطى طبيعي بحكم أن بعض البنود مع مرور الوقت يتم إعادة النظر فيها نظرا لما اكتشف فيها من أخطاء وثغرات.
لكن وزارة بنموسى قدمت لنا نظاما أساسيا اكثر ظلما وإجحافا من النظام الأساسي السابق عليه. لذلك يخوض الأساتذة إضرابا لمدة ثلاثة أيام سعيا وراء كرامتهم التي مرغها النظام الاساسي الجديد في التراب.
أول ما يلاحظ عليه أن مهامه لفها الغموض ولم يعد المدرسون "يقشعون" فيها شيئا. قبل استلام مهامهم كمدرسين، يتلقى الأساتذة تكوينا على أساس أنهم سيقدمون دروسا للتلاميذ داخل الحجرات الدراسية، وهذا ما جرى التعارف عليه والاعتراف به على مستوى العالم. لكن الدولة أبت إلا أن تضيف إلى المدرسين مهاما أخرى بالأضافة إلى مهام التدريس. واصبحوا، بموجب هذا النظام الأساسي الجديد، ملزمين بإنجاز مهام التنشيط والدعم. فعوض توظيف موارد بشرية لتقوم بهذه المهام، اختارت الدولة في شخص بنموسى ان تفرض على نساء ورجال التعليم كل هذه المهام عساها تقتصد في المصاريف على حساب راحتهم ووقتهم وتربح على ظهورهم وظائف تؤدى بصفر درهم.
ليس رجال ونساء التعليم بمثابة حائط قصير، بل هم يرفضون أن يتم التعامل معهم بهذه الطريقة.
الملاحظة الثانية تخص ساعات العمل حيث كان المدرسون، سواء في الابتدائي أو الثانوي بسلكيه، يعملون خلال عدد محدد من الساعات خلال الأسبوع الواحد، لكن أضيفت ساعات أخرى على كاهل أساتذة الإعدادي والثانوي في عهد المرحوم الحسن الثاني. لم يصدر عنهم ما يفيد الرفض، لكن الوزارة الوصية وجدت أن الساعات الإضافية غير كافية وقررت أن تحدد بنفسها ساعات العمل الملزمة لكل أستاذ، ويصبح بالتالي من صلاحيات المدير الجهوي أو المدير الإقليمي أن يفرض على الأستاذ الاشتغال خلال أسبوع واحد ما مقداره 40 ساعة، علما أن المدرس لا يعمل فقط داخل القسم، بل يقوم بمهام تصحيح إنجازات التلاميذ والإعداد القبلي للدروس والفروض في بيته، وهذا يعني أن جزء كبيرا من عمله يقوم به خارج القسم. بيد أن الدولة رأت أن كل ذلك غير كاف وارتأت إضافة ساعات أخرى على الزمن الذي يقضيه الأستاذ داخل القسم. وهذا غير معقول، لأن الدولة مطالبة بتحديد وقت عمل المدرسين داخل الحجرات الدراسية بشكل مضبوط وموحد.
وبينما المدرسون يتطلعون إلى سحب تلك الساعات التطوعية المضافة سابقا نظرا لتبخر دواعيها، قررت الدولة تأبيدها والإبقاء عليها وحكمت على الأستاذ بأن يبقى رهن إشارة السلطة الحكومية التي تعود إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وهذا الاختيار نابع من عقلية صاحب "الشكارة". فبدلا من توظيف ناس آخرين في مجال التعليم، قررت الوزارة إثقال كاهل رجال ونساء التعليم بمهام جديدة وساعات عمل إضافية. لكنهم يرفضون هذا الأمر الذي يراد منه فقط تقليص كتلة الأجور على حساب كرامتهم، في لامبالاة بالعمل الشاق في أقسام مكتظة بالمتعلمين.
الملاحظة الثالثة هي أن النظام الأساسي المثير لكل هذا الجدل ولكل هذا الغضب لم يحتو على أي التفاتة من شأنها أن تؤول كزيادة في أجور مربي الأجيال، رغم ما عرفته سومات كراء السكن وأسعار المواد الأساسية من ارتفاع والتهاب. وهكذا ظهر أن الدولة لا تفكر في كرامة الأستاذ ولا تريد أن يكون باله مرتاحا وهو يقدم دروسه لتلاميذه ويقوم برسالته التربوية على أحسن وجه. ربما لهذا السبب لم ينص النظام الأساسي على زيادة ولو درهم واحد في أجرة الأستاذ، فيما أنظمة أساسية أخرى حفلت بزبادات مهمة لمواردها البشرية وموظفيها.
أما حديث رئيس الحكومة، وسط تصفيقات متحزبيه وأنصاره، عن فرص الترقي الذي جاء بها النظام الأساسي المرفوض فليس الغرض منه سوى ذر الرماد في العيون. ذلك أن الترقي في الرتبة، على تقتيره وشحه، لا يتحقق إلا بعد بضعة سنوات عجاف، وأن الترقي في الدرجة لا يطل هلاله إلا بعد عشر سنوات أو أكثر. إوا تسنى الجن حتى يطيب اللحم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-