الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بال المرأة العربية تتراقص في الطرقات!

إلياس شتواني
باحث وشاعر

2023 / 11 / 9
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لقد تكشفت ظاهرة جديدة في الوطن العربي تخص النساء و الرجال. لقد أصبحت النساء عقارب رقص و أصبح الرجال عقارب شبق و طغيان. لقد كنت أقرأ فيما مضى عن المستويات الدنيئة و المؤسفة التي وصل إليها حال المرأة العربية في الشوارع و الطرقات، لكني لم أعتقد صدقا أن الحالة مزرية إلى الحد الذي أعاينه كل يوم في مدينتي.

المرأة العربية تتزين و تتجمل و تخرج لرثاء الضباع و الذئاب

ألا تعلم المرأة العربية تاريخ نضال المرأة الغربية الطويل؟ ألا تدري كيف هي إستأهلت المساواة و الإنصاف و الإحترام؟ لقد مرت قضية المرأة في تاريخها إلى نشأة و مراحل ترسيخ و عوامل نضال فكري و سياسي و وعي مجتمعي مكتمل الأركان. إن المرأة الغربية في نضالها لم تحارب الرجل ككيان، لكنها وقفت ندا لعقلية ذكورية سلطوية إستغلالية جعلتها تاريخيا في مراتب الدونية و الإنحطاط. لقد حرمت المرأة في ما مضى من التعليم و العمل و التصويت و حرية الرأي و التفكير. لكن بعد ثورة فكرية (من أهم روادها نذكر ماري وولستونكرافت، سيمون دو بوفوار، و فيرجينيا وولف) و ثورة صناعية شكلت طرفا رئيسيا في تحريرها، و دور بارز و عظيم في الحربين العالميتين (من فلاحة و صناعة و تمريض و تطبيب)، رضخ المجتمع الغربي بكل مكوناته الفكرية و العقائدية و السياسية أخيرا لقوة المرأة و مال بكل ثقله لإحتضان المرأة و دمجها في بنيان المجتمع الحديث.

الحرية ليست "قفزة" تقوم بها المرأة أو تعرية لجسدها

لقد كتب ليون تروتسكي منذ حوالي مئة عام مضت أن الثورة ليست قفزة تقوم بها المجتمعات، و لكنها بناء سياسي و أطوار طبيعية تمر بها المجتمعات بالتدريج. يمكن ربط هذا المبدأ بقضية المرأة العربية. فهل فعلا إستأهلت المرأة العربية الحرية و المساواة، و هل قامت هي فعلا في ترسيخ مكانتها في المجتمع العربي الحديث؟

المرأة العربية هي عبارة عن قارب يجري في أمواج عاتية و بدون بوصلة. الرجل العربي، من جهة مقابلة، لا يزال يتخبط في الموروثات القديمة و القضايا الدينية و قضايا الحرية و الإستبداد. المجتمع العربي لم يمر بنفس المراحل التي مر بها الغرب من تطور للصناعة (قنانة، مانيفاكتورة، و صناعة ثقيلة) و لا من تطور للديمقراطية (علمانية، مؤسسة برلمانية نزيهة، لامركزية السلطة، و تداول حقيقي للحكم) و لا من ثورات فكرية و سياسية (من فلسفة سياسية و أخلاقية، و حروب عالمية، و رأسمالية ليبرالية منتجة). فالمجتمع العربي لا يزال يناقش أحكام ملك اليمين و يقنن تعدد الزوجات، و يقوم بدسترة توقير الملك و توريث الإبن البكر للحكم (المغرب كمثال). و هو لا يزال يتخبط في شعارات القومية العربية و الدولة الإسلامية و شماعة القضية الفلسطينية. أتسائل هنا: أين دور و تأثير المرأة في كل ما سبق؟

تحرير و إنصاف المرأة باتت ضرورة ملحة و خطوة هامة نحو التقدم و الإزدهار. لكن تحرير المجتمعات العربية الذكورية تبقى أولوية قصوى. الرجل العربي لا يزال يستهويه الجهل و العماء. لا تزال تستهويه الخطابات الدينية و السياسية المهيضة و الفجة. فهو في حيص بيص. هو يلقن أن الإسلام قد كرم المرأة و صانها، و يلقن أيضا أن المرأة هي عبدة و ملك يمين. المرأة تقبل و تدبر في صورة شيطان. المرأة ناقصة عقل و دين. الرجال قوامون على النساء. أكثر أهل النار من "جنس" المرأة، فهي تكثر اللعن و تكفر العشير. و من يتزوج إمرأة مطلقة فإنه يزني. و الضروب كثيرة في هذا الصدد...

إن صورة المرأة العربية في ذهن الرجل العربي هي كارثية لا محالة، و تستوجب حتما التوقف عندها و النظر فيها. كيف نحرر سيكولوجية المرأة النمطية من ذهن الرجل العربي المتخلف؟ أليس هذا السؤال يبدو منطقيا الآن؟ كيف نحرر مجتمعاتنا من السطوة الذكورية الإستبدادية و الطاغية؟ أليس هذا السؤال يبدو منطقيا الآن؟ كيف نحرر المرأة العربية من نفسها؟ أليس هذا أهم سؤال؟

هناك فقط سنطمأن على المرأة في الشوارع و الطرقات.
هناك فقط لن نخاف على المرأة و لن نضطهدها، و سيصبح الرجل أخيرا صديقا و رفيقا لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيدات المهن الصعبة


.. المؤلف شريف بدر الدين: مسلسل مفترق طرق يتعاطف مع قضايا المرأ




.. منسقة مركز الدعم في منظمة كفى سيلين الكك


.. الرئيسة المشاركة في مجموعة العمل الجندري في هيئة الأمم المتح




.. المشاركة في الورشة منال أبو علوان