الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2 مرة أخرى تنوير عربي جديد: سوسيولوجيا الفضيلة

محمد علي سليمان
قاص وباحث من سوريا

2023 / 11 / 7
المجتمع المدني


إشكالية المجتمع العربي مع التنوير في العصر الحديث أنه لم يعرف الثورة الدينية _ الإصلاح الديني، ولا الثورة السياسية _ الديمقراطية، ولا الثورة العلمية، العقلية _ العقلانية والعلمانية. وكل ما عرفه هو اجتهادات أقرب إلى الفردية عبر الاتصال مع حداثة أوروبا عن طريق البعثات العلمية ووسائل الاتصال الحديثة: من الرحلات، إلى الجامعات، إلى ترجمة الكتب. ورغم كل جهود المفكرين من أجل تكوين عصر تنوير عربي، وقد اعتمدوا تنوير العقل، فإن تلك الجهود لم تظهر نتيجة على المستوى الاجتماعي، بمعنى أن العقلانية لم تتحول إلى قوة اجتماعية. وأحد الأسباب الرئيسية أن المجتمع العربي هو مجتمع يسيطر عليه " الدين "، أو لنقل " التدين "، حيث ظهر ذلك في مؤتمر السقيفة الذي كرس الدين في خدمة القبيلة لا في خدمة المجتمع، في خدمة السلطة السياسية لا في خدمة تحرير الإنسان كما في أيام الرسول. ثم جذرت الدولة الأموية الدين في خدمة السلطان، والدين في خدمة دولة استبدادية تقوم على الوراثة العائلية، وأن سلطة الحاكم مستمدة من الله وذلك الحاكم يعمل بأمره، وبذلك أبعدت السلطة السياسية الدين عن يكون " لاهوت التحرير " كما أصبح في أمريكا اللاتينية.
وهذا ما جعل التنوير في العالم العربي يختلف عن التنوير في بريطانيا _ تنوير سوسيولوجيا الأخلاق وفي أمريكا _ تنوير علم الحرية السياسية، فقد " كان التنويران البريطاني والأمريكي متسامحين، ومنسجمين مع تشكيلة واسعة من الإيمان والكفر. لم يكن هناك نزاع بين الحكومة المدنية والسلطات الدينية في هذين البلدين لصرف عامة الناس، وتقسيمهم، وإثارة الماضي ضد الحاضر، ومواجه العاطفة المستنيرة بالدساتير الرجعية، وخلق فجوة لا يمكن سدها بين العقل والدين. على العكس، كان تنوع الطوائف الدينية نفسها تأكيداً للحرية، وكان، في الأغلب، أداة للإصلاح الاجتماعي، وكذلك للخلاص الروحي " . لكن ما حدث في العالم العربي، وما يزال يحدث، أنه لم تسد الفجوة بين العقل والدين، ويبدو أنه لا يمكن تجاوز هذه الفجوة بين العقل والنقل _ الدين، بين الماضي والحاضر، بين الأصالة _ التقليد والمعاصرة _ الحداثة، وهي لم تكن صرعات فكرية فقط بل وصراعات اجتماعية _ سياسية، صراعات قوى اجتماعية لكل منها مشروعها السياسي والاجتماعي، صراعات أدت إلى حروب أهلية، استنزفت ولم تزل تستنزف قوى النهضة العربية.
إن مشكلة القوى العربية الحديثة والمعاصرة كانت في أنها قاربت الأخلاق من وجهة نظر السياسة لا من وجهة نظر الدين، فالأخلاق سوف تتحقق مع قيام الاشتراكية_ الشيوعية، لا عبر الإصلاح الديني، كما حدث في أوروبا مع البروتستانتية، وكذلك مع قيم الدين الحقيقي ك " لاهوت للتحرير "، رغم سيطرة الدين على الجماهير العربية. ومن المعروف تاريخياً أن القوى العلمانية تركت الدين للقوى الدينية المحافظة، وحتى التكفيرية لتنشر بين الناس أخلاق تقوم على الخرافة، وتكرس الاستبداد والجهل والتخلف، بحيث أن تلك القوى الدينية المحافظة والتكفيرية تريد إعادة الحاضر إلى الماضي الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين لأن المجتمع الحاضر مجتمع جاهلي قياساً على المجتمع الجاهلي قبل الإسلام، وقامت بتكفير هذا المجتمع الجاهلي الحديث، وبدأت حربها للقضاء عليه كما تم القضاء على المجتمع الجاهلي في الماضي مع الإسلام، ويكفي التذكير بما حدث في مجرى " الزلزال العربي "، وكيف تم تدمير البنى التحتية للمجتمع العربي، وكذلك تم تدمير الإنسان العربي الذي لا يتبع الطائفة الناجية.
لقد فشل تنوير " أيديولوجيا العقل " في المجتمع العربي، ومن مظاهر ذلك الفشل ما حدث مع المعتزلة، ومحنة ابن رشد، والقضاء على الاجتهاد، والتأويل الذي يكرس أن النص في خدمة الإنسان، وأنه إذا اختلف العقل مع النقل فإن الأولوية أن يكون التأويل في صالح العقل، في صالح الإنسان. ولكن القوى الدينية التقليدية رفضت التأويل، فقد اعتبر سيد قطب أن أي تفسير للنص _ القرآن والحديث لا يجوز حتى من داخله، لأن أي اجتهاد يمكن أن يخلخل النص ويحرفه عن أصله، وذلك رغم أن الرسول قال في حديث شريف " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "، وقال في حديث آخر " أنتم أدرى بشؤون دنياكم " حيث جعل الدين في خدمة الإنسان، في خدمة حياته الاجتماعية، ومن هنا جاء الناسخ والمنسوخ في القرآن حيث كان الكتاب الكريم في خدمة مجتمع متغير.
وحسب كتاب " الطرق إلى الحداثة " فإن كل من فرنسا وبريطانيا وأمريكا اختارت طريق الحداثة الذي هي بحاجة إليه، وهذا لا يعني أنها رفضت الطريقين الآخرين، إن الطرق الثلاثة إلى الحداثة هي ضرورية، ولكن كل واحدة من البلاد الثلاثة كانت قد حققت الطريقين الآخرين، والطريق الثالث الذي أخذت به هو ما كان ينقصها لتكتمل حداثتها، فمثلاً بريطانيا كانت قد عرفت الإصلاح الديني وعرفت الثورة السياسية وكانت بحاجة إلى أخلاق الفضيلة الاجتماعية. وفي حالة العالم العربي فإنه يحتاج من أجل الحداثة إلى الطرق الثلاثة: أيديولوجيا العقل، سوسيولوجيا الأخلاق، علم الحرية السياسية. فقد فشل العقل في إنتاج عصر تنوير اجتماعي، فالعقل عبر التاريخ العربي الإسلامي كان يعيش في محنة دائمة، حيث أنه كان يهرب من محنة ليجد نفسه في متاهة محنة أخرى بسبب سيطرة النقل _ اللاعقل في المجتمع السياسي والمجتمع المدني عبر سيطرة القوى الدينية التقليدية. أما الحرية السياسية، الاستقلال، فك الارتباط مع النظام العالمي الإمبريالي فهو في حكم المستحيل في الظروف الداخلية _ سيطرة البورجوازية الكولونيالية وارتباطها المصيري مع تلك الإمبريالية المتوحشة، وبسبب الظروف الخارجية _ الإمبريالية التي أصبحت تحطم كل محاولة للتحرر. ولم يبق غير تنوير أخلاق الفضيلة الاجتماعية الذي يمكن الانطلاق منه لبدء عصر تنوير عربي جديد، خاصة وأنه يتوافق مع القيم الدينية الحقيقة الإسلامية والمسيحية. إن التنوير البريطاني " سوسيولوجيا الفضيلة " الذي يقوم على " أن الحاسة الخلقية، أو العاطفة الأخلاقية، الفضائل الاجتماعية، أو الوجدانات الاجتماعية، فكرة الأريحية، التعاطف، المشاركة الوجدانية، هي المصطلحات المحددة للفلسفة الأخلاقية التي كانت في صميم التنوير البريطاني وأعماقه.. وهذه الأخلاق هي التي وجدت تعبيراً في حركات الإصلاح والمشروعات الخيرية.. فيما أطلق عليه نزعة العمل لخير الإنسانية " . ذلك أن المقصود بالفضيلة " لم تكن الفضيلة الشخصية، بل هي الفضائل الاجتماعية، وأعني الشفقة والأريحية والتعاطف التي اعتقد الفلاسفة البريطانيون أنها تربط الناس بعضهم ببعض بصورة طبيعية، وغريزية، وفطرية " . وأخلاق الفضيلة الاجتماعية يمكن تسويقها في المجتمع العربي الإسلامي باعتبارها من صميم القيم الدينية الحقيقية. وفي التاريخ العربي الحديث والمعاصر تجربة يمكن البناء عليها، ففي ازدهار عصر النهضة اضطرت القوى الدينية أن تأخذ المفاهيم الإسلامية باتجاه المفاهيم التنويرية الحديثة، وهكذا أصبحت الشورى هي الديمقراطية، وأصبح الإسلام يملك علمانية إسلامية، وأصبحت هناك اشتراكية إسلامية، وحقوق إنسان إسلامية. لكن هذه المرحلة انتهت مع سقوط الأنظمة العربية التقدمية مع هزيمة 1967، وخاصة بعد 1973 وفورة البترودولار حيث سيطرت دول الخليج، وخاصة السعودية التي أغدقت ذلك البترودولار على الأنظمة التقدمية لاحتوائها، وأيضاً وبشكل خاص على الأنظمة الرجعية لتقوية سيطرتها، وأيضاً على الحركات الإسلامية المحافظة والوهابية التكفيرية، دون أن ننسى محاولتها ترويض المفكر العرب التقدميين حتى أن كثيراً منهم تحول إلى الإسلام. وفي مواجهة القوى العربية العلمانية لهذا الانحدار صوب " الإسلام السياسي " لجأت القوى العربية العلمانية إلى التقرب من التراث العربي الإسلامي العقلاني: المعتزلة، ابن رشد، النزعات المادية، ولكن ظل التنوير بنظر تلك القوى العلمانية يقوم على أيديولوجيا العقل. وأعتقد أنه على تلك القوى العلمانية أن تبني عصر التنوير الجديد على أسس " سوسيولوجيا الفضيلة "، أسس تقوم على أخلاق الفضيلة الاجتماعية عبر العمل على أن حب الوطن يقوم حسب التنوير البريطاني على أساسين: احترام الدستور والقوانين، وعلى الاهتمام بخير الآخرين وسعادتهم، حيث لا يمكن أن يزدهر مجتمع ويكون سعيداً بينما القسم الأعظم من سكانه فقراء. ويكون ذلك بخلق جيل من المصلحين الاجتماعيين وإنسانيي النزعة. وإذا كان تنوير أيديولوجيا العقل يقطع مع الماضي _ التراث، فإن تنوير سوسيولوجيا الفضيلة يتواصل مع الماضي _ التراث، مع التقاليد والعادات التي تكرس أخلاق الفضيلة الاجتماعية، وبالتالي يمكن الانطلاق من الأخلاق الدينية الحقيقية بعيداً عن أخلاق القوى الدينية المحافظة التي تقوم على الخرافة وتكرس الجهل والتأخر الاجتماعي. فإذا كانت القوى الدينية المحافظة ترفض " العقل " لأنه يجر إلى الكفر، فإنها لا تستطيع أن ترفض عمل " الخير " لأنه من صميم الأخلاق والقيم الدينية الإسلامية، وهكذا يمكن سحبها من مجال السياسة إلى مجال الأخلاق، فهي كحركات إسلامية، كقوى إسلامية تستخدم الدين للسيطرة على السلطة السياسية، وهكذا يمكن العمل من خلال " الدين " على تكريس أخلاق المصلحة الاجتماعية لا أخلاق المصلحة الشخصية، مصلحة المجتمع بكل فئاته لا مصلحة الشخص عبر تكريس قيم الخير والشفقة والمحبة والأعمال الخيرية والتعاطف: العمل من أجل الإنسان.
أن أفكار " العقل والعقلانية " لم تتوطن في المجتمع العربي رغم كل جهود المنورين العرب، وسيطرت الخرافة واللاعقل في المجتمع العربي، إضافة إلى ذلك أن ما بعد الحداثة ألغت كل مكتسبات الحداثة ومنها العقل والعقلانية، والمجتمع العربي اللاهث خلف الغرب في انفجاره المعرفي يريد أن يواكب تقدم العصر، ويحاول دخول عالم ما بعد الحداثة دون توطين الحداثة. أما بالنسبة للحرية السياسية، فمنذ صرخة الكواكبي لإزالة الاستبداد، ورغم تتالي الصرخات فإن الاستبداد كان وما يزال يزداد ترسخاً في العالم العربي، والأنظمة العربية الحاكمة لن تتنازل عن السلطة السياسية إلا عبر تحطيم نمط الإنتاج الكولونيالي وبورجوازيته الكولونيالية عبر ترسيخ، من الناحية النظرية، نمط إنتاج رأسمالي عبر الطبقة البورجوازية أو نمط إنتاج اشتراكي عبر الطبقة العاملة، ولنتجاوز مأزق الطبقة البورجوازية العربية والطبقة العاملة العربية، تلك البورجوازية العربية الكولونيالية عملت وتعمل على تأبيد تلك السلطة الاستبدادية. ويبدو، في مجتمع يسيطر عليه الدين مثل المجتمع العربي، أن أخلاق الفضيلة (المصلحة الشخصية هي المصلحة العامة، أي أن الفرد يعمل للمصلحة العامة وكأنه يعمل لمصلحته الشخصية) يمكن أن تجد لها طريقاً إلى المجتمع المدني (لا المجتمع السياسي في الظروف الكولونيالية) عبر تراثه الديني الإسلامي، وتترسخ فيه عن طريق المؤسسات الأهلية والجمعيات المدنية والدينية الخيرية لتحسين شروط الحياة الاجتماعية في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية والفكرية (ولكن ليس على طريقة الإخوان المسلمين والأنظمة الحاكمة التي تعمل لأسباب دعوية وسياسية من أجل السيطرة على الشعب) بحيث يتم ترسيخ كافة قيم العمل والرحمة والتسامح واحترام الآخر وكل الفضائل الأخرى التي يمكن أن تطرد قيم القوى الدينية التكفيرية التي تعمل على ترسيخ قيم التعصب والقتل والطائفية والسرقة والفساد وكل كل الرذائل التي تسبب دمار وخراب المجتمع العربي.
إشكالية المجتمع العربي مع أخلاق الفضيلة الاجتماعية إنها موجودة عبر التراث العربي الإسلامي، ولكن لم يؤخذ من تلك " الأخلاق " إلا ما يخدم المجتمع السياسي في السيطرة السياسية لا ما يخدم المجتمع المدني في الحرية الاجتماعية لتحسين شروط حياة الإنسان العربي. وكان أن تكرست أخلاق الاستبداد، أخلاق الرذيلة وأصبح الفساد بكل أشكاله الاجتماعية من الفضائل. إن بداية التنوير العربي الجديد يمكن أن تترسخ اجتماعياً بشكل نسبي عن طريق تنوير أخلاق الفضيلة الاجتماعية، بحيث يستفيد المنورين العرب المعاصرون من الإسلام كدين أتى في الأصل ليتمم مكارم الأخلاق، وخاصة في ظل سيطرة أخلاق التوحش التي تعيد المجتمع العربي إلى العصور المظلمة مع القوى الدينية التكفيرية (القاعدة وأخواتها). ومستفيدين أيضاً من تراث كل مفكري الإصلاح الإسلامي الذين ينتمون إلى تنوير أخلاق الفضيلة الاجتماعية بشكل رئيسي (الطهطاوي، والأفغاني، والكواكبي، ومحمد عبده، وشكيب أرسلان، وعلي عبد الرازق، وحسن حنفي، مع التأكيد أن هؤلاء المنورين كانت معركتهم هي التنوير بأشكاله الثلاثة بسبب تخلف المجتمع العربي في كافة المجالات الاجتماعية لسيطرة البورجوازية الكولونيالية، ولكن مع أفضلية لتنوير أخلاق الفضيلة الاجتماعية كونهم من مفكري الإصلاح الإسلامي). ويمكن التوقف عند الكواكبي حيث يقول: " لا تكون الأخلاق أخلاقاً ما لم تكن ملكة مطردة على قانون فطري تقتضيه أولاً وظيفته الإنسان، وثانياً وظيفته نحو عائلته، وثالثاً وظيفته نحو قومه، ورابعاً وظيفته نحو الإنسانية. وهذا القانون ما يسمى عند الناس بالناموس " . ويتابع الكواكبي: " نعم، الدين يفيد الترقي الاجتماعي إذا صادف أخلاقاً فطرية لم تفسد. فينهض بها كما نهضت الإسلامية بالعرب، تلك النهضة التي نتطلبها منذ ألف عام عبثاً " . ولذلك يطالب الدكتور محمد عثمان الخشت بتأسيس عصر ديني جديد " تكوين خطاب ديني جديد، وليس تجديد الخطاب الديني.. استعادة الإسلام المنسي: الإسلام _ قرآناً ورسولاً _ يقدم نموذجاً إنسانياً عالمياً للدين الذي يلائم الطبيعة الإنسانية. يعترف بالتنوع الكوني والإنساني. يعتبر التعددية سنة إلهية.. ومن مقاصده الكبرى تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على الأوطان ومصالح الناس، كل الناس: حياتهم، عقولهم، دينهم، أموالهم، أعراضهم " . ومن أجل ذلك يقترح خالد محمد خالد أن تقوم الدولة بواجبها كحافز بحيث يتم تكوينها وفق المبادئ الخلقية، بالإضافة إلى واجبها كحارس بحيث تحرس التطور الصاعد للمسلك الخلقي من هجمات الرجعية، ولذلك " فنحن نرى أن تقوم فوراً في بلادنا وزارة للتربية والسلوك.. إنها بإيجاز: توحيد جميع ضروب النشاط الاجتماعي، والديني، والصحي، والثقافي الذي يتصل بأخلاق الفرد، وسلوك الناس. والاتجاه به في خط طول واحد يقوم على الفهم الصحيح للمشكلة الأخلاقية، ويهدف إلى جمع الأمة على سلوك موحد مستقيم " .
ولكن مرة أخرى وأخرى إن ذلك يتطلب وجود قوى اجتماعية مهيمنة لها مصلحة في التنوير بكل أشكاله (تنوير العقل وأخلاق الفضيلة الاجتماعية الحرية السياسية)، ولكن يمكن أن يساعدها تنوير أخلاق الفضيلة، في مرحلة أولى، في مواجهة أخلاق التوحش لأن الشعب العربي يمكن أن يتقبل ذلك التنوير (تنوير أخلاق الفضيلة) ويعمل به لأنه من أساس معتقداته الدينية، والذي هو أيضاً حاجة اجتماعية في مرحلة أخلاق اللافضيلة التي تهيمن في المجتمع العربي، ويمكن، كمرحلة أولى على طريق التنوير، أن يساعد ذلك التنوير (تنوير أخلاق الفضيلة) تلك القوى الاجتماعية التقدمية في ترسيخ وجودها الاجتماعي في المجتمع المدني مما يساعد في خلق تنوير عربي جديد. ويمكن الإشارة إلى رأي ماكس ويبر في كتابه " الأخلاق البروتستاتنية والروح الرأسمالية " حيث يوضع علاقة الأيديولوجيا الدينية _ الكالفينية، لا التطور الاجتماعي الاقتصادي، بظهور الرأسمالية حيث تم خلق منظومة من المواقف والممارسات الأخلاقية الملائمة من أجل التشجيع على العمل المنتج والادخار المالي مما ساعد على خلق التراكم الأولي الرأسمالي الذي ساهم في إقلاع الإنتاج الصناعي. ولكن لا بد من القول إن القوى الاجتماعية دينية كانت أو علمانية لا تأخذ بأوامر الدين في العمل الاقتصادي، إن ما يهمها في النهاية هو تكديس الأموال، دون أن تهتم بأوامر الدين التي تأمر بالعدل والشفقة تجاه الفقراء والمحتاجين والضعفاء، والقوى الاجتماعية التي يمكن أن تأخذ بتنوير أخلاق الفضيلة الاجتماعية هي القوى التي تعمل لمصلحتها، ومن خلال العمل لمصلحتها تعمل من أجل مصلحة المجتمع. ذلك أن الاقتصاد لا يقوم على الدين، لكنه يستخدم الدين مثل أية أيديولوجيا من أجل ضمان السيطرة على العمال، إن المال لا دين له. وكما يقول مكسيم رودنسون: " لم تكن تعاليم الإسلام عائقاً جدياً دون الاتجاه إلى الرأسمالية في القرن الأخير، ولا هي الآن حقاً عقبة دون الاتجاه إلى الاشتراكية " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة