الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايتنا جميعاً

شفان شيخ علو

2023 / 11 / 10
الادب والفن


 
تقول الحكاية أن أحدهم غرز شوكة في يد من سلَّم عليه، فقدّم الآخر له وردة. فاستغرب، وظهر مضطرباً حائراً بسبب الموقف الذي لم يتوقعه. كان يتوقع أن يغرز هو الآخر شوكة في يده .
موقف غريب حقاً، وليس غريباً. غريب، لأننا نكون معتادين عليه، أي حين يحاول أحدهم التعامل معنا بالسلب، مثل صاحب الشوكة، يكون الرد المطلوب رد الشوكة بالشوكة.
لكن الطيّب، والذي ينظر إلى الأمام، وهو يشعر بما هو إنساني، له حساب آخر، أي خلاف ما يتوقعه صاحب الشوكة، والذي يفكّر على طريقته طبعاً.
وأنا واثق تماماً، أن في مجتمعنا، بين كردنا، بيننا نحن الإيزيدية أمثال صاحب الورد كثيرون. فلا يسأل حامل الوردة، ما إذا كان مقابله سيعترض أو يبادله بالشوكة مرة أخرى. إنما يكون شعوره الداخلي، الإنساني، هو أن الخير يكون المنتصر في النهاية.
نعم، الخير هو المنتصر دائماً، وهذا يتوقف علينا دائماً، هو أن ننظر بقلب منفتح، وألا نعيش ظن السوء بسوانا، لأننا بالطريقة هذه نخرب مجتمعنا فقط، وإنما ندمر حياتنا جميعاً وبأيدينا .
الوردة، تكون الكلمة الحلوة التي نتبادلها مع بعضنا البعض، والمعاملة الحلوة التي تجعلنا قريبين من بعضنا البعض، وقادرين على مواجهة الصعاب وفعل الخير أكثر فأكثر.
والوردة وهي بجمالها ورائحتها وجذبنا إليها، هي التي تشكل كل ما هو جميل وحلو ومفرح وباعث على النشاط، ومشجع على القيام بكل ما هو بنّاء ومعمّق للمشاعر الإنسانية .
الشوكة تؤلم، وتزعج، وتخيف كذلك، ولكنها لا تستطيع أن تحل محل الوردة.. فالذين يكونون قدوة المجتمع، والذين يضحّون في سبيل مجتمعهم، ولا يسألون عن الثمن بالمقابل، والذين يمارسون المعروف دائماً، دون أن يسألوا عن الشخص في دينه، في عقيدته، في قوميته ولغته، إنما يهمهم الجانب الإنساني فيه، وهو المهم، هو جوهر الإنسان، حيث الحب هو طاقته .
فالحب وردة لا تتوقف عن النمو وبث الرائحة العطرة، والحب الذي كتُِبت بأسمائه قصائد كثيرة، وأغان كثيرة، إنما للضرورة ، ضرورة أنه بالحب يشعر الإنسان بغيره، وبالحب يستطيع أن يتغلب على عراقيل كثيرة، وعلى الخوف والشعور بالإحباط أحياناً، وتجاوز الفشل، لأن الحب مطهّر القلوب، وهو الذي يضيء الطرق الطويلة، ويكون عامراً للأوطان .
وإذا كان هناك من يتحجج بوجود مشاكل، وخيبات، ومشاكل تؤثر على سلوك الأفراد، كما  قد تبعدهم عن بعضهم البعض، لكن ذلك يجب أن لا يكون سبباً، لأن يصبح سلبياً، أي يكون حامل الشوكة، فلا يقول إلا ما ينفر منه أهله، وأقرباؤه، ومعارفه والذين يعيشون معه. إنما تكون الوردة أمام أنظاره، وفي تفكيره، وفي كل اتجاه تكون لها صورة مفرحة . فالقلب العامر بالحب، وردة تبقى زاهية، وتبث عطره في كل مكان، والذي يقول عن غيره بأنه وردة، إنما يعرف ما يقول وهو أنه فاعل خير، ولا يكف عن طلب الخير، والدفاع عنه.
ومجتمعنا فيه أخيار كثيرون. ولا بد أن هناك من يحبّون الورد أكثر، ويقلعون الشوك أينما كانوا.
وإذا كان ما يمكن قوله، فهو أن في نفس كل منا توجد أشواك، عندما نغلط في حق بعضنا البعض، ونرتكب أخطاء معينة، دون قصد أحياناً، أو في حالات الضعف، إنما هناك ورود كذلك، وتشدنا إليها، ودوافع الخير كثيرة، فلتكن حكايتنا حكاية الوردة وليس الشوكة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب