الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات المتأسلمين 60 - خرافة ابن سبأ

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2023 / 10 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عمليات تزوير التاريخ تكون على نوعين الأول تغيير الحقائق التاريخية لصالح مجموعة والثاني حجب كامل للحقائق والمعلومات في أحداث معينة ما يسبب تشوها في المعلومات المتاحة فيؤدي بالضرورة إلى قراءة خاطئة للوقائع التاريخية ومنذ ظهور الإسلام كان تزوير الأكاذيب وقلب الحقائق سياسة اتبعها المتأسلمين للطعن في خصومهم شخصية ومن الأساليب التي عملوا عليها أساليب اختراع شخصيات تاريخية ونسبة الكثير من الاعمال لها تفسير الاحداث ومن تلك الشخصيات التي تم اختراعها شخصية ( عبد الله ابن سبأ ) ونسبة المذهب الشيعي لها . لكن الحقيقة مهما تأخرت فستظهر وتفضح كذب من حاول تزييفها . ولو نظرنا في كتب من يسمون انفسهم (اهل السنة والجماعة ) سوف نرى ان تزييف تلك الشخصية لايمكن ان تصمد امام الحقيقة فمن اخترعوا تلك الشخصية لم يتفقوا على اسمها الكامل ولا اصلها ولا القبيلة التي تنتمي لها ولا على مصيرها وأين اختفت ولا كيف تمكنت من السيطرة على كبار (صحابة ) الرسول ؟
لو راجعنا الكتب التي تحدثت عن (ابن سبأ ) سنجد إن أصحاب روايات التاريخ اختلفوا في اسم عبد الله بن سبأ، فالطبري يسميه ( عبد الله ابن سبأ ) وهناك من يسميه عبد الله ابن وهب الراسبي وهناك من سماه عبد الله ابن حرب . هناك من ذهب إلى أن عبد الله بن سبأ هو نفسه عبد الله بن وهب الراسبي وقد جزم بذلك الأشعري في المقالات والفرق حيث قال: (السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني) المقالات والفرق صفحة 20. فمنهم من ينسبه إلى وهب ومنهم من قال أنه " عبد الله بن وهب الراسبي " (الذهبي، 1961م، صفحة 1ج ،ص44). وهناك من ينسب ابن سبأ إلى "حرب" وذلك ما فعله الجاحظ حيث ينقل الخبر بإسناده إلى زخر بن قيس ، قال : " قدمت المدائن بعدما ضرب على ابن ابي طالب كرم الله وجهه فلقيني ابن السوداء وهو ابن حرب " (الجاحظ، البيان والتبيين. بيروت: دار احياء التراث . ،1993 ج،3 الصفحة 81 .) . قال المقريزي في خططه: «وقام في زمانه – أي علي(ع) – عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء السبئي، وأحدث القول بوصية رسول اللّه(ص) لعلي بالإمامة من بعده بالنص، وأحدث القول برجعة علي والنبي وأنه حي وأن فيه الجزء الإلهي، ومن ابن سبأ هذا تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة يقول ابن حجر في تبصير المنتبه: «السبئي طائفة منهم عبداللّه بن وهب السبئي». فهل كان ابن سبأ زعيم السبئية أم رجلا واحدا منهم؟!
ويذكر البلاذري أيضا: «وأما حجر بن عدي الكندي وعمرو بن الحمق الخزاعي وحبة بن جوين البجلي ثم العرني، وعبد الله بن وهب الهمداني، وهو ابن سبأ، فإنهم أتوا عليا فساءلوه عن أبي بكر وعمر».تنسب بعض المصادر ابن سبأ الى ليشجب بن يعرب بن قحطان يذكر القلقشندي في قلائد الجمان أن يعرب بن قحطان ولد يشجب، و ولد ليشجب (سبأ) و اسم سبأ هذا عبد شمس، و قد ملك اليمن بعد أبيه، و أكثر من الغزو والسبي، فسمي (سبأ) وغلب عليه حتى لم يسم به غيره، ثم أطلق الاسم على بنيه.. و هم الوارد ذكرهم في القرآن. على أن المصادر التاريخية لا تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين، و الذي ينتسب إليهم عبد الله بن سبأ، و من المحتمل أنهم كانوا في الأصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي (800 ق م)، و هي عادة العرب في التجوال، أو نتيجة ضغط الآشوريين عليهم من الشمال، واستقروا أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع " (محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي (1/21).وهناك من ينسب ابن سبأ إلى قبيلة الجميره اليمنية مثل ابن حزم في الملل والأهواء، وتنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن مالك بن زيد بن سعد بن حمير بن سبا يقول ابن حزم "او القسم الثاني من فرق الغالية يقولون بالألهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبدالله بن سبأ الجمير" . من المصادر التاريخية من ينسب عبد الله بن سبأ إلى قبيلة حمير، وهي تنتسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن مالك بن زيد بن سند بن حمير بن سبأ الأصغر بن لهيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب، وهو حمير الغوث هو حمير الأدنى ومنازلهم باليمن موضع يقال له حمير غربي صنعاء" (معجم البلدان لياقوت الحموي (2/306).) . بحسب البلاذري فأن ابن سبأ ينتسب إلى قبيلة همدان، وهي بطن من كهلان من القحطانية، وهم بنو همدان ابن مالك بن زيد بن أوسله بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان. وديارهم باليمن من شرقيه" فهو (عبد الله بن سبأ بن وهب الهمداني) عند البلاذري ( أنساب الأشراف (5/240). يروي عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235)، أن ابن سبأ من أهل (الحيرة)، قال: إن عبدالله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها، و كان أصله من يهود الحيرة، فأظهر الإسلام." . ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن أصل ابن سبأ من الروم "وكان أصله روما فأظهر الإسلام وإحداث بدعا قولية وفعلية قبحه الله".
الإِختلاف في وقت ظهوره فالطبري وجماعة يصرحون بأنّه ظهر أيام عثمان بينما يذهب جماعة آخرون إلى أنّه ظهر أيام عليٍّ عليه السلام أو بعد موته ومن هؤلاء سعد بن عبدالله الأشعري في كتابه المقالات وابن طاهر في الفرق بين الفرق وغيرهما كثير. الإضطراب في الروايات في أصل دعوته فبينما رأينا الطبري وجماعة معه يقولون إنّ دعوته اقتصرت على الغلو في عليٍّ والإِنتصار لحقه وكل ما يدور حول عليٍّ فقط نجد جماعة من المتأخرين يذهبون ومعهم أسانيدهم طبعاً إلى أنّه كان في كل بلد له دعوة خاصة، يقول محب الدين الخطيب بأسانيده التي ذكرها: ومن دهاء ابن سبأ ومكره أنّه كان يبث في جماعة الفسطاط الدعوة لعليٍّ عليه السلام وفي جماعة الكوفة الدعوة لطلحة، وفي جماعة البصرة الدعوة للزبير . لم يذكر ابن سعد المتوفى سنة 230 هـ في طبقاته ولا أبو حنيفة الدنيوري المتوفى سنة 290 هـ في الأخبار الطوال، ولا المسعودي المتوفى سنة 345 هـ في مروج الذهب ولا في التنبيه والاشراف، ولا ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في الإمامة والسياسة، ولا اليعقوبي المتوفى عام 284هـ في تاريخه، ولا المبرد المتوفى سنة 285 هـ في كامله، فقد خلت مؤلفات المؤرخين القدامى من ذكر ابن سبأ .
اول من ذكر ابن سبأ هو الطبري المتوفى عام 310 هـ في تاريخه وعنه أخذ الذين جاؤوا من بعده ممن ذكروا قصة ابن سبأ. المصدر الأوّل لهذه القضية التي لم يسبقه أحد إلي ذكرها هو: «أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري» المتوفي سنة (310 ه ) صاحب التفسير الكبير، ومؤلّف تاريخ الأُمم والملوك المعروف بتاريخ الطبري. وهو المصدر الوحيد لهذه القصة وجميع ما يتعلّق بأخبار عبداللّه‏ بن سبأ. أخذ عن ابن جرير كلّ من «ابن الأثير» المتوفي سنة (630 ه ) و«ابن كثير» المتوفي سنة (774 ه ) و«ابن خلدون» المتوفي سنة (808 ه ) وغيرهم. وكل ما أورده ابن جرير حول أخبار ابن سبأ وحوادث عهد عثمان وأخبار الردّة إنّما كان مصدره سيف بن عمر المتوفي في عهد الرشيد أو بعده. أنّ مستند هذه القصّة هو واحد لا غير وهو سيف ابن عمر حديث الطبري كان عن مكاتبة من السري أنّ شعيباً حدثه عن سيف عن عطية عن يزيد الفقعسي. فهؤلاء هم رجال سند فمَن هم هؤلاء الرجال؟ وما هي منزلتهم؟
يقول الطبري "فيما كتبه إلي السري عن "شعيب، عن سيف، عن عطية، عن يزيد الفقعسي" قال كان عبداللّه‏ بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء، أُمّه سوداء فأسلم زمان عثمان، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالهم فبدأ بالحجاز، ثم البصرة ثم الكوفة إلي آخر ما ذكر في ( ج5: 98 ـ 99 الطبعة الأُولي). فالحديث يدور حول الطبري، والسري، وشعيب وسيف وعطية ويزيد الفقعسي.
1. السري :السري بن يحيى كما يسميه الطبري، السري الذي يروي عنه الطبري يجب أن يكون واحداً من اثنين: كل منهما كذاب وهما: السري بن إسماعيل الهمداني الكوفي وهو أولهما، وثانيهما السري ابن عاصم الهمداني نزيل بغداد المتوفى سنة 258، والذي أدرك ابن جرير الطبري وعاصره أكثر من ثلاثين عاماً. وكل من هذين قد كذبه أهل الحديث واتهموه بالوضع فقد كذبهما صاحب تهذيب التهذيب، وصاحب ميزان الإِعتدال، وصاحب تذكرة الموضوعات، وصاحب لسان الميزان، وغيرهم واتهموا كل واحد منهم بالوضع ويوسع القارئ مراجعة المصادر التي ذكرتها في ترجمة المذكورين(1). وقد ذكر النقاد للطبري سبعمائة حديث وحديثاً واحداً، وهذه الأحاديث تغطي زمن الخلفاء الثلاثة وأسانيد هذه الروايات كلها عن السري الكذاب، وعن شعيب المجهول وعن سيف الوضاع المتهم بالزندقة.
2. الإختلاف في أنّه هو ابن السوداء أم لا مع أنّ الذي قام بكل المصائب هو ابن السوداء، وابن طاهر والإِسفرايني يقولان إن ابن السوداء شخص آخر شارك عبدالله بن سبأ بمقالته.
3. شعيب بن إبراهيم وهو مجهول، قال الذهبي: شعيب بن إبراهيم راوية كتب سيف عنه: فيه جهالة؛ وذكره ابن عدي وقال ليس بالمعروف، وهذا لا يحتاج إلي إطالة بحث، لأنّ الجهالة قد أرخت عليه سدولها ولا يعرف إلاّ أنّه راوية سيف ابن عمر.
4. سيف بن عمر الضبي الأسدي ويقال التميمي البرجمي ويقال السعدي الكوفي المتوفي بعد سنة (170 ه ) وهو راوية أحاديث السقيفة والردة، وحوادث عهد عثمان، وهو نقطة إنطلاق اُسطورة ابن سبأ، وقد وصفوه بأنّه وضّاع كذّاب، زنديق يروي الموضوعات عن الأثبات، قال عنه ابن حبان كان سيف بن عمر يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا إنه كان يضع الحديث واتهم بالزندقة، كما يقول عنه الحاكم النيسابوري اتهم سيف بالزندقة وهو بالرواية ساقط قال ابن معين: ضعيف الحديث وقال مرة: فليس خير منه ـ أي لا يأتي منه خير ـ وقال أبو حاتم: متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي وقال أبوداود: ليس بشيء. وقال النسائي والدارقطني: ضعيف، وقال ابن عدي: بعض أحاديثه مشهورة، وعامتها منكرة لم يتابع عليها، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. وقال ابن حبان أيضاً: وقالوا عنه إنّه كان يضع الحديث، واُتّهم بالزندقة، وقال البرقاني عن الدارقطني: متروك. وقال الحاكم: أُتّهم بالزندقة وقال الذهبي: سيف بن عمر الضبّي الأسدي التميمي البرجمي ويقال السعدي الكوفي مصنّف الفتوح والردّة. ثم يذكر أقوال علماء الرجال كما ذكر ابن حجر، ونقل عن جعفربن أبان إنّه سمع ابن نمير يقول: كان سيف يضع الحديث، وقد اتّهم بالزندقة وقال السيوطي: سيف وضّاع. وذكر حديثاً من طريق السري بن يحيي عن شعيب بن إبراهيم عن سيف فقال السيوطي: موضوع فيه ضعفاء أشدهم سيف.
5. عطية لا يدري مَن هو عطية الذي يروي عنه سيف فهل هو عطية العوفي المتوفي سنة (110 ه ) أم عطية بن قيس الكلابي المتوفي سنة (121 ه ) أم غيرهما؟ فإن كان المراد به العوفي فذلك شيء بعيد جداً لأنّ عطية العوفي كان من التابعين وتوفي سنة (110 ه ) فسيف‏ بن عمر لم يدركه لأنّه متأخّر عنه بل كان في بطون الأرحام .
6. يزيد الفقعسي وهو نهاية السلسلة وبداية الأُسطورة لم يعرف من هو، ولا يوجد في الرجال من يسمي بهذا الاسم ويلقب بالفقعسي، وهنا تنقطع السلسلة .
قصةَ تحريق علي رضي الله عنه لهم قد رواها البخاري في صحيحه في موضعين :الأول : رواه عن عكرمة - ( 2854 ) – : أنَّ عليًّا حرَّق قوماً ، فبلغ ابنَ عباس فقال : لو كنتُ أنا لم أحرِّقهم ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال ( لا تُعذِّبوا بعذاب الله ) ولَقَتَلتُهم كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( مَن بدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) .والثاني : عن عكرمة – ( 6524 ) - قال : أُتي عليٌّ بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابنَ عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرِّقهم ؛ لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله ) ولَقتَلتُهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) .ولو رجعنا الى كتب اهل السنة والجماعة لوجدناها تصف عكرمة بانه كذاب قال إسحاق بن عيسى بن الطباع سألت مالكا أبلغك أن بن عمر قال لنافع لا تكذب علي كما كذب عكرمة على بن عباس قال لا ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال ذلك لبرد مولاه وقال جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد عنده فقلت ما لهذا قال إنه يكذب على أبي. يروي الصفدي - الوافي للوفيات - الجزء : ( 20 ) - رقم الصفحة : ( 39 ) قال عبدالله إبن الحارث : دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة موثقاً على باب الكنيف فقلت أتفعلون هذا بمولاكم فقال : إن هذا مكذوب على أبي. - وقد قال إبن المسيب لمولاه برد : لا تكذب علي كما كذب عكرمة على إبن عباس. لم يثبت أن الامام علي (عليه السلام) أحرق ابن سبأ وانما نفاه الى المدائن.
انكر معظم المستشرقين وجود شخصية باسم ابن سبأ ومنهم الدكتور برناد لويس " قال: ولكن التحقيق قد أظهر أنّ هذا استباق للحوادث وأنّه ـ أيّ ابن سبأ ـ صورة مثل بها في الماضي وتخيلها محدثوا القرن الثاني للهجرة من أحوالهم وأفكارهم السائدة حينئذٍ. كذلك فلهوزن " ذهب إلى أنّ المؤامرة والدعوة والفعاليات المنسوبة لابن سبأ من اختلاق المتأخرين، وقد محص النصوص ودرس الموضوع وقام بتحليل دقيق. وقال فريدليندر اشترك مع فلهوزن وانتهى لنفس النتيجة معه. كايتاني شك في وجود عبدالله بن سبأ وقال عما ينسب له من أعمال ضخمة ومؤامرة مثل هذه بهذا التفكير وهذا التنظيم لا يمكن أن يتصورها العالم العربي المعروف عام خمسة وثلاثين بنظامه القائم على سلطان الأبوة، إنّها تعكس أحوال العصر العباسي الأول بجلاء.
يقول الشيخ عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر:"رأينا في أصل الشيعة: ولكنا نرى أن السبب في نشأة «الشيعة لا يرجع إلى الفرس عند دخولهم في الإسلام، ولا يرجع إلى اليهودية ممثلة في «عبد الله بن سبأ»، وإنما هو أقدم من ذلك. فنواته الأولى ترجع إلى شخصية «علي»(رض)، من جانب، وصلته بالرسول(ص) من جانب آخر" (عبد الحليم محمود ، التفكير الفلسفي في الإسلام ، الطبعة الثانية ، منشورات دار المعارف ، الصفحة 120 ) . وفي السياق نفسه، يقول: " أما عبدا لله بن سبأ، الذي يلصقونه «بالشيعة»، أو يلصقون الشيعة به، فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن لعنه، والبراءة منه.وأخف كلمة تقولها كتب رجال الشيعة في حقه، ويكتفون بها عن ترجمة حاله عند ذكره في حرف العين هكذا: عبداللّه بن سبأ ألعن من أن يذكر" (عبد الحليم محمود ، التفكير الفلسفي في الإسلام ، الطبعة الثانية ، منشورات دار المعارف ، الصفحة 127 ) . من هنا يذكر د. حفني داود "ولعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام هؤلاء الباحثين وغم عليهم أمرها فلم يفقهوها ويفطنوا إليها هذه المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة، حين لفقوا عليهم قصة «عبداللّه بن سبأ» في ما لفقوه من قصص أشرت إلى بعضها في مؤلفاتي" . قال الدكتور الأستاذ سهيل زكار محقق كتاب “المنتظم لابن الجوزي” في المجلد الثالث من المنتظم هامش صفحة 302: (المرجح أن ابن سبأ لم يوجد بالمرّة بل هو شخصية مخترعة). علي وبنوه صفحة 518. وقال الدكتور عبد العزيز الهلابي الأستاذ في قسم التاريخ بجامعة الملك سعود بالرياض: (الذي نخلص إليه في بحثنا هذا أن ابن سبأ شخصية وهمية لم يكن لها وجود، فإن وجد شخص بهذا الاسم فمن المؤكد أنه لم يقم بالدور الذي أسنده إليه سيف وأصحاب كتب الفرق، لا من الناحية السياسية ولا من ناحية العقيدة) عبد الله بن سبأ صفحة 71. قال الكاتب أحمد عباس صالح: (وهنا يتردد اسم عبد الله بن سبأ وهو شخص كان يهودياً وأسلم، تصوّره كتب التاريخ على أنه كان الشيطان وراء الفتنة التي قتل فيها عثمان، بل وراء الأحداث جميعاً … وقد وقف منه الكتّاب مواقف متعارضة فمنهم من ينكر وجوده أصلاً، ومنهم من يعتبره أساس كل ما جرى، بل أساس ما دخل في الإسلام من مذاهب غريبة منحرفة.وعبد الله بن سبأ شخص خرافي بغير شك، فأين هو من هذه الأحداث جميعاً؟ وأين هو من الصراعات الناشئة في هذا العالم الكبير المتعدد … وماذا يستطيع شخص مهما تكن قيمته أن يلعب بمفرده بين هذه التيارات المتطاحنة؟ إن الأحداث السريعة العنيفة المتلاحقة لم تكن في حاجة إلى شخص ما حتى ولو كان الشيطان نفسه لأن أصولها بعيدة الغور، وقوة اندفاعها لا قبل لأحد بالسيطرة عليها أو توجيهها، فضلاً عن تشابكها وتعددها بما لا يدع لأي قوة أن تزيدها تعقيداً.وساذج بغير شك التفكير الذي يتّجه إلى خلق شخصية خرافية كهذه ليعطيها أي أثر فيما حدث من أحداث. وأكثر سذاجة منه من يظن لهذا الرجل تأثيراً ما على كبار الصحابة، ومنهم أبو ذر الغفاري نفسه الذي لم يقبل مناقشة من أبي هريرة المحدث المعروف، وضربه فشجّه قائلاً في ازدراء: (أتعلمنا ديننا يا ابن اليهودية) إنما كل ما حيك من قصص حول عبد الله بن سبأ هو من وضع المتأخرين، فلا دليل على وجوده في المراجع القديمة فضلاً عن سخافة التفكير في احتمال وجوده أصلاً) . اليمين واليسار في الإسلام صفحة 95. الدكتور علي سليمان النشار فقال: (ومن المحتمل أن تكون شخصية عبد الله بن سبأ شخصية موضوعة أو أنها رمزت إلى شخصية ابن ياسر كما فعل الأمويون بكلمة تراب والترابيين، ومن المحتمل أن يكون عبد الله بن سبأ هو مجرد تغليف لاسم عمار بن ياسر) . محمد كرد علي يقول " وأمّا ما ذهب إليه بعض الكّتاب من أنّ أصل مذهب التشيّع من بدعة عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء فهو وهم وقلة علم بحقيقة مذهبهم، ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك علم مبلغ هذا القول من الصواب " (خطط الشام 6/251 ) . يقول احمد عباس الصالح: عبدالله بن سبأ رجل خرافي بغير شك فأنّى هو من هذه الأحداث جميعاً وساذج بغير شك الذي يتجه إلى خلق شخصية كهذا ليعطيها أثراً أي أثر فيما حدث من الأحداث إنّ كل ما حيك من قصوص حول عبدالله بن سبأ من وضع المتأخرين فلا دليل على وجوده في المراجع ( مجلة الكاتب عدد أذار 1965) .
يشير البعض الى ان هناك روايات عند الشيعة تثبت وجود ابن سبأ اعتمادا على رواية (اختيار معرفة الرجال) المعروف برجال الكشي وأيضًا معرفة الناقلين يتحدث عن رجال الشيعة الامامية، وهو مختارات من الكتاب الذي ألفه محمد بن عمر الكشي (ت 340 هـ). والرد عليه ان رجال الكشي ليس من الكتب الأربعة المعتمدة في الحديث عند الشيعة والكتب الأربعة المعتمدة لم ترو الأحاديث الخمسة التي رواها الكشي. وهذا يدل على أن مصادرها في رجال الكشي لم تكن شيعية. بل إنها تشبه روايات الطبري المنقولة عن سيف بن عمر التميمي. ولا يمكن الادعاء أن «الكشي» كان سباقا ولا غير ناقل لتلك الرواية. ومن ثم انتشرت روايات رجال الكشي عن ابن سبأ في كتب الرجال ورمزوا اليه بـ(كش)، ومنه أخذ ترجمة ابن سبأ كل من جاء بعده من علماء الرجال، مثل التفرشي الذي نقل إحدى رواياته بترجمة عبد الله بن سباء من كتابه نقد الرجال الذي الفه سنة (1015 ه) ورمز إليه بـ(كش). والاردبيلي(…) ومن أهل الحديث، أخرج المجلسي (1110 ه) الروايات الخمسة والخبر الأخير عن الكشي في موسوعته الحديثية البحار . هذا فضلا عن أن الكشي كان يروي عن الضعاف. يقول النجاشي بترجمة الكشي من رجاله: «الكشي أبو عمرو، كان ثقة عينا، روى عن الضعفاء كثيرا، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه، له كتاب الرجال، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة". الكشي كان يروي عن أهل السنة، ومنهم أخذ رواية عبد الله بن سبأ التي اختلقها سيف بن عمر التميمي الكذّاب وانفرد بها . يقول الشيخ أبو علي الحائري في الكشّي: «محمد بن عمر أقول: ذكر جملة من مشايخنا أن كتاب رجاله المذكور كان جامعا لرواة العامة والخاصة خالطا بعضهم ببعض، فعمد إليه شيخ الطائفة، طاب مضجعه، فلخصه وأسقط منه الفضلات" .
وبعد هذا الجولة من الآراء اتضح أنّه لا وجود لابن سبأ لأنّ تسليمنا بوجوده يفضي إلى إلغاء عقولنا، ولأنّ منهح البحث العلمي يأبى وجوده لأنّ مصادره مختلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج