الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزوايا المظلمة من تاريخ الإنسانية

أبوبكر المساوي
باحث

(Aboubakr El Moussaoui)

2023 / 11 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حاول الهوموسابيان ( الانسان العاقل ) منذ عشرات الآلاف من السنين تفسير ما يحدث من حوله من ظواهر طبيعية وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجهه وتهدد بقاءه، فأخطأ تارة وأصاب أخرى، وكانت التجربة وسيلة ومنهجا للتعلم وتصحيح الأخطاء، ثم عمل على اكتساب مهارات وتطويرها لجعل حياته أفضل مع تعاقب الأجيال، إلى درجة أنه تجاوز إرادة البقاء وحلت محلها إرادة القوة والرغبة في التحكم في كل ما يحدث وتطويعه لصالحه، والتحكم حتى في أشياء محتملة الحدوث في المستقبل القريب أو البعيد ، أو بصيغة أخرى صناعة المستقبل بحسابات رياضية دقيقة، حيث يكون احتمال الخطأ فيها مهملا في مقابل احتمال التحقق والحدوث؛ إضافة إلى أن الإنجازات التي حققها الإنسان على المستوى الفردي إلى حدود الساعة والتي لم تنشر بعد قد يعجز ذوي العقول المتوسطة استيعابها، وبالأحرى أصحاب العقول (الضعيفة) أو الذين فضلوا ركن عقولهم في تلك الزوايا المظلمة من تاريخ الإنسانية وأصروا على البقاء فيها بحجة أن تلك الزاوية هي الأفضل على الإطلاق؛ والأفظع أنهم يروجون لذلك ويلقنون مخلفاتهم الجينية أن الأمر عظيم والخروج عنه خطب جلل، مصحوب بجرعة لابأس بها من الترغيب والتحايل - في حالات الضعف - وكثير من الترهيب - في حال امتلاك القوة ووسائل الردع- مع خلفية مصبوغة بأطنان من العاطفة ومعزوفات على مقامات تليق بمستوى ونوع الحدث.
أما من حيث إصدار حكم القيمة على معتقدات وتصرفات الإنسان و إنتاجه الفكري في ظل تلك الزاوية المظلمة فيبقى مجرد عبث و -إتلاف للذخيرة في الفراغ- لأنه لا يمكن الحكم على أشياء خارجة عن نطاق العقل بمعايير العقل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال العمل على قطع تلك العلاقة العاطفية التي تربط بين الفرد وتلك الزاوية المظلمة التي الفت فيها أشعار ونسجت حولها ملاحم وبطولات وأساطير لا حصر لها من حيث العدد و لا حدود فكرية تحدها حيث تجاوزت ما يمكن للعقل السليم أن يتقبله، وليس من السهل إيجاد مدخل إلى عقل الانسان الذي تغلب عليه العاطفة تجاه الموروث العقدي لفك عقده ، بسبب ذلك الجدار الضخم الذي يزداد متانة مع مرور السنين، والذي يبنيه اللاشعور بين الفرد وعقله فيعتبر أن كل ما يمس بسلامة ذلك الجدار تهديد لشخصه ولوجوده، لكن لابأس من إبداء الرأي في هذا الأمر مهما كان هذا الرأي مجانبا للصواب، فأقول أن هذا التماهي مع المعتقدات الموروثة عن أناس عاشوا قبل أكثر من ألف عام، و هذا الذوبان في أفكار أنتجت في زمن و في بيئة لغرض خدمة مصالح خاصة دون دراسة أو تمحيص دليل عل وجود خلل واضح في التفكير عند عموم أفراد المجتمع، لكن هذا لا ينفي ظهور حالات استثنائية لأفراد من حين لآخر يختارون الخروج عن المألوف (القطيع) و يجعلون منه قضية حياة، و هذا ما يشهد به التاريخ، حيث لا يخفى على الكثير ممن تعرضوا لعوامل التصحر الفكري عندنا (المتعلمون) ما أصاب العلماء والفلاسفة والفنانين في ظل محاكم التفتيش من ملاحقات وتعذيب ومحاولات اغتيال أو قتل بأبشع الطرق وإحراق وبتر للأعضاء...هؤلاء الذين احترقوا لينيروا دروبنا وعملوا بجد ليجعلوا حياتنا تسير دائما نحو الأحسن. أما إن أردنا الحديث عن حالنا فلا نملك إلا أن نتأسف ونندب حظنا التعيس نظرا لكوننا نعيش تحت رحمة قوانين مقتطعة من زمن القرون الوسطى بخصوص الحريات -التي من بينها حرية الاعتقاد واعتناق الأفكار أو التخلي عنها في حال اكتشاف بطلانها أو عدم جدواها أو خرافيتها- لا لشيء إلا لكونها ما تزال صالحة لخدمة مصالح أفراد أو جماعات تمتلك القوة ووسائل الردع.
فهل يكون الخروج عن القطيع كبيرة من الكبائر التي تستدعي الاستتابة والعقاب أم هو اجتهاد يستحق التشجيع؟
وهل يكون الخروج عن المعتاد اختياريا نابعا من قناعات حقيقية ومبنيا على أسس علمية أم أنه نتيجة حتمية لظروف قاهرة محيطة بالفرد؟
وهل يكون الخروج عن القطيع كافيا أم أن هذا يستدعي إنتاج فعل مضاد لتحقيق الغاية من الخروج؟
وما هو العدد الذي يلزم هذا المجتمع من الخارجين لتصحيح مساره الفكري أو لتقويم الاعوجاج والإعاقات الفكرية التي تلاحقه منذ زمن طويل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات